طالعتنا بعض وسائل الإعلام بما أعلنه وزير التموين عن إعداده لمشروع قانون رفع مصلحة دمغ المصوغات والموازين لمستوي هيئة اقتصادية عامة لتنشيط صناعة الذهب وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية بهدف زيادة القدرة التنافسية في الأسواق العالمية وتوفير الآليات من فرص العمل والنهوض بالاقتصاد القومي, فهل أداء مصلحة دمغ المصوغات والموازين يتفق مع رغبة وزير التموين.. هذا ما سوف تكشف عنه الحقائق التالية: من المسلم به ان النظام الاقتصادي في أي مجتمع هو مجموعة الاوضاع المتعلقة بالنشاط الاقتصادي التي تنظم علاقة الأفراد بعضهم ببعض من جانب, وعلاقاتهم بالدولة من جانب آخر. وتختلف النظم الاقتصادية بعضها عن بعض باختلاف المقومات والقواعد الحاكمة للقوي الاقتصادية وتحركاتها, ولها مصادر فكرية تعرف بالمذاهب الاقتصادية التي من بينها مذهب التجاريين الذين يعتبرون ان الدولة كالتاجر وأن ربحها كربحه, حيث يتحقق من الفرق بين قيمة ما تبيعه من صادرات وقيمة ما تشتريه من واردات, لذا فقد ارتكزت تعاليم التجاريين علي ضرورة ان تكون الدولة قوية باعتبار ان الاقتصاد للقوة وليس للضعف, لذا فإن من أهم تعاليم هذا المذهب هو المعادن النفيسة والأحجار ذات القيمة, حيث يري التجاريون ان الثروة هي أهم ما يحقق قوة الدولة, الأمر الذي يتطلب ضرورة السعي للحصول عليها وزيادتها ومن بينها المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة وكذلك الاحجار ذات القيمة. ويري التجاريون ان وسيلة زيادتها تتحقق نتيجة للفائض في الميزان التجاري, وهذا بالاضافة الي البترول ومعادن باطن الارض والصناعات الثقيلة وما إلي ذلك.. لذا فقد نادي هؤلاء بتحريم تصدير المعادن النفيسة والأحجار ذات القيمة حتي لا تقل حيازة الدولة منها كما ان الانتاج الصناعي يغني الدولة عن الاستيراد ويساعدها علي الاحتفاظ بما في حوزتها من تلك المعادن والأحجار, يضاف لما سلف ان الأشياء المادية محل التعامل خلال الحياة اليومية والتي تسير بنا ومن حولنا يحكمها معايير تختلف باختلاف طبيعتها وكيفية قيامها ومعايرتها لتحديد قيمتها والقدر المتاح منها للاستعمال للغاية المراد تحقيقها من خلال آليات وأدوات تختلف باختلاف نوعية القياس والمعايرة الدقيقة.. في إطار ذلك أقامت الدولة مصلحة دمغ المصوغات والموازين للرقابة علي المعادن الثمينة والاحجار ذات القيمة وكذلك الاعمال المتعلقة بالوزن والقياس والكيل من خلال آليات فنية وأجهزة رقابية من رجال لهم صفة الضبط القضائي في تحرير محاضر الاستدلال وعرضها علي النيابات العامة بالمخالفة لقوانين أهمها القانون68 لسنة1976 الذي تقضي أحكامه بعقوبة الحبس والغرامة لكل من أحدث تعديلات او تغييرا غير مشروع في مشغولات المعادن الثمينة بعد دمغها مما يجعلها غير مطابقة للعيار المدموغة به او تعامل بها مع علمه بذلك او قام بدمغ هذه المشغولات بدمغات مزورة او بطريقة غير مشروعة او قام ببيعها او عرضها للبيع او حاز عليها بقصد البيع مع علمه بذلك فضلا عن القيام باجراءات الدمغ وفق المعيار الصحيح لهذه المعادن الثمينة. والسؤال المطروح عن