صدر دستور جمهورية مصر العربية المعدل بنتائج استفتاء غير مسبوقة يومي الرابع عشر والخامس عشر من يناير2014 معلنا للعالم أجمع أن سيادة القانون في مصر هي اساس الحكم في البلاد لحماية الحقوق والحريات وتحقيق الرخاء والعدالة الاجتماعية ورفع مستوي المعيشة والقضاء علي الفقر وضبط آليات السوق والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة وحماية حقوق المستهلك القانونية.. فهل أداء الوزراء المعنيين بتلك الحقوق يحمل آمال المواطنين نحو شمس الشروق هذا ما سوف تكشف عنه الحقائق التالية: عقد وزير التموين العزم نحو تطبيق مشروع أسماه التبادل السلعي علي بطاقات التموين بدءا بمحافظة الاسماعيلية اعتبارا من شهر فبراير2014 كمرحلة أولي لتقييمها علي أن يتم تعميمها علي مستوي الجمهورية خلال الاشهر القادمة.. وقد اشار الوزير الي أن وزارة المالية تدرس حاليا تحديد قيمة الدعم للفرد علي البطاقات التموينية حيث يتراوح من20 25 جنيها شهريا وهذا الأمر يعني أن لصاحب البطاقة التموينية حق الاختيار بين حصوله علي مقرراته من السلع التموينية المدعمة من زيت الطعام والسكر والارز من البدال التمويني بموجب بطاقة التموين أو شرائه سلعا غذائية من محلات السوبر ماركت المتعاقدة مع الوزارة بالقيمة المالية للدعم المستحق شهريا.. وعلل وزير التموين أن هذه المنظومة تحقق العدالة الاجتماعية التي نادي بها الشعب في ثورتيه الخامس والعشرين من يناير2011 والثلاثين من يونيو2013 ذلك علي النحو الذي طالعتنا به وسائل الاعلام المقروءة.. وهنا تجدر الاشارة إلي أن الدولة أخذت علي عاتقها تقديم دعم مالي لوحدات الانتاج المحلية حتي تتمكن من بيع منتجاتها باسعار تقل عن التكلفة الحقيقية لاعتبارات اجتماعية تتمثل في انخفاض مستوي دخل السواد الاعظم من افراد الشعب لانخفاض الموارد بوجه عام حتي لايزال هناك من يأخذون الفتات في شكل دعم غذائي من الدولة يتمثل في بعض السلع الغذائية وهو ما يسمي بالسلع المدعمة التي تصرف بنظام الحصص المقرر صرفها بالبطاقات التموينية والتي قد يبلغ عددها حوالي18.5 مليون بطاقة تشمل66.5 مليون فرد تقريبا يقومون بصرف كميات شهرية من سلع غذائية مدعمة لازمة لحياة الانسان اليومية تقدر بحوالي122.5 ألف طن سكر,33.9 ألف طن زيت طعام,111.4 ألف طن أرز, عن طريق35 ألف بدال تمويني علي مستوي الجمهورية.. فضلا عن ذلك فقد أصدر وزير التموين القرار556 لسنة2013 بتشكيل لجنة ممثلة من عدة جهات تختص باجراء دراسة دقيقة لتحديد قيمة الدعم النقدي( الشهري والسنوي) المستحق لكل فرد مستفيد من الدعم الموجه للسلع الغذائية المقرر صرفها بالبطاقات التموينية استنادا إلي البيانات المتعلقة باجمالي تكلفة الدعم المقرر من الهيئة العامة للسلع التموينية عن العام المالي2014/2013 وعدد الاسر والافراد المستفيدين من البطاقات التموينية ونصيب الفرد من السلع الاساسية وايضا الاضافية واسعار بيعها للمواطن من واقع القرارات المنظمة لاسعار تداولها والفرق بين سعر البيع للمواطن وتكلفة الشراء الحقيقية وصولا للمستهلك دون مغالاة. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل مشروع التبادل السلعي الذي ينادي به وزير التموين يجعل من القيمة المالية للدعم المستحق للفرد المقيد علي البطاقات التموينية وسيلة تحقق قدرا من المنفعة الاقتصادية عن شرائه بها سلعا من محلات السوبر ماركت أكثر من حصوله علي السلع التموينية المدعمة من البدال التمويني علي النحو المعتاد؟ الحقيقة في ذلك أن وزير التموين قد ذكر شيئا وتاهت عنه أشياء باعتبار أن تلك المنظومة التي ينادي بها غير قابلة للتنفيذ أو التطبيق دون انضباط حركة تجارة السلع والخدمات بالاسواق الداخلية للبلاد من خلال تنفيذ وتفعيل عدة اجراءات أهمها: أولا: يجب علي وزير التجارة والصناعة باعتباره الوزير المختص باعمال التجارة الداخلية وليس وزير التموين المدعي بذلك تنفيذ أحكام المرسوم بقانون163 لسنة1950 وتعديلاته حيث يصدر وزير التجارة والصناعة قرارا من شأنه تحديد الحد الاقصي للربح المرخص للمنتجين والمستوردين وتجارة الجملة ونصف الجملة والتجزئة لأي سلعة محلية أم مستوردة من خلال الآتي: تحديد نسب أرباح مئوية تحسب من تكاليف الانتاج الاجمالية للمنتجين أو من تكاليف الاستيراد الاجمالية للمستوردين أو من التكاليف الكلية الانتاجية. ثانيا: تنفيذ احكام المادة/10 من القانون3 لسنة2005 وتعديلاته ولائحته التنفيذية التي أجازت لرئيس الوزراء اصدار قرار بتحديد اسعار السلع الاساسية لمدة زمنية بعد أخذ رأي جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار. ثالثا: إلغاء المادة/10 من القانون8 لسنة1997 التي تقضي بعدم الجواز لأي جهة ادارية االتدخل في تسعير منتجات الشركات والمنشآت أو تحديد ارباحها. تلك هي الآليات الواجب علي الحكومة وأصحاب القرار تنفيذها حتي يتحقق ما يعزم عليه وزير التموين فيما أسماه بمشروع التبادل السلعي علي بطاقات التموين وبغير ذلك سوف تكون هي أحلام اليقظة ولنا أن نقول: ما لم يكن الأمر دائما مدروسا فإن مآله إلي التراب مدسوس. ---------------------- رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز المنافسة ومنع الاحتكار الأسبق