تتوالى التصريحات والتعليقات السعودية والعراقية الإيجابية، على زيارة رجل الدين العراقي البارز مقتدى الصدر للسعودية، وسط تفاؤل غير مسبوق بإمكانية تقارب الرياضوبغداد، بعد سنوات من علاقات تفاوتت بين القطيعة والبرود جراء التدخلات الإيرانية. ويتوقع مراقبون، أن تكون زيارة الصدر للرياض ولقاؤه كبار مسؤوليها، وفي مقدمتهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بداية لحصد نتائج جهود دبلوماسية بذلتها السعودية لإعادة العراق إلى حاضنته العربية، خلال الفترة الأخيرة. وقال د.محمد عباس ناجي رئيس تحرير مجلة مختارات إيرانية: زيارة مقتدى الصدر إلى السعودية في هذا التوقيت توحي برسائل كثيرة منها ما هو متعلق بعلاقة السعودية مع الشيعة بصفة عامة، ومنه ما هو متعلق بنفوذ إيران في العراق وتحديات إعادة رسم خريطة تحالفاتها من جديد بعد تحولات الصدريين وخروج عمار الحكيم من المجلس الإسلامي الأعلي، ومنها ما يتصل أيضا بالأزمة مع قطر. ويرى مراقبون أن هذا التقارب مؤشر على تبنى الرياض لوجهة النظر المصرية غير المفعلة، والتي تقوم على فكرة احتضان وتقوية محور الشيعه العرب ومرجعية النجف نكاية في طهران، وخطوة مختلفة لضرب استحواذ مرجعية قم على التحدث باسم الشعيه، وهي الرؤية التي سعت مصر لتفعيلها مرار ولكنها أجهضت بفعل تحذيرات الإدارات الأمريكية المتعاقبة بصور معلنة وغير معلنة، وهو الأمر الذي من السهل تفعيله في ظل ظروف توحد دول الرباعي العربي لمواجهة طهرانوقطر. وتواصل السعودية عملية سحب البساط من الإيرانيين، باستقطاب المزيد من الحلفاء العراقيين الذين يمثلون أثقالا سياسية وجماهيرية. وأحدث النجاحات السعودية في هذا الملف، يتمثل في زيارة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الرياض، الأحد، التي ستدشن سلسلة زيارات مماثلة من زعماء عراقيين آخرين. وتوجه الصدر على متن طائرة خاصة من النجف إلى السعودية، تلبية لدعوة رسمية تلقاها من الرياض في وقت سابق. واكتفى مكتب الصدر الخاص بإعلان مقتضب عن الزيارة، فيما انقسم المدونون في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن الزيارة بين مؤيد ورافض. ووفقا لتقارير إعلامية فإن الرياض، وجهت الدعوة إلى كل من إياد علاوي نائب رئيس الجمهورية، وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة، وحيدر العبادي رئيس الوزراء، لزيارة السعودية تباعا، وقالت إن الحكيم ربما سيكون هو أول من يلبي الدعوة. واعتبرت مصادر عراقية أن توجه الساسة العراقيين نحو الرياض لا يمكن فهمه في سياق المواجهة الإيرانية السعودية إلا شكلا من أشكال التمرد على طهران، ووجها من وجوه إدراك بغداد لتبدل المشهدين الدولي والإقليمي المجابه لإيران. وحسب متابعين، فإن زيارة الصدر التي جاءت بدعوة رسمية من المملكة، تتوازى مع مواقف جديدة لزعيم التيار الصدري تنتهج سياسات منفتحة على جميع القوى الإقليمية، فضلا عن جهره وأنصاره مرارا بضرورة إعلان الانفصال العضوي والسياسي عن التبعية الإيرانية التي تغرق فيها معظم الفصائل في العراق. ولم يتردد الصدر في التأكيد في أكثر من مناسبة، على معارضته لأجندة طهران في ملفي سورياوالعراق. وكانت مظاهرات حاشدة معلنة لأنصار التيار الصدري هتفت مؤخرًا ضد التدخلات الإيرانية في العراق، ناهيك بموقف الزعيم الصدري ذاته الرافض لتغول الدور العسكري والسياسي لميليشيات الحشد الشعبي الموالية لطهران في المشهد العراقي، متذرعة بالحرب على داعش. وتأتي زيارة الصدر إلى المملكة كذلك في سياق الانفتاح في العلاقات السعودية- العراقية في الفترة الحالية، حيث تتصاعد درجات التقارب بين البلدين صوب مزيد من التفاهم والتنسيق المشترك.