في تونس مهد انتفاضات الربيع العربي، احتشدت "العلمانيات" للدفاع عن طبيعة حياتهن، بعد فوز الإسلاميين بالسلطة، وفى مصر يتكرر الأمر مع فوز الإسلاميين بأغلبية مقاعد البرلمان.. وفي ليبيا أثار مصطفى عبد الجليل، قلق الكثيرات عندما تعهد بالالتزام بالشريعة، وأمام ذلك تصاعدت مخاوف بعض السيدات من أن يكون صعود الأسلاميين، بداية للتضيق على المرأة والنيل من حقوقها. في ليلة "الحناء" قبل زفاف إحدى الفتيات بوسط العاصمة الليبية طرابلس تجمعت مجموعة من الشابات يرددن الأغاني التقليدية على دقات الدفوف وهن يتأهبن لوضع الحناء على يدي العروس وقدميها. قالت سارة بروين (23 عامًا) وهي تصفق على أنغام الموسيقى أثناء انتظارها ظهور العروس إن لديها أمنية واحدة فقط للنساء في ليبيا الجديدة. قالت طالبة الهندسة "أريد تحقيق المساواة للمرأة... أيًا كان الذي يفعله الرجال أريد أن تكون المرأة قادرة على القيام به، هذا هو زماننا." في ليبيا ومصر وتونس ما بعد الثورة تحاول النساء اكتشاف ما الذي يعنيه الربيع العربي بالنسبة لهن. وقال نجاد البرعي، الناشط الحقوقي: "إنه من المعروف أن سوزان مبارك زوجة الرئيس السابق هي التي كانت وراء أي تطور في حقوق المرأة وأخشى أن البرلمان الجديد الذي يسعى لتحقيق شعبية بين الناس، سيسعى إلى إزالة تلك الأحكام" التى أرستها سوزان مبارك." ومنذ الإطاحة بزعماء قدامى في الدول الثلاث يخشى كثيرون وقطعًا في الغرب من أن فراغ السلطة سيفتح الباب للجماعات الإسلامية لتولي السلطة وفرض تغييرات تضر بحقوق المرأة. في تونس صعد الإسلاميون بالفعل إلى السلطة وفي مصر حققوًا تقدمًا في انتخابات برلمانية تجرى على ثلاث مراحل وتعهدوا بالحكم طبقًا لمبادئ الشريعة. وفي ليبيا أثار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، قلق الكثيرين عندما تعهد بالالتزام بالشريعة فيما يتعلق بقضية تعدد الزوجات في كلمة ألقاها احتفالا "بتحرير" ليبيا من حكم الزعيم السابق معمر القذافي الذي استمر 42 عامًا لكنه منذ ذلك الحين هون من شأن أي تلميحات عن حكم إسلامي متشدد. قالت لاليه خليلي وهي محاضرة لشئون الشرق الأوسط في جامعة لندن "أعتقد أن القضية التي ستضر بها الشريعة حقًا هي حقوق المرأة وأعلنوا بالفعل (في ليبيا) أن قوانين تعدد الزوجات سيجري تخفيفها ومن يدري إلى أي مدى سيذهبون." وفي تونس مهد انتفاضات الربيع العربي التي أجبرت الرئيس السابق زين العابدين بن علي على التنحي احتشدت "العلمانيات" للدفاع عن طبيعة حياتهن الغربية بعد فوز حركة النهضة الإسلامية بالسلطة في أول انتخابات حرة تجريها البلاد بما في ذلك كل المقاعد التي حصلت عليها النساء تقريبًا. وتضغط النساء على الأحزاب لحماية قانون 1956 الذي يمنح المرأة التونسية مساواة كاملة مع الرجل ومواجهة الضغط المتزايد من المسلمين المتشددين الذين يرغبون في إعادتهن لأدوارهن التقليدية. قالت سعيدة قراش وهي محامية ونشطة في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات "لم أشعر بالقلق قط على حرية المرأة كما أنا الآن." وأضافت "الخطر موجود في كل مكان.. على ما ترتديه المرأة.. على طريقة تفكيرها وإذا لم تكن معهم (الإسلاميون) سوف يهينونك ويضايقونك قد وجه لي السباب في الشارع بسبب ما قلته في التليفزيون." وفي حين أن حركة النهضة وعدت بعدم فرض سلوكيات معينة على المجتمع واحترام حقوق المرأة تقول الكثيرات من العلمانيات إنهن لا يصدقن وعودهم. وقالت هدى بن زيد (30 عامًا) التي تعمل في مجال التأمين وهي محجبة: لا يمكن للنهضة أن تصدر أي تهديدات حاليًا لأن الجميع سينقلب عليهم، لكنهم يمكن أن يفعلوا شيئًا لاحقًا ويمكن أن تصبح طبيعة حياتنا مهددة وسعت مجموعة صغيرة من السلفيين لاعلاقة لهم بحركة النهضة إلى فرض رؤيتهم المتشددة للإسلام والانقلاب على القوانين العلمانية. ويطالب البعض بفصول دراسية فيها فصل بين الجنسين وحق المرأة في ارتداء النقاب بالجامعات مما أشعل اشتباكات مع طلبة علمانيين. وفي مصر حصل حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين إلى