أجمع الخبراء على ضرورة سرعة إصدار قانون شركات التأمين الجديد، ليتواكب مع كل المستجدات والتطورات التى شهدها السوق التأمينى خلال السنوات الماضية، والقانون الجديد -بحسب مقترحات الأساسية- يسمح بممارسة أنشطة تأمينية جديدة مثل التأمين متناهى الصغر والتأمين الطبى، كما يتضمن شروطا مرتبطة بتطبيق الحوكمة فى إدارة الشركات عن تفاصيل مشروع القانون، ورأى الخبراء فيها جاء التحقيق كالتالى: من المعلوم أن صناعة التأمين تستهدف تقديم الحماية التأمينية للأشخاص والممتلكات من خلال التغطيات التى توفرها للمجتمع وما تكفله من تعويضات عن الخسائر الناتجة عن وقوع الأخطار المؤمن منها جنبا إلى جنب مع الوفاء بالتزاماتها، وتحتاج عملية الإشراف والرقابة إلى توافر التشريعات الملزمة التى تشتمل على الأحكام والضوابط والقواعد والإجراءات التى تلتزم بها صناعة التأمين، وعلى مدى السنوات منذ عام 1939 حتى 2012 تعددت القوانين والقرارات التى تحكم عمل هذا النشاط المهم، وينتظر قطاع التأمين قانونا جديدا لا يزال فى طور الإعداد تمهيدا لآلة الإقرار من جانب الدولة والبرلمان. تعطل إصدار اللائحة التنفيذية بداية، يقول شريف سامى رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهيئة سبق أن انتهت من إعداد اللائحة التنفيذية لقانون التأمين الحالى منذ نوفمبر 2015 وأرسلته إلى الوزارة المختصة وهى وزارة الاستثمار، إلا أن اللائحة التنفيذية لم تقر من الوزارة حتى الآن رغم مرور ما يقرب من عامين على إعدادها، موضحا أن اللائحة التنفيذية للقانون 10 لعام 81 تم إصدارها بقرار نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد، وتم إدخال العديد من التعديلات عليها، إلا أن التعديلات الأخيرة لم تقر من الوزير المختص حتى الآن. ويشير سامى إلى أن قانون التأمين الجارى إعداده الآن يواكب التطورات التى شهدها القطاع على مدى السنوات الأخيرة التى تحتاج إلى مظلة تشريعية للرقابة عليها وتحديد الضوابط الحاكمة لممارساتها، ويتابع قائلا: إن القانون الجديد يخصص بابا منفردا لتنظيم التعامل فى فرع التأمين التكافلى، حيث إن القانون الحالى رقم 10 يسمح فقط بممارسته، والقانون الجديد ينظم صيغة التعامل فى التأمين التكافلى بصورة تفصيلية، ويحدد نظام الوكالة والضمانة، ويحدد شروط الممثلين فى اللجنة الشرعية فى شركات التأمين التكافلى وموافقة الهيئة العامة للرقابة المالية على تلك العضوية، ويستمر قائلا: إن القانون الجديد سوف ينظم ويحدد مواصفات وشروط بعض العاملين فى القطاع التأمينى مثل الوسطاء والخبراء، والتنظيم يتضمن الفصل بين الخبراء فى تقييم المخاطر وبين خبراء تقييم الأضرار، حيث إن القانون الحالى لم يتضمن توصيفا دقيقا على الرغم من الاختلاف بينهما، كما يتضمن شروطا لقبول معيدى التأمين التى تتعامل الشركات معهم. شركات تأمينية متخصصة ويوضح سامى أن القانون سمح بإنشاء شركات متخصصة فقط فى أحد فروع التأمين كما هو الحال بالنسبة لشركات التأمين الطبى، كما ينظم القانون أيضا عمل شركات ضمان الصادرات، فالقانون الحالى لا يسمح بذلك بعمل تلك الشركات، ويضم القانون الحالى تنظيما لصناديق التأمين الخاصة بدلا من فصلها فى قانون مستقل. ويرى سامى أن القانون الجديد يهدف إلى تطبيق نظام الحوكمة الرشيدة فى شركات التأمين، حيث حدد شروطا يجب توافرها فى أعضاء مجلس إدارة الشركة متعلقة بالخبرة التأمينية مع تحديد مدة زمنية للخبرة الفنية يجب ألا تقل عنها مدة عضو مجلس إدارة الشركة لكى يتقلد هذا المنصب. التعديلات مستمرة وأكد سامى أن الهيئة لم تنته بعد من الصياغة النهائية للقانون الجديد، وأن هناك بعض التعديلات الجارية فى بعض الشروط، على سبيل المثال المتعلقة برفع رأسمال شركات التأمين، وجار إعادة النظر فى الزيادة المقترحة، ولا سيما فى ضوء تحرير سعر الصرف وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار. أما عبد الرءوف قطب رئيس الاتحاد المصرى للتأمين، فيرى أن إصدار القوانين والتشريعات يهدف إلى مواكبة أى تطورات أو معالجة لأى تشوهات يعانى منها القطاع، مشيرا إلى أنه من غير المعقول أن يظل قانون التأمين رقم 10 دون أى تعديل رغم مرور نحو 40 سنة على إصداره، فعلى سبيل المثال فالقانون 10 يسمح بمزاولة التأمين بنظام التكافل دون تحديد أو تنظيم لممارسة هذا الفرع التأمينى. شركات للتأمين متناهى الصغر وينظم القانون الجديد أيضا تعامل شركات الرعاية الصحية التى تعمل دون أى إطار قانون أو إشراف أو مراقبة الهيئة العامة للرقابة المالية، لأن هذه الشركات تمارس نشاطا تأمينيا، وفى الوقت ذاته لا تخضع لأى ضوابط أو رقابة، ومن ثم فالقانون الجديد يعطى لها مدة زمنية لتوفيق أوضاعها مرتبطة برأسمال المال، وباقى الشروط المرتبطة بالتأمين فى فرع التأمين الطبى، كما أن القانون الجديد يسمح لأول مرة بإنشاء شركات فى فرع التأمين متناهى الصغر، وسوف تكون برأسمال أقل عن باقى الشركات العاملة فى مجال تأمينات الحياة والممتلكات، وهناك شروط أقل تشددا مقارنة بباقى شركات التأمين. وأوضح قطب أن الاتحاد شارك بمقترحات فى إعداد القانون، ثم قامت الهيئة بتشكيل لجنة لدراسة المقترحات التى تم رفعها إلى اللجنة العليا الاستشارية لإعداد القانون التى أنهت عملها منذ عام، موضحا أن صدور القانون فى أقرب فرصة ممكنة يسهم فى تحريك المياه الراكدة فى بعض الأنشطة التأمينية الجديدة مثل التأمين متناهى الصغر والتأمين الطبى، مؤكدا أن القانون يتضمن رفع الحد الأدنى لرأسمال شركات التأمين وفقا للمتغيرات الجديدة فى سعر الصرف، وأن هناك بعض الشركات بادرت برفع رأسمالها قبل إصدار القانون، لأن ذلك مرتبط بتقوية المركز المالى للشركة فى مواجهة تغطية الأخطار المتنوعة، وذلك لزيادة الملاءة المالية لدعم موقفها مع معيدى التأمين. رأسمال الشركات ويرى قطب أن الحد الأدنى لرأسمال شركات تأمين الممتلكات يجب ألا يقل عن 180 مليون جنيه، والحد الأدنى لرأسمال شركات تأمينات الحياة يجب ألا يقل عن 225 مليون جنيه، والقانون سوف يرفع رأسمال الشركات، ويجب أن يتم هذا الرفع تدريجيا حتى لا يمثل عبئا على الشركات. أما أحمد عارفين العضو المنتدب للشركة المصرية للتأمين التكافلى، فيرى أن تأخير صدور القانون الجديد لشركات التأمين لا يعرقل ممارسة شركات التأمين للنشاط، لكن إصداره بطبيعة الحال يسهم فى التوسع فى تطبيق بعض الأنشطة التى لم تكن تمارس مسبقا مثل التأمين الطبى، ويرى عارفين ضرورة دعوة الشركات من خلال الجهات الإشرافية مثل الاتحاد المصرى للتأمين إلى رفع رأسمالها لتدعيم مراكزها المالية، وهذا التوجيه ليس إلزاميا لكنه لدعم ممارسة النشاط فى الشركات، ويؤكد عارفين أن التنظيم الكامل فى القانون الجديد لعمل شركات التأمين أمر ضرورى، ولا سيما أن التأمين التكافلى يمارس منذ ما يقرب من 15 سنة وأن القانون لابد أن ينظم هذا الفرع التأمينى حتى يشهد معدلات نمو متنامية على مدى السنوات المقبلة على المستوى المحلى وأيضا الدولى. تشريع برؤية مستقبلية أما د. سامى نجيب رئيس قسم التأمين، فيرى أن تعديل التشريعات المنظمة للأنشطة الممارسة أمر طبيعى لمواكبة التطورات والمستجدات التى تنشأ عن ممارسة تلك الأنشطة، لكن التشريع الجديد الذى يتم إعداده لا يجب أن يتعامل فقط مع الممارسات الجديدة وينظم ممارستها، بل لابد للقانون أن تكون له رؤية مستقبلية بحيث يسمح بتنظيم مستجدات أخرى من المتوقع أن تظهر مستقبلا. ويوضح د. سامى أنه من الطبيعى أن ينظم القانون الجديد عمل التأمين التكافلى، فهذا الفرع التأمينى يمارس منذ ما يزيد على 10 سنوات فى مصر حتى يقوم بتنظيم ممارسة التأمين متناهى الصغر، لكن من المهم أن يراعى القانون أنشطة أخرى مرتقبة مثل التأمين عبر التجارة الدولية، فهناك العديد من الشركات متعددة الجنسيات تعمل فى مصر تمارس هذا التأمين، وإن كان على نحو محدود، وهذا النوع من التأمين لا يخضع لأى إشراف أو رقابة من الجهات المختصة، ولابد أن يراعى التشريع الجديد جميع الأنواع التأمينية التى تظهر فى ظل التطور اللانهائى فى تكنولوجيا نقل المعلومات، فلابد من مراعاة عمليات التأمين التى تتم خارج حدود الدولة والسيطرة عليها. ويرى د. نجيب أنه لابد من مراعاة أن هناك تطورا فى بعض مبادئ التأمين، فعلى سبيل المثال من المبادئ التأمينية المتعارف عليها عدم التأمين على الاستثمار لارتفاع درجة المخاطرة عليها، لكن فى ظل زيادة حجم الاحتياطات ورءوس الأموال أصبح من الممكن التأمين عليها فى ظل اشتراطات معينة، ومن ثم فإننا نوضح أنه لابد للقانون أن يكون جامعا شاملا لكل المستجدات لكى يغطى كل التطورات الحادثة على المستويين المحلى والعالمى ولا نحتاج للتعديلات كل فترة قصيرة. ويطالب د. نجيب بضرورة الاستعانة بالعنصرين العلمى والتكنولوجى عند إعداد قوانين التأمين.