د. جودة: الشركة إهدار للأموال وأصول الدولة د. عرفات: المشروع ردة لبيروقراطية القطاع العام ----------- كشف أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية يوم الأحد الماضي عن تفاصيل مشروع ضخم لنقل تجارة الجملة خارج المدن الرئيسية في26 محافظة من خلال إنشاء أسواق مجمعة في إطار خطة شاملة لإقامة البورصات السلعية وتطوير عمليات تداول السلع واللوجستيات. وأكد الوكيل أنه تم الاتفاق مبدئيا مع وزراء التجارة والتموين والتخطيط والتنمية المحلية والأوقاف علي إنشاء شركة قابضة لإقامة الأسواق والمراكز اللوجستية والبورصات السلعية برأسمال2 مليار جنيه يسهم فيه بنك الاستثمار القومي بمبلغ400 مليون جنيه, بالإضافة إلي250 مليون جنيه من وزارة الأوقاف و500 مليون جنيه من غرفة جدة وشركات التأمين250 مليون جنيه. كما تسهم الغرف التجارية بنسبة من رأس مال الشركة من خلال احتياطياتها النقدية بدلا من الاحتفاظ بها كودائع بالبنوك, وذلك لتحقيق التنمية وتوفير فرص العمل, موضحا الحرص علي إقامة هذه الأسواق علي مجري نهر النيل للاستفادة بوسائل النقل النهري في نقل البضائع من مناطق إنتاجها إلي الأسواق ولتخفيف الضغط علي الطرق وترشيدا للطاقة. ورغم ضخامة المشروع وسمو أهدافه في ظل الأوضاع السيئة التي تعاني منها حركة التجارة الداخلية إلا أنه باستطلاع آراء عدد من الخبراء أكدوا مخاوفهم من أن يكون هذا المشروع مجرد إعادة لتجربة شركات قطاع الأعمال العام التي تعاني من خسائر فادحة ومشكلات لا تعد ولا تحصي, بسبب سوء الادارة مؤكدين أن الشركة التي أعلن عنها الوكيل ستعاني من عقبات كبري أهمها استغلال نهر النيل كوسيلة لنقل البضائع في ظل عدم وجود بنية تحتية ملائمة تسمح بسير السفن, وهو الأمر الذي يحتاج إلي مليارات لتطبيقه هذا بالاضافة الي استغلال الأراضي لإقامة موانئ للنقل التجاري النهري وللأسواق المطلوبة. أما الخوف الأكبر الذي عبر عنه الخبراء, فهو الخوف من سوء الادارة التي ستدير الشركة القابضة التي أعلن عنها الوكيل, حتي لاتقع تلك الشركة فريسة في يد بيروقراطية فاسدة تنقصها الخبرة والادارة الرشيدة. في البداية أكد صلاح جودة الخبير الاقتصادي أن هذا المشروع عظيم وله قيمة اقتصادية مرتفعة, ولكن في ظل أوضاع غير التي تعاني منها مصر في الوقت الحالي خاصة وان مصر تحتاج إلي ثورة تشريعات لإعادة هيكلة المنظومة التجارية بأكملها, بالاضافة الي تراكم مشكلات كثيرة في الأسواق التي تمتلكها الدولة والبنية التحتية في نظام النقل النهري متسائلا عن سببب إنشاء شركة جديدة برأسمال جديد دون وجود أي محاولات لاستغلال الأصول الموجودة حيث إن الدولة تمتلك6 شركات قابضة للتجارة لديها أعداد كبيرة من الفروع والعمالة والأسواق, ولكن كل ما تحتاجه هو ادارة حديثة وضخ رأسمال جديد. وأوضح جودة أن النقل النهري في مصر متهالك فالدولة تمتلك4 شركات للنقل النهري وأغلبها معطلة, لذلك ينبغي في البداية تحسين أوضاع تلك الشركات, وتمهيد نهر النيل لاستيعاب حركة التجارة النهرية. وأضاف جودة بأن إقامة الموانئ الخاصة بحركة التجارة علي ضفاف النيل ستكون أكبر عقبة تواجه هذا المشروع في ظل التعديات الشرسة الموجودة علي نهر النيل. وفي ختام حديثه أكد جودة أنه في حالة إنشاء هذا المشروع لابد من الاستعانة بإدارة منفصلة عن الملكية بحيث تقوم شركات القطاع الخاص بإدارة تلك الشركة القابضة لضمان نجاح هذا المشروع وهو ما أثبتته تجربة القطاع العام التي خاضتها مصر من الستينيات حتي الآن. أما الدكتور حسام عرفات الخبير الاقتصادي ورئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية فأكد أنه يعارض دخول القطاع العام في مشروعات لإنشاء شركات قابضة جديدة, دون محاولة لإصلاح الشركات القابضة القديمة وانتشالها من حالة البؤس التي تعاني منها منذ سنوات عديدة وتسببت في ضياع مليارات الجنيهات علي الدولة مؤكدا أن أصول الشركات القابضة القديمة تحتاج الي إعادة هيكلة ثم التفكير في إنشاء أصول جديدة حتي لا نعيد مشكلة القطاع العام مرة أخري ونزيد من أعباء الحكومة. وأكد أن استغلال النقل النهري في التجارة له مميزات كثيرة أهمها انخفاض التكلفة مما سيخفض في النهاية من أسعار السلع ولكنه يحتاج الي إعادة هيكلة مؤكدا حزنه الشديد من رؤية الالآت والسفن المهملة علي ضفاف النيل بمنطقة أثر النبي بالقاهرة مشيرا الي أنه كان لدينا أسطول كبير للنقل النهري, ولكن الفساد والإهمال كان السبب في عرقلة هذا المشروع. وأضاف حسام أنه لابد من تطوير كل وسائل النقل ليس فقط النقل النهري ولكن نقل السكة الحديد ومحاولة تأمين حركة القطارات حتي لاتتعرض السلع للسطو المسلح, وهو الأمر الذي يمثل أكبر عقبة أمام حركة التجارة بين المحافظات. أما محمود العسقلاني رئيس جمعية' مواطنون ضد الغلاء' فأبدي تأييده الشديد لهذا المشروع مؤكدا ان وجود رأسمال يصل الي2 مليار جنيه لإقامة الأسواق الجديدة وبورصات سلعية من شأنه توسيع المنافسة بين التجار وهو الأمر الذي سيصب في النهاية لصالح المستهلك وسيخفض أسعار السلع. كما أوضح العسقلاني أن استخدام النقل النهري في حركة التجارة الداخلية بين المحافظات سيكون له مردود مباشر علي المستهلك بسبب انخفاض تكلفته عن تكلفة النقل البري. وفي اتصال هاتفي بأحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية عرضنا عليه آراء الخبراء المعارضة للمشروع قال الوكيل إن هذا المشروع خضع للدراسة بشكل مكثف بكل أبعاده موضحا أن الشركة القابضة المزمع انشاؤها لإقامة الأسواق والمراكز اللوجستية والبورصات السلعية يشارك فيها عدد من المؤسسات العامة, ولكنها لن تكون كالشركات القابضة التابعة للحكومة, بل هي ستكون انطلاقة جديدة للتجارة الداخلية في كل محافظات الجمهورية ووصفها بأنها تمثل طموحا جديدا للمستقبل القادم لتحقيق النمو الاقتصادي الذي تستحقه مصر. وأكد أنه سيتم الاتفاق مع ادارة محترفة تدير الشركة القابضة لإقامة الأسواق والمراكز اللوجستية والبورصات السلعية بشكل سليم وتتلافي كل أخطاء الماضي لتحقيق أرباح ونمو سريع في السوق المصري وهو هدف كل الجهات التي وافقت علي الدخول في هذا المشروع الضخم. وأضاف الوكيل أن الاقتصاد المصري يعاني من تشريعات كثيرة متهالكة ولا تتناسب مع التقدم الاقتصادي المطلوب مؤكدا أن كل المشاركين في الشركة القابضة لإقامة الأسواق والمراكز اللوجستية والبورصات السلعية تقدموا بطلب عاجل الي الحكومة لتعديل بعض التشريعات لتذليل العقبات أمام إقامة هذا المشروع التجاري الضخم وبمجرد تعديلها سيتم اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لإنشاء الشركة. وقال الوكيل إن من أهم أهداف المشروع الاعتماد علي النقل النهري كوسيلة لنقل البضائع من مناطق إنتاجها إلي الأسواق مما سيسهم في تخفيف الضغط علي الطرق في المدينة.