الجهود الرقابية تنفيذا للقانون68 لسنة1976 وفق الاوصاف الواردة به علي النحو الصحيح مما يدعو الأمر ومقتضيات الصالح العام برفع مستوي مصلحة دمغ المصوغات والموازين الي مرتبة هيئة اقتصادية حتي لا تتكرر مأساة جهاز تنمية التجارة الداخلية المشكل مخالفا للشرعية, وعلي جانب آخر صدر عن أحد وزراء التموين السابقين قرار برقم26 لسنة2013 بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون68 لسنة76 ألزم صناع المصوغات بوضع علامة تجارية وأوجب علي المصلحة انشاء سجل لقيد العلامات التجارية الخاصة بهم علما بأن ذلك يخالف صريح اعمال قانون حماية الملكية الفكرية82 لسنة2002 وجودا وعدما مما يؤكد سوء الادارة وانعدام الدراية. كما تجدر الإشارة الي ضرورة فهم الشق الآخر من تخصص مصلحة دمغ المصوغات والموازين الوارد بالقانون1 لسنة1994 الذي قضت أحكامه بعقوبة الحبس والغرامة لكل من: قام بممارسة مهنة او عمل وزان دون ترخيص من المصلحة او امتهن صناعة او اصلاح أجهزة او آلات وأدوات الوزن او القياس او الكيل دون ترخيص من ذات المصلحة وايضا كل من استعمل او حاز بقصد الاستعمال لغرض البيع أجهزة وآلات وأدوات وزن او قياس او مكيال مزورة أو غير صحيحة او مدموغة بطريقة غير مشروعة مع علمه بذلك او إحداث تغير من شأنه جعلها غير صحيحة, والسؤال المطروح ايضا: هل قامت مصلحة دمغ المصوغات والموازين بدورها كاملا في مراقبة ومتابعة طلمبات محطات الوقود علي مستوي الجمهورية لحماية حقوق المواطن من الاستغلال والاضرار بمستحقاته المالية عند حصوله علي الوقود من البنزين والسولار وما شابه ذلك وهل قامت هذه المصلحة بدورها لحساب الارصدة الفعلية لدي تلك المحطات من خلال الاشراف والمراقبة لاشرطة القياس الخاصة لقياس حجم الوقود السائل لدي تلك المحطات داخل خزانات الوقود. ان من المؤسف له أشد الأسف ان الأوراق المتعلقة بأداء مصلحة دمغ المصوغات والموازين جاءت خالية وفارغة من أي جهود رقابية تتعلق باختصاصاتها نحو تنفيذ أحكام القانون1 لسنة1994 ولائحته التنفيذية علي النحو الذي رسمته الأحكام القانونية بالأوصاف والقيود لحماية المصالح العليا للمجتمع المصري بعد ثورتين جليلتين قام بهما الشعب والجيش والشرطة ولايزال الشهداء يتساقطون يوما بعد الآخر, ومما يثير الدهشة ان قرار المجلس الاعلي للقوات المسلحة39 لسنة2011 قضي بأن مصلحة دمغ المصوغات والموازين تؤول تبعيتها لوزير التضامن والعدالة الاجتماعية ثم صدر قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة299 لسنة2011 واخضع لوزير التموين والتجارة الداخلية عدة جهات وهيئات ليس من بينها مصلحة دمغ المصوغات والموازين مما يفهم منه ان هذه المصلحة وفقا للقرارات الوزارية لاتزال تبعيتها تؤول لوزير التضامن الاجتماعي والسؤال: هل قرأ وزير التموين تلك التشريعات وهذه القوانين.. مصر يجب ألا تعيش حكومتها بعيدة عن الفهم الصحيح للتشريعات والقوانين المنظمة لها وللوزراء أجمعين.. ولانقول إلا كما قال يعقوب فصبر جميل والله المستعان علي ما تصفون. ---------- رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة