اذا كانت الوحشية والدموية التى صاحبت مقتل 21 عاملا مصريا على ايدى تنظيم داعش ليبيا، بمثابة مفجر لكوامن الغضب والحزن الشديد للامة المصرية باكملها، فانها ادت من حيث لا تدرى الى تأكيد وحدة النسيج الوطنى المصرى.. فى المنشأ والمعاش وحتى الممات. قال الله تعالى فى كتابه الكريم «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» صدق الله العظيم، سورة الانفال آية 30 لقد مكروا من اجل شق الوطن بمحاولة تقسيم الوطن طبقا لخانة الدين، ولكن باءت محاولتهم بالفشل، لان مكر الله اقوى وارادته اعلى، فاذا المصريون كلهم يجتمعون على وحدة الوطن، ابتداء من المنشأ الى الممات مرورا بالمعاش، الذى فيه الكل سواء، بحثا عن لقمة العيش والعيش فى سلام. لقد التقى عنصرا الامة المصرية فى الممات واختلطت دماؤهم برمال سيناء جنبا الى جنب مع اخوانهم الذين قتلوا على رمال الشواطئ الليبية، واخوانهم الذين يتساقطون يوما بعد يوم فى محافظات ومدن مصر بامتداد حدودها. تضحيات مصر وحزنها على شهدائها يعود الى عقود طويلة من الزمان، ابتداء من حرب فلسطين الى عدوان 1956، وجاءت حرب 67 محملة باثقال الحزن والنكسة، ثم حرب 1973، ولن تتوانى عن تقديم المزيد. لقد تلاقى شهداء درنه، مع شهداء مذبحة رفح الاولى فى اغسطس 2012 الذى توافق مع شهر رمضان الكريم، وجاءت مذبحة رفح الثانية فى اغسطس -ايضا- 2013 ليلقى 25 جنديا من قوات الامن المركزى حتفهم رميا بالرصاص على ارض سيناء، ثم جاءت الثالثة فى يونيو 2014 فى اول ايام شهر رمضان المعظم، ثم كانت عملية الكتيبة 101 فى نهاية شهر يناير 2015 التى سقط فيها 29 شهيدا. وفى كل هذه المجازر التقت الدماء المصرية من اجل الوطن.. وتلاشت خانة الديانة. لقد لحق شهداء درنه بافراد الكتيبة 101 فى غضون اسبوعين، فهل من واع يتذكر، ان الوطن باق رغم انف الجميع وفى مقدمتهم، واشنطن. واذا كان للوطن نصيبه المثقل من الشهداء، سواء على ايدى اعدائنا او بنى جلدتنا الذين ضلوا السبيل، فان مصر لم تنكسر، هى التى وحدت القطرين وصدت الغزاة على ايدى مينا، وهى التى تصدت للتتار، وهى التى هزمت الصليبيين، وهى التى حققت نصر 1973 فى مواجهة اسرائيل. لقد ذرفنا الكثير من الدموع واعتصرتنا الاحزان.. ولكن يبقى الوطن هو الملاذ للجميع، بعيدا عن خانة الديانة وضلالات التصور، من جانب البعض، سواء داخل الوطن او خارجه، فالمصريون سواء، من المنشأ الى المعاش.. الى الممات.