طورت شركات التكنولوجيا خلال الفترة الأخيرة مجموعة من أجهزة المساعد الشخصي الرقمي التي تعمل بتقنيات الذكاء الصناعي مثل "سيري" و"أليكسا" و"بيكسبي"و"كورتانا" والتي تقوم بالعديد من الوظائف المعقدة مثل استقبال الأسئلة المسموعة والرد عليها. وهذه التقنيات تفتح الباب أمام تغيير كبير في أماكن العمل. ورغم أن تقنيات الذكاء الصناعي في مجالات مثل التعرف على الكلام أو تمييز الكلام ، فمازالت هناك الكثير من الوظائف التي لا تقوم بها. ومن المحتمل ان يتغير هذا الوضع في المستقبل، إذا نجحت أجهزة الذكاء الصناعي في تعليم نفسها بنفسها، من خلال ما يعرف باسم التعلم الآلي. وهذه التقنية عبارة عن عملية تستقبل فيها اجهزة الذكاء الصناعي كميات كبيرة من البيانات ثم تقوم بتحليلها والتعلم منها. وهذا يعني على المدى المتوسط تطوير أجهزة ذكاء صناعي أكثر تعقيدا مما هي عليه اليوم. على سبيل المثال، فإنه بدلا من سؤال المساعد الشخصي الرقمي عن حالة الطقس غدا، يمكن سؤاله عن شركة التأمين أو خدمات التأمين الملائمة للمستخدم وظروفه المختلفة. وفي حالة الوصول إلى الأجهزة القادرة على التعلم الآلي، فإن هذا لن يعني فقط عدم الحاجة إلى الأشخاص الذين يقومون ببرمجة وتحديث أجهزة الذكاء الصناعي مثل "سيري" وإنما يعني الاستغناء عن العديد من الموظفين الذين يقومون بمهام مكتبية ستقوم بها هذه الأجهزة. تقول "لوشيا فالكينبرج" خبيرة الموارد البشرية في اتحاد اقتصاد الإنترنت الألماني "استطيع أن أتخيل بسهولة أن أجهزة المساعد الشخصي ستجد في المستقبل العديد من المهام المكتبية التي يمكنها القيام بها، مثل تصنيف وأيضا الرد على رسائل البريد الروتينية". وأصبح السؤال الآن هو هل يمكن لأجهزة المساعد الشخصي مثل "أليكسا" وغيره، من القيام بالأعمال المكتبية، كما يقوم الإنسان الآلي بوظائف العمال في المصانع؟ ويقول البروفيسور "فولفجانج فالستر" رئيس المعهد الألماني لأبحاث الذكاء الصناعي إن الإجابة على هذا السؤال نعم ولا في الوقت نفسه "الوظائف الروتينية البحتة تنقرض نتيجة انتصار الذكاء الصناعي". ويتنبأ "فالستر" إن الوظائف التي ستختفي بفضل أجهزة الذكاء الصناعي، هي تلك التي يقوم بها أشخاص يجلسون وراء شاشة طوال اليوم ويدخلون البيانات إلى جهاز كمبيوتر أو يقومون بمعالجة البيانات الرقمية وفقا لقواعد بسيطة. مثل هذه التغييرات الجذرية لن تضرب فقط الشركات الكبرى مثل شركات التأمين الصحي والبنوك ولكن أيضا الشركات الأصغر حجما مثل شركات المحاماة والاستشارات الضريبية. من ناحيته لا يرى "كلاوس شميدت" رئيس قطاع تكنولوجيا الضرائب والإصلاح في مؤسسة "برايس ووترهاوس كوبر" للاستشارات الإدارية والمحاسبية أن مثل هذه التحولات سيكون لها تأثيرات سلبية تماما على الموظفين، وإنما قد يصبح العمل أكثر إمتاعا. ويقول "شميدت" إنه حتى اليوم يقضي الكثير من الموظفين وقتا طويلا في جمع وتجهيز البيانات، وهذا بالنسبة للكثيرين منهم ليس الجزء الممتع في الوظيفة، وإنما قد يكونون أكثر سعادة عندما يقضون وقتا أطول في العمل الإبداعي.