ذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن الثوار فى ليبيا يواجهون تحديات فورية تشكل معارك مختلفة بالنسبة لهم عن الحرب ضد القذافى، بما فى ذلك الانقسامات القبلية والإقليمية، فضلا عن تعطش بعض الثوار للانتقام، تلك الأمور التى ستقدم إشارات على قدرة الثوار على حكم ليبيا الجديدة بطريقة شرعية. وأشارت الصحيفة - فى تقرير نشرته مساء اليوم "الأحد" على موقعها الإلكترونى، إلى أن الثوار الليبيين فقدوا أحد أعظم أسباب وجودهم وهو العدو المشترك الذى أدى بجماعات الطلاب والباعة والبيروقراطيين غير المدربين الذين تمكنوا بمساعدة حلف الناتو فى الإطاحة بالطاغية معمر القذافى. وذكرت الصحيفة أنه مع السعادة الغامرة للثوار بانهيار شبه كامل للنظام، فإن الثوار الذين فقدوا مئات من الرفاق فى الصراع ونالوا إعجاب الملايين من المواطنين العاديين فى هذا البلد الغنى بالنفط فى شمال إفريقيا، يواجهون اختبارا حقيقيا ألا وهو الاتحاد، وإذا كان بإمكانهم تجنب التعطش للانتقام فإن المنافسات الإقليمية والقبلية التى تم تجييشها لزمن طويل تبدأ الآن. وألمحت الصحيفة إلى أنه إذا أمكن للثوار الاتحاد معا واستعادة النظام فى البلاد، فإن ذلك سيقدم لهم أفضل من مجرد محاولة لبناء نظام جديد فى البلاد مع وجود عدد قليل من المؤسسات العاملة وثقافة الميل الاستبدادى، ولكن إذا لم يكن بإستطاعتهم ذلك فإنه يلوح فى الأفق تهديد بصراع واسع النطاق ونزاعات مدنية أكثر فوضوية من الحرب التى إستمرت لستة أشهر من أجل الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافى. وأوردت الصحيفة أن هناك انقسامات بين شرق وغرب ليبيا، تلك الانقسامات التى لها جذور تاريخية فى برقة وطرابلس، وكل منهما تحتفظ بعلاقات تجارية وعلاقات خارجية مختلفة، مشيرة إلى أنه مع زيادة تمركز السلطة والمال بطرابلس فى عهد القذافى فقد تولدت حالة من الاستياء فى الشرق وأصبحت مدينة بنى غازى فى شرق ليبيا - والتى تعد ثانى أكبر مدينة- نقطة محورية فى مقاومة نظام القذافى. وأشارت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور"الأمريكية فى تقريرها إلى أنه فى الأيام الأولى للثورة الليبية تقدمت ميليشيات على طول الساحل الليبى نحو الغرب تجاه مسقط رأس القذافى فى سرت ومداخل طرابلس ولكنه سرعان ما تم كبحها وإجبارها على التراجع بسرعة على الرغم من دعم الغارات الجوية لحلف الناتو لهم. بينما فى منطقة الجبال الغربية فإن الشبكة المتفرقة من الثوار سرعان ما اندمجت مما يدل على أن لديها قدرا أكبر من التنظيم والتخطيط التكتيكى مع انضمام مقاتلى المدن المحاصرة مثل مصراتة والزاوية والذين قطعوا خطوط الدعم الرئيسية على القذافى وقادوا إلى الانتصار بالسيطرة على معظم العاصمة طرابلس يوم 21 أغسطس الجارى. وأوضحت الصحيفة أنه مع بداية انتقال المجلس الانتقالى الليبى من بنى غازى إلى طرابلس باعتباره السلطة الجديدة ذات السيادة فى ليبيا، وذلك بعد اعتراف دول الغرب به باعتباره الممثل الشرعى الوحيد للشعب الليبى، فإن هناك قطاعا كبيرا من الشعب أصبح مدججا بالسلاح وبعيدا عن متناول أى سلطة مركزية، مضيفة أنه من الممكن أن يخرج القذافى خلسة وبطريقة ما من تشديد الخناق المفروض حوله، وربما يتوجه إلى المناطق الجنوبية، حيث لا تزال هناك بعض القبائل المواليه له ويمكن بذلك أيضا أن يصبح نقطة تجمع للتمرد ويؤدى إلى إفساد الحياة فى ليبيا الجديدة. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الخطر صغير، حيث إن المواطنين فى ليبيا يمتلكون ثورتهم بشكل مختلف عما فى العراق ، فالعراقيين لم يقوموا بثورتهم، كما أن البنية التحتية فى ليبيا أفضل بكثير بما سوف يمنع وجود مظاهر للسخط مثل تلك التى أدت إلى ازدهار ما وصفته الصحيفة "بالتمرد" فى العراق. وأكدت الصحيفة الامريكية فى ختام تقريرها أن اعتقال القذافى سيقدم الكثير لإخماد أى تمرد وكذلك سيشجع الليبيين الذين لا يزالون فى حالة خوف من الانسياق وراء النظام الجديد بقيادة المجلس الانتقالى الليبيين إلى الاندماج فى النظام الليبى الجديد.