كشفت الدكتورة ريهام عبد الله، مسئولة وحدة اللغة الأردية بمرصد الأزهر الشريف للغات، كيف يتم تجنيد الأطفال من قبل "داعش" الإرهابي، وكيف يقنعهم التنظيم بالقيام بالتفجيرات الانتحارية بعد تدريبهم علي فنون القتال المختلفة. تقول الدكتورة ريهام ل"بوابة الأهرام"، إن ما يعرف باسم "أشبال الخلافة" جزء من خطة "داعش" بعيدة المدى لكي يبني جيشه الخاص، لذا فهو يستغل الآلاف من أطفال المناطق الخاضعة لسيطرته في العراق وسوريا ويجندهم، لاستخدامهم في أعماله الإرهابية، خاصة أطفال الأيزيديين وأتباع الديانات والطوائف الأخرى، لافتة هنا إلي التقارير العالمية التي تشير إلي أن عدد الانتحاريين من الأطفال وصغار السن التابعين ل"داعش" زاد ثلاثة مرات عام 2016 مقارنة بعام 2015. وحول كيفية إقناع الأطفال بالقيام بالعمليات الانتحارية، تقول دكتورة ريهام: إن "داعش" يعتمد في تدريبه علي آيات القتال بالقرآن الكريم، خاصة تلك التي يوجد بها قتال الكفار لكي تتولد لدي الأطفال قناعة بقتال كل من يرونه كافرا، بحسب مفهوم "داعش". وتتابع: توجد لدي "داعش" ثلاثة أنواع من المدارس لتهيئة الأطفال من خلالها وإعدادهم للقيام بالعمليات الانتحارية، وهي المدارس الدينية، الأكثر خطورة، إذ يتم فيها تشكيل عقول الأطفال ووعيهم بترسيخ الفكر الجهادي في عقيدتهم وزرع كراهية غير المسلمين في نفوسهم، أما المدرسة الثانية فهي القتالية التي تقوم بتدريبهم علي فنون القتال كافة بشكل علمي، والمدرسة الثالثة وهي الفكرية، وفيها تتم تهيئة الأطفال فكريا ونفسيا لكي تكون لديهم القدرة علي ذبح ضحاياهم دون رحمة أو شفقة. وتلفت مسئول وحدة اللغة الأردية بمرصد الأزهر، إلي لقاء قامت به قناة "دويتشه فيله" الألمانية مع مجموعة من الأطفال الذين نجحوا في الفرار من أحد المعسكرات التدريبية التابعة ل"داعش"، حيث نجح شقيقان في الفرار من معسكرات "داعش" يدعى أحدهما أحمد "16 عامًا" وأخوه عامر "15 عامًا". كما نجح طفلان شقيقان آخران في الفرار بعد أن قام "داعش" باختطافهما وإيداعهما في أحد المعسكرات التدريبية لمدة تسعة أشهر، أحدهما يدعى عبد الجلال "13 عامًا" وأخوه البالغ من العمر 11 عامًا. يروي الأطفال، بحسب ما جاء في لقائهم مع "دويتشه فيله"، أن إراقة الدماء أصبحت شيئًا عاديًا بالنسبة لهم بعد تعرضهم لوقائع عنف في تلك المعسكرات التدريبية، ولعل أكثر ما كانوا يؤكده "داعش" لهم هو "أننا سنذهب للجنة فورًا بعد الموت". يتابع الأطفال الهاربين من "داعش" شهادتهم، فيقول أحد الفارين الذى يبلغ من العمر 14 عامًا: "داعش يقوم بتعليم الأطفال المقاتلين أن كل ما يملكونه هو وقف للتنظيم، حتى إذا طلب التنظيم منهم أن يضحوا بحياتهم في سبيله فعليهم بالطاعة". ويقوم "داعش" بتعليم الأطفال الإجابة عن سؤالين هما: كيف تقتل عدوك؟ وكيف تكون مخلصًا لقائدك أو زعيم التنظيم؟. وتتوقف هنا دكتورة ريهام عبد الله عند تقرير لجريدة "الإندبندنت" البريطانية عن الأطفال الفارين من "داعش"، حيث يقول الأطفال: "ل"داعش" ثلاثة أنواع من الجيوش، جيش الدولة وجيش الخلافة وجيش عدنان، ويوجد في صفوف تلك الجيوش الثلاثة عدد كبير من الأطفال يطلق عليهم "أشبال الخلافة"، ويتم تدريبهم عقليًا وفكريًا وعقائديًا، ويتم تعليمهم كيف ولماذا يقتلون الكفار؟. كما يقومون بترغيبهم أيضًا في العمليات الانتحارية". وتتابع: تأتى باكستانوأفغانستان على قائمة الدول المتضررة من الصراع في العالم، والأطفال هناك بشكل خاص هم الأكثر تأثرًا بأحداث العنف والإرهاب والتطرف، فمعروف أن الأطفال هم مستقبل أية أمة وزهرة شبابها. ففي باكستانوأفغانستان الأطفال هم أكثر ضحايا الجماعات الإرهابية، حيث تسعي الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، إلى تجنيد الأطفال، وهو ما يعتبر جرما كبيرا وعملا إرهابيا خسيسا وإساءة للأجيال القادمة وظلما للأطفال بل هو خطر يهدد ويحول دون رقى ونهضة باكستانوأفغانستان. ورغم محاولات باكستانوأفغانستان الدءوبة لوقف تسليح الأطفال وإنهاء استغلالهم في التجنيد، فإن طالبان وداعش وغيرها من الجماعات المسلحة الأخرى ما زالت تستغل الأطفال في أعمالها الإرهابية، حسب قولها. وفقًا لتقرير صادر عن مركز المعلومات في إسلام آباد التابع للأمم المتحدة من جانب سكرتير عام الأممالمتحدة ومنظمة اليونيسيف بمناسبة اليوم العالمي لمنع استغلال الأطفال في العمليات المسلحة، تم تجنيد الآلاف الأطفال من قبل الجماعات المسلحة من عشرين دولة ، وفي الوقت نفسه، شدد التقرير على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لوقف الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال والمحاولات القائمة لتجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة. وكان تنظيم "داعش" في خراسان يقوم بتجنيد الأطفال في سن التاسعة وتدريبهم على أن يقوموا بعمليات انتحارية، واليوم في باكستان حوادث اختطاف الأطفال ذكور وإناث منتشرة بشكل كبير، ومعظم هؤلاء الأطفال تقوم الجماعات الإرهابية باختطافهم ومن ثم تدريبهم وتأهيلهم عسكريًا ليقوموا بعمليات انتحارية. بحسب أحد التقارير، هناك في البنجاب فقط تقدر حوادث الاختطاف بنحو 6793 في الفترة من 2011 إلى 2016، وقامت الشرطة باستعادة 6654 طفلا بينما لا يزال 139 طفلا قيد البحث. وفي عام 2016 تم اختطاف أكثر من 767 طفلا عاد منهم 715 طفلًا، معظمهم تم اختطافهم من مدن مثل لاهور، وراولبندي، وفيصل آباد، وبهاو لنجر، بينما في الأيام الحالية يتم الكشف عن حوادث اختطاف الأطفال في كراتشي، ومعظم الأطفال المخطوفين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و15 سنة. وتتابع الدكتورة ريهام - قائلة: الأطفال يتم خطفهم ومن ثم بيعهم للتنظيمات الإرهابية، حيث يتم بيع أطفال بلوشستان مقابل 500:600 ألف روبية في أفغانستان لينضموا إلى الجماعات الإرهابية، وبهذه المناسبة أفاد الجنرال توصيف أن التحقيقات حول حوادث اختفاء الأطفال أوضحت أن خمسة أو ستة أطفال تقريبًَا خطفتهم أحد التنظيمات، وبعد أن ظلوا فترة في مدينة كويتة تم ترحيلهم إلى أفغانستان. ولا يمكن لأهل باكستانوأفغانستان أن يسامحوا الإرهابيون على أعمالهم الإجرامية هذه، فلا يوجد اى دين في العالم، خاصة الإسلام، أن يسمح بتجنيد الأطفال في الحروب، فالجهاد لم يفرض على النساء أو الأطفال في الإسلام. وتلقي الدكتورة ريهام، عضوة مرصد الأزهر، الضوء علي حقوق الأطفال في الإسلام إذ جعلهم زينة ومتاع الحياة الدنيا، فالأطفال هم مصابيح المجتمعات الإنسانية وزهور المستقبل، وكل أمة قوتها الحقيقية تكون فيما أنعم الله عليها من نعم والأطفال رزق ونعمة ينعم بها الله على البشر، والإسلام أمرنا باحترام هذه النعم وشكر الله عليها، بل وأكد الله أن الأطفال هم أمانة في أعناقنا وحفظهم ورعايتهم فرض علينا. قال رسول الله عليه وسلم:" كُلُّكُمْ رَاعٍ وكلكم مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، والسؤال الآن: كيف يعرض الآباء أطفالهم للموت باسم الإسلام؟!، ذلك الدين الذي أمر أتباعه بحسن اختيار اسم الطفل عند ولادته، كيف يوافقون على التضحية أو قتل هذه الأرواح البريئة؟!!، الإسلام أكد مرارًا حقوق الأطفال، ففي الإسلام الأطفال لهم حقوق قبل ولادتهم فلهم في الإسلام حق الحياة، والميراث، والوصية، والنفقة. بل الإسلام أقر بحرمانية استخدام الأطفال فى الحروب، فعن رافع بن خديج: قال جئت أنا وعمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد بدرا، فقلت يا رسول الله إني أريد أن أخرج معك فجعل يقبض يده ويقول: إني أستصغرك ولا أدري ما تصنع إذا لقيت القوم؟ فقلت: أتعلم أني أرمي من رمى؟ فردني فلم أشهد بدرا، وقد رد النبي صلى عليه وسلم أربعة عشر صبيا في معركة "أحد" لصغرهم. هذا الأمر يوضح أن التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة التي تدعي انتسابها للإسلام ليس لديها علم بل هي جاهلة بالإسلام وتعاليمه، بل ان أفعالها ليست لها علاقة بأى دين، فللأطفال حق فى أن يعيشوا حياة متوازنة جيدة، والإسلام أكد حقوقهم وواجبنا هو حماية حقوقهم ورعايتها، فبرعايتها وحفظها نضمن أن يكون المستقبل أفضل.