يندرج تحت لافتة لا مساس موضوعات كثيرة في الدولة يترأسها الدعم الذي يعتبره الكثيرون قضية حيوية لا يمكن المساس بها ولا يجوز الاقتراب منها ليس فقط لأنها حق محدودي الدخل والفقراء المستفيدين منها ولكن لأنها مسئولية الدولة تجاه مواطنيها, وكلنا يذكر عندما قرر الرئيس السادات رفع الدعم عن بعض السلع وما تلا ذلك من ثورة شعبية جعلته يتراجع عن قراره, وللدعم وجهان متناقضان, الأول: التزام الدولة بمراعاة حق المواطن وتوفير السلع الاساسية بسعر مدعوم يجعل المواطن قادرا علي شراء هذه السلع. والوجه الثاني: هو وصول هذا الدعم لكل المواطنين بمن فيهم من لا يستحق وتلك هي المشكلة فأنابيب الغاز يستفيد منها الفقير والغني والبنزين يستفيد منه الفقير والغني ودعم رغيف العيش يدخل فيه الفقير والغني واصحاب المخابز الذين يبيعيون الدقيق في السوق السوداء, تلك الوجوه جعلت الدولة تفكر جليا وبوضوح في نقل الدعم من مظلة يستظل بها من يستحق ومن لا يستحق إلي حق للفقير يصل الي يديه دون جدال من خلال دراسة تقوم بها اللجنة الوزارية لشبكات الأمان الاجتماعي المشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء تعمل علي تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية القائمة حاليا واجراء ربط حقيقي لقواعد بيانات برامج الدعم المختلفة التي تشرف عