رغم كل إجراءات الإصلاح المالى التى اتبعتها الحكومة خلال العام الماضي، فإن الموازنة الجديدة جاءت فى مجملها نسخة متكررة من موازنات الأعوام السابقة شكلا ومضمونا، فقد قامت الموازنة العامة التى أعدها هانى قدرى وزير المالية السابق وراجعها عمرو الجارحى الوزير الجديد قبل تقديمها لمجلس النواب، بزيادة حجم الموازنة العامة لتوفير مصروفات الدولة، والواضح ان هذه الزيادة التهمتها الزيادة فى سعر الدولار الذى كلف الموازنة العامة 15% زيادة فى قيمة المصروفات وخدمة الدين العام. والحقيقة التى يعرفها كل من له صلة بالموازنة العامة للدولة أنها موازنة استهلاكية تأخذ فيها الدولة دور الأب المنفق على العائلة دون أن يكون للاستثمار دور حقيقى فيها، وهذا بخلاف الموازنات التى تخصص معظم نفقاتها للاستثمارات. فى قراءة تحليلية لأبرز بنود مشروع قانون الموازنة العامة الجديدة، يتبين فى البداية أن جملة الموازنة المقدمة للبرلمان 1.6 تريليون جنيه، مقابل 1.5 تريليون جنيه فى موازنة العام المالى 2015-2016 الجارى، بزيادة بلغت 100 مليار جنيه بالموازنة الجديدة. وبلغت المصروفات فى الموازنة الجديدة 936 مليار جنيه مقارنة بنحو 82 مليار جنيه بزيادة 107 مليارات جنيه تعادل نحو 12.9% وتبلغ الإيرادات المتوقعة 627 مليار جنيه، منها 434 مليار جنيه إيرادات ضريبية منها ضريبة القيمة المضافة وإيرادات غير ضريبية تقدر بنحو 191 مليار جنيه، علما بأن الإيرادات خلال العام الجارى بلغت إلى 520 مليار جنيه، فى حين ان جملة الإيرادات العامة بمشروع الموازنة بلغت 726 مليار جنيه مقابل 622.3 مليار جنيه بموازنة السنة المالية الحالية، وذلك بمعدل زيادة بلغ 103.7 مليار جنيه. تشكل الايرادات الضريبية الجزء الأكبر من الايرادات العامة، بنحو 434 مليار جنيه بنسبة تبلغ 69.22% من تلك الايرادات، مقابل 422 مليار جنيه، أى أن الزيادة التى تستهدفها مصلحة الضرائب بنحو 12 مليار جنيه فقط لمواجهة الفجوة التمويلية الموجودة بتلك الموازنة. وكانت وزارة الماية خفضت توقعاتها بالنسبة للإيرادات الضربيبة فى الموازنة الحالية الى 373 مليار جنيه نتيجة عدة أسباب منها تأجيل تطبيق قانون الضريبة على القيمة المضافة. بلغ إجمالى الدين خلال العام المالى الجارى 2.9 تريليون جنيه، ومن المتوقع ان تصل فوائد الدين الى 292 مليار جنيه. بهذا يصل عجز الموازنة النقدى إلى 309 مليارات جنيه وتستهدف الحكومة وصول العجز لنحو 9.9% من الناتج المحلى الاجمالى وهو على خلاف الواقع إذا ما اخذنا فى الاعتبار أن حجم العجز بموازنة العام المالى الجارى الذى بلغ نحو 1.152 مليار جنيه، ويشكل 8.9% من الناتج المحلى الاجمالى بالموازنة الحالية، رغم أن حجم هذا العجز يشكل فعليا فى الموازنة الحالية ما بين 10 و10.5% فكيف مع هذا الفارق بين العجز فى الموازنتين الذى يصل لنحو 49 مليار جنيه أن يصل ل 9.9% من الناتج المحلى بمشروع الموازنة 2016-2017 كربط مبدئى بالموازنة الجديدة. وتعول وزارة المالية فى خطتها التنموية على الانتقال لضريبة القيمة المضافة كبديل لقانون الضريبة على المبيعات حيث تستهدف تحقيق حصيلة تبلغ 35 مليار جنيه سنويا. وعلى الرغم من ذلك مازالت الوزارة تحاول حفظ ماء الوجه بالقول إن هناك مستهدفات لتقليل عجز الموازنة بالنسبة للناتج المحلى لأقل من 9% بحلول العام المالى 7102-8102 المقبل لينخفض تدريجيا إلى ما بين 8 و8.5% من ذات الناتج بحلول العام المالى 2019-2020. من جهة أخرى رفع الربط المبدئى بمشروع الموازنة الجديدة من قيمة مخصصات باب الأجور وتعويضات العاملين ل 228 مليار جنيه مقابل 218.11 مليار جنيه بموازنة 5102-6102 الحالية، بمعدل زيادة حجمه 10.11 مليار جنيه، تلك الزيادة ظاهرها شكلى خصوصا أنها لم تراع معدلات التضخم حتى وإن شكلت مخصصات ذلك البند نحو 24.5% من إجمالى المصروفات العامة أى بمقدار أقل من ربع المصروفات. كما تكشف ارقام الموازنة عن تقليص مخصصات الدعم إلى 210 مليارات جنيه بمشروع الموازنة الجديدة بمقدار خفض حجمه 21.221 جنيه عن العام المالى الجارى والمقدر ب 231.11 مليار جنيه، لتستغل الوزارة عمليات خفض الاسعار العالمية لمنتجات البترول والمواد الغذائية، بالتزامن مع اجراءات الحكومة لرفع اسعار الخدمات العامة والمرافق من مياه وغاز وكهرباء وتقليص دعم المواد البترولية بمقدار 25 مليار جنيه، ليصبح حاليا ما يقرب من 36.703 مليار جنيه بموازنة السنة الجديدة. - تقشف حكومى لمحاصرة الإنفاق استحوذ على الموازنة الحديث عن مظاهر للتقشف ظهرت فى الآتي: أولا: مراجعة تكلفة وأسس تسعير عدد من رسوم التنمية التى لم تتم مراجعتها منذ سنوات ولا تمس محدودى الدخل فى شىء مثل رسوم الإجراءات القنصلية، ورسوم رخص قيادة وتسيير السيارات، ورسم تنمية على تذاكر السفر للخارج. ثانيا: اتخاذ إجراءات وإصلاحات هيكلية لترشيد وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، وتشمل: - استمرار الإصلاحات الخاصة بتطوير وتحديث الجهاز الإدارى للدولة، وتشمل إجراءات الضبط المالى والحد من الارتفاعات الكبيرة فى فاتورة الأجور مع ربط نظم الحوافز بالأداء، وتطبيق نظم ميكنة الأجور، ورفع كفاءة العاملين بالدولة من خلال تطوير برامج التدريب والتأهيل، والتحول إلى نظم الحكومة الإلكترونية وبما يؤدى إلى تحديث وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين. - استكمال برنامج ترشيد دعم الكهرباء، وتنفيذ برامج لترشيد استهلاك الكهرباء فى الهيئات والمصالح الحكومية، ونظم الإنارة فى الشوارع. - استكمال برنامج ترشيد دعم المواد البترولية غير الموجه للفئات الأولى بالرعاية، وتطبيق برنامج الكروت الذكية، وتطوير مزيج الطاقة، والتوسع فى توصيل شبكة الغاز الطبيعى للمنازل، والسماح للقطاع الخاص باستيراد احتياجاته من الطاقة، وإعادة الهيكلة المالية للهيئات والشركات بقطاع البترول. - تطوير منظومة العقود والمشتريات الحكومية بهدف ضبط الإنفاق الحكومى وتحقيق أفضل استخدام لموارد الدولة، ومن خلال تطبيق الإصلاحات الواردة بتعديلات قانون المناقصات والمزايدات. - الاستمرار فى تنفيذ إعادة هيكلة الإنفاق العام وترتيب الأولويات من خلال الاهتمام بزيادة ورفع كفاءة الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم وبرامج الاستهداف للحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى الاستثمارات فى البنية الأساسية ومصروفات الصيانة التى تحمى أصول الدولة. - تطبيق مبدأ الشفافية المالية والمشاركة المجتمعية خلال مراحل إعداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة، ومع نشر التقارير والبيانات المرتبطة بالأداء المالى بشكل دورى، ونشر الثقافة المالية وتشمل إصدار موازنة المواطن التى من شأنها تفعيل الرقابة المجتمعية على الأداء المالى. ثالثا: حظر التكليف بتعيين أى دفعات من الخريجين فى أى مجال من المجالات إلا بعد موافقة مجلس الوزراء وتوفير التمويل اللازم من وزارة المالية. وينص مشروع الموازنة العامة للدولة على ضرورة التزام الجهات والهيئات المختلفة فى هذا الشأن بعدة قواعد تخص بترشيد الإنفاق أهمها: 1- ترشيد الإنفاق العام دون إخلال بمستوى الأداء ومتطلبات الأعمال، والابتعاد عن جميع جوانب الإنفاق المظهرى أو الإنفاق على أى أغراض لا ترتبط بأعمال الجهات أو بتخفيض أهدافها أو أنشطتها. وعلى الجهات المختلفة مراعاة أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 122 لسنة 2015 بشأن تحقيق الانضباط المالى والإدارى ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي. 2- الاهتمام بالصيانة، ووضع البرامج اللازمة لذلك، وتوفير متطلباتها بوصفها الأساس فى المحافظة على الطاقات الإنتاجية، وضمان استمرارية التشغيل ومواصلة الأداء للأجهزة والمعدات دون أعطال أو اختناقات. 3- العمل على ترشيد الإنفاق على بند نفقات الأعياد والمواسم مع اعتبار أن المدرج لهذا النوع بموازنة السنة المالية 2015-2016 حد أقصى ولا يمكن تجاوزه فى عام 6102-7102. 4- الالتزام بإعداد البرامج ومتابعة الأداء لعناصر الإنفاق المختلفة المتعلقة بشراء السلع والخدمات، وتأكيد فاعلية النفقة، وضمان الاستفادة من كل مصروف بأقصى درجة ممكنة. 5- تحقيق الاستفادة الكاملة من المخزون السلعى الراكد بحيث لا تخصص أى اعتمادات جديدة لشراء احتياجات مادامت تتوافر تلك الاحتياجات فى المخازن أخذًا فى الاعتبار مراعاة الاحتفاظ بالمخزون الاستراتيجي. ونص مشروع الموازنة لعام 2016-2017 على ضرورة الاقتصاد والتوفير فى كل شيء يخص الهيئات الحكومية التى تمثل عبئًا على الدولة، وذلك كالآتي: - وقود وزيوت سيارات الركوب: ينبغى على الجهات المختلفة الالتزام بوضع معدلات استهلاك الوقود والزيوت لكل سيارة بما يضمن استمرارها فى تأدية الخدمة على مدار العام، وعدم السماح بتجاوز المعدلات الموضوعة، وبمراعاة المعدلات المحددة بمعرفة الهيئة العامة للخدمات الحكومية. - الأدوات الكتابية والمطبوعات: يتعين أن تراعى الجهات عند وضع تقديرات اعتمادات هذه الأدوات والمطبوعات، أن يكون ذلك فى حدود حاجة العمل الضرورية واتخاذ التدابير اللازمة لترشيد استهلاك هذه الأدوات الكتابية والمطبوعات. وطالبت الموازنة باتخاذ إجراءات حاسمة لترشيد استخدام المياه والإنارة، وذلك بعد أن تلاحظ زيادة كبيرة فى المستحقات التى تطالب بها شركات الكهرباء وشركات المياه، وأن تعكس تقديرات اعتمادات الموازنة جدية هذا الترشيد مع موافاة وزارة المالية بالإجراءات التى اتخذتها الجهات لترشيد الإنفاق فى هذا البند خاصة فيما يخص الإنارة العامة لترشيد استخدام الطاقة بمراعاة أن تستبدل باللمبات العادية لمبات موفرة للطاقة. - خبراء: موازنة البرامج أفضل بداية يقول ممتاز السعيد وزير المالية الاسبق إن إعداد موازنة الدولة يتم وفق معطيات متاحة لدى الحكومة وان وزارة المالية تضع دائما فى اعتبارها المواطن المحدود الدخل الذى يعتمد على الدولة فى كل شئون حياته من تعليم وصحة ودعم للسلع الغذائية وغير ذلك، مشيرا إلى ان الدستور ألزم الدولة بزيادة الإنفاق على التعليم والصحة سنويا من أجل تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن. وقال السعيد ان اتجاه الدولة نحو إلغاء الدعم العينى وتطبيق النقدى بديلا له لن يكون فى هذه الموازنة التى تم اعدادها بالفعل وفق استراتجية الدعم المتبعة منذ سنوات التى لا يمكن للدولة التخلى عنها، مؤكدا ان هناك جهودا مبذولة فى الاصلاح المالى سوف تظهر آثارها على الموازنة مستقبلا وان الحل الوحيد للخروج من دائرة العجز المفرغة هو الانتاج وزيادة الاستثمارات. وقال د. رضا العدل أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إن هذا العجز المتوقع أقل من 10% ويمكن تمويله من خلال الاقتراض من البنوك عبر سندات وأذون الخزانة، أو إصدار سندات محلية، وأيضاً إصدار سندات خارجية. واشار إلى أن الحكومة مطالبة بأن تسيطر على هذا العجز حتى لا يكون العجز الفعلى أكثر من المتوقع، لافتاً إلى ضرورة هيكلة الهيئات والمؤسسات المالية وترشيد إجمالى النفقات العامة، ورفع إجمالى العائدات الضريبية لتصل إلى نحو 18% من الناتج المحلى الإجمالى بدلاً من 13 و14% فى الوقت الحالي. وتطرق إلى أن هناك نتائج إيجابية ستحدث من خلال تطبيق بعض القوانين، منها ضريبة القيمة المضافة، مؤكداً أهمية المشاركة مع القطاع الخاص فى تنفيذ المشروعات. وأشار إلى أن سياسات حماية الجنيه المصرى أمام الدولار تهدف إلى ربط جهود الحكومة فى هذا الشأن بسياسات لدعم الصناعة والاستثمار وعلاج مشاكل التضخم، لافتاً إلى أن الوضع الحالى يعطى ميزة نسبية للصادرات المصرية للمنافسة فى الأسواق الخارجية. وقال إن انخفاض سعر العملة سيكون له تأثير مباشر فى تحجيم الاستيراد وإعطاء الفرص للصناعات المحلية. يقول حلمى الراوى، مدير مرصد الموازنة، إن الحكومة مصممة على الطريقة القديمة فى التعامل مع الموازنة العامة للدولة المعتمدة على البنود والاعتمادات رغم أنها عفا عليها الزمن واتجه العالم حاليا إلى موازنة البرامج التى تضمن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة. وأضاف أن وزارة المالية أعلنت العام الماضى أنها ستبدأ تطبيق موازنة البرامج ب 9 وزارات ولكنها تراجعت عن التطبيق بسبب عدم التزام الجهات الداخلة للموازنة بها، رغم أن تلك الطريقة تحدد معايير التكلفة والعائد بدقة على مشروعات الحكومة. مضيفا انه مادمنا نواصل العمل بالطريقة القديمة سيظل عجز الموازنة فى ازدياد، وستظل كل موازنة جديدة هى الأكبر والأضخم لزيادة حجم المصروفات. وشدد على ضرورة التعامل بشكل مختلف مع الإيرادات عبر هيئة ضريبية فعالة فى تحصيل المتأخرات الضريبية، وحل المشكلات مع كبار الممولين، الذين يتراخى بعضهم عن الدفع كبعض شركات الأسمنت. وقال الدكتور يحيى أبو طالب، أستاذ المحاسبة المالية، إن الأجور والدعم وخدمة الدين تستحوذ على 80% من مشروع الموازنة الجديدة كالمعتاد، وبالتالى تظل الدولة تدور فى مساحة 02% فقط للاستثمار والإنفاق على باقى المتطلبات وهو رقم ضعيف لا يمثل إضافة للاقتصاد القومي. وأضاف أن الدولة ليس أمامها سوى الاستثمار الأجنبى لتعويض النقص فى الاستثمار، مضيفا أن الموازنة الجديدة تعانى من العجز الذى يبلغ 9.8% وعدم القدرة على الإضافة القويمة للاقتصاد، حيث تستحوذ المصروفات العامة على نصيب الأسد من النفقات. وشدد على ضرورة اتباع أسلوب موازنة البرامج، لان الموازنة الحالية هى عبارة عن تحويلات من ضرائب إلى أجور ودعم وكأننا ندور فى دائرة مفرغة، مشددا على ان موازنة البرامج تضبط الإنفاق العام وكفاءة الاقتصاد. ووصف مشروع الموازنة الجديد ب»موازنة سياسية» هدفها إرضاء أطراف المجتمع وفئاته بصرف النظر عن تحقيق إضافة للاقتصاد، مشيدا بزيادة الاستثمارات الحكومية إلى 701 مليارات جنيه لتلبية المشروعات القومية الكبرى التى تدخل فيها الدولة، رافضًا تخصيص 5 مليارات جنيه لدعم المصدرين قائلاً إن الدولة دعمتهم بالفعل بتخفيض قيمة الدولار، وشهد مشروع الموازنة العامة الجديدة اختلافا بين ما وضعه هانى قدرى وزير المالية السابق وعمرو الجارحى الذى تولى منصبه قبل ايام حيث تم تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة إلى 9.8 مقابل 9.9% بمشروع قدرى. - الدولار يساوى 9 جنيهات فى مشروع الموازنة وخدمة الدين والسلع الأساسية أكثر المتضررين قدرت موازنة الدولة سعر الدولار ب 9 جنيهات بزيادة على السعر الرسمى الذى ثبته البنك المركزى 21 قرشا، ويعتبر هذا السعر هو السعر الثانى للدولار فى مشروع الموازنة العامة للدولة بعد أن قدره المشروع الأول الذى أعده وزير المالية السابق هانى قدرى ب 52.8 وكان وقتها سعر الجنيه فى السوق الرسمى 7.57 جنيه. يقول أيمن القفاص المتحدث الرسمى لوزير المالية إنه جرت العادة أثناء إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة أن يتم الأخذ فى الاعتبار عدة افتراضات لسعر الصرف تقوم جهات الدولة بإعداد موازناتها على أساسها كأسلوب للتحوط. وأضاف أن ذلك إجراء روتينى يتم سنويا منذ فترة طويلة، ولا يرتبط بأى حال بحركة سعر الصرف المتداول بالسوق، وأنه عادة ما يتم تعديل هذه الافتراضات بشكل مستمر طوال فترة إعداد مشروع الموازنة، كما أوضح أن البنك المركزى المصرى لا علاقة له بتحديد هذه الافتراضات، مؤكداً فى الوقت نفسه أن البنك المركزى لديه استقلالية كاملة فى إدارة أمور السياسة النقدية. بينما اكد أشرف العربى عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب أن سعر الدولار كلف الموازنة العامة للدولة 15% زيادة فى التزاماتها الدولارية، موضحا أن هذا التأثير يمتد لخدمة الدين واستيراد السلع الأساسية مما يؤكد ان الحجم الحقيقى للموازنة قد انخفض بنسبة 15 ٪ وهى نسبة التكلفة التى فرضها سعر الصرف الجديد على الموازنة. وأشار إلى ان القيمة الحقيقية للموازنة فى حجم الاستفادة من الاستثمارات لان باقى الموازنة ينطبق عليه فكر الإنفاق الاستهلاكى. والواقع أن هناك مغالطة محاسبية لأن المتعارف عليه فى كل دول العالم وفق رؤية الدكتور حسن عودة أستاذ الموازنات الحكومية بالجامعة الألمانية الذى أشار إلى ان الموازنة العامة للدولة تعد وفقا لسعر الصرف الحالى وليس المتوقع، وفى نهاية السنة المالية تتم تسويات محاسبية فى حالة انخفاض أو ارتفاع سعر الصرف، ويقول عودة إن تحديد سعر الصرف بسعر مرتفع عن السعر الرسمى المتداول فى السوق المصرفى معناه أمران الأول هو توقع الحكومة للاقتصاد بتوقف النمو أو انخفاضه مما يتوقع معه انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وهذا مخالف لتوقعات وزير التخطيط التى تؤكد أن النمو سوف يصل الى 5%، الأمر الثانى هو علم الحكومة بأن سعر الجنيه أمام الدولار سوف يتحرك خلال الفترة القادمة ليصل للسعر الذى يتم تقديره فى موازنة الدولة الجديدة. وأشار عودة الى انه من المحتمل أن تكون هناك توصيات من صندوق النقد الدولى بخفض العملة المحلية وهذا ما تعلمه وزارة المالية جيدا، نافيا أن يكون إعداد الموازنة العامة للدولة يتم بتوقعات بشأن سعر الصرف خاصة إن كانت التوقعات مرتفعة لأن الاقتصاد والموازنة لا يتم التعامل معهما بالتوقعات. ويتفق الدكتور يحيى أبو طالب أستاذ المالية بجامعة عين شمس مع هذا الرأى، مضيفا أن سعر الصرف مهم جدا بالنسبة لإعداد الموازنة العامة للدولة نظرا لأن الديون الخارجية وأقساطها يتم سدادها بالدولار فضلا عن الاستثمارات التى تحتاج للدولار وعمليات الاستيراد للسلع الأساسية التى لا غنى عنها مثل القمح والزيوت ومستلزمات الإنتاج، وأشار إلى أن هناك تسويات تتم دائما حتى فى موازنات الشركات الكبرى فى نهاية السنة المالية يتم بناء عليها تحديد الفائض او المنصرف بالزيادة وبعده يتم تحديد الأرباح والخسائر، ولا يتم مطلقا التعامل مع الحسابات بشكل توقعى وخاصة إذا جاء هذا التوقع من الحكومة التى تعلم من الأمور ما قد يخفى على الكثيرين. الدكتور سعيد عبد المنعم رئيس قسم المالية بجامعة عين شمس يؤكد أن التعامل بهذه الآلية ليس له سوى تفسير واحد من وجهة نظره وهو توقع الحكومة الأقرب لليقين ان هذا السعر للجنيه هو الأقرب خلال تطبيق الموازنة العامة للدولة، ومن الممكن أن تكون المالية توقعت هذا السعر نظرا لعدم وجود مؤشرات قوية بمزيد من النمو خلال الفترة التى تتحدث عنها الموازنة، موضحا ان السعر الذى قررته الحكومة وبنت عليه الموازنة الجديدة موجود بالفعل ولكن فى السوق الموازى وليس بعيدا عن الجنيه المصرى، وقال إنه مع اعتماد الدولة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مبادرة دعمها التى أعلن عنها البنك المركزى سوف يغير وجه الاقتصاد وبشكل سريع لأن مشروعات التنمية العملاقة التى تتبناها الدولة سوف تؤتى ثمارها ولكن بشكل طويل الأجل والاقتصاد حاليا يحتاج لمشروعات تقوم بتحريك مؤشرات النمو سريعا وهذا هو دور المشروعات الصغيرة بشرط أن تكون إنتاجية.