اختتم وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في الدوحة الخميس مهمته الخليجية الهادفة إلى إنهاء الخلاف بين قطر وجاراتها، إنما دون أن ينجح على ما يبدو في تحقيق اختراق فعلي في جدار أكبر أزمة دبلوماسية يشهدها الخليج منذ سنوات. وبعد أربعة أيام من الرحلات المكوكية بين الكويت التي تتوسط لحل الأزمة، وقطر والمملكة العربية السعودية الطرفين الرئيسين في الخلاف، عاد تيلرسون إلى الدوحة ليلتقي أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمرة الثانية في غضون 48 ساعة. وتفادى الوزير الأميركي ومسئولون قطريون بعيد اللقاء الإجابة على أسئلة الصحفيين حول ما إذا تحقق تقدم على مسار حل الأزمة. وقال الشيخ محمد بن حمد آل ثاني، شقيق أمير قطر، لتيلرسون "نأمل أن نراك مجددا هنا إنما في ظروف أفضل". أبلغ الصحفيون بإمكانية انعقاد مؤتمر صحفي يشارك فيه تيلرسون، إلا أن الوزير الأمريكي غادر قطر بعيد اللقاء مع الأمير من دون ان يدلي بتصريحات صحفية. وباستثناء مذكرة تفاهم قطرية أمريكية في مجال مكافحة الإرهاب وقعت الثلاثاء في الدوحة، بقيت الأزمة تراوح مكانها مع تمسك الدول المقاطعة لقطر بشروطها في مقابل رفض الدوحة الانصياع لهذه المطالب رغم العقوبات المفروضة عليها. وتترقب المنطقة يومي السبت والأحد وصول وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الذي سيقوم بجولة خليجية للدعوة إلى "تهدئة سريعة" بعد جولات نظرائه من الولاياتالمتحدة وألمانيا وبريطانيا. وقالت مصادر دبلوماسية في باريس لوكالة فرانس برس إن الوزير الفرنسي سيعمل على "إعادة بناء الثقة وإيجاد مصالح مشتركة تدفع جميع الأطراف إلى منع تدهور الأزمة"، مضيفة "علينا أن نجد حلا". في الخامس من يونيو قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها بقطر وفرضت عليها عقوبات اقتصادية على خلفية اتهامها بدعم الإرهاب، أخذة عليها أيضا التقارب مع إيران. لكن الدوحة التي تستقبل أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، نفت مرارًا الاتهامات بدعم الإرهاب. وتقدمت الدول الأربع بمجموعة من المطالب لإعادة العلاقات مع قطر، بينها دعوتها إلي تخفيض العلاقات مع إيران وإغلاق قناة "الجزيرة". وقدمت قطر ردها الرسمي على المطالب إلى الكويت التي تتوسط بين أطراف الأزمة، قبل أن تعلن الدول المقاطعة أن الرد جاء "سلبيا"، متعهدة باتخاذ خطوات جديدة بحق الإمارة الغنية. بدأ تيلرسون مهمته الاثنين في الكويت، ثم زار الدوحة الثلاثاء حيث أشرف على توقيع مذكرة التفاهم مع قطر. لكن الدول الأربع المقاطعة لقطر اعتبرت الخطوة "غير كافية"، قبل أن تعقد اجتماعا مع الوزير الأمريكي في جدة لم تخرج منه أي إشارات على قرب الوصول إلى حل للازمة الدبلوماسية. وللدول الكبرى مصالح اقتصادية ضخمة في قطر الغنية بالغاز. وتقول الدوحة إن الإجراءات المتخذة بحقها وبينها إغلاق المجالات الجوية أمام طائراتها وطرد رعاياها من الدول المجاورة، تشكل خرقًا لحقوق الإنسان. في هذا السياق اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير الخميس ان محاولات عزل قطر تتسبب "في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كما ينتهك الحق في حرية التعبير ويؤدي إلى تشتت العائلات وتوقف الرعاية الطبية". وقالت إنها وثقت حالات 50 مواطنًا من قطر والبحرين والسعودية، وأكثر من 70 وافدا أجنبيا يعيشون في قطر، "انتهكت فيها حقوقهم بسبب السياسات التقييدية المفروضة منذ 5 يونيو"، مضيفة "وُضع مئات السعوديين والبحرينيين والإماراتيين أمام خيار صعب: إما تجاهل أوامر بلادهم أو ترك عائلاتهم ووظائفهم". وأبلغ مواطنون خليجيون هيومن رايتس ووتش أن "هناك آباء أُبعدوا قسرًا عن أطفالهم الصغار وأزواج عن زوجاتهم، ومُنع أفراد أسر من زيارة أهاليهم المرضى أو المسنين".