ولد فى مثل هذا اليوم، سفير الضمير، عظيم الأثر، لذا كرمته اليونسكو، وخصصت له يوماً دولياً ليحتفل العلم بميلاده في 18 يوليو 2010، وكافح ضد الفصل العنصري، ثم أصبح رئيسًا لجنوب إفريقيا، ارتفع شأنه بين محبى السلام والحرية على مستوى العالم، وناشدت اليونسكو محبيه، بل العالم أجمع للاحتفاء به رمزياً، بتكريس 67 دقيقة من وقته من كل مواطن للعمل في خدمة المجتمع، لإحياء ذكرى هذا المناضل، إنه نيلسون مانديلا. شهدت قرية مفيتزو، بمقاطعة أوماتاتا، بإقليم ترانسكاي في جنوب إفريقيا، مولده في 18 يوليو 1918، و سمي ب"روليهلاهلا"، ويقصد بها "نازع الأغصان من الشجر" أو "المشاكس"، ولقب باسم عشيرته، ماديبا، أحد أجداده من جهة والده نجوبنجوكا، وكان ملكاً لشعب تيمبو، وله ابن اسمه مانديلا، هو جد نيلسون وبه لقب. ترعرع مانديلا مع اثنين من أخواته في مسكن والدته بقرية كونو، وقام برعى قطعان الماشية صبيًا، ورغم أن والدته لاتجيد القراءة، ولا الكتابة، أصرت على تعليمه، فأرسلته إلى المدرسة، وهو ابن ال 7 أعوام، وأطلق عليه معلمه "نيلسون" وهو إنجليزي، وتوفى والده وهو فى التاسعة من عمره. وحصل على الثانوية فى عامين، ومارس رياضة الملاكمة، والرقص، والركض لمسافات طويلة، ودرس اللغة الإنجليزية والأنثروبولوجيا والسياسة والإدارة المحلية والقانون الهولندي الروماني بجامعة فورت هير، وأحب التمثيل وأجاد فى مسرحية درامية عن إبراهام لينكون. ورفض الزواج، ورحل إلى جوهانسبورج، وعمل بها كحارس ليلي بأحد المناجم، ثم عمل كاتب تحت التمرين في مكتب محاماة، وبأت بذور السياسة تنبت، حينما قاد حمله ناجحة لمقاطعة الحافلات احتجاجا على ارتفاع الأجرة. وأراد أن يستكمل تعليمه العالي، فالتحق بجامعة جنوب إفريقيا بالمراسلة، واصل اليل بالنهار مع العمل، ليعيش براتب ضعيف من أجل الحصول على الليسانس، وعمل مانديلا محامياً. وتزوج من إيفلين، وهى ناشطة من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وممرضة، ورزق من زوجته الأولى بطفلهما الأول، ثم رزقا بنتًا، ولكنها ماتت بعد تسعة أشهر بالتهاب السحايا، واصطحب والدته وشقيقته للعيش معه. تولي رئاسة الهيئة التنفيذية لحزب المؤتمر الوطني في مارس 1950، وأحب المحاماة، وناضل الفصل العنصري، تأثر بحركة المهاتما غاندي، واعتقل في سجن ساحة مارشال، احتجاجاً على الأحكام العرفية، ثم حكم عليه بتهمة "الشيوعية النظامية" الأشغال الشاقة. ثم رزق بابنة الثانية، وتوترت علاقته مع إيفلين، واتهمته بارتكاب الزنا، وانخرط في السياسة المناهضة للاستعمار، وانضم إلى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وأسس عصبة الشبيبة التابعة للحزب. وتعود مانديلا على الاعتقالات المستمرة، والمحاكمات، التى يرى أنها ظالمة، وحكم عليه مع قيادة حزب المؤتمر في محاكمة الخيانة 1956-1961 وتمت تبرئته بعد فترة. و شارك في تأسيس منظمة رمح الأمة المتشددة، واعتقل، واتهم بالاعتداء على أهداف حكومية، وأدين بالتخريب والتآمر لقلب نظام الحكم في عام 1962، وحكمت عليه محكمة بالسجن مدى الحياة. سُجن مانديلا 27 عاماً، وتحت تأثير الضغوط العالمية لإطلاق سراحه، وأفرج عنه في عام 1990، وصار مانديلا رئيساً لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وقاد المفاوضات مع الرئيس دي كليرك، لإلغاء الفصل العنصري، وإقامة انتخابات متعددة الأعراق في عام 1994، وفاز فيها حزب المؤتمر، وانتخب رئيساً، وشكل حكومة وحدة وطنية، في محاولة لنزع فتيل التوترات العرقية بالبلاد. وتزوج مانديلا ثلاث مرات، وأنجب ستة أطفال، وله 17 حفيدًا. وأسس دستوراً جديداً، ولجنة للحقيقة والمصالحة، للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي، وحاول أن ينهض ببلادة اقتصادياً وسياسياً، ودعم علاقات جنوب إفريقيا خارجياً، وتوسط بين ليبيا والمملكة المتحدة في قضية تفجير رحلة بان آم 103، ورفض تدخل حلف شمال الأطلسي في حرب كوسوفو سنة 1999، كما استنكر خطة الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة لشن الحرب على العراق. وأجاب دور الوسيط من أجل السلام في بوروندي وأحل بها السلام، واعتذر عن الوساطة في كوسوفو، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية بسسب تقدم السن. انتقد مانديلا هجمات 11 سبتمبر، وأيد العمليات في أفغانستان، في يوليو 2002، منحه الرئيس جورج دبليو بوش "وسام الحرية الرئاسي"، واصفه ب "رجل الدولة الأكثر احترامًا في عصرنا". وعارض مانديلا بشدة هجوم الولاياتالمتحدة وحلفائها على العراق، واحتلالها العراق، من دون موافقة الأممالمتحدة، اتهم نيلسون مانديلا بوش، بالذهاب إلى العراق من أجل النفط فقط، وكافح لاستضافة جنوب إفريقيا نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2010، ورفض الترشح لولاية ثانية، وركز على الأعمال الخيرية ومكافحة الفقر وانتشار الإيدز. وحاز على إعجاب العام أجمع، لموقفه المناهض للاستعمار وللفصل العنصري، ونال أكثر من 250 جائزة، منها جائزة نوبل للسلام 1993 وميدالية الرئاسة الأمريكية للحرية، ووسام لينين من النظام السوفييتي، ووصفته بلاده بأنه "أبو الأمة". توفي نيلسون مانديلا في 5 ديسمبر 2013، في منزله بجوهانسبرج، بسبب عدوى في الرئتين، وأعلن عن وفاته الرئيس الجنوب إفريقي، جاكوب زوما، من خلال بيان قال فيه "بني وطني جنوب إفريقيا: لقد وحدنا نيلسون مانديلا، وسوف نودعه موحدين".