شدد خبراء بالبنك الدولى على ضرورة تغيير سياسات ومناخ الاعمال بالسوق المصرية واجراء تعديلات جوهرية على الأطر والقوانين المنظمة للاستثمار المحلى والأجنبى فى مصر بهدف خلق المزيد من فرص العمل والتغلب على مشكلة البطالة التى تشهد معدلات مطردة أفضت الى زيادة أعداد العاطلين . ----------- وأكد خبراء البنك الدولى خلال حلقة نقاشية نظمتها وحدة الدراسات الاقتصادية بالمركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية الاسبوع الماضى ضرورة ان تعيد الحكومة تطبيق اصلاحات جذرية للسياسات المقيدة للمنافسة داخل الأسواق. وأكدوا ان المشروعات الصغيرة أو ما يصطلح على تسميتها بالشركات الناشئة قادرة على استيعاب المزيد من العاطلين عن العمل بالسوق المصرية فغالبا ما تكون لدى هذه الشركات القدرة على الابداع والتجديد فى وقت قصير مقارنة بالشركات الكبيرة التى تضخمت أعداد العاملين بها. ودعوا الى الحد من منح مزايا غير متكافئة لبعض المستثمرين على حساب غيرهم الذى يعد بمثابة آفة تقضى على سبل استيعاب البطالة المتزايدة بالاسواق لأنها تكون مقتصرة على شركات بعينها نتيجة وجود اصحابها فى الحكومات. وناقشوا خلال الجلسة التى بحثت وضع مصر فى التقرير الصادر مؤخرا عن البنك الدولى تحت عنوان »الوظائف او الامتيازات« خلق فرص العمل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، سبل تحسين بيئة الاعمال والدور المنوط بالحكومة للمساهمة فى خلق المزيد من فرص العمل الى جانب دور القطاع الخاص فى استيعاب البطالة المتزايدة بالسوق المصرية خلال الفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير . وتطرق خبراء البنك الدولى إلى الآليات التى من شأنها الاسهام قدر الإمكان فى تعديل الأوضاع الخاطئة التى شهدها مناخ الاعمال فى مصر الذى أدى الى تحجيم الشركات الأكثر انتاجية التى تخلق معظم الوظائف نتيجة السياسات الحكومية المقيدة للمنافسة التى حدت من دخول شركات جديدة الى السوق حسبما رصد التقرير. ووفقا للتقرير الصادر عن البنك الدولى فيما يختص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فإن وضع السوق المصرية اتسم بسيطرة عدد قليل من الشركات المتمتعة بنفوذ سياسى مما أدى الى منحها امتيازات بدلا من تهيئة بيئة تكفل تحقيق النمو والازدهار لجميع رواد الاعمال. كما رصد التقرير تأثيرات هذه الامتيازات التى أدت الى عزل الشركات بمنأى من المنافسة المحلية والدولية مع دعم عملياتها من خلال مقومات الانتاج الرخيصة الاسعار مثل الكهرباء والمواد البترولية وكذلك الحصول على التمويل من البنوك بفائدة منخفضة وهذه السياسات وفقا للتقرير أطاحت بالمنافسة وتكافؤ الفرص مما يؤدى الى انخفاض الكفاءة والابتكار وخلق فرص العمل. وأشار التقرير الى ان 71٪ من الشركات المتمتعة بنفوذ سياسى فى مصر التى تمثل 4٪ فقط من مجموع الشركات تبيع منتجات تحظى بالحماية بموجب ثلاثة حواجز فنية على الأقل على الواردات ويقصد التقرير بالشركات المتمتعة بنفوذ سياسى فى مصر هى الشركات التى يديرها أو يملكها رجال أعمال يتقلدون مناصب عليا فى الحكومة أو الحزب الوطنى الديمقراطى الذى تم حله. ويرى التقرير ان الطريق نحو خلق المزيد من الوظائف وفرص العمل فى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا يستلزم بالضرورة تنفيذ اصلاحات كبيرة لتنشيط الطلب على العمالة عبر الانتقال من نظام الامتيازات الى نظام آخر يتيح تنافس جميع الشركات ورواد الأعمال الجدد على أسس عادلة وكذلك يجب على الحكومات اصلاح جميع السياسات المقيدة للمنافسة بصورة مفرطة. وعلق بارسليوجيجال المدير الأول للاقتصاد الكلى والممارسة العالمية للإدارة المالية بالبنك الدولى على التقرير قائلا: التقرير صدر فى وقت ملائم، حيث يبعث برسالة قوية تؤكد ان السوق المصرية بحاجة الى خلق المزيد من فرص العمل من خلال تحقيق »ديناميكية الاعمال«، بمعنى توفير بنية عمل ملائمة للشركات التى تدخل السوق المصرية لتحقيق نمو فى اعمالها بدلا من إعاقتها وبالتالى تضييع الفرص عليها فى توظيف العمالة والقضاء على البطالة.. وتابع جيجال: تحقيق معدلات متزايدة فى النمو الاقتصادى بالسوق المصرية ليست قادرة وحدها على مواجهة معدلات البطالة فلابد معها من مساندة الشركات الناشئة التى تخلق فرص عمل جديدة فغالبا ما تكون هذه الشركات قادرة على الابداع والتجديد فى وقت قصير لذلك يحلو للبعض ان يسميهم ب»الغزلان « كناية عن سرعتها ونشاطها فى خلق فرص عمل وتحقيق معدلات نمو بالسوق. وشدد المدير الأول للاقتصاد الكلى بالبنك الدولى على ضرورة منح تسهيلات متكافئة للمستثمرين لمساعدتهم على العمل والانتاج ومن ثم خلق فرص عمل جديدة للقضاء على معدلات البطالة المتزايدة بالسوق المصرية. ومن جانبه أكد د. مارك توبياسى تشيفباوار الخبير الاقتصادى بالبنك الدولى ضرورة استيعاب القوة الكبيرة للشباب المصرى الذى يمثل النسبة الأكبر فى عدد سكان مصر ولابد هنا من تأكيد مساندة الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر فى العمل والابداع. وأضاف: القطاع الخاص المصرى لم يخلق فرص عمل كافية كما ان قطاع الاعمال أداؤه ضعيف ولذلك لابد من الاسراع فى اجراء تعديلات جذرية فى الأطر والقوانين المنظمة للاستثمار وبنية الأعمال بالسوق المصرية. ومن جانبه أكد ابراهيم ابراهيم الغيطانى باحث أول بوحدة الدراسات الاقتصادية بالمركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية ان الحكومة عليها اعادة النظر فى سياسات جذب الاستثمار وكذلك العمل على دعم الشركات الناشئة والتركيز على قضايا تتعلق بالابتكار والابداع وتحسين مناخ الاعمال، حيث ان ترتيب مصر فى هذا المحور متأخر جدا. وأضاف: المشروعات العملاقة يجب ان تسهم بشكل أكبر فى جذب المزيد من فرص العمل ولابد ان يتوجه الخطاب السياسى نحو زيادة الانفاق على التعليم ودعم الحلول غير التقليدية لتنشيط الاقتصاد المصرى، مشددا على ضرورة تحقيق النمو المستدام للاقتصاد وتنويع مصادره وعدم الاقتصار فقط على الاقتصاد الريعى.