عندما خرج أستاذنا مصطفي أمين من السجن فى يناير 1974، تصادف أن شاهد في حي السيدة زينب نعشا يسير وراءه ثلاثة من الرجال فقط، فاندهش من هذه الوحشة، التى لا تناسب علاقات أهل الحى المشهور بالترابط والتآخي .. هنا سأل أحد المارة عن الرجل المتوفي ؟ فقال له : رجل عجوز بلغ من العمر السبعين ، لكنه لم يكن يحب أحدا ،فلم يحبه أحد. وبعد هذه الإجابة ,أخذ الكاتب الصحفي الكبير علي عاتقه المناداه والدعوة ، بتخصيص ليوم يكون عيدا للحب يراجع فيه كل انسان حساباته مع نفسه، ومع كل من حوله، واعلن ان يوم 4 نوفمبر هو يوم الحب المصري. والحب جسر من الجنون، لا غني للعقلاء من المرور عليه.. هي تلك الرعشة التي تملأ قلبك.. شعور يغمرك دون إنذار... يغيير حياتك ونظرتك لأيامك.. لتصبح ثريا بلا مال.. حكيما بلا فلسفة.. كاتب وروائي بارع بلا كتب.. مايسترو بلا أوركسترا.. كل هذا في دنيا الحب.. في لحظة واحدة يغير الحب خارطة الأزمان، وتكف الأرض عن الدوران.. لنتعلم منه أشياء ما كانت أبدا في الحسبان.. وأهمها كيف نحتفل به وفي يومه العالمي ويومه المصري. يوم 4 نوفمبر هو عيد الحب المصري.. الذي يستعد له المحبون بطريقتهم الخاصة.. ففي ليل عيد الحب يتهامسون ويتفقون للقاء عند القمر، أملا في أن يجدوا طريقة جديدة للاحتفال بعيدهم.. ولكن يؤكدونٍ أن كل يوم يعتبر ميلاد جديد لهذا الأحساس وهنا يناجون نسمات السماء بأن ما فيها خلق لهم وحدهم.. وأن أجمل مافي الحب أن لا فصل له ولا لون ولاشكل له كأشكالنا. طبعا كان الكاتب الصحفي الكبير مصطفي أمين يقصد من "عيد الحب" أن يسود الحب بين الشخص وبين من حوله جميعا, ومع مرور الوقت تحول المعني الذي كان يتمني أن يسود، إلي علاقة بين شخصين فقط هم من لهم الحق في الاحتفال بهذا اليوم . ومع اختلاف الزمن وتفاوت الأجيال، قد تختلف طريقة التعبير عنه, فشباب 2010 لهم طرق عديدة للتعبير عن مشاعرهم التي تناسب حياتهم، وغالبا لا يعرفون شيئا عن حكاية الأستاذ مصطفي أمين ولا عن سبب العيد ولكنهم يجيدون عزف نغماتهم المنفردة لتخرج في النهاية سيمفونية فريدة لهذا العام. أولا.. إذا أردت أن تعرف المحبين..الأمر سهل للغاية.. مجرد أن تتحري الشوق فى أعينهم.. ستجدها تبوح بالأسرار التي كتبتها في تاريخ الليالي الطوال علي ضوء القمر عن حالهم ليسألوه "هل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقيل"..الإمضاء متيم. الخطوة التالية أن تشاهد بعينك وتلمس بيدك وتشم بأنفك مظاهر هذا الاحتفال.. ففي كل عام يحرصون أن تتحول مشاعرهم إلي أشكال وهدايا مختلفة من الزهور وبها كارت يكتب فيه "كيف لايشغل فكري.. طلعة كالبدر يسري..رقة كالماء يجري.. فتنة بالحب تغري.. تترك الخالي شجيا". وتوضع الزهور بطرق وابتكارات مختلفة في علب زجاجية أو فخار أو حتي علي السيارة.. لكن المهم ألا يخلوا هذا اليوم من باقة من الزهور الحمراء. وقد تكون الهدايا عبارة عن قفص للتعبر عن أن حبهم كالعصافير، وأنه ينمو ويكبر ويكثر كأوارق الشجر. وقد تكون الهدايا شموعا منها الملونة والفواحة لكن المهم أن تكون شموعا حمراء. وقد يكون الاحتفال بالسفر ولكنهم لا يختارون أعالي الجبال ولا أسفل الوديان، بل يبحثون عن سحرهم الخاص فيختارون رحلة ليس بها مواني ويفتحون شراع الحب ويبحرون بعيدا ليسمعوا الطير كلماتهم والحانهم. وحتي المستوي الثقافي في الحب يختلف، فقد يتهادي المحبوب في هذا اليوم أحدث الروايات والقصص العاطفية أو الكتب الثقافي، كنوع من التعبير عن الاختلاف.. ويتبادلون الحديث ليلعب هو دور شهريار وهي دور شهرزاد وأتى الأوان أن تقص حكاية العاشقة التائهة في أرض الأحلام "فأين تهرب من سمائها وحكاياتها". طبعا لا يمكن أن ننسي الرسائل التليفونية التي يبرعون في كتابتها كل عيد فمثلا " بخت المكان بيك .. يا بخت اللي حواليك .. يا بخت ناس تشوفك .. وأنا مشتاق ليك"، " العمر زهرة .. والحياة فترة .. والحب مرة .. افتكرني لو كنت أستحق الذكرى" وغيرها من رسائل الحب التي يتبادلونها. كلها أشكال من الاحتفال يتعاهدون فيها ويكتبون بماء من ذهب "حبيبي لو تسألني عن العيد.. أجيب لا أدري فأنت العيد وأيامه وكل البشر".. وتنتهي ساعات الاحتفال فيما يسمونها بالحظات العسل.. لحظات كانوا فيها يبحثون عن الرحيق في زهور أوشكت أن تذبل.. ويرونها بنظراتهم التي لاتهمل.. وحين تسألهم عن ما يأملون غدا؟. يجيبون ماذا بعد اللقاء نأمل.