أومليت: نموذج لبيزنس الخصوصية وهو عبارة عن تطبيق لخدمة التراسل الفوري عبر الإنترنت ---------- دستور الانترنت يقر حرية التعبير واحترام الخصوصية, ولكن بعد سلسلة من فضائح التجسس التي طالت احداها التنصت علي رؤساء دول وحكومات وليس مواطنين عاديين فحسب, يتبين ان الوقت قد حان لاتجاه جديد, فبدلا من محاولة السيطرة علي جمع واسترجاع البيانات الشخصية من أجل حماية الخصوصية والحريات المدنية, يتم التركيز علي السيطرة علي تلك البيانات في اللحظة الحاسمة.. لحظة استخدامها. القضية التي تستحوذ علي اهتمام واسع النطاق منذ شهور لها وجوه عديدة, أمنيا, سياسيا, اقتصاديا, اجتماعيا حتي ان الأمر بات له شق يتعلق ببيزنس ناشئ لمنتجات الخصوصية. مدي نجاح هذا البيزنس الجديد في اعادة الثقة في القدرة علي حماية الخصوصية ومدي نجاح وفاعلية الاصلاحات المزمع القيام بها في وكالة الامن القومي الامريكية- التي كانت سببا رئيسيا في إثارة القلق والخوف بشأن حماية الخصوصية- سيظل امرا مشكوكا فيه. منذ ان تحولت شبكة الانترنت إلي ظاهرة اجتماعية طاغية في التسعينيات, يشعر الناس بالقلق إزاء تأثيراتها علي حياتهم الخاصة, ومن حين لآخر تظهر فضيحة كبيرة تجدد هذه المخاوف. والفضيحة الأخيرة المتعلقة بتسريبات سنودن هي نموذج لقصص التجسس التي تثير جدلا يبدأ من الهدف من جمع المعلومات من مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود ولا ينتهي عند هوية المسموح له بجمع البيانات الشخصية وتخزينها. وقد كشفت صحيفة الجارديان البريطانية الاسبوع الماضي عن اعتراف شركة فوادفون البريطانية بوجود أسلاك سرية تسمح للحكومات بالتجسس علي جميع المكالمات التي تتم عبر شبكاتها, ونقلت الصحيفة عن تقرير شركة الاتصالات التي تعد إحدي كبري شركات الهواتف المحمولة في العالم ان هذه الاسلاك تسمح في حالات معينة بتتبع مكان العميل ايضا موجودة في بعض من الدول التي تعمل فيها داخل وخارج اوروبا ويصل عددها الي29 دولة. حول كيفية إصلاح وكالة الأمن القومي نشرت مجلة فورين أفيرز مقالة بعنوان كيفية التجسس بعد سنودن أشار فيها كاتبها إلي استمرار الجدل حول كيفية تحقيق التوازن بين الأمن القومي والحريات المدنية, مؤكدا ان أي إصلاح في الوكالة يجب ان يحقق التوازن بين أولويات الامن ومطالب المواطنين في حماية الخصوصية. وقال كاتب المقال دانيال بايمان- استاذ الدراسات الامنية في جامعة جورج تاون انه بعد تصاعد الانتقادات الموجهة الي الرئيس الامريكي علي خلفية التجسس لجأ اوباما الي تعيين مجموعة من الخبراء المستقلين لدراسة كيفية اصلاح وكالة الامن القومي وبالفعل أوصت اللجنة بأربعين إجراء بينها, انهاء عملية جمع بيانات المحادثات التليفونية وتقنين التنصت علي القادة الأجانب, واقترحت اللجنة ان تقوم الشركات المشغلة للمحمول او جهة ثالثة وليس الحكومة بالاحتفاظ بالبيانات وتمنح المسئولين سلطة الاطلاع عليها في حالة واحدة فقط هي الحصول علي امر من المحكمة. كاتب المقال انتقد اوباما وقال: خطة الاصلاح غير واضحة فيما يتعلق بتفاصيل مهمة, وأضاف ان ما تزعمه وكالة الامن القومي من ان نشاطها قد منع هجمات عديدة منذ أحداث11 سبتمبر هو نجاح يصعب تقييمه. من ناحية أخري دعا الكاتب إلي تعزيز الشفافية في وكالة الامن القومي قائلا ان السرية التي كانت تحيط بنشاط الوكالة كانت امرا لا يثير القلق من قبل, لكن بعد تسريبات سنودن, الأمر بات يحتاج الي تعريف المواطنين بأمور كثيرة. يذكر أنه بعد15 عاما من السيطرة الكاملة علي ادارة شبكة الانترنت من خلال هيئة آيكان قد قررت واشنطن أخيرا وفي شهر مارس الماضي, التخلي عن الإشراف علي ادارة الانترنت ابتداء من العام المقبل, حيث أعلنت الحكومة الامريكية عدم تجديد عقدها مع آيكان المسئولة عن جميع اسماء وعناوين جميع النطاقات علي شبكة الانترنت منذ تأسيسها من قبل الحكومة الامريكية عام1998. وتسعي روسيا, الصين, تركيا ودول أخري الي تنظيم ادارة الانترنت علي المستوي المحلي بما يسمح لها بالسيطرة علي المواقع التي يتصفحها مواطنوها. بيزنس الخصوصية: توقع تقرير حديث لمجلة الايكونومست نموا كبيرا لسوق ناشئ جديد هو سوق منتجات الحفاظ علي الخصوصية. وقال التقرير انه في ظل تزايد أهمية أمن تكنولوجيا المعلومات, مع تزايد الاستخدام التجاري للبيانات الشخصية وتعدد انتهاكات الخصوصية, سوف يضطر الناس الي ان يدفعوا مقابل الحفاظ علي خصوصياتهم, ومن ثم سوف تجني الشركات العملاقة, مثل جوجل وفيس بوك, ملايين الدولارات من هذا البيزنس الجديد. أومليت نموذج لبيزنس الخصوصية فهو عبارة عن تطبيق يوفر خدمة التراسل الفوري عبر شبكة الانترنت مع ميزة اساسية هي تخزين الرسائل او البيانات المتداولة عبر ربط الحساب بأي من خدمتي التخزين السحابي دروب بوكس أو بوكس دوت كوم. وعلي الرغم من ان تلك الخدمة التي أطلقتها مونيكا لام من جامعة ستانفورد الامريكية مجانية فإن مونيكا تأمل في تحقيق الكثير من الخدمات السحابية. ويعتقد خبراء الاتصالات الرقمية في جامعة كورنيل ان الخصوصية بيزنس جديد ستربح منه الشركات التكنولوجية, فكل ما يضمن الخصوصية التامة سيكون له ثمن. وهناك وعي بأهمية الحفاظ علي خصوصية البيانات الشخصية منذ الكشف عن تجسس وكالة الأمن القومي الامريكية علي آلاف المواطنين فيما عرف بفضيحة تسريبات سنودن العام الماضي, حيث تزايد القلق بين الناس حول الجهة التي تطلع علي مالياتهم, صحتهم, علاقاتهم ونشاطهم السياسي, فمن الصعب تحديد كم المعلومات المتاحة, اين يتم تخرينها وتحليلها, فمن المؤكد انه في عصر البيانات الضخمة هناك عدد غير مسبوق من الخوادم التي تعمل علي تحليل البيانات بهدف معرفة سلوك الشخص وانتماءاته. ويعتقد البعض انه يمكن تعزيز الخصوصية بتكنولوجيات جديدة, ويقول مهندس برمجيات في جوجل: ان تكنولوجيات وبرامج حماية الخصوصية بإمكانها ان تحد من الاختراقات الأمنية, مثل هارت بليد الثغرة الامنية التي تم اكتشافها في شهر ابريل الماضي بعدما استغلتها وكالة الامن القومي طوال عامين للدخول الي كلمات المرور وغيرها من البيانات المشفرة. برامج الحماية تعني تكاليف اضافية, لكن الشركات ستجد الاستثمار فيها مجديا لأنها توفر الأمان اللازم. والبعض في الصناعة يعتقد بأنه يجب تدخل الحكومات من اجل حماية الخصوصية. كان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد اقر توجيهات بتحديد نشاط وكالة الامن القومي حفاظا علي خصوصية المواطنين في اعقاب تسريبات سنودن, وبالفعل يعمل مكتب مفوضية المعلومات في بريطانيا علي وضع معايير جديدة للخصوصية لتحديد مدي التزام منظمة ما مع قوانين حماية البيانات. من ناحية أخري هناك شكوك حول جدوي كل هذا بالنظر الي ما كشفت عنه تسريبات سنودن الخاصة ببرنامج التجسس بريزم الذي يسمح لوكالة الامن القومي بجمع معلومات مباشرة من خوادم شركات تكنولوجية كبيرة مثل مايكروسوف, جوجل, فيس بوك. ومن ثم قد يمتنع البعض عن دفع المزيد مقابل الخصوصية, وتفضيل أخذ اجراءات احترازية اضافية علي شبكة الانترنت بدلا من ذلك, وهكذا سوف يعتمد حجم سوق منتجات الخصوصية ومعدل نموه علي الطلب, وعلي الضغوط التي تمارسها الحكومات.