نواب يشيدون بتعديلات قوانين الانتخابات: خطوة نحو برلمان يعبر عن كافة فئات المجتمع    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    البابا لاون يلتقي موظفي الكرسي الرسولي    جامعة أسيوط: متابعة ميدانية لمطاعم المدينة الجامعية للطالبات للتأكد من جودة الوجبات    محافظ قنا يُكرم الشقيقين «أحمد وهبة» لفوزهما بجائزة الدولة للمبدع الصغير    بتقنية غير مسبوقة.. افتتاح محطة تخفيض ضغط الغاز الطبيعي بالوادي الجديد    أسعار الفراخ البلدي تتراجع 5 جنيهات اليوم السبت (آخر تحديث)    بنك الطعام المصري عضو التحالف الوطني يُطلق النسخة الثانية من فعالية "نبتكر من أجل الإنسانية"    10 صور ترصد تفاصيل المرحلة الأولى من مدينة مستقبل مصر الصناعية    النزول من الطائرة بالونش!    «تموين الأقصر» تعلن خطة استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى    تعرف على أسعار حجز الأضاحي بمنافذ الزراعة    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    أمريكا.. نجاح سياسة توظيف الأزمة    سوريا ترحب بقرار الحكومة الأمريكية القاضي برفع العقوبات عنها    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    يديعوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    انطلاق مباراة ريال مدريد أمام سوسيداد في ختام الدوري الإسباني    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    هيثم فاروق: بيراميدز الوحيد الذي نجح في إحراج صن داونز بدوري الأبطال    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    راموس يمهد الطريق.. هل ينضم رونالدو إلى مونتيري في كأس العالم للأندية؟    إحباط ترويج 49 كيلو مخدرات وضبط 109 قطع أسلحة نارية ب3 محافظات    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    أزهر كفر الشيخ يختتم أعمال تصحيح الشهادة الابتدائية وجار العمل فى الإعدادية    مغادرة الفوج الأول لحجاج الجمعيات الأهلية بالبحيرة للأراضي المقدسة    النائب عمرو فهمي: محاولات جماعة الإخوان الإرهابية بنشر الشائعات هدفها إثارة البلبلة    فيديو| ياسمين صبري تكشف سر أغلى قطعة مجوهرات ارتدتها في مهرجان «كان»    «منزل العفاريت الظريفة» على مسرح التربية والتعليم في السويس الثلاثاء    ب"كاميرا زوجته".. محمد رمضان يحتفل بعيد ميلاده مع أولاده (صوروفيديو)    الشامي وتامر حسني يُفرجان عن أغنية "ملكة جمال الكون"    داليا مصطفى: لا أحب العمل في السينما لهذا السبب    متحف الحضارة يستقبل وفداً رفيع المستوى من الحزب الشيوعي الصيني    إسماعيل ياسين وشادية.. ثنائي كوميدي أثرى السينما المصرية    رحيل "سلطان القراء" الشيخ السيد سعيد.. صوت من نور يترجل عن الدنيا    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    افتتاح أول وحدة للقسطرة المخية بمستشفى الجامعي بسوهاج    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    أحياء الإسكندرية تكثف حملاتها لإزالة التعديات على أراضى أملاك الدولة    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي يجرى في الصحراء قرب منابع البترول؟.. نتجول في "تطاوين" بجنوب تونس مع معتصمي الكامور
نشر في بوابة الأهرام يوم 16 - 05 - 2017

الطريق الى عاصمة ولاية تطاوين بأقصى جنوب تونس يستغرق انطلاقا من تونس العاصمة نحو سبع ساعات. تقطع خلالها السيارة نحو 550 كليو مترا . لكن تطاوين التي تشهد احتجاجات اجتماعية اعتبارا من نهاية شهر مارس ومعها الكامور حيث يعتصم الشباب المطالب بالحق في العمل ونصيب من عوائد البترول والغاز الطبيعي بها لتنمية الولاية استطاعت أن تكون حاضرة بقوة في كل مكان . وعلى الأقل فهي على مدى أسابيع ومازالت تحتل مقدمة مشهد احتجاجات اجتماعية انتشرت بالمناطق الأقل حظا في التنمية بوسط وجنوبي وشمال غربي تونس لتبلغ نحو 1500 احتجاج خلال شهر إبريل الماضي .
