القضاء في خدمة العسكر: وقف عمومية المحامين "يعمق أزمة استقلالية العدالة في مصر    إير كايرو تعلن عن شراكة استراتيجية مع Acron Aviation خلال معرض باريس    الجيش الإيراني يطالب بإخلاء القناة 14 الإسرائيلية تمهيدا لقصفها    محمد عبدالله يستفسر عن موقفه مع الأهلي بعد استبعاده من قائمة كأس العالم للأندية    «بطريقة مجنونة»... بالميراس يدعو جماهيره لاحتفال غريب بعد الفوز على الأهلي    .رسوب جماعي لطلاب الشهادة الإعدادية ببني سويف ..ودعوات على التواصل لمحاسبة مسئولي تعليم الانقلاب    مينا مسعود ل منى الشاذلي: شخصيتى بفيلم "فى عز الضهر" مليئة بالتفاصيل وتشبهنى    وزير الرى: طرح عقود تكريك نهاية ترعة السويس أول يوليو    صمود مصر رغم التحديات    كارثة تعليمية| رسوب جماعي في مدرسة يثير صدمة.. وخبير يطالب بتحقيق شامل    رئيس "النواب اللبناني": الانسحاب الإسرائيلي فورًا ووقف الخروقات المدخل الأساس للاستقرار    التشكيل الرسمي لمواجهة إنتر ميامي ضد بورتو في كأس العالم للأندية    رئيس الوزراء الصربي: وجودنا في جامعة القاهرة فرصة لتبادل الرؤى والأفكار -(صور)    أمين «البحوث الإسلامية» يتابع سير امتحانات الثانويَّة الأزهريَّة بالمنيا    الدقهلية تناقش اللائحة الجديدة لمركز تدريب الحاسب الآلي    إصابة 7 بينهم 3 فتيات في انقلاب سيارة على الإقليمي بالمنوفية (صور)    تعرف على قيمة الأجرة الجديدة بعد الزيادة المرتقبة بقانون الإيجار القديم    استنوا زوزو.. طرح البوستر الفردي ل غادة عبدالرازق في «أحمد وأحمد»    اللواء نصر سالم: إيران احتوت ضربات إسرائيل وأعادت توازنها وتبادر ضربة بضربة الآن    بعد مطالبات بالترحيل.. مدحت العدل يدعم هند صبري: «شبراوية جدعة»    باحث: 36 سببًا لمرض ألزهايمر    تعيق فقدان الوزن- 6 أخطاء تجنبها عند المشي    غرفة القاهرة تستعد لتوسيع نطاق خدماتها المميكنة لمنتسبيها    مصر تفوز على البحرين وتتأهل للدور الرئيسي ببطولة العالم للشباب لكرة اليد    أفريقية النواب تبحث سبل زيادة الصادرات المصرية إلى القارة    ليفركوزن يفاوض ليفربول لضم مدافعه    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    مدبولي يبحث موقف توفير الاحتياجات المالية ل «الشراء الموحد» لتوفير الأدوية والمستلزمات (تفاصيل)    تبادل أسرى بين أوكرانيا وروسيا بموجب اتفاقات إسطنبول    قرارات عاجلة من محافظ أسيوط بشأن حريق مخزن الزيوت المستعملة    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب تجارة العملة    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    شيخ الأزهر: الأزهر يولي طلاب باكستان عناية خاصة لنشر المنهج الوسطي    رئيسا روسيا والصين: لا حل عسكرياً لبرنامج إيران النووي    قبل مواجهة بالميراس.. تعرف على انتصارات الأهلي بالمونديال    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    إسرائيل تقر باستمرار قدرة إيران على إطلاق الصواريخ    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    انطلاق تصوير فيلم "إذما" بطولة أحمد داود وسلمى أبو ضيف (صور)    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    محافظ أسيوط يفتتح وحدة طب الأسرة بمدينة ناصر بتكلفة 5 ملايين جنيه – صور    إعلام إسرائيلي: الحرب مع إيران ستكلف 100 مليار شيكل تقريبًا    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    عاجل- مدبولي يتفقد أول مصنع في مصر والشرق الأوسط لإنتاج أجهزة السونار والرنين المغناطيسي بمدينة 6 أكتوبر    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    بسبب ركنة سيارة.. حبس شخصين بتهمة التعدي على آخر في النزهة    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهب الثانى لإفريقيا .. شركات أوروبية تستحوذ على الأراضى الزراعية ومخاوف من تزايد الفقر والصراعات الاجتماعية
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 05 - 05 - 2016

هل هو النهب الثانى لإفريقيا؟..نتحدث عن لعبة الاستحواذ على الأراضى الزراعية فى إفريقيا ونقل ملكيتها من المزارعين الفقراء الى الشركات الاوروبية الأمر الذى اصبح‮ ‬يكرس بؤس الافارقة‮.‬وعلى الرغم من أن حكومات إفريقية ترى فيما‮ ‬يجرى نوعا من الانفتاح على حركة التجارة والاستثمار فى العالم لا‮ ‬يخلو من فوائد فإن وجها آخر للصورة‮ ‬يتبدى فى هذا التقرير‮.‬
لم‮ ‬يكن الدافع من وراء استعمار القارة الإفريقية فى القرن الماضى السياسة الأوروبية وحسب وإنما كان من وراء ذلك مصالح اقتصادية حقيقية تبحث عن أسواق وموارد جديدة تلبى احتياجات الثورة الصناعية الأوروبية،‮ ‬أما فى القرن الحادى والعشرين فإن الأرض اصبحت هى الدافع الأكبر الذى‮ ‬يقود الموجة الثانية من التدافع على افريقيا فى الوقت الذى ترى فيه الدول الإفريقية أن تحرير التجارة وزيادة التكامل مع الاقتصاد العالمى قد‮ ‬يتحقق من خلال فتح أراضيها للاستغلال الاقتصادى‮.‬
فى حين أن العديد من المزارعين الأفارقة ليس لديهم ما‮‬يكفى من الأراضى لإطعام أسرهم،‮ ‬تم نقل الملايين من الهكتارات من الأراضى الزراعية الإفريقية الجيدة من المزارعين إلى الشركات فى السنوات القليلة الماضية،‮ ‬ولكن فى دراسة أصدرتها الشبكة الإفريقية الأوروبية للعدالة‮ ‬AEFJN ‬‮ ‬أشارت إلى أن البنك الدولى هو اللاعب الرئيسى فى عمليات الاستحواذات على الأراضى الإفريقية فمنذ نهاية التسعينيات،‮ ‬كانت مجموعة من وكالات البنك الدولي،‮ ‬وعلى رأسها مؤسسة التمويل الدولية‮ ‬IFC،‮ ‬وفرع القطاع الخاص فى البنك الدولي،‮ ‬والخدمات الاستشارية للاستثمار الأجنبى‮ ‬FIAS‮ ‬تدعم عمليات الاستحواذ من خلال المساعدة التقنية والخدمات الاستشارية للحكومات الإفريقية بهدف تسهيل وصول المستثمرين إلى هذه البلدان‮. ‬إضافة إلى صياغة مشاريع القوانين وتعزيز سياسات لتسهيل قدرة المستثمرين الأجانب لتملك الأراضى لأغراض الزراعة فى البلدان النامية‮.‬
ومع حدوث الأزمة المالية العالمية فى عام‮ ‬2008،‮ ‬التى أدت إلى ارتفاع فى أسعار السلع الأساسية حيث ارتفع سعر الأرز بنسبة‮ ‬%217 والقمح بنسبة 136% ‬والذرة بنسبة 125% ‬وفقاً‮ ‬لإحصاءات البنك الدولي،‮ ‬هو ما جعل العديد من الدول المتقدمة تضع هدف الأمن الغذائى لها هدفا وطنيا،‮ ‬وهو ما شمل الدول الأوروبية ودول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات،‮ ‬ودول شرق آسيا مثل الصين وكوريا الجنوبية‮.‬
- تحوط ضد الأزمات
إضافة إلى الشركات الأجنبية التى عملت على استغلال الأراضى التى استحوذت عليها لتعزيز وضعها فى أسواق الغذاء العالمية،‮ ‬كل هذا فى الوقت الذى تمتلك فيه إفريقيا وحدها 60% ‬من الأراضى الصالحة للزراعة وغير المزروعة فى العالم‮ - ‬وفقا لبيانات البنك الدولى‮ - ‬لتصبح هى المنطقة الرئيسية للتحوط ضد الأزمات فى المستقبل‮.‬
ويبقى المسعى المشترك للدول والشركات الأجنبية هو الرغبة فى تحقيق الأمن الغذائى فى ظل ارتفاع الطلب على الوقود الحيوى،‮ ‬وارتفاع تكاليف الأراضي،‮ ‬والمياه والطلب العالمى على المواد الغذائية والمحاصيل الأخرى،‮ ‬وهو ما جعلهم‮ ‬يحققون طفرة فى شراء الأراضى الزراعية الإفريقية لزراعة المحاصيل الغذائية وغيرها من المحاصيل بغرض التصدير‮.‬
وفقاً‮ ‬للمعهد الدولى لبحوث الدراسات الزراعية فإن حكومات الدول الغنية والشركات العالمية اشترت حتى الآن أكثر من‮ ‬20 ‬مليون هكتار أى ما‮ ‬يعادل‮ ‬47‮ ‬مليون فدان من الأراضى الزراعية ببلدان العالم الثالث وهى المساحة التى تعادل ربع الأراضى الزراعية فى أوروبا‮.‬
الاستحواذ والتنمية‮.. ‬المعادلة الصعبة
فى كتاب ليستر براون،‮ ‬مدير معهد سياسة الأرض بالولايات المتحدة‮ “‬العالم على حافة الهاوية‮ “ ‬أشار إلى أن أول شحنة من الأرز المنتج على الأراضى الإثيوبية التى استحوذت عليها المملكة العربية السعودية خرجت فى الوقت الذى كان فيه برنامج الأغذية العالمى‮ ‬يقوم بإطعام‮ 5 ‬ملايين إثيوبي،‮ ‬وبالمثل فى جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث استحوذت الصين على‮ ‬7‮ ‬ملايين هكتار لإنتاج زيت النخيل،‮ ‬فى الوقت الذى‮ ‬يعتمد فيه الملايين على المساعدات الدولية للأغذية‮.‬
تعتبر إثيوبيا هى الأكثر بيعا وتأجيرا لأراضيها تليها دولة السودان التى تعتبر من أكبر الحاصلين على المعونات الغذائية الدولية وفقا للبنك الدولى إضافة إلى أنها تعطى الأجنبى حق تصدير‮ ‬70‮ ‬٪‮ ‬من إنتاج الأرض التى‮ ‬يشتريها فى البلاد إلى الخارج،‮ ‬وتنضم أيضاً‮ ‬جمهورية الكونغو الديمقراطية،‮ ‬والكاميرون،‮ ‬وغينيا،‮ ‬وزامبيا،‮ ‬وكينيا،‮ ‬وتنزانيا،‮ ‬وموزمبيق،‮ ‬ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة‮ “‬الفاو‮” ‬فإن هناك‮ ‬115‮ ‬مليون فدان فى عشر دول،‮ ‬هى‮ (‬إثيوبيا،‮ ‬غانا،‮ ‬مدغشقر،‮ ‬مالي،‮ ‬السودان،‮ ‬كينيا،‮ ‬تنزانيا،‮ ‬مالاوى،‮ ‬زامبيا،‮ ‬جمهورية الكونغو الديمقراطية‮)‬،‮ ‬تتصدر الصين تلك الاستثمارات بزراعة كل من الجاتروفا والذرة وأنواع الوقود الحيوى الأخرى فى بلدان مثل مدغشقر وموزمبيق وتنزانيا‮.‬
ووفقا لقسم التكنولوجيا الحيوية النباتية بالمركز القومى للبحوث فإن نبات الجاتروفا‮ ‬يستخدم لاستصلاح الأراضى ولإنتاج الغذاء والصابون والمبيدات الحشرية،‮ ‬وهو مصدر بديل للطاقة التقليدية،‮ ‬حيث تحتوى البذرة على نسبة من الزيت تصل إلى‮ ‬33‮-‬55‮ ‬٪‮ ‬له قدرة عالية على الاحتراق ويمكن استخدامه مباشرة فى بعض أنواع المحركات كوقود حيوى،‮ ‬وبذلك تبقى له أهمية حيوية كبيرة‮.‬
لذلك لم تتوان الصين فى الاستحواذ على الأراضى وبشكل‮ ‬غير مسبوق،‮ ‬ويجرى تنفيذ المشروع الأكبر والأكثر إثارة للجدل من قبل شركة‮ ‬Wanbao Africa
AgricultureDevelopment Limited،‮ ‬وهى شركة صينية خاصة حصلت على امتياز‮ ‬20 ‬ألف هكتار من الأراضى الزراعية اعتبارا من عام‮ ‬2014،‮ ‬وفق ما ذكرته دراسة لجامعة‮ ‬ييل بالولايات المتحدة الأمريكية عن الاستحواذات الصينية فى افريقيا‮.‬
وإن كانت الصين‮ ‬غير الوحيدة فى ذلك،‮ ‬فما تبذله كوريا الجنوبية بعد تخصيصها وكالة لعقد الصفقات المباشرة مع المزارعين وملاك الأراضى لتأمين إمداداتها من المواد الغذائية،‮ ‬فقد عملت الشركة الكورية الجنوبية‮ “‬دييو‮” ‬على الاستيلاء على الأراضى منذ عام‮ ‬2008 ‬وبدأت من مدغشقر التى تمتلك‮ ‬2.‬5‮ ‬مليون فدان من الأراضى الصالحة للزراعة،‮ ‬وحصلت فعليا على‮ ‬1.‬3‮ ‬مليون فدان أى ما‮ ‬يقرب من نصف الأراضى القابلة للزراعة فى البلاد لزراعة الذرة والمواد الغذائية الأخرى بعقود إيجار لمدة‮ ‬99‮ ‬سنة فى مقابل استثمار‮ ‬6‮ ‬مليارات دولار فى البنية التحتية ووعود بفرص عمل جديدة،‮ ‬ولكن أدى فى النهاية وقتها إلى اضطرابات عنيفة أدت إلى الإطاحة بالرئيس وسيطرة المعارضة على السلطة‮.‬
وغالبا ما‮ ‬يأخذ الاستثمار فى الأراضى الزراعية شكل عقود إيجار طويلة الأجل،‮ ‬بدلا من الشراء المباشر للأرض،‮ ‬وتتراوح هذه الإيجارات ما بين‮ ‬25 ‬و‮99 ‬عاما‮. ‬ويقدر المعهد الدولى لابحاث سياسات الغذاء ان هناك ما بين‮ ‬15 ‬الى‮ ‬20 ‬مليون هكتار من أراضى الدول الفقيرة اشترتها دول‮ ‬غنية أو تفاوضت لشرائها،‮ ‬ففى السودان وحده،‮ ‬اشترت كوريا الجنوبية‮ ‬690 ‬الف هكتار،‮ ‬1.6 ‬مليون فدان،‮ ‬والامارات‮ ‬400 ‬الف هكتار،950 ‬الف فدان‮.‬
وفى جمهورية الكونغو الديمقراطية،‮ ‬استحوذت الصين على مليون هكتار من الأراضى لإنتاج الوقود الحيوي،‮ ‬وزيت النخيل،‮ ‬من خلال دفع الاستثمارات فى البنية التحتية،‮ ‬وتشير التقديرات إلى أن المساحة الإجمالية لصفقات الأراضى قد تجاوزت‮ ‬50 ‬مليون هكتار،‮ ‬وتقيم أكبر مزرعة لزيت النخيل فى الكونغو بعدما حصلت على‮ ‬2.‬8‮ ‬مليون هكتار لاستخدام المحصول فى إنتاج الوقود الحيوى،‮ ‬وتتفاوض على‮ ‬2‮ ‬مليون هكتار فى زامبيا أيضا لذات الغرض وفقا لدراسة‮” ‬الاستيلاء على الأراضي‮” ‬للبنك الدولى ومنظمة الأغذية والزراعة‮ “‬الفاو‮”.‬
وقدرت الدراسة التى أجراها المعهد الدولى للبيئة والتنمية،‮ ‬وهى مجموعة أبحاث مقرها فى المملكة المتحدة،‮ ‬أن ما‮ ‬يقرب من‮ ‬2.‬5‮ ‬هكتار مليون من الأراضى الزراعية الإفريقية قد خصص للكيانات المملوكة للأجانب بين عامى‮ ‬2004 ‬و‮9002 ‬فى خمس دول فقط‮ (‬إثيوبيا،‮ ‬غانا،‮ ‬مدغشقر،‮ ‬مالى،‮ ‬السودان‮)‬،‮ ‬وكان التقرير الذى قُدم لمنظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولى للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة أشار إلى أن حجم عقود الإيجار على الأراضى الزراعية الإفريقية‮ ‬يتزايد بشكل‮ ‬غير مسبوق‮.‬
استثمار أم استعمار
وفق وكالة إدارة الأراضى والاستثمار الزراعى الإثيوبية فقد تم تأجير أكثر من‮ ‬2.43 ‬مليون هكتار فى إثيوبيا لنحو‮ ‬5700 ‬شركة محلية وأجنبية بسعر‮ ‬0.90 ‬دولار للهكتار فى المتوسط،‮ ‬لكن ما تم تطويره لم‮ ‬يتجاوز نسبة 30% ‬من الأراضى وهو ما‮ ‬يدق ناقوس الخطر لمستقبل الغذاء للسكان المحليين،‮ ‬يأتى هذا فى الوقت الذى خصصت فيه إثيوبيا إجمالا‮ ‬3.‬6‮ ‬ملايين هكتار أى ما‮ ‬يقترب من مساحة سويسرا للشركات التى ترغب فى الاستثمار الزراعي،‮ ‬وأن إحدى الشركات الدولية قد زرعت‮ ‬1200 ‬هكتار من إجمالى‮ ‬ 100 ‬ألف هكتار حصلت عليها منذ عام‮ ‬2000.‬
لذلك،‮ ‬أوقفت الحكومة الإثيوبية منذ مارس الماضى إصدار تراخيص جديدة لتأجير الأراضى بغرض الإنتاج الزراعى إلى حين أن تُجرى مراجعة تلك الاستحواذات بسبب ما نتج عنها من تردى التنمية فى المناطق التى تم التأجير فيها،‮ ‬وأنها لم تحقق المرجو منها من تعزيز الإنتاج،‮ ‬ودعم نقل التكنولوجيا،‮ ‬وزيادة الإيرادات بالعملة الصعبة من الصادرات،‮ ‬حيث أوضح برنامج الغذاء العالمى أن مستويات الفقر والحاجة الإنسانية فى إثيوبيا قد تضاعف منذ مطلع عام‮ ‬2015 ‬بسبب فشل الحصاد المتوالى،‮ ‬وأن البرنامج العالمى للغذاء قد أنفق‮ ‬116 ‬مليون دولار على شراء‮ ‬230 ‬ألف طن من المعونات الغذائية فيما بين الأعوام‮ ‬2007 ‬و2011 ‬لنحو‮ ‬4.6 ‬مليون إثيوبى ممن‮ ‬يعانون من سوء التغذية‮.‬
أشارت تقديرات تابعة لنطاق حيازة الأراضى للبنك الدولى أن ثلثى الأراضى التى تم الاستحواذ عليها تتركز فى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى،‮ ‬وأن‮ ‬37٪‮ ‬من المشروعات تعمل فى المحاصيل الغذائية،‮ ‬و21% ‬مع المحاصيل النقدية،‮ ‬و21‮ ‬٪‮ مع الوقود الحيوى‮.‬
وفى تقرير لمنظمة الاغذية والزراعة بعنوان‮ “‬اتجاهات وتأثيرات الاستثمار الأجنبي‮ ‬فى الزراعة بالبلدان النامية‮” ‬أوضح أن التأثيرات السلبية لتملك الأراضى الواسع النطاق لدى البلدان النامية أكثر من المنافع التى تعود على الدولة المضيفة،‮ ‬خصوصا على المدى القصير والمستويات المحلية،‮ ‬وتميل تلك الأراضى إلى أن تكون من بين أفضل النوعيات المتوافرة سواء قياسا على جودة التربة أو كفاءة الرى،‮ ‬لكن التقرير ذكر أنه‮ “‬فى حالة الاستثمارات التى تتضمن امتلاكا واسع النطاق لدى البلدان التى تظل فيها حقوق الأراضى‮ ‬غير واضحة وغير آمنة،‮ ‬فغالبا ما تتجاوز المساوئ الفوائد القليلة بالنسبة للمجتمع المحلي،‮ ‬وللأسف هو ما‮ ‬يحدث فى المجتمعات الإفريقية‮.‬
وحذر التقرير من أن الغالبية العظمى لمشروعات الاستثمار الأجنبى تستهدف أسواق التصدير أو إنتاج الوقود الحيوى،‮ ‬وعلى ذلك فهى تشكل تهديدا للأمن الغذائى لدى بلدان العجز الغذائى المحدودة الدخل بالأساس،‮ ‬خاصة إذا حلت محل المحاصيل الغذائية الأساسية للسوق المحلي،‮ ‬وتتضمن التأثيرات السلبية كذلك تشريد صغار المزارعين،‮ ‬وخسارة الأرض الصالحة للرعى،‮ ‬وخسارة الدخل وموارد المعيشة لسكان الريف،‮ ‬وتدهور الموارد الطبيعية مثل الأراضى والمياه‮.‬
وأوضح التقرير أن النماذج التجارية التى تترك للمزارعين السيطرة على أراضيهم،‮ ‬وتحفزهم على الاستثمار فى تحسينات الأراضى وتحبذ اتجاه التنمية المستدامة أيضاً‮ ‬تعد هى الأكثر نجاحا فى الوقت الذى‮ ‬يحتاج فيه العالم إلى استثمار بمقدار‮ ‬يتجاوز‮ ‬80 ‬مليار دولار سنويا لمواكبة نمو الدخل والسكان،‮ ‬وتلبية احتياجات الغذاء لأكثر من‮ ‬9 ‬مليارات نسمة فى عام‮ ‬2050.‬
وتبعا لدراسة أصدرها معهد‮ “‬أوكلاند‮” ‬أن صفقات الأراضى فى افريقيا ستترك إفريقيا بدون ماء لأن التقديرات تشير إلى أن زيادة الاحتياجات من الغذاء لإطعام سكان العالم‮ - ‬تتجاوز‮ ‬7‮ ‬مليارات‮ - ‬سوف تفوق موارد المياه الحالية بنسبة 40% ‬بحلول عام‮ ‬2030.‬ وفى تقرير‮ “‬الفاو‮” ‬أشار الخبير ديفيد هالام،‮ ‬مدير شعبة التجارة والأسواق لدى المنظمة إلى أن أى استثمار لابد أن‮ ‬يعود بالنفع على البلد المضيف وإلا فإنه قد‮ ‬يتحول إلى استعمار جديد‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.