وافق قادة الدول ال27 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي الاحد على اتفاق بريكست وكذلك على الاعلان الذي يحدد العلاقة مع المملكة المتحدة في مرحلة ما بعد خروجها من الاتحاد. وقالت الدول الاوروبية في البيان الختامي لقمة بروكسل إن "المجلس الاوروبي يوافق على اتفاق انسحاب المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية من الاتحاد الاوروبي ومن الهيئة الاوروبية للطاقة النووية"، مؤكدة العمل على إرساء "أقرب علاقة ممكنة" مع لندن بعد بريكست.
بدأ قادة الدول الأوروبية في بروكسل الأحد قمة مخصصة للمصادقة على اتفاق تاريخي حول انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، الامر الذي وصفه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بأنه "مأساة".
لكن "اتفاق الانسحاب" غير المسبوق هذا والذي استمرت المفاوضات المضنية بشأنه بين لندن والمفوضية الأوروبية 17 شهرا، سيخضع لاختبار المصادقة عليه في البرلمان الأوروبي وفي البرلمان البريطاني قبل أن يدخل حيز التنفيذ في 29 مارس 2019.
وقال يونكر "إنه يوم حزين. خروج بريطانيا أو أي دولة أخرى من الاتحاد الأوروبي لا يدعو للابتهاج ولا للاحتفال، إنها لحظة حزينة، إنها مأساة".
من جهته، أكد كبير المفاوضين الأوروبيين في ملف بريكست ميشال بارنييه الأحد أن الاتحاد الأوروبي سيبقى "شريكا وصديقا" للمملكة المتحدة بعد بريكست.
وقال إنه عمل خلال المفاوضات "الشديدة الصعوبة والتعقيد مع المملكة المتحدة (ولم يعمل) إطلاقا ضدها"، داعيا "الجميع الى الاضطلاع بمسؤولياتهم".
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي وصلت إلى بروكسل مساء السبت، أكدت في بيان نشر الأحد أنه "اتفاق من أجل مستقبل أفضل يسمح لنا بانتهاز الفرص التي تنتظرنا".
وهذه القمة التي هددتها أولا مواجهة حول مستقبل جبل طارق تمت تسويتها في اللحظة الاخيرة، شملت اجتماعا لقادة الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي صباح اليوم لإقرار اتفاق الانفصال الذي يقع في نحو 600 صفحة .
وقالت الرئيسة الليتوانية داليا غريباوتسكايتي "سنصادق على اتفاق الانسحاب وبعدها يعود للمملكة المتحدة أن تقرر ما ستفعله". وتداركت "لكنني لن أقول أننا سعداء". أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فرأى أن بريكست يشكل دليلا على أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى "إعادة تأسيس". وقال "إنها لحظة حرجة للاتحاد الأوروبي" الذي يحتاج إلى "إعادة تأسيس".
وأضاف "هذا يكشف أن الاتحاد الأوروبي "يعاني ضعفا" لكنه "قابل للتحسين"، واصفا الاتفاق مع لندن ب"الجيد".
وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في تغريدة مساء السبت أن "الأصدقاء يبقون أصدقاء حتى النهاية".
وقال توسك في رسالة الدعوة إلى القمة "لم يكن أحد يريد إلحاق الهزيمة بأحد، بل كنا جميعا نبحث عن اتفاق عادل. أعتقد أننا توصلنا في نهاية الأمر إلى أفضل تسوية ممكنة"، معربا عن ارتياحه لأن الدول ال27 "اجتازت بنجاح اختبار الوحدة والتضامن".
لكن هذه الوحدة تصدعت في الأيام الأخيرة عندما هددت اسبانيا بالتسبب بإلغاء القمة إذا لم تحصل على ضمانات مكتوبة حول مصير جبل طارق. وبعد مفاوضات شاقة، أكد رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز بعد ظهر السبت أنه تمت تلبية طلبه.
وكان الاتحاد الأوروبي طمأن مدريد الحريصة على أن تتمتع بحق في النظر في وضع المنطقة، قبل بدء مفاوضات بريكست في يونيو 2017، الى أن "أي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لن يطبق على أراضي جبل طارق" بدون ضوء أخضر من اسبانيا.
وهذا التفصيل لم يرد في الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي، ما أثار غضب الحكومة الاسبانية التي هددت بعرقلة الاتفاق إذا لم يدرج نص واضح في هذا الشأن.
لكن إسبانيا أكدت السبت أنها تلقت ضمانا كافيا من السلطات البريطانية ألا تشمل اتفاقات لندن المقبلة مع الاتحاد الأوروبي جبل طارق في شكل تلقائي.
إلا أن ماي أكدت السبت أنها "فخورة بأن جبل طارق بريطانية وسأبقى دائما إلى جانب جبل طارق"، مشددة على أن موقف المملكة المتحدة بشأن السيادة على هذه المنطقة "لم ولن يتغير".
وعبرت دول أخرى أعضاء في الاتحاد في نهاية المفاوضات عن قلقها وطلبت ضمانات في مجالات أخرى مثل حقوق صيد السمك في المياه الاقليمية البريطانية في المستقبل.
وهذه القضية العزيزة على قلب فرنسا لم تحل في اتفاق الانسحاب الذي ينص على ضرورة التوصل إلى تفاهم بشأنها بحلول منتصف 2020. لكن مصدرا أوروبيا قال "سيكون هناك إعلان في محضر المجلس الأوروبي الذي سيؤكد أنها قضية تشكل أولوية" لدى الدول ال27.
وهذا الإعلان سيتضمن قضايا أخرى تتعهد فيها الدول ال27 التزام "الحذر" حيال لندن في تطبيق الاتفاقات المتعلقة بها، مثل "المنافسة النزيهة" في المجال الاقتصادي.
وأمام الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة 17 شهرا للتفاهم حول "اتفاق الانسحاب" و"الإعلان السياسي" الذي يحدد أطر العلاقات في مرحلة ما بعد بريكست، خصوصا على الصعيد التجاري.
ويحل اتفاق الانسحاب خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن للاتحاد الأوروبي بدون أرقام، وينص على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود فعلية بين جمهورية إيرلندا ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية.
وهذه النقطة كانت موضع انتقادات جديدة وجهها وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون الذي صرح في بلفاست السبت أن ذلك سيحول إيرلندا الشمالية "مستعمرة اقتصادية للإتحاد الأوروبي"، مشيرا بذلك الى المرحلة الصعبة التي تنتظر ماي للدفاع عن الاتفاق في المملكة المتحدة.