صحراء تطاوين هذه المرة لن تشتهر فقط بتصوير مشاهد من الجزء الثاني من فيلم "حرب النجوم" الهوليودي لأن أرضها تشبه سطح القمر .فالآن هي مثار نقاش وجدل على صفحات الصحف وشاشات التلفزيون وموجات الإذاعات.و امتد الى وسائل اعلام أوروبية كبرى ، وداخل مقار الحكم والأحزاب والجمعيات و على المقاهي بطول تونس وعرضها ، وفي توقيت صعب لحكومة يوسف الشاهد وسط تصاعد المطالبة برحيلها من أحزاب معارضة أو كانت داعمة لها وانقلبت عليها ، ذهب الرجل مع طاقم وزاري كامل الى تطاوين 27 إبريل، وأعلن عن 64 قرارا من هناك ، لكنها لم تطفئ غضب أهل تطاوين المختزن منذ عقود على التهميش ، أوتفل من عزيمة الشباب المعتصمين بالكامور في نقطة إستراتيجية حساسة للحركة الى منابع البترول ومراكز إنتاجه.
حضور تطاوين ومعها اعتصام الكامور ومطالب تشغيل شباب الولاية العاطل بشركات البترول ونقل مقرات الشركات الإدراية من العاصمة إلى تطاوين وتخصيص نسبة من عوائد الثروة البترولية بالولاية ( 20 في المائة ) للتنمية المحلية هناك تسبق الطريق الى هناك. وعندما توقفت السيارة في منتصف الطريق ببلدة " الصخيرة " التابعة لولاية صفاقس كان شعار غضبة شباب تطاوين والكامور حاضرا مكتوبا داخل مطعم ومقهي بجانب الطريق :" الرخ لا ". ويعني لا تراخي ولاتراجع هذه المرة ، وهو شعار أصبح أكثر شهرة بتونس من شعار حملة " وينو ( أين) البترول" قبل نحو عامين .
يبلغ عدد سكان الولاية نحو 150 ألفا مع إنها تشغل ربع مساحة تونس بأسرها ، وهي أشبه بمثلث رأسه الى أسفل تحيطه حدود ليبيا شرقا والجزائر غربا، وعندما وصلت الى عاصمة الولاية كانت الإذاعة المحلية التابعة للدولة تبث في صدر نشرة الخامسة مساء نقلا عن المتحدث باسم اعتصام الكامور نبأ الإعلان عن إضراب عام بعموم الولاية في اليوم التالي ، لكن الإضراب لم يقع ، وفي نهاية زيارتي للولاية بعد أربعة أيام بثت الإذاعة ذاتها نبأ تنظيم مسيرة تضامنية بوسط مدينة تطاوين ، لكن هذه المرة تجمع الآلاف وبكثافة ليؤكدوا على تمتع معتصمي الكامور بحاضنة شعبية راسخة ، ولعل هذه الإذاعة هي الأكثر قبولا عند أهالى تطاوين ومعتصمي الكامور على ضوء شكاوى متعددة من اتهامات قاسية عن بعد يطلقها إعلام "غير متفهم" في معظمة بالعاصمة ، بل ومن تعمد التشويه .
ويفسر لنا "منير هلال" مدير البرامج بإذاعة تطاوين قائلا: "نحن إذاعة قرب بالنسبة للولاية، تحررنا بعد الثورة وأخذنا بالمعايير المهنية ، نحن مسموعون في كل الجنوب التونسي، ولم نتعامل مع مايجرى هنا من المكتب والأستوديو ، ذهبنا الى خيام الاعتصام في الصحراء ، ونحن على مسافة واحدة مع كل الأطراف ، ننقل ما تقوله الحكومة والإدارة وأيضا مايقوله الأهالي، والمعتصمون الآخرون تعاملوا بمواقف مسبقة وخلفيات ثقافية موروثة ، لذا فالناس هنا غاضبة وبخاصة من الإعلام الخاص الذي يسيطر عليه رجال الأعمال ".
