أسبوع الانهيارات المالية فى الخليج».. عبارة يمكن إطلاقها لتعبر بمنتهى الصدق عن أحوال البورصات الخليج العربى الأسبوع الماضي، التى واصلت سلسلة الخسائر القوية مع تراجع أسعار النفط لأدنى مستوى منذ 6 سنوات، وسط توقعات بهبوطها لمستوى 56 دولارا للبرميل. وبلغ خام برنت الأمريكى الأسبوع الماضى 59.8 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ شهر مايو من عام 2009، بينما تم تداول خام غرب تكساس تسليم شهر فبراير المقبل ب55.7 دولار للبرميل. وشرعت الدول الخليجية فى اتخاذ إجراءات غير معتادة لمواجهة ذلك الهبوط، إذ تعتزم الكويت تقليص الإنفاق بنسبة 17٪ العام المقبل، مع توقعات بخسائر تتجاوز 30 مليار دولار بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط، فيما خفضت قطر توقعاتها للنمو العام المقبل، أما البحرين فانخفض دخلها بنسبة 50٪، فيما تحوطت السعودية فى موازنتها الجديدة من انخفاض الأسعار. جاء ذلك بعد سلسلة من التقارير الدولية المتشائمة حول اقتصاد الخليج، فبينما يقول بيت الاستثمار العالمى «جلوبل» إن سعر خام برنت أقل من المستوى المطلوب لتحقيق التوازن بموازنات البحرين وسلطنة عمان والسعودية والإمارات، حذرت وكالة «موديز» من عدم قدرة الدول الخليجية المصدرة للنفط على مواجهة الانخفاض طويل الأمد فى الأسعار بالتزامن مع تراجع أسعار الخام بأسوأ صورة منذ 5 سنوات، بينما قالت وكالة «فيتش» إن هناك مخاطر للدول التى تحتاج إلى أسعار نفط مرتفعة لتحقيق تعادل الإيرادات والإنفاق فى موازناتها. وهبط مؤشر بورصة دبى بنحو 850 نقطة ليبلغ مستوى 3033 نقطة مقابل 3882.90 نقطة بنهاية تعاملات الأربعاء، فيما انخفض بورصة أبو ظبى للأوراق المالية، بنحو 492 نقطة فقط ليصل إلى 4090.99 نقطة مقابل 4582.91 نقطة م خلال الفترة المقارنة ذاتها. ومنذ بداية العام، بلغت نسبة الانخفاض فى مؤشر سوق الإمارات المالى 7.79٪ وبلغ إجمالى قيمة التداول 509.67 مليار درهم ، ووصل عدد الشركات التى حققت ارتفاعًا سعريًا 36 من أصل 125 وعدد الشركات المتراجعة 74 شركة. ويتصدر مؤشر قطاع «البنوك» المرتبة الأولى مقارنة بالمؤشرات الأخرى و محققا نسبة ارتفاع عن نهاية العام الماضى بلغت 2.36٪ ليستقر على مستوى 2981.15 نقطة مقارنة مع 2912.22 .نقطة تلاه مؤشر قطاع «الخدمات» محققًا انخفاض عن نهاية العام الماضى بلغت 2.8٪ ليستقر على مستوى 1453.97 نقطة مقارنة مع 1496.06 نقطة تلاه مؤشر قطاع «التأمين» محققًا نسبة انخفاض عن نهاية العام الماضى بلغت 6.5٪ ليستقر على مستوى 1492.96 نقطة مقارنة مع 1597.00 نقطة، تلاه مؤشر قطاع «العقار» محققًا نسبة انخفاض عن نهاية العام الماضى بلغت 8.0 ٪ ليستقر على مستوى 4859.19 نقطة مقارنة مع 5287.33 نقطة. وقال وزير الاقتصاد الإماراتى فى تصريحات له يوم الثلاثاء الماضى إن الاحتياطيات المالية الضخمة للإمارات ستمكنها من مواصلة الإنفاق على مشاريع التنمية فى السنوات المقبلة رغم التراجع الحاد لأسعار النفط فى الفترة الأخيرة، كما قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى إن الاحتياطيات الهائلة من النفط والغاز والقوة المالية للإمارات تكسبها مرونة فى مواجهة أسعار النفط. ويبلغ أصول أكبر صندوق سيادى لأ بوظبى بنحو 800 مليار دولار أى حوالى مثلى الناتج المحلى الإجمالى السنوى لدولة الإمارات، وسجلت الإمارات على مدار 10 سنوات فوائض مالية موحدة مكنتها من مراكمة احتياطيات خارجية كبيرة. فى ذات السياق، تراجعت بورصة قطر خلال تداولات الأسبوع بمعدل كبير يصل إلى 1158 نقطة ليبلغ مؤشرها مستوى 11181.65 مقابل 12339.87 نقطة خلال الفترة المقارنة ذاتها. وخفضت وزارة التخطيط التنموى والإحصاء القطرية توقعاتها للنمو للعام المقبل 2015 إلى 7.7٪، ولكن تبقى التوقعات الجديدة للعام القادم أعلى من توقعات العام الحالى عند نمو بنسبة 6.3٪. أما مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية فلم يكن بعيدًا عن الأزمة أيضًا، إذ هبط بنحو 576 نقطة ليبلغ مؤشرها الرئيسى بنهاية تداولات الأربعاء مستوى 5482.630 نقطة مقابل 6059.10 نقطة ، وسط هبوط حاج بأحجام التداول لتصل فى نهاسة الفترة المقارنة إلى 8.5 مليون ريال مقابل 13.7 مليون ريال. وكشف الرئيس التنفيذى لبنك أويسس كابيتا عن انخفاض دخل البحرين 50٪ بسبب الهبوط الكبير فى أسعار النفط، مشيراً إلى أن أسعار النفط المعتمدة فى الموازنة هى 119 دولاراً، بينما حالياً وصلت أسعار النفط إلى نحو 70 دولاراً ما يؤدى إلى عجز فى الموازنة، وذلك فى أعقاب تخفيض وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتمانى بخفض نظرتها المستقبلية للدين السيادى للسلطنة، إلى سالبة من مستقرة . كما واصلت بورصة الكويت الانخفاض بنحو 401 نقطة ليغلق مؤشرها السعرى على مستوى 6096.62 نقطة مقابل 6497.9 نقطة خلال الفترة المقارنة ذاتها، مع استمرار تدنى المستويات السعرية لمعظم الأسهم بسبب انخفاض أسعار النفط، علاوة حالة الترقب التى تشهدها السوق وغياب القوى الشرائية والسيولة. وقال وزير المالية الكويتى أنس الصالح فى تصريحات له إن هبوط أسعار النفط إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل يعنى أن الكويت ستسجل عجزاً فى موازنة العام المقبل وأن الحكومة قد تلجأ للاقتراض من الاحتياطى العام أو السوق لتمويل مشروعات التنمية. وتراجع فائض الميزان التجارى الكويتى للمرة الثالثة على التوالى خلال الربع الثانى من العام الحالى ليبلغ 5.7 مليار دينار نتيجة تراجع الصادرات النفطية بالإضافة إلى هبوط مستمر فى الصادرات غير النفطية والتى معظمها منتجات بتروكيماوية. ولم يخالف مؤشر بورصة البحرين اتجاه بورصات الخليج، إذ هبط بنحو 25 نقطة ليغلق مؤشرها على 1,378.23 نقطة مقابل 1403.23 نقطة خلال الفترة المقارنة ذاتها ، ليبلغ إجمالى ارتفاع المؤشر خلال العام الحالى نحو 12.3٪. وبينما يؤكد محافظ مصرف البحرين المركزي، أن تأثير انخفاض أسعار النفط فى الوقت الحالى على بورصة البحرين مازال منخفضاً جداً، ولا يذكر إلا أنه قال إنه لا يمتلك توقعات للمستقبل، مضيفًا: «جميع البورصات العالمية والخليجية تأثرت بسبب انخفاض أسعار النفط، ولكن يختلف التأثير من بورصة إلى أخرى بحسب الشركات المدرجة». يأتى ذلك، بينما كشف البنك الدولي، فى تقريره نصف السنوى الصادر خلال نوفمبر الماضي، أن نمو الاقتصاد البحرينى قد تراجع بنسبة 4.4٪ خلال السبع سنوات الأخيرة، حيث بلغ النمو الاقتصادى لهذا العام 3.9٪ مقابل 5.3٪ العام الماضي، مشيرًا إلى انخفاض أسعار المستهلك فى البحرين حيث بلغت 2.5 ٪ العام الجارى مقابل 3.3٪ فى عام 2013 . وعانت السوق السعودية من تراجع أسعار النفط، إذ بلغ المؤشر الرئيسى للبورصة السعودية «تداول» بنهاية جلسة الأربعاء الماضي، مستوى (7.638.9مقابل مستوى 8.411 نقطة الأسبوع السابق، لتقترب السوق من المستويات التى سجلتها فى بداية العام حيث بلغت فى يناير 2014 مستوى 8578 نقطة. وقال وزير المالية السعودي، إبراهيم بن عبدالعزيز العساف فى تصريحات له إن المملكة ستواصل «تنفيذ المشاريع الضخمة» والإنفاق على برامج الرعاية الصحية والتعليم والخدمات، مقرا فى الوقت نفسه بوجود «تحديات» فرضتها الأوضاع الاقتصادية، موضحا أن الوزارة أنهت إعداد ميزانية الدولة للعام المالى القادم، وتم عرضها على المجلس الاقتصادى الأعلى تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء فى القريب العاجل» مضيفا أن الميزانية «أُعدت فى ظل ظروف اقتصادية ومالية دولية تتسم بالتحدى. وكانت السوق السعودية قد سجلت أعلى مستوى فى 6 سنوات خلال أغسطس الماضي، بعدما سجلت مستوى 10716 نقطة حينها، إلا أن تلك المكاسب تبددت مع هبوط أسعار النفط. وخلال تعاملات نوفمبر، هبط المؤشر الرئيسى للبورصة السعودية بنحو 1410 نقاط بنسبة 14.05٪، وبلغت القيمة السوقية للأسهم المصدرة فى نهاية شهر نوفمبر 1,864.91 مليار ريال تعادل 497.31 مليار دولار أمريكي، مسجلة انخفاضاً بلغت نسبته 8.78٪ مقارنة بالشهر السابق.