كان موسم حج عام 1883م أي منذ 134 سنة، من أسوأ المواسم التي شهدتها الأراضي المقدسة، حيث أشاع موت الحجاج جراء وباء الكوليرا التي أطلق عليها المصريون مسمى "الهيضة"، الخوف والرعب، حيث كان عدد الضحايا يوميًا بين 400 و500 حاج. ضرب الوباء مدينة دمياط في وقت تفشى فيه مرض أصاب الحيوانات مما دفع الأهالي لإلقائها في نهر النيل، ووضع الطبيب (سندوث)، أحد أطباء القصر العيني في مصر، رسالة في الكوليرا بعد انتشارها وفتكها بالمصريين وانتقالها من الحجاز للأراضي المصرية، واعترف سندوث في بحثه الطبي بأن البلاد العربية شهدت الكثير من أوبئة الكوليرا تقدر ب16 مرة، عدا مصر. قال سندوث في بحثه الطبي الذي نشر في الصحف والمجلات المصرية بعنوان "من أين يأتينا الوباء" إن الكوليرا ظهرت في مصر عام 1831م، وقد انتقلت إليه من الحجاز عن طريق الحجاج، ثم ظهرت شديدة في عام 1848م، وكانت بداية انتشارها في مولد السيد البدوي حيث اجتمع 195 ألف شخص في حضور المولد، وعادت للظهور في أعوام 1850و1855م و1865م بواسطة الحجاج أيضا، ولم تظهر شديدة الوطأة إلا في عام 1883م. في عام 1883م، بعد الاحتلال الإنجليزي لمصر بعام واحد، ظهرت الكوليرا أكثر وطأة، مما جعل الباحثين يختلفون حول سبب ظهورها، مثلما قال سندوث: "قالوا إنها جاءت من الهند، والبعض الآخر قال إنها باقية منذ 1863م، أما الدكتور سمسن فقد قال إنها أتت من الحجاز مع الحجاج". ظهرت الكوليرا أولًا في مكةالمكرمة في شهر أكتوبر عام 1883م، ثم انتقلت إلى منى وجدة والمدينة المنورة، ومات 600 شخص جراء الوباء، الا أن بعض الباحثين يرون أن الذين ماتوا كانوا أكثر من ذلك بكثير، وتم فرض الحجر الصحي على الحجاج المصريين، وكانت مدة الحجر 16 يومًا، وامتد الوباء حتى ديار بكر والموصل بالعراق؛ لقربها من خليج العجم، وانتقل لمصوع بإريتريا التي كانت تابعة لمصر آنذاك. كان عدد الحجاج في عام 1883م يبلغ مابين 80 ألفًا إلى 100 ألف حاج، وبلغ عدد الوفيات في موسم الحج ما بين 400 شخص ل500 شخص في اليوم الواحد، وبلغ عدد الوفيات ما بين 25 ألفًا ل30 ألفًا بعد مرور الأسبوع الثالث على موسم الحج. أشاد طبيب قصر العيني بإجراءات الحكومة المصرية، حين قامت بمنع المساكين والعجائز من أداء مناسك الحج، وقال الدكتور سندوث أن وباء الكوليرا انتشر عند العرب ل16 مرة، وظهر في القطر المصري 3 مرات فقط، لافتًا إلى أن الكوليرا ظهرت في دمياط في شهر يونيو 1883م بعد موسم الحج، وسبقتها هيضة "كوليرا" انتشرت في البلاد مدة 3 أشهر. وأضاف سندوث، طبيب قصر العيني، أنه لا يستعبد أنها ربما دخلت مع الحجاج في فصل الشتاء ولبثت حتى الصيف، حيث كانت دمياط على استعداد لظهور وباء الكوليرا بخاصة في بداية شهر يونيو، بداية شهور الفيضان. وقد زاد الطين بلة ظهور مرض في المواشي أدى لقيام الأهالي بإلقائها في النهر حتى قال البعض إنه خرجت من نهر النيل ألفا جثة في مدة شهرين، وهي علي درجة كبيرة من الفساد، بخاصة على فرع دمياط، وأقيم في دمياط مولد من الثالث عشر إلى العشرين من شهر يونيو، أي قبل ظهور الوباء، اجتمع فيه 15 ألف شخص فوق أهلها الذين يبلغون نحو 30 ألف شخص فانتشر الوباء وفتك بأهلها. ويؤكد طبيب قصر العيني أن الوباء ينتشر في فصل الصيف، إلا أنه يبدأ من مايو غالبًا، ويمتد حتى شهر أكتوبر، وقد وضع الدكتور سندوث جدولًا لظهور الوباء في مصر والحجاز، واكتشف أن أول وباء ظهر في يوليو عام 1831م ثم يونيو 1849 ثم أواخر يونيو 1850م، ثم مايو 1855م، وفي 3 يونيو 1865م، وفي 23 يونيو 1883م، ومن ثم استخلص نتيجة أن ظهور الوباء دائمًا في شهر يونيو. بحث طبيب القصر العيني عن مرض الكلوليرا بحث طبيب القصر العيني عن مرض الكلوليرا بحث طبيب القصر العيني عن مرض الكلوليرا