تطلب الذهاب الى اعتصام الكامور الانتظار يومين كاملين ، فالمواصلات غير متوافرة الى المنطقة الواقعة على بعد 104 كيلو مترا من عاصمة الولاية والى الجنوب الغربي وفي عمق الصحراء وبعد 22 كيلو بدون أسفلت أو طريق بالأصل مما يتسبب بوقوع السيارات في مصيدة الرمال الناعمة ، وفضلا عن هذا فإن الشباب المعتصم أصبح أكثر حذرا تجاه الصحفيين ووسائل الإعلام بعدما قامت صحفية بزيارة الكامور وكتبت في جريدة محلية تصدر باللغة الفرنسية ما اعتبره المعتصمون افتراءات وتشويها وصل الى حد اطلاق الاتهامات للشباب بالتطرف الديني وبأنهم أشبه بالدواعش.
وخلال اليومين السابقين على الذهاب الى الكامور ، أبلغنى" محمد البرهومي " الوالي ( المحافظ) الجديد والذي جرى تعيينه بعد زيارة الشاهد أنه يمثل الحكومة المركزية ويسعي لتنفيذ القرارات التي اتخذتها الحكومة لتنمية الولاية وتشغيل الشباب ، وقال :" لا أملك الا الحوار .. والحوار .. والحوار"، كررها ثلاث مرات ، ولأن أنباء كانت قد وردت للتو الى مقر الولاية باعتزام معتصمي الكامور التصعيد بمحاصرة مقار الإدارة هنا وإغلاقها سألته ما الذي سيفعل ، فأجاب :"لا استبق الأحداث .. فالاعتصام سلمي حضاري .والشباب يحترم القانون ويحب بلده .. لكن إذا حدث لا قدر الله فلكل حادث حديث "، وسألت أيضا عما تتداوله وسائل اعلام بالعاصمة تونس عن استغلال جهات أجنبية و أحزاب لما يجرى في تطاوين والكامور قال :"لا استطيع ان أنفي أو أجزم..وعلى من قال أن يقدم الدليل.. لا يجب اطلاق اتهامات بدون أدلة ".
شوارع مدينة تطاوين تبدو أكثر نظافة من العاصمة تونس ذاتها ، والإحصاءات الرسمية تفيد بأن الكهرباء ومياه الشرب تغطي 99 في المائة من المنازل أما الصرف الصحي فبنسبة 65 في المائة ، لكن المشكلة تكمن في تلك المفارقة بين نسبة بطالة مرتفعة ( 25 في المائة و36 في المائة بين حملة الشهادات العليا ) وهي الأكبر بين ولايات تونس كلها وبين وفرة الثروات والموارد الطبيعية كما يقول لنا "بشير الشيباني" المدير الجهوي للتنمية بتطاوين ، ويوضح :"الصحراء هنا غنية بالبترول والغاز وبالجبس والرخام وبمخزون مياه جوفية .. صحيح خدمات الصحة والتعليم متوافرة، لكن كما وليس كيفا، ونسبة التسرب من التعليم بعد الابتدائي مرتفعة،و الدولة على مدى ستين سنة بعد الاستقلال لم تقم بإنشاء أي مشروع إنتاجي صناعي أو زراعي واحد.. والقطاع الخاص يفتقد الى جرأة الاستثمار هنا .. لذا فإن الاقتصاد الموازي يمثل نحو 50 في المائة .. والكثير من العائلات تعيش على تحويلات الأبناء المهاجرين الى أوروبا وبخاصة فرنسا .. أما فرص الهجرة والعمل الى ليبيا المجاورة فقد تقلصت بشكل حاد في السنوات الست الماضية ".
