سمعت الأستاذة سناء من أفواه الآباء عبارة: - اكسري وأنا أعالج! سمعها كافة الزملاء، لكن أحدًا غيرها لم يكسر عظامًا أو يجدع أنوفًا! في الليل تنظر من نافذة السكن الداخلي، مطمئنة لأن حولها سور القلعة المنيع. حين انتشرت حكاية جمل عبد الصادق لم تعرها اهتمامًا، وزجرت التلاميذ ليكفوا عن تداولها. مجرد بهيم حقود، انتقم من صاحبه. أبعدت أذنيها عن التفاصيل دون جدوى: - عبد الصادق كان يضربه بقسوة والجمل يختزن. - دخل ليقدم له الطعام فهجم عليه، وجعله عجينة لا يعرف له لحم من عظم. ربما فطنت الآن إلى تلميذها حمدي، ذي الشعر المشعث والملابس الرثة، حيث امتلأ أيضًا بالحقد. ضربته مرارًا على قدميه. وقد مات أبوه فلم يأت إليها ليقول بحرارة: - اكسري، وأنا أعالج. إنه ينظر إليها بتحد يشعل أعصابها ويدمدم. تحاول تجاهله، فلا تستطيع. في الصباح دخلت الصف السادس مكدودة. لم يكتب حمدي الواجب، وفشل في حل المسألة، وثرثر مع جاره. أمسكت العصا الخيزران، لوحت بها في الهواء، ثم نادت العامل ليشبحه. تخلص منه بجذبة قوية، أدركت أنه طويل، ربما أطول تلميذ في المدرسة ، وأنه يمتلك صوتًا ناضجًا، يجلجل: - لن يضربني أحد ، نحن في مدرسة ولسنا في مسلخ. استيقظ حراس القلعة من سكونهم: الناظر، والمدرسون، والعمال. حمدي قفز فوق السور وابتلعته المزارع. بعد الدوام، عانت انحرافًا في مزاجها، وكرهت فضول شريكتها في الحجرة. هبطت إلى الحديقة، جلست تحت شجرة كافور، وأرادت أن تستعيد وقائع اليوم. هبت بخطوات عصبية، واسعة. اقتربت من السور، ليس هو الجدار العظيم الذي تراه من شرفتها. دنت من المكان الذي قفز منه الولد نحو الخلاء. ركض قلبها عدة ركضات مؤلمة. إنه مهدم ومنخفض، منخفض جدًا عما كانت تتصور.