24 ساعة فصلت بين جريمتين، شهدهما المجتمع المصري، وكانت كلمة السر فيهما "سلاح أبيض"، الأولى عندما تسلل أحد الأشخاص لأحد شواطئ الغردقة، ونجح في طعن ست سائحات أجنبيات، والثانية، حينما حاول شخص آخر الاعتداء على أحد أفراد الأمن الإداري لكنيسة القديسين بالإسكندرية بآلة حادة، الجريمتان اللتان لم يعلن بشكل رسمي حتى الآن عن دوافع مرتكبيها، فتحتا الباب أمام أسئلة كثيرة عن تغير نوع الأسلحة المستخدم في استهداف السيّاح والمنشآت الدينية المسيحية. فبعدما كان يتم استهداف الكنائس بأحزمة ناسفة ومتفجرات، وبعدما كان يتم فتح النار على السياح، أصبحت أداة الجريمة اليوم "آلة حادة" فهل لهذا التحوّل أي دلالة أمنية؟. حاتم صابر، الخبير الأمني في شئون الإرهاب، قال في تصريحات ل"بوابة الأهرام": استخدام "آلة حادة" في تنفيذ هذا النوع من الجرائم، هدفه الأول دعائي بامتياز، كي تشيع صورة في المجتمع، عن مدى قسوة هؤلاء الذين يقتلون المختلفين معهم عقائديا بدم بارد، ويذبحونهم في الشوارع. أما من الناحية الأمنية- يستدرك الخبير الأمني- فالسلاح الأبيض يمكن المجرم من الإيقاع بضحاياه، دون أن يلفت نظر رجال الأمن، كما هو الحال في حالة استخدام سلاح ناري، وبالتالي، يظن المجرم أن فرص نجاحه في الهرب أكبر. ولكن في الحقيقة، أنه في حالة استخدام سلاح أبيض، في تنفيذ مثل هذه الجرائم، تكون قدرة المواطنيين العاديين على تتبع الجاني أكبر، لعدم خوفهم من قدرته على تصويب طلقات نارية تجاههم ترديهم قتلى على الفور، وبالتالي، تكون فرص الإيقاع بالجاني أكبر، وليست أقل كما يتخيل. وفي حالة استخدام السلاح الأبيض أيضا، دائما ما يكون عدد الضحايا أقل، فإذا عدنا بالذاكرة إلى عام 2015، حينما قام فتى بمهاجمة السائحين في سوسةالتونسية، مستخدما "كلاشينكوف" وعقدنا مقارنة بسيطة بين هذه الجريمة وجريمة الغردقة، بما أن كلاهما تستهدف السياح، سنجد أن الهجوم بالكلاشينكوف، أسقط 37 قتيلا في تونس، وإصابة 36 آخرين، أما هجوم الغردقة، الذي استخدم فيه سلاح أبيض، فأوقع قتيلتين وستة جرحى. التقط أطراف الحديث منه اللواء الدكتور إيهاب يوسف، الخبير الأمني في شئون الإرهاب، والذي اعتبر أن استخدام "آلة حادة" في هاتين الجريمتين، مؤشر مبدئي على أن مرتكبيهما غير منتميين لكيان إرهابي يخطط لهما ويوجههما. ومضى موضحا: الكيانات الإرهابية حينما تخطط للهجوم على دار عبادة مسيحية، أو مجموعة سيّاح، دائما ما تستهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا، وهروب المنفذين، أو حتى قتلهم أثناء الهجوم، كما هو الحال في العمليات الانتحارية. كما أن الطريقة البدائية للغاية، التي تم بها تنفيذ الجريمتين، وكذلك فشل مرتكبيها في الهرب، تفيد بأنهما لم يخضعا لأي تدريب مسبق، ما يرجح احتمالية أن يكونا من "الذئاب المنفردة" الذين يتبنون الأفكار المتطرفة، ويسعون لتطبيقها حتى لو لم يكونوا أعضاء فعليين في أي كيان إرهابي. واختتم حديثه، بأنه بالرغم من فردية هذه الجرائم كما يبدو حتى الآن، وعدم تبنيها من قبل أي كيانات إرهابية حتى الآن، إلا أن أثرها على المستوى الدولي والاقتصادي، لا يقل أبدا عن العمليات الإرهابية الضخمة التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، من استهداف للجنود في سيناء أو تفجير الكنائس، وذلك ببساطة، لأنها ترسل رسالة للعالم مفادها، بأن الوجود في مصر يمثل خطرا كبيرا على الأقليات الدينية، كالمسيحيين والمختلفين معنا عقائديا ومجتمعيا كالسيّاح. أما اللواء أشرف أمين، الخبير الأمني، فاعتبر تفكير المتطرفين في تنفيذ عملياتهم بالسلاح الأبيض نتاجًا طبيعيًا جدا للعراقيل الأمنية الموجودة على الأرض، والتي تمنع تحركاتهم بأسلحة نارية ثقيلة، ذلك لأن السلاح الأبيض من السهل جدا حمله، وإخفاؤه، والتحرك به، لحين حلول الموعد الأمثل لتنفيذ الجريمة. كما أن هذه الجرائم تهدف عبر عشوائيتها وامتداد أطرافها _من الغردقة وحتى الإسكندرية_ لإرهاق المنظومة الأمنية، وتشتيت مجهودات رجالها، وإشعار المواطنين بأن الخطر يحدّق بهم من كل اتجاه.