وفوق كل هذا فما يغضب أهالى تطاوين أيضا وفق ما استمعت اليه أن الغاز الطبيعي يقع حقله الأهم "نوارة" بالولاية ، وتمر أنابيب نقله بها الى منازل ومصانع مدن تونسية عدة الى الشمال منذ عقود .ودون أن يتوقف عندهم. فمازالوا يضطرون الى البحث عن اسطوانات الغاز ويتكبدون ارتفاع أسعارها .
مجتمع الكامور.
تطاوين والجنوب التونسي بصفة عامة محافظ ومتدين. والولاية ونتيجة للانتخابات التشريعية نهاية 2014 يمثلها في البرلمان ثلاثة من نواب حركة "النهضة" الاسلامية وواحد من "نداء تونس" ، كما أن بالطبيعة والطقس قسوة يصعب تحملها، لذا فمن المفهوم أن يكون الاعتصام في صحراء الكامور ذكوريا تماما ، ولكن الأغنيات التي يبثها راديو الشاحنة التي اقلتني ليلا ومن معايشة سلوكيات الشباب في موقع الاعتصام ومعظمهم في العقدين العشرين والثلاثين يتضح غياب أية مظاهر للتطرف أو التعصب أو التزمت دينيا كان أو أمازيغيا بحكم تاريخ المنطقة .، تنتشر خيام الاعتصام في دائرة واسعة حول فراغ يتوسطها تتصدره سيارة مياه ضخمة ومولد كهرباء ، و أبلغني " السابعي العرضاوي"(35 سنة ) أن رجال أعمال من أهل تطاوين أمدوا الاعتصام بهما . وهذا الشاب وبخلفية خبرة عمل مؤقت كفني حفر آبار لمدة سبع سنوات في إحدي شركات البترول الأجنبية هنا يقول أنه شاهد بنفسه مرارا سرقة ثروة البلد .ويضيف " رأيت عدادات البترول الخام لاتعمل ..كما أن الاتفاقات والعقود لايعرف عنها التونسيون شيئا ..هي غير معلنة".وناهيك عن كل هذا فان ما يغضب هذا الشاب كما العديد من المعتصمين أن الشركات تستجلب عمالها بالأساس من خارج تطاوين، كما يقولون مرارا وتكرارا . وهو كما قال أمضى في البطالة بعد الثانوية العامة سنوات أطول مما وجود فرص عمل مؤقته بهذه الشركات .
"محمد أو شوشة " أصغر سنا ( 23 عاما ) يقول:" لم يكن متاحا قبل الثورة أن نقوم بمثل هذه الاعتصامات طلبا للعمل ..وبعدها واعتبارا من عام 2012 اعتصمنا مرات أمام مقر الولاية ..وفي كل مرة ومع كل وال وكل حكومة نسمع الوعود تلو الوعود .. لكن لا أحد ينفذ مايقوله ". ويشير الى أن شباب تطاوين طردوا من قبل رئيس الحكومة ( النهضوي ) حمادي الجبالي . كما أن المعتصمين بالكامور رفضوا استقبال نواب النهضة أو نائب النداء أو أي من ممثلي الأحزاب والجمعيات ، وبما في ذلك اتحاد الشغل . وبساطة أكد :" لانثق بأحد.. ولا نريد لأحد أن يركب على اعتصامنا هذا".
