نوهت صحيفة "تلجراف" البريطانية لما لحق بالاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت" من اتهامات من جانب المعارضين له بأنه خطوة طائشة بل وانتحارية؛ مشيرة إلى أن الوقائع في كتالونيا تبرهن على مدى عقلانية بريكسيت واقعيا. وقالت الصحيفة - في تعليق على موقعها الإلكتروني - إننا عبر "بريكسيت" إنما نغادر اتحادا أوروبيًا يعجّ بالفوضى ولا يرى مشكلاته وغير قادر على إصلاحها؛ وإذا كان "بريكسيت" يمثل قرارا صعبا يتعين التعامل معه بحذر شديد، فإن الأزمات التي تشهدها القارة الأوروبية الآن أكثر صعوبة عند مقارنتها ب "بريكسيت". وأضافت أن أنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي يرتكزون إلى أن: "كل الأمور على الجانب الآخر من القنال تسير على نحو جيد"؛ وأكدت الصحيفة البريطانية أن القارة العجوز لا تزال في أزمة وسياساتها تعج بالتناقض؛ فقد انتخبت جمهورية التشيك رجل أعمال مناهض للفساد بينما هو نفسه يخضع للتحقيق بشأن مخالفات مالية؛ فيما تشهد المجر وبولندا حالة من التمرد؛ وثمة منطقتان في إيطاليا صوتتا لصالح الحصول على حكم ذاتي موسع؛ أما النمسا فقد يتولى حكمها اتئلاف يضمّ قوميين؛ وفي ألمانيا، أحرز اليمين المتطرف 94 مقعدا في البرلمان. ورأت "تلجراف" أن أسبانيا تقع في مركز الأزمة الأوروبية الخاصة بالهوية؛ وقد جاء إعلان كتالونيا عن الاستقلال بمثابة التتويج لتاريخ عنيف للقومية الإقليمية. وقالت الصحيفة إن التناقض الواضح بين طريقة تعامل المملكة المتحدة مع القوميين الاسكتلنديين وطريقة تعامل مدريد مع الكتالونيين إنما يوضح الفارق الكبير بين ثقافة بريطانيا إزاء الحكومات الصغرى وبين الثقافة الشمولية المتواجدة في معظم القارة الأوروبية؛ إن لندن تفضل الدبلوماسية والديمقراطية؛ أما مدريد فتفضل استخدام القوة وهو ما يأتي بنتائج عكسية.. مضيفة "أنه إذا كانت الحكومة المركزية في مدريد تظن أنها سوف تحل كارثة كتالونيا بطريقة استخدام القوة فهي مخطئة". ونبهت إلى أن الاتحاد الأوروبي يقف عاجزا وهو يعلم أن كتالونيا لن تكون آخر المناطق التي ستقفز هكذا إلى المجهول؛ إن "عفريت" القومية قد خرج من الزجاجة ولن يعيده إليها أي ضغط أو استخفاف أو تجاهل. واختتمت الصحيفة قائلة إن "بريكسيت" ليس أكبر مشكلات أوروبا؛ وفي ظل الظروف الراهنة، وحيث أن كل ما يطلبه البريطانيون هو الخروج من الاتحاد الأوروبي بشروط جيدة وبشكل يعود بالنفع على الجميع، فإن الاتحاد يكون حكيما لو أنه أسرع في إبرام صفقة مع بريطانيا على هذا الصعيد".
