منذ قديم الأزل ويعتبر الذهب مصدرًا من مصادر الزينة الأساسية للمرأة فقد استخدمه قدماء المصريين من الملوك والنبلاء فى ترصيع تيجانهم وملابسهم بها بالإضافة إلى تصنيع أوانى الطعام الخاصة بالملوك منها دليل على تقديرهم لقيمة الذهب. ولكن مع تطور الظروف الاقتصادية والسياسية وارتفاع أسعار الذهب بشكل جنونى مع استمرار الأزمات فيصبح هو السلعة الوحيدة التى لا تتاثر بأى توترات فقد تأثرت الأسعار نتيجة عدة عوامل أهمها اهتزاز الاقتصاد الأمريكى والذى ألقى بظلاله على العديد من الدول جعلها تسعى لاقتناء الذهب كضمان لمدخراتها بالإضافة إلى انخفاض سعر الدولار أمام باقى العملات مما جعل العديد من المستثمرين يتجهون إلى تسيل محافظهم الاستثمارية بهدف شراء الذهب لتعظيم أرباحهم كما أثرت هذه الارتفاعات على ودائع البنوك التى قام أصحابها بسحبها لشراءالذهب، ليكون الذهب هو أفضل مجالات الاستثمار طويل المدى بدءًا بالدول وانتهاء بالأفراد، فقد أصبح الذهب البديل الوحيد للتحوط ضد التضخم الذى تعانى منه الدول المتقدمة فى العالم. فى البداية يقول البير بطرس - تاجر وأحد مصنعى الذهب إن ما يحدث فى سوق الذهب الآن شيء كالحلم نحاول كتجار استيعابه، فقد قفز سعر الذهب خلال تعاملات الأسبوع الماضى محققًا رقمًا تاريخيًا لم يتحقق مطلقًا ليتجاوز حاجز 1900 دولار للأوقية خلال الأيام الماضية، نتيجة أزمة الديون الأمريكية الأخيرة وهو رقم لم نكن نتخيل حدوثه خلال السنوات الماضية، فقد كان أقصى ارتفاع شهده الذهب فى يناير 1981 هو 850 دولارًا للأوقية بسبب ارتفاع أسعار النفط ثم عاد إلى وضعة التصحيحى مرة أخرى إلى 270 دولارًا للأوقية فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى، مما يعنى أنه أكثر البدائل الاستثمارية أمنًا حتى الآن، خاصة فى ظل الصراعات والحروب خلال السنوات القليلة الماضية بداية بالحرب الأمريكية على أفغانستان ثم العراق وأخيرًا الصراع حول ملف إيران النووي وأزمة الديون الأوروبية فعدم الاستقرار السياسى والاقتصادى يجعل معظم الدول تتجه إلى تحويل غطائها النقدى إلى ذهب لأن قيمته لاتتغير كنوع من التحوط ضد الأزمات المستقبلية والتى تعصف بالعملات فتصبح بلا قيمة. كما أصبح الذهب بديلًا حقيقيًا للاستثمار فى السندات والعملات لأنه يمثل مخزنًا للقيمة والمضاربة وأكثر السلع ربحية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار البترول المستمرة وبالتالى فإن ملايين البراميل تتحول إلى دولارات ونظرًا لأن الدولار الأمريكى يعانى من انتكاسة حقيقية وهبوط فى معدلاته أمام باقى العملات الرئيسية بالإضافة إلى الأضطرابات الأخيرة التى شهدتها البورصات العالمية مؤخرًا، فإن آمن شيء أمام الدول الآن هو الذهب، لأنه من السلع التى تحتفظ بقيمتها ولا تتأثر نتيجة أى عوامل سياسية أواقتصادية ولذلك نجد أن شراء الذهب الآن هو شراء دول وليس شراء أفراد ويوجه بطرس نصيحته إلى المستثمرين فى سوق الذهب بأن يتوخوا الحذر من الارتفاعات المتتالية والسريعة للأسعار لأمكانية أن ينخفض سعره ولذلك لابد من عدم التسرع ببيع هذه السلعة الثمينة لأن الاستثمار فى الذهب استثمار طويل الأجل. ويضيف الخبير عبدالله عبد القادر، رئيس شعبة المعادن الثمينة بالغرف االتجارية بالقاهرة وأحد تجار الذهب ومصنعيه، أن معظم القوى الشرائية لهذه السلعة الثمينة الآن فى مصر وغيرها، تكون للاستثمار وليس للاستغلال الشخصى أو للزينة، مثلما كان يحدث فى الماضى، حيث لجأ العديد من المستثمرين إلى فك ودائعهم النقدية أو تسييل محافظهم الاستثمارية لشراء سبائك الذهب المعروف بالذهب غير المصنع وشراءالذهب الكسر لأنهم مصدر جيد جدًا لحفظ القيمة المادية بخلاف أى سلعة أخرى. أما بالنسبة للاستثمار فى الذهب فيقول عبد القادر إن الاستثمار فى الذهب له عدة طرق أما أن يتم تداوله فى السوق الفورية وهذا الاستثمار خاص بكبار المشترين والمؤسسات، حيث يشترون الذهب من البنوك الكبرى وتعتبر لندن هي أهم مراكز السوق العالمية الفورية لتجارة الذهب و التي تحدد أسعار الذهب إذ تتم تسوية تعاملات بنحو 18 مليار دولار في لندن يوميًا وهنا لا يتم نقل الذهب وذلك لتجنب مخاطر التكلفة والمخاطر الأمنية وإنما تتم تسوية الصفقات من خلال تحويلات ورقية والسوق الفورية موجودة أيضا فى الهند والصين والشرق الأوسط وتركيا وإيطاليا وأمريكا. كما أن هناك طريقة أخرى للاستثمار وهى تداول الذهب فى بورصة العقود الآجلة وفيها يتداول المستثمرون عقودًا لبيع أو شراء سلعة معينة بسعر ثابت وموعد تسليم معين في المستقبل وتعتبر سوق كومكس في بورصة نيويورك التجارية أكبر سوق في العالم لعقود الذهب الآجلة من حيث حجم التداول وهناك بورصات اخرى للعقود الآجلة فى الصين والهند وتركيا ودبى وهناك الاستثمار فى الصناديق المتداولة فى البورصة من خلال أصدار أوراق مالية مدعومة بالذهب يتاح للمستثمر الاستفادة من إمكانيات سوق الذهب من ارتفاعاته القياسية دون استلام المعدن نفسه و يعتبر صندوق SBDRجولد تراست هو أكبر صندوق متداول مدعوم بالذهب، حيث تعادل حيازات هذا الصندوق أكثر من نصف إمدادات المناجم العالمية سنويا. وأخيرا استثمار الذهب عن طريق السبائك والعملات وهذه الطريقة يتبعها أغلب المستثمرين المحليين، حيث يقومون بشراء الذهب من تجار المعادن في متاجر متخصصة أو على الإنترنت ويدفعون علاوة سعرية ضئيلة مقابل المنتجات الاستثمارية تزيد ما بين خمسة و 20 بالمائة على سعر السوق الفورية بناء على حجم المنتج ومستوى الطلب.