يلفت النظر الى جانب العلم الوطني لتونس فوق العديد من خيام الاعتصام أن الشباب قاموا بزراعة شجيرات النخيل في صحراء قاحلة أمام الخيام هنا وهناك ، نبتات صغيرة لا أحد يعرف هل ستبقي وتكبر ؟، وفي الأفق بعيدا بعشرات الأمتار عن دائرة الاعتصام تقف سيارتا شرطة في سكون ، ويقول العديد من المعتصمين أنهم متمسكون بالسلمية، لم يخربوا شيئا لا في المدن ولاهنا ، فقط هم يمنعون شركات الشاحنات من الذهاب الى مراكز الإنتاج و يسمحون بالمغادرة .يقولون أيضا أن علاقتهم جيدة بقوات الشرطة وتلك التابعة للجيش على الطريق الى مراكز إنتاج البترول والغاز على بعد نحو 100 كيلو مترا أخرى ، وداخل الدائرة تتحرك عربة حماية مدنية ( اسعاف )، فالشباب المعتصمون وفق ماأبلغني مسئول محلي في تطاوين رفض ذكر اسمه هنا يتحدي الطبيعة القاسية الخطرة والمناخ المتطرف الحرارة سخونة وبرودة الى جانب ظلم اجتماعي واهمال وعدم اكتراث يمتد لعقود . وفي خيمة علقت عليها لافتة الهلال الأحمر التونسي أبلغني مسئولها "يحيي يحياوي" :" الوضع الصحي لا بأس به والطعام الذي يجلبه المعتصمون ويطهونه بأنفسهم تتوافر به الاشتراطات الصحية ، لكن المشكلة في ( الهوشة ) من عقارب وثعابين سامة .وبالفعل تمكنا من انقاذ أربعة شباب لدغتهم العقارب هنا ". ولعل الخطر مرشح للتزايد مع المزيد من ارتفاع درجات الحرارة . ويكفي الاشارة الى ان معتصمي الكامور يضطرون للرقود اسفل السيارات والشاحنات تلمسا للظل واتقاءا لحرارة لا يمكن تحملها حتى داخل الخيام بحلول منتصف النهار .وقد فعلت أنا أيضا .
عدد المعتصمين كان بامكاني أن أقدره بنحو الألف ، لكنني رأيت مجموعات على مفارق الطرق الصحراوية الى الكامور تبحث عبثا عن شاحنات تعيدها الى الاعتصام . ووفق ما أبلغني به معتصمون فإن الاعتصام بدأ بنحو ثلاثة آلاف وزاد مع زيارة الشاهد لتطاوين المدينة الى نحو ستة آلاف . وكما يقولون فإن العدد ينقص ويزيد ،لكن الاعتصام لن يتوقف حتى لو حل شهر رمضان طالما لم تتحقق مطالبهم . وهو اصرار يتبعه المتحدثون بعبارة :"الرخ لا ". وبين ساعة وأخرى سواء في تطاوين المدينة أو صحراء الكامور تسمع من الشباب أخبارا عن التفاوض مع الوالي ووزراء الحكومة . وهي عادة اخبار متضاربة . لعل آخر مااستمعت اليه هناك هو تعيين ألف من شباب الكامور في شركات البترول ومثل عددهم في أعمال البساتين والزراعة بادارة الولاية ، فضلا عن صندوق تنمية محلي تتفاوت أرقام تمويله . لكن الشباب في الكامور وتطاوين يلح على تشغيل فرد من كل أسرة . وهو مطلب يبدو في رأي الادارة المحلية والحكومة المركزية تعجيزيا لأن الاحصاءات الرسمية تفيد بأن الولاية تضم نحو32 ألف أسرة .
وكما يقول " سالم الحمدي" (27 سنة):" لقد بدأوا معنا من الصفر ..في البداية لم يقدموا أي شئ ..لكن بعدها بدأوا يعرضون فرص عمل وبعض الحقوق في التنمية.. بدأو بخمسين فرصة عمل والآن يعرضون 1500 .. وإذا عدنا من هذا الاعتصام دون ان نحقق مطالبنا فسننتهى كما هو عليه الحال: إما بالعمل باعة خضروات أو عمال بناء باليومية .. أو نحرق ( هجرة غير شرعية الى أوروبا عبر المتوسط ) ".
وأضاف :" نريد أن نبقي في البلاد بكرامتنا".
معتصمي الكامور في تطاوين جنوب تونس
مندوب الأهرام مع والي تطاوين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.