جانب السلفيين على أكبر عدد من المقاعد في أول مرحلتين من ثلاث مراحل من الانتخابات البرلمانية في أول انتخابات حرة في أكبر دول العالم العربي سكانا منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير. ويدعو التياران إلى إضفاء طابع إسلامي أكثر على المجتمع لكنهما يقولان لناخبيهما إنهما يريدان انضباطًا أخلاقيًا في الحياة العامة، لكنهما لن يفرضا قوانين معينة أو الحجاب على المرأة. ويقول مدافعون عن حقوق المرأة إن المرأة في مصر تواجه بعضا من أسوأ أشكال المعاملة في العالم بما في ذلك العنف الأسري والتحرش الجنسي والتمييز في العمل وفي القانون، كما أن الزواج القسري للقاصرات ما زال شائعًا خارج المدن الكبيرة. ويقول دعاة حقوق المرأة إن هذا أفضل وقت لتوحيد الصف لأن العامل الرئيسي الذي كان يسبب انقساما لحركة المرأة -وهو هيمنة السيدة الأولى السابقة سوزان مبارك عليها- لم يعد موجودا. وعلى الرغم من أنه ليس هناك شك في أن الإسلاميين سيقومون بدور مهم في الدول الثلاث التي أطاحت بزعمائها فإن شكل هذا الدور سيتوقف على السمات الاجتماعية والثقافية في كل بلد. ويقول مراقبون إن المجتمع الليبي أكثر محافظة بكثير من نظيريه في مصر وتونس. وقالت سماح أحمد وهي موظفة في هيئة البريد المصري "المصريات قويات.. هنا ليس ليبيا. إذا طلبوا (الإسلاميون) فرض قوانين متشددة على المرأة فلن يقبل المجتمع المصري ذلك." وأضافت "لن نقبل ذلك الأمر وسننطلق إلى الشوارع ونحدث جلبة كبيرة." وتقول جميلة بينما كانت تنتظر في صالون لتصفيف الشعر في العاصمة الليبية طرابلس لقص شعرها إنها تعتقد أن أغلبية المواطنين معتدلون دينيا وليبيا معتدلة لكننا نخشى المتطرفين." وشعرت جميلة (60 عاما) بخيبة الأمل من تصريحات عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي لأنها كانت تعني أن الرجال لن يحتاجوا إلى إذن مكتوب من زوجاتهم للتزوج من أخرى وأحب فكرة أن الرجل عليه ان يستأذن للتزوج من أخرى.. هذا يحمي كرامة المرأة." واعتبر آخرون أن نبرة وخطاب الكلمة التي ألقاها صفعة على وجه المرأة. وقالت آلاء مرابط وهي طبيبة شاركت في تأسيس منظمة صوت المرأة الليبية: أؤيد القيم الإسلامية. أدرك أن القرآن أباح الزواج من أربعة.. لا مشكلة في ذلك. (لكن) لم يعجبني قوله هذا في يوم التحرير. هناك قضايا أخرى أهم من تعدد الزوجات وما أغضبني عدم إلقاء أي امرأة كلمة يوم التحرير و لو كانت تحدثت في ذلك المحفل الدولي ذلك اليوم لكان بعث هذا برسالة مختلفة تماما. ونظمت آلاء مرابط في الشهر الماضي أول مؤتمر دولي للمرأة حضره الزعماء الجدد في ليبيا منهم عبد الجليل. وعندما شارك في هذا المؤتمر اهتم بتعديد الطرق الكثيرة التي دعمت بها المرأة وقادت الثورة الليبية ووعد بأن تقوم المرأة بدور مهم في إعادة بناء البلاد. وليس للمرأة حضور كبير في الحكومة الليبية الجديدة إذ إن هناك وزيرة للصحة ووزيرة للشؤون الاجتماعية فحسب. وفي الوقت الذي تعيد فيه البلاد بناء نفسها بعد ثمانية أشهر من الحرب تضع المرأة الليبية رؤيتها لبداية جديدة. وظهر العديد من المنظمات النسائية منذ الإطاحة بالقذافي وأقامت المرأة مراكز اجتماعات وألقت محاضرات ونظمت ورش عمل للتوعية في القضايا الاجتماعية والسياسية والتجارية. وقالت أميرة الشكري التي شاركت في تأسيس مؤسسة (فينيكس) التي تتخذ من طرابلس مقرا "بالنسبة للوقت الراهن نريد فقط أن يخوض عدد كاف من النساء الانتخابات.. هذا وحده يمثل تحديا هائلا. وأضافت، أن فينيكس أرسلت مؤخرا آلاف الدعوات للنساء لحضور محاضرة مجانية للتوعية بالحقوق لكن 50 فقط حضرن. ويقول نشطاء إنه ليس النساء فقط هن من يحتجن إلى التعبير عن آرائهن وليس فقط في قضايا المرأة. وقالت آلاء مرابط: أعتقد أن تغيير العقلية في ليبيا سيتطلب جهدًا أكبر بكثير، الجميع يركزون على تنمية المرأة وتعليم المرأة.. وينسون أن المسألة ليست مسألة المرأة وحدها، إنها تنمية وطنية وتعليم وطني." ومضت تقول: لكل امرأة تطلعاتها وأعتقد أن الأمنية العامة هي احترام الاختيار الفردي لكل امرأة.