فجأة أصبح تطوير إقليم قناة السويس وتحويله إلى مركز لوجستى عالمى هو الحلم الذى يراود المصريين خلال الفترة الحالية على أمل الخروج من عنق الزجاجة الاقتصادى الذى وجدوا أنفسهم فيه خلال السنوات الأخيرة وحتى بعد ثورة 25 يناير، هذا المشروع يراه الكثيرون أنه رهان على المستقبل لأنه فى حالة تنفيذه ونجاحه سينقل مصر نقلة اقتصادية هائلة ويرون أنه سيكون "وثبة" اقتصاية هائلة ستقفزها مصر فى غضون سنوات قليلة. . ووفقا للدراسة التى أعلنت عنها وزارة الإسكان باعتبارها احدى الجهات المشرفة على تنفيذ المشروع فإن فكرة مشروع تنمية قناة السويس يمكن تلخيصها فى إقامة إقليم متكامل اقتصاديا وعمرانيا ومكانيا ولوجستيا، ما بين ميناءى شرق التفريعة فى الشمال، وميناءى العين السخنة والسويس فى الجنوب، ليمثل مركزا عالميا فى الخدمات اللوجستية والصناعة يقدم خدمة إضافية للعملاء بأقل تكلفة وبأعلى كفاءة. وتتوقع الدراسة أن يجعل هذا المشروع من مصر مركزا عالميا للنقل ما يدر لها ما بين 20 أو 25 مرة من العائد الذى تحصل عليه حاليا من رسوم المرور بالقناة التى لا تحصل مصر منها سوى 5.2 مليار دولار سنويا، رسوم مرور السفن بالقناة، وهو ما يمثل 0.3% من إجمالى حجم التجارة العابرة فى القناة، التى تبلغ قيمتها تريليونًا و692 مليار دولار وتقدر تكلفة المشروع فى مراحله الأولى بحوالى 10 مليارات دولار إلى جانب 5 مليارات أخرى لإقامة البنية الأساسية. وفقا للدراسة فإنه من المتوقع أن يدر هذا المشروع بعد اكتمال جميع مراحله إيرادات لمصر قد تصل إلى 100 مليار دولار سنويا بالإضافة إلى إعادة التوزيع العمرانى والجغرافى للسكان من خلال مشروعات عمرانية متكاملة وحل مشكلتى البطالة والإسكان. وتعتمد الرؤية المستقبلية لتطوير إقليم قناة السويس بحسب الدراسة على خمس ركائز أساسية وهى: التجارة العالمية والنقل "بحيث يكون محور قناة السويس مركزا لوجستيا عالميا" والطاقة الجديدة والمتجددة " عبر استخدام الامكانات الطبيعية لانتاج الطاقة النظيفة بالاقليم"والتنمية البشرية" وتمثل الثروة البشرية الركيزة والدعامة الاساسية ومفتاح تنمية إقليم قناة السويس"والسياحة العالمية" حيث هناك منتج سياحى متميز وفريد بالاقليم "وأخيرا المجمعات الصناعية" بحيث يتم إنشاء مجموعة من الصناعات المتكاملة فى بيئة مثالية". وتركز خطة التطوير على تنمية محافظات القناة الثلاث وهى "الإسماعيلية وبورسعيد والسويس" وهى محافظات لديها إمكانيات جذب فى المجالات والأنشطة الأكثر نموا فى العالم وهى النقل واللوجستيات والطاقة والسياحة والاتصالات والتكنولوجيا المعلومات الخطة تتضمن إنشاء مناطق ظهير زراعى خلف مناطق التنمية الثلاث مما يسمح باستيعاب ثلاثة ملايين نسمة كسكان دائمين، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين آخرين كإقامة مؤقتة يعمل أصحابها فى الشركات الصناعية التى ستقام فى المنطقة. ومن المقرر أن تبدأ خطة التطوير بمنطقة الإسماعيلية وتضم ثلاثة مشروعات، خاصة بتنمية الإسماعيلية وضاحية الأمل غرب القناة مع وادى التكنولوجيا والإسماعيليةالجديدة إلى جانب إنشاء نفق جديد أسفل القناة يضم منطقة لوجستية وصناعية ومراكز خدمية وإدارية تقدم عددا من الأنشطة السياحية والترفيهية، بحيث يعتبر مشروع وداى التكنولوجيا من أهم ركائز التنمية الرئيسية لمركز القنطرة شرق ومحافظة الاسماعيلية حيث سيعمل هذا المشروع على جذب اعداد كبيرة من السكان الجدد للمنطقة. وبالنسبة لتطوير ميناء شرق بورسعيد فتشمل المرحلة الأولى من المشروع تشييد رصيف بطول 1200 م وعرض 500 م يحتوى على أعمال التكريك للممرات الملاحية وحاجز الأمواج، إلى جانب إنشاء حائط الرصيف بطول 1200م، يشمل أعمالا خاصة بالمرافق والبنية الأساسية الخاصة بتوصيل الكهرباء بطاقة 8 ميجاوات، وتوصيل المياه، وتوصيل التليفونات وذلك إلى جانب تشييد طريق شريانى وتوصيل خطوط السكة الحديد لهذه المنطقة لتسيير حركة النقل. وستقوم شركة قناة السويس لتداول الحاويات بتقديم خدمات خاصة بتشغيل المحطة وتوريد الأوناش الجسرية ومعدات التداول لتوفير الأساسيات الخاصة بهذه المجال، علاوة على الاهتمام بتكنولوجيا الحديثة الخاصة بخطة تطوير تداول الحاويات معتمدة على نظم المعلومات والتشغيل الحديثة. وفى المنطقة الصناعية بشمال غرب خليج السويس والعين السخنة سيتم التركيز على الأنشطة الصناعية ذات الوزن النسبى المرتفع المقترح وتوطنها بمنطقة شمال غرب خليج السويس وتشمل تلك الأنشطة نوعين الأول: هو الأنشطة الصناعية الفرعية الذى يضم مشاريع مصانع معدات وآلات صيد وبناء سفن صغيرة ولنشات، وآلات ومعدات وهياكل ومستلزمات انتاج سيارات وجرارات، وأجهزة كهربائية معمرة وآلات صناعية. والنوع الثانى يضم مشروعات بناء مصانع خاصة بصناعة الأسمدة ومستلزماتها وألياف سجاد وغزل ونسيج ومشتقات بترولية ووقود طائرات وسفن ومركبات وإطارات ومركبات ومواد لاصقة، بالإضافة إلى مصانع سيراميك وأدوات صحية وتقطيع وصقل وتجهيز رخام وأسمنت وتجهيز ومعالجة وفصل خامات تعدينية وخزف وصينى وزجاج وبللور وحوائط سابقة التجهيز، بجانب مصانع منتجات الحديد والصلب والألومنيوم وخلايا شمسية ومستلزمات إنتاج الأجهزة الالكترونية ويضاف إلى هذه الإنشاءات، تشييد عدد من المشروعات التى تم الاتفاق عليها بصورة مبدئية لتنمية محور قناة السويس حتى عام 2027 فى القطاعات المختلفة والمتمثلة فى قطاع الزراعة واستصلاح الأراضى والاستزراع السمكى، حيث توجد مشروعات لاستصلاح 77 ألف فدان شرق قناة السويس. وسيكون هناك عدة مشروعات خاصة بتصنيع وتعبئة وتغليف الاسماك فى القنطرة شرق وشرق بورسعيد بالإضافة إلى إنشاء مركز صناعة وصيانة السفن والحاويات فى بورسعيد وشمال غرب خليج السويس وتشييد منطقة صناعية كبرى فى شرق التفريعة. وفى قطاع الخدمات سيقام مشروعان أولهما إنشاء جامعة تكنولوجية بمنطقة القناة فى وادى التكنولوجيا بالاسماعيلية والثانى إنشاء مدينة علمية بالتعاون مع جامعات دولية ومدنية طبية بمدينة شرق بورسعيد، إلى جانب إنشاء محطتى كهرباء تعملان بالطاقة الشمسية والدورة المركبة بواسطة التوربينات الغازية والبخارية فى شمال غرب خليج السويس بالاضافة الى إقامة مشروع محطة كهرباء تعمل بطاقة الرياح بمنطقة شمال غرب خليج السويس وإقامة محطة توليد كهرباء بقدرة 50 ميجاوات بالطاقة الجيوحرارية "حرارة باطن الارض" على خليج السويس. وفى إطار دخول المشروع حيز التخطيط والتنفيذ الفعلى عقد الدكتور طارق وفيق، وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية، سلسلة من الاجتماعات للاتفاق على اختيار الفريق الاستشارى، الذى يرأسه الدكتور عصام شرف، لتنمية إقليم قناة السويس كمركز لوجستى وصناعى عالمى، ودراسة الإطار المؤسسى والقانونى لطريقة إدارة الإقليم. وقال الوزير إن الاجتماع الأول حضره الدكتور عصام شرف، وبعض خبراء التخطيط واللوجستيات، بالإضافة إلى مسئولى وزارة الإسكان، وتم عرض منهجية العمل وترشيحات الفريق الاستشارى الفنى لمشروع تنمية إقليم قناة السويس، الذى يتكون من مجموعة من أفضل الخبرات فى التخصصات المختلفة، مثل: التخطيط والخدمات اللوجستية، نقل بحرى، تخطيط نقل ومواصلات، طرق، تخطيط صناعى وعمرانى وإقليمى، واستشاريين للطاقة الجديدة والمتجددة، بالإضافة إلى خبراء فى الدراسات الاقتصادية والقانونية، وعدد آخر من التخصصات. واضاف وفيق أن هناك توافقا على أنه مشروع متكامل على مستوى الإقليم، فهذا إقليم متميز، ذو طبيعة خاصة، التنمية فيه ستكون متكاملة، ولا يمكن إدارته بنظام الإدارة المحلية الحالى، مشيرا إلى أنه يتم حاليا دراسة وتقييم القطاعات التنموية الرئيسية الثلاثة "منطقة وميناء شرق بورسعيد، وادى التكنولوجيا بالإسماعيلية، شمال غرب خليج السويس"، مع دراسة المشروعات الكبرى بالإقليم ومقارنتها بمثيلاتها فى العالم. واوضح أنه اجتمع مع مجموعة من القانونيين لوضع الإطار المؤسسى والقانونى لطريقة إدارة الاقليم، مؤكدا أنه تم الاتفاق على دراسة التجارب المماثلة سواء فى العقبة أو سنغافورة أو جبل على، والتعرف على كيفية إدارة هذه المناطق، مع تقييم تجربة تطبيق قانون المناطق الاقتصادية، بمنطقة شمال غرب خليج السويس، وإمكان تطبيقه فى تنمية إقليم قناة السويس، أم هناك حاجة إلى تعديل تشريعى، وبدائل أخرى يمكن تنفيذها. وأشار الوزير إلى أن الإطار العام الذى نهدف لتحقيقه فى إدارة إقليم قناة السويس، هو أن تكون هناك صلاحيات كاملة فى إدارة المشروع، بعيدا عن التعقيدات ومعوقات الاستثمار، بالإضافة إلى الاستقلالية التامة والسرعة والمرونة فى اتخاذ القرار منوها بان الجميع الآن فى سباق مع الزمن للانتهاء من هذه الخطوات، وبدء مراحل التنمية المختلفة بإقليم قناة السويس، الذى سيحدث نقلة اقتصادية فى مصر، بل وسيصبح عاصمة اقتصادية لمصر، وسيجعلها محورا للمواصلات العالمية. فى سياق آخر وردا على سؤال ل الأهرام الاقتصادى حول مدى إمكانية مشاركة رأس المال القطرى فى مشروعات التنمية بإقليم قناة السويس قال ناصر المير رجل الأعمال القطرى وعضو غرفة الصناعة والتجارة القطرية إن مشروع تطوير قناة السويس مشروع قومى وبالتالى فإن الحكومة المصرية هى التى تحدد من يشارك فى تنفيذه وفى الغالب سيكون استثمارا حكوميا فيما يتعلق بالمشروعات القومية . وأشار المير إلى أن المشروعات القومية لابد ان يقام إلى جانبها بعض المشروعات الخدمية وبالتالى فإن مثل هذه المشروعات تسمح بدخول رأس المال الخاص وهذا ما يمكن أن نقوم به من خلال الشراكة بين رأس المال المصرى القطرى عن طريق مجلس الأعمال المشترك بين البلدين الذى تم تشكيله مؤخرا. . وأضاف أن التعاون بين كافة البلدان العربية لابد أن يفعل بشكل جيد حتى يمكن الاستفادة من مقومات كل دولة فمصر تتميز بوجود الكوادر البشرية والبيئة الجيدة للاستثمار والمناطق الحيوية التى يمكن الاستثمار فيها وهناك بعض دول الخليج ومنها قطر لديها رأس المال الذى يمكن أن يوجه للاستثمار فى مشروعات تعود بالنفع على الجميع..