ربما تنبأت السينما بقضية الإرهاب منذ سنوات طويلة ورصدت ذلك في كثير من أعمالها التي نقلت الواقع بحرفية كبيرة في بعض الأفلام التي احتفظ المشاهد بها في ذاكرته في العقد الأخير من القرن العشرين. "السينما والإرهاب" عنوان بارز صنع المبدعون من خلاله العديد من الأعمال التي تنوعت في مضمونها وأفكارها للتعبير عن هذه الأزمة التي لا تزال تشغل الرأي العام بين الحين والآخر، لتقدم السينما تاريخًا حافلًا من هذه الأفلام التي ناقشت القضية بشكل مباشر أو غير مباشر، وبصور نجح بعضها في رصد الواقع بحرفية منذ نهاية الثمانينيات وحتى العام الحالي الذي شهد طرح أكثر من فيلم يتناول قضية "الإرهاب" مابين الكوميدي الهزلي والدرامي الجاد وهي "القرموطي في أرض النار"، و"دعدوش" كتصنيف لأفلام كوميدية، و"جواب اعتقال" و"الخلية" وهي أعمال تتناول قضية الإرهاب بصورة تحاول محاكاة الواقع بصورة أكثر جدية. وفي هذا التقرير ترصد "بوابة الأهرام" مجموعة من الأفلام التي ناقشت قضية الإرهاب من منظور مختلف لصناعها، خصوصًا بعد أن ظهر بشكل واضح فيما بعد حرب أكتوبر 1973 بعد إبرام اتفاقية كامب ديفيد عندما خطط بعض المتطرفين لقتل الرئيس الراحل أنور السادات، ومن قبلها قاموا بأعمال شغب في القاهرة وتخريب الممتلكات العامة مثل الترام وغيرها من ممتلكات الدولة، بعد قرار رفع الدعم جزئيًا ضمن خطط الإصلاح. ففي عام 1989 قام المخرج نادر جلال بإخراج أول فيلم يتناول قضية الإرهاب، ويحمل نفس العنوان "الإرهاب" للمؤلف حسن شاه، بطولة نادية الجندي وفاروق الفيشاوي، ليأتي بعدها بعام فيلم "انفجار"1990 للمخرج سعيد مرزوق، متناولاً قضية الإرهاب، موضحًا أهدافه في تقديم صور القتل والتخريب. بعدها بعامين خرج المخرج شريف عرفة بفيلمه الشهير "الإرهاب والكباب" 1992 للكاتب الكبير وحيد حامد، وبطولة عادل إمام، ويسرا، وهو عمل سياسي درامي كوميدي يتضمن مواطنًا ذهب لمجمع التحرير لختم بعض الأوراق فتسوقه الظروف للخروج عن النص ليجد نفسه يحمل سلاحًا وأصبح إرهابيًا ولا يعلم ما يفعل. في عام 1994 عاد الزعيم عادل إمام بالفيلم الأكثر شهرة في تاريخ الأعمال التي رصدت قضية الإرهاب، وهو "الإرهابي" من تأليف لينين الرملي، وإخراج نادر جلال، ويتناول فكر الجماعات الإرهابية وكيف يعاملون عناصرهم داخل الجماعة وخارجها، وتم تصوير الفيلم في سرية تامة وتم تأمين السينما التي عرض بها الفيلم، خوفًا من الجماعات الإرهابية من القيام بأي عملية إرهابية ردًا علي الفيلم . وبعد ذلك خرج فيلم "الناجون من النار" الذي لعب بطولته الفنان طارق لطفي، وعمرو عبد الجليل، ويحاكي الواقع متناولًا بعض الأحداث الإرهابية التي حدثت بالفعل من خلال قصة قصة شقيقين، الأول عبدالله الذى يدرس ويصبح ضابطًا شرطة كفؤًا، أما عبدالسلام الذى يدرس الطب فهو ينضم إلى أحد الجماعات المتطرفة المسلحة التى يقودها أمير جماعة يسعى إلى مواجهة مع السلطة عن طريق عمليات إرهابية ومواجهات، وقد تم عرض الفيلم بمهرجان الإسكندرية، تخوفًا من الجماعات الإرهابية. الفيلم من إخراج علي عبد الخالق وتأليف محمد شرشر وتم عرضه عام 1996. في عام 1999 تم عرض فيلم "الآخر" للمخرج يوسف شاهين، ويتناول الفيلم الطبقية وكيف تدفع للتحول من الإنسانية إلى التحول الهمجية والقيام بالأنشطة الإرهابية . وفي العام نفسه تم عرض فيلم "أمن دولة" الذي يتناول قيام بعض الجماعات الإرهابية بأعمال تطرف دون أهداف واضحة ومضمون محدد لهم، وهو من إخراج نادر جلال وتأليف مصطفي محرم. "دم الغزال" وهو فيلم مستوحى من الواقع عن قصة شخص أطلق على نفسه "أمير دولة إمبابة" عام 1994، وهو ما ترجمه المخرج محمد ياسين في أحداث العمل الذي عرض عام 2006 وقام بتأليفه السيناريست وحيد حامد، ويتضمن الفيلم مشكلات المجتمع من العشوائيات والفقر والجهل التي أصبحت أرضًا خصبة لظهور الإرهاب الذي يودى بأرواح الأبرياء، ويهاجم الإرهاب والتطرف الديني بشكل صريح. وفي عام 2007 جاء المخرج خالد يوسف بفيلم "حين ميسرة" من تأليف ناصر عبد الرحمن وتناول ما نتج عن انتشار العشوائيات والفقر والجهل، هذه الأمور التي أصبحت ركيزة لتفشي الإرهاب بها والتستر تحت أقنعة مزيفة لبعد الشبهات عما يفعلونه من تطرف. ولم تقتصر السينما على هذه الأفلام التي تناولت الإرهاب بشكل واضح وصريح، فهناك أيضًا أفلام ناقشت الإرهاب بشكل غير صريح ومباشر، ومنها الملائكة لا تسكن الأرض، وفيلم طيور الظلام، دكان شحاتة، وكشف المستور، وعمارة يعقوبيان، وفي كل فيلم من هؤلاء يناقش العمل القضية حسب الأحداث التي كانت تحدث في كل وقت وتعكس الواقع الذي كان يعيشه المجتمع. ولأن قضية الإرهاب باتت الشاغل الأعظم الرأي العام ليست فقط على المستوى المحلي بل الدولي أيضًا، مازالت السينما تتناول القضية من زوايا أكثر عصرية وتطورًا، كما حدث في باقة الأفلام التي طرحت مؤخرًا مثل، جواب اعتقال، الذي كان يناقش قضية التنظيم داخل وخارج مصر بالتعاون مع المنظمات الإرهابية بالخارج، وأخيرًا "الخلية" الذي طرح منذ أيام ويتناول قضية محاربة ضباط الشرطة لأعضاء الجماعات الإرهابية.