تكشف الازمات المتلاحقة التي تعرضت لها الثروة الحيوانية مؤخرا عن عوار كبير في منظومة صناعة الدواء البيطرى في مواجهة الأوبئة والأمراض التي تظهر فجأة وهو ما ارجعه الخبراء الى ضعف صناعة الدواء واللقاحات البيطرية ووجود العديد من المشكلات على رأسها صناعة "بئر السلم" التى تمثل 30 %من الشركات والمصانع العاملة بالقطاع. وأكدوا أن ضعف الرقابة وعدم وجود هيئة خاصة تتولى الاشراف على هذا القطاع يعد أهم أسباب تدهور هذه الصناعة ، حيث تجاوزت نسبة العجز فى التحصينات البيطرية 75 %من حجم احتياجاتنا الي جانب النقص الواضح فى تدبير الالتزامات المالية الخاصة بتحديث وتطوير هذه الصناعة نتيجة ارتفاع تكلفتها التي تصل الي مليار دولار فى حال استنباط نوع جديد من الأدوية ، وأشاروا الي ان حجم استثمارات صناعة الدواء البيطرى في مصر تقدر بنحو 3 مليارات جنيه مطالبين بضرورة اهتمام الدولة بهذه الصناعة وتدعيمها فى مواجهة الأزمات التي تصيب الثروة الحيوانية فى مصر. ويؤكد د .هانى جابر مدير منطقة شركة بيطرية ان مشكلة صناعة الدواء البيطرى في مصر تتركز بشكل اساسى في الرقابة عليها ومنحها تراخيص العمل والازدواجية فى التراخيص حيث توجد جهتان فى مصر ترخص لمصانع الأدوية البيطرية تتمثلان في وزارتي الصحة والزراعة الي جانب مشكلات تسجيل الدواء والذى تصل تكلفته الى مايزيد عن 55 ألف جنيه فى بعض الأنواع . وأشار إلى أن مصانع بئر السلم وجدت سوقا رائجة في صناعة الأدوية البيطرية نتيجة لعدم وجود هيئة رقابة تكون مسئولة بشكل رئيسى عن رقابة مصانع الأدوية ومدى مطابقة مواصفاتها للاستهلاك الي جانب السلوك الخاطىء الذى ينتهجه المربون أصحاب المزارع سواء الداجنة أو الحيوانية فى شراء الأدوية الأقل فى السعر دون النظر الى جودة المنتج من عدمه . وكشف جابر عن وجود 30 %من شركات ومصانع الأدوية تعمل تحت بئر السلم وبدون تراخيص ولا إشراف سواء من وزارة الصحةاو وزارات الزراعة وايضا دون وجود رقابة قوية نتيجة عدم وجود هيئة للدواء البيطرى فى مصر كمثيلتها بالصحة . وطالب جابر بضرورة وجود هيئة خاصة تتولى الاشراف على الدواء البيطرى منعا لهذه التصرفات التي ستؤدى الي انهيار صناعة الدواء البيطرى فى مصر وقال ان نسبة العجز في التحصينات البيطرية تتجاوز 75 % ، الأمر الذى يهدد دائما بوجود كوارث للثروة الحيوانية في حالة خطورة أمراض أو أوبئة . وأشار الى أن لايوجد كيان مختص بانتاج الأمصال واللقاحات البيطرية الي جانب سيطرة قلة من رجال الاعمال والمحتكرين علي صناعة الدواء البيطرى في مصر يتحكم فيها العملات والصفقات غير القانونية . وقال ان نقابة الأطباء البيطرية تسعى لتقنين أوضاع سوق الدواء البيطرى وضرورة تحديد اسعار الدواء ووضعها بشكل واضح على علبة الدواء خاصة ان اسعار الدواء البيطرى غير محددة ولايتم إدراجها على عبوات الأدوية . وأضاف أن مراقبة الدواء البيطرى هو حق أصيل للأطباء البيطريين وليس للصيادلة وهو ما ظهر جليا فى صياغة قانون هيئة الدواء الذى أراد الصيادلة انتزاع سلطة مراقبة الصيدليات البيطرية واقتصارها عليهم ، الأمر الذى يختلف مع طبيعة عملهم ، حيث ان الإشراف والمراقبة على الصيدليات البيطرية حق أصيل للبيطريين فقط . وطالب جابر بضرورة منح البيطريين تراخيص اقامة مصانع الأدوية البيطرية والقضاء على السوق السوداء لهذه الصناعة التى تهدد حياة المواطن قبل الحيوان لوجود 300 مرض ووباء مشترك بين الانسان والحيوان . ومن جانبه أكد د هانى سليمان مدير مبيعات شركة فايزر للأدوية بالشرق الأوسط أن أهم أسباب تدهور صناعة الدواء البيطرى فى مصر يرجع الى عدم الاهتمام بالثروة الحيوانية وتنميتها وعدم الالتفات اليها إلا عقب حدوث الكوارث الكبيرة ، الأمر الذى خلق اهتماما ضعيفا بهذه الصناعة ،انعكس على مدى نموها وتنافسيتها عالميا . وقال اننا نعانى من نقص واضح فى المضادات الحيوية ومضادات الفطريات الي جانب إهمال المكملات الغذائية للحيوان . وأشار الى ضرورة الاهتمام بدور الدولة فى تنمية الدواء البيطرى فى مصر وتشجيع المستثمرين في هذا القطاع سواء فى منحهم تراخيص انشاء مصانع او تقنين أوضاع الشركات غير القانونية وضبط الأسواق العشوائية التى تهدد مستقبل هذه الصناعة وتنذر بكوارث مؤكدة للثروة الحيوانية فى مصر . واضاف ان البحث العلمي في مجال صناعة واكتشاف الدواء لا تتوافر لدينا في مصر نتيجة التكلفة الباهظة التي تلزم للحصول علي المواد الخام حيث ان اكتشاف نوع جديد من الدواء يتكلف مليار دولار ولذلك فان انتاج او استنباط الادوية البيطرية يقتصر علي امريكا وغرب اوروبا واليابان. وقال اننا نعاني عجزا في الادوية البيطرية يقدر بنحو 40% واحتياجاتنا بالاسواق المحلية ولابد من وجود نظم علمية لمواجهة الاوبئة والامراض ومحاولة خلق مضادات وتطعيمات في حالة تكرار ظهور هذه الازمات كما حدث في الحمي القلاعية وطاعون الماعز الذي ظهر مؤخرا. وفي نفس الوقت اكد د.ثروت باسيلي رئيس شركة آمون للادوية ان صناعة الدواء البيطري شهدت تطورا ملحوظا رغم بعض القصور الذي شابها حاليا حيث اصبحنا ننتج 94% من الادوية التي يتم استهلاكها والنسبة المتبقية في حال انتاجها تكون غير اقتصادية اي ان تكلفتها تفوق الاحتياج والعائد منها لا يتوافق مع حجم الاموال التي تصرف عليها. واشار الي ان صناعة الادوية البيطرية بحاجة الي تكثيف الرقابة وضبط الاسواق منعا لاستخدام ادوية غير مطابقة للمواصفات او مهربة من الاسواق الخارجية وخاصة من ليبيا والاردن. واضاف ان الاوبئة التي تصيب الثروة الحيونية فجأة لابد ان يستفاد منها في انتاج امصال ولقاحات مضادة في حال تجدد الاصابة بهذه الاوبئة مستقبلا واكد علي ان التمويل يعد العقبة الاكبر امام صناعة الدواء البيطري في مصر ولا يتوافر حجم اموال يسمح بتطويره كما هو الامر في الاتحاد الاوروبي او الولاياتالمتحدةالامريكية. ومن جانبه أكد تامر سمير عضو مجلس نقابة البيطريين ان تسجيل الدواء البيطري عقبة كبيرة في طريق تقدم هذه الصناعة ، اضافة الي عدم وجود رقابة علي مصانع الادوية والاشراف علي الصيدليات البيطرية الامر الذي يؤدي الي تفاقم الازمة مصانع بير السلم . وطالب سمير بضرورة وجود كيان مستقل للاشراف علي الطب البيطري وضرورة تبعيتها لوزارة مستقلة الي جانب الاهتمام بوجود طبيب بيطري بالمزارع الحيوانية وعودة تكليف الاطباء البيطريين مجددا. وفي نفس السياق اكد د.احمد عبدالكريم مقرر لجنة الدواء بنقابة البيطريين ان الازمة الكبرى التي تواجه صناعة الدواء في مصر تتمثل في الرقابة علي الدواء البيطري وانتشار الادوية المغشوشة وغير المطابقة للمواصفات. وقال ان صناعة الدواء لا تتناسب مع مايستجد من امراض تظهر بين الحين والآخر وانه كلما حدثت ازمة او وباء يتكشف للجميع ضعف صناعة الدواء البيطري في مصر. من جانبه أكد د.حاتم فراج مساعد وزير الزراعة لشئون الطب البيطري ان صناعة الدواء البيطري في مصر تفتقر بشكل اساسي الي الاهتمام بانتاج التحصينات الامر الذي يستوجب العمل علي تأسيس مصانع متخصصة في هذا القطاع. وقال ان تأسيس مصانع لانتاج التحصينات يتكلف اموالا باهظة ويحتاج الي دراسات جدوي وميزانيات كبيرة يجب ان توليها الدولة عناية فائقة في ظل وجود اوبئة وامراض تصيب الثروة الحيوانية فجأة كما حدث في الحمي القلاعية التي حصدت اعدادا كبيرة من رؤوس الماشية في مصر.