اقتصادى مصرى قدير من جيل الرواد الذين تركوا بصماتهم على السياسة الاقتصادية المصرية لعدة سنوات هو الدكتور عبد المنعم القيسونى وزير المالية والتجارة فى الستينيات ورئيس المجموعة الاقتصادية فى السبعينيات واول من ادخل قوانين التأمينات والمعاشات وهو صاحب القرارات الاقتصادية التى اشتعلت بسببها احداث 18 و19 يناير1977 . أحداث 18 و19 يناير 1977 من المعروف أن القرارات الاقتصادية برفع أسعار سلع رئيسية منها الخبز والسكر والشاى واللحوم وغيرها بنسب تصل الى الضعف مما أدى الى انتفاضة شعبية عرفت بانتفاضة الخبز واطلق عليها الرئيس السادات انتفاضة الحرامية بسبب اعمال سلب المجمعات الاستهلاكية خلال الاحداث، وكان للدكتور عبد المنعم القرارات وعلق فى اوراقه قائلا: انه خبير اقتصادى أما الاعلام فصنعة آخرين وانه قام بما عليه للنهوض باقتصاد بلد متدهور ولا ذنب له فى سوء تقديم القرارات للناس فكانت طريقة الاعلان عن القرارات صدمة للمواطنين ومستفزة وواضح فيها تعمد إثارة الرأى العام ولهذا كان منطقيا رد الفعل الذى حدث فى الشارع. وظل الدكتور القيسونى طوال حياته مصرا على صواب قراراته بنسبة 100٪ وانها كانت الحل الوحيد امام مصر للخروج من الازمة الاقتصادية التى كانت تواجهها وان أى تأخر فى تطبيقها ستكون له توابع سلبية ضارة وقد يصعب علاجها.. ويؤكد محمود القيسونى الخبير السياحى وابن الدكتور القيسونى فى عدة مقالات ان الوصفة التى قدمها والده للاصلاح الاقتصادى وسد عجز الموازنة وعلاج التضخم واصلاح سعر الصرف (كان سعر الدولار فى 1977 واقعيا 70 قرشا ورسميا 40 قرشا) والحد من زيادة السكان وتوسيع المعمورة وفتح الباب للاستثمار الاجنبى والعربى والمحلى وزيادة الانتاجية هى وصفة لا مفر من الأخذ بها فيما مضى والآن بشهادة خبراء دوليين يعتد بها. وذكر محمود القيسونى أن والده قال له: انه فى عام 1975 زاره مسئول سياسى بريطانى وقال له يبدو ان هناك علاقة خاصة بين الله ومصر فبلدكم مر بحروب 48 و56 و 67 ثم الاستنزاف واكتوبر ومع ذلك لم يسمع ان مواطنا مات من الجوع بينما انجلترا ومن حرب واحدة مات فيها الكثيرون جوعا كما ان ما مررتم به كان كفيلا بأن يهدد الاقتصاد الامريكى نفسه !! وفعلا هذه حقيقة حفظك الله يا مصر. ولد عبد المنعم القيسونى عام 1916 فى مصر الجديدة، وحصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام 1939 ثم حصل على الكتوراه من جامعة لندن عام 1943، بدأ حياته العملية فى بنك باركليز البريطانى ثم عين استاذا بكلية التجارة جامعة القاهرة، وفى عام 1944 تمت اعارته لصندوق النقد الدولى بواشنطن، وفى 1946 عمل قائما بأعمال مدير عام التجارة الخارجية مع محمد الوكيل وزير الاقتصاد، ثم انتقل للعمل بالبنك الاهلى 1950 وبعدها بثلاث سنوات عين مديرا للنقد الاجنبى فى البنك. انتخب القيسونى أول رئيس لمؤتمر التجارة والتنمية بجنيف عام 1964، ويحسب له أنه أول من أدخل قوانين التأمين والمعاشات فى مصر.. كان للقيسونى دور بارز ومباشر فى رسم السياسة الاقتصادية بين عامى 1954 و1978 فقد تولى إجراء المفاوضات الخاصة بتمويل مشروع السد العالى حيث سافر الى واشنطن فى نوفمبر 1955 ليبدأ المفاوضات مع البنك الدولى وممثلى الحكومتين الامريكية والبريطانية للمساهمة فى تمويل مشروع السد العالى وقد اعلن البنك الدولى فى منتصف ديسمبر انه سيقوم بتمويل المشروع مناصفة مع امريكا وبريطانيا الا ان الشروط المجحفة التى وضعتها الدولتان أدت إلى رفض مصر شروط التمويل لمساسها بسيادتها. وظل القيسونى واضعا خبراته وعلمه تحت تصرف وطنه بصفة استشارية حتى وفاته عام 1987 مشواره مع الوزارة بدأ مشواره الطويل مع الوزارة وعمره 38 سنة حيث تم تعيينه عام 1954 نائبا لوزير المالية والاقتصاد وفى نفس العام أصبح وزيرا للمالية والاقتصاد وظل شاغلا لهذا المنصب لحين اعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وقامت الجمهورية العربية المتحدة فأصبح القيسونى وزيرا للاقتصاد فى الحكومة الاتحادية حتى الانفصال عام 1962 بعدها كان وزيرا للمالية والتخطيط حتى 1968 . وفى عام 1976 عاد القيسونى نائبا لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية وفى العام التالى تولى وزارة التخطيط حتى 1978 ومنذ عام 1982 وحتى وفاته كان المستشار الاقتصادى لوزير المالية. ولما كانت لديه الخبرة العالية والعلم الغزير ساهم فى تأسيس العديد من المؤسسات المالية والبنوك العربية.