تتوارى خلف المشروعات الصغيرة أحلام كبيرة لأصحابها ويبدأ المشروع الصغير باحتمال ضخم أن يصبح يوما مشروعا ذا قيمة يعمل فيه الكثيرون ويتضاعف رأس المال وربما يدخل المشروع فى كشوف الشركات المقيدة بالبورصة ويصبح سهما مشهورا، هذه ليست أضغاث أحلام ولكنها حقائق تجعل من أحلام الشباب مشروعات تنطلق نحو المستقبل وهذه المشروعات بنيت عليها اقتصاديات دول كبيرة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والهند واليابان والصين وقد بدأت مصر الطريق الممتد نحو المشروع الصغير من خدمات قدمها الصندوق الاجتماعى للتنمية ثم اهتمام البنوك بأن يكون تمويل المشروع الصغير جزءا من نشاطها وأخيرا قانون تنظيم نشاط التمويل المتناهى الصغر ويهدف مشروع القانون الذى أعدته الهيئة العامة للرقابة المالية إلى المساهمة فى إيجاد فرص عمل والحد من الفقر من خلال تنظيم وتفعيل وسيلة تمويل يستفيد منها المواطنون البسطاء الساعون لإقامة مشروعات تجارية أو حرفية أو خدمية خاصة بهم ممن قد لا تتيسر لهم القروض التقليدية. بداية اكد شريف سامى رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية ان القانون يعد الأول من نوعه فى مصر وأضاف أن وجود نظام إشرافى يتمتع بالمصداقية وتطبيق قواعد واضحة لإدارة المخاطر وحماية المتعاملين وكذلك اشتراط معايير للملاءة المالية وتحديد متطلبات افصاح للجهات المرخص لها كلها عوامل جذب للمستثمرين والممولين المهتمين بنشاط التمويل المتناهى الصغر سواء الشركات أو الجمعيات الأهلية، وكشف أن القانون جاء منظماً للترخيص للشركات بتقديم التمويل المتناهى الصغر تحت إشراف الهيئة وكذا ميسراً لمزاولة الجمعيات والمؤسسات الأهلية لهذا النشاط، ويتيح إصدار القانون جذب رءوس أموال نتيجة للاهتمام المحلى والدولى بالتمويل المتناهى الصغر لتأثيره الايجابى اقتصادياً واجتماعيا، وحماية لحقوق الشركات والجمعيات والمؤسسات الأهلية التى تقدم خدمات التمويل المتناهى الصغر فقد تضمن مشروع القانون سريان أحكام قانون التجارة على معاملات الشركات والجمعيات والمؤسسات الأهلية مع عملائها وخضوع المنازعات والدعاوى الخاضعة لأحكام هذا القانون لاختصاص المحاكم الاقتصادية. كما سمح القانون بقيام الجمعيات والمؤسسات الأهلية بتأسيس أو المساهمة فى تأسيس شركات لمزاولة نشاط التمويل المتناهى الصغر. ويُنشأ اتحاد يضم الجهات العاملة فى نشاط التمويل المتناهى الصغر يسمى «الاتحاد المصرى للتمويل المتناهى الصغر» ويصدر بنظامه الأساسى قرار من مجلس إدارة الهيئة مؤكدا شريف سامى أن من أهم ما تضمنه القانون أنه تعد من التكاليف الواجبة الخصم عند تحديد صافى الدخل الخاضع للضريبة العوائد المدينة التى تدفعها الشركة على القروض وغيرها من وسائل التمويل والمخصصات التى تكونها الشركة على التمويل المشكوك فى تحصيله وفقاً للمعايير التى تضعها الهيئة ولما يقر به مراقب حسابات الشركة. وكذلك الديون التى يقرر مجلس إدارة الشركة إعدامها بناء على تقرير مراقب الحسابات وتزيد على المخصصات المشار إليها، ويحظر القانون على الشركات والجمعيات تلقى ودائع كما أنه لا يمتد إلى البنوك فهى تعمل تحت إشراف البنك المركزى المصرى. ولا يقتصر «التمويل المتناهى الصغر» على الاقراض وانما يمكن أن يشمل صيغ التأجير التمويلى والمرابحة والمتاجرة وما إلى ذلك. وقد استحدث مشروع القانون وحدة ذات طابع خاص تابعة للهيئة للإشراف على نشاطها التمويلى، يضم مجلس أمناء تلك الوحدة خبراء وممثلين لعدد من الوزارات المعنية والبنك المركزى وممثلا للاتحاد. ومن النقاط المهمة التى تضمنها مشروع القانون السماح للجمعيات والمؤسسات الاهلية بتأسيس أو المساهمة فى شركات التمويل المتناهى الصغر بحيث يكون لها حرية الاختيار بين البقاء كجمعية أو تحويل نشاطها التمويلى لشركة خاضعة لإشراف الهيئة. وكان قد تم مؤخراً توقيع اتفاقية تحصل بموجبها الهيئة العامة للرقابة المالية على منحة من البنك الدولى مقدارها 4 ملايين دولار على مدى أربع سنوات فى إطار صندوق التحول للشرق الأوسط وشمال افريقيا. وتوجه المنحة لدعم الهيئة فى إعداد البنية التشريعية والمؤسساتية للتمويل المتناهى الصغر، الذى أصبحت الهيئة مسئولة عن تنظيمه والإشراف عليه وتنميته بعد صدور القانون. وكان مجلس الوزراء قد وافق فى شهر مايو الماضى على مشروع القانون وعلى إحالته لرئيس الجمهورية بعد مراجعته من مجلس الدولة وفقاً لما ينص عليه الدستور. وأكد باسل رحمى الرئيس التنفيذى لقطاع التجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ببنك الإسكندرية ان دعم المشروعات المتناهية الصغر يأتى على رأس أولويات الحكومة المصرية حيث تعمل الحكومة حاليا على تطوير البنية الاساسية، واستحداث آليات جديدة للتمويل، وتعزيز حزم التحفيز الاقتصادى بعناصر جديدة موجهة للقطاعات الرائدة فى دفع عجلة النشاط متمثلة فى الاتصالات والصناعات التحويلية والسياحة والإسكان بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات تنموية كبرى مثل تنمية محور قناة السويس ومشروعات التوسع العمرانى وهذا الاتجاه سوف يقابله اقبال من جانب المستثمرين فى المرحلة القادمة هذه الخطط التنموية يجب ان يتوازى معها خطط استراتيجية لتوفير التمويل اللازم للمشروعات المتناهية الصغرحيث تقوم هذه المشروعات بدور حيوى فى توفير فرص العمل التى تحتاجها مصر بشدة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الشباب، وأشار رحمى إلى أن بنك الإسكندرية يؤمن بأن المشروعات الصغيرة يمكن الاعتماد عليها فى المرحلة المقبلة اقتصاديا وأيضا يمكن اعتبارها جزءا من حل مشاكل البطالة المزمنة فى مصر ولذا يسعى البنك لتوسيع نطاق تغطية مظلة التمويل من خلال منتجات مالية مبتكرة خاصة فى الصعيد والدلتا، حيت تصل محفظة بنك الاسكندرية لتمويل المشروعات المتناهية الصغر إلى 162 مليون جنيه. الدكتور صابر أحمد عبد الباقى الأستاذ بجامعة المنيا أشار من خلال دراسة مستفيضة حول المشروعات الصغيرة الى انها تمثل حوالى 99٪ من اجمالى عدد المنشآت التى تعمل فى القطاع الخاص غير الزراعي، كما يساهم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما لا يقل عن 80٪ من إجمالى القيمة المضافة، ويعمل فى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة 76٪ من العمالة: حوالى ثلثى قوة العمل بالقطاع الخاص ككل، وحوالى ثلاثة أرباع قوة العمل بالقطاع الخاص غير الزراعي. إلا أن نسبة مساهمتها فى اجمالى الصادرات المصرية لا يكاد يتجاوز 4٪ فقط مقارنة ب 60٪ فى الصين، 56٪ فى تايوان، 70٪ فى هونج كونج و43٪ فى كوريا، وأضاف ان فى الصناعات الصغيرة فنونا إنتاجية بسيطة نسبياً تتميّز بارتفاع كثافة العمل، وهى تعمل على خلق فرص عمل تمتص جزءاً من البطالة وتعمل فى ذات الوقت على الحد من الطلب المتزايد على الوظائف الحكومية، مما يساعد الدول التى تعانى من وفرة العمل وندرة رأس المال على مواجهة مشكلة البطالة دون تكبّد تكاليف رأسمالية عالية، وتوفر هذه المشروعات فرصاً عديدة للعمل لبعض الفئات، وبصفة خاصة للإناث والشباب والنازحين من المناطق الريفية غير المؤهّلين بعد للانضمام إلى المشروعات الكبيرة والقطاع المُنظّم بصفة عامة. وقد فطنت الدول المتقدمة إلى أهمية الصناعات الصغيرة فقد أصبحت الصناعات الصغيرة اليابانية تستوعب حوالى 84 ٪ من العمالة اليابانية الصناعية وتساهم بحوالى 52٪ من إجمالى قيمة الإنتاج الصناعى اليابانى وفى إيطاليا 2 مليون و300 ألف مشروع فردى صغير..! وفى أمريكا وفرت الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الفترة من 1992 وحتى عام 1998أكثر من 15 مليون فرصة عمل، مما خفف من حدة البطالة وآثارها السيئة، وأن المشروعات الصغيرة تستوعب 70٪ من قوة العمل الأمريكية. وفى دراسة عن دول الاتحاد الأوروبى فى عام 1998، تبين أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة توفر حوالى 70 ٪ من فرص العمل بدول الاتحاد. وأثنى الدكتور حسن عودة استاذ الموازنات الحكومية فى الجامعة الألمانية على اهتمام الدولة بالمشروعات المتناهية الصغر لأنها بحق نواة لمشروعات كبرى يمكنها ان تحقق عائدا اقتصاديا من جانب ومن جانب آخر تساهم فى القضاء على البطالة لان المشروع الصغير يشغل ثلاثة او أربعة أشخاص على الأقل وبالتالى فان نجاح صاحب المشروع معناه مضاعفة عدد العمالة فى وقت قصير وهكذا تساعد المشروعات الصغيرة فى تدوير حركة البطالة لصالح الشباب وأشار الى ان الدول المتقدمة وضعت المشروعات الصغيرة نصب أعينها فكانت بعد ذلك مشروعات عملاقة تستطيع المنافسة وطالب بان تكون هناك تسهيلات للشباب قائمة على دراسة لجدوى المشروع وفرص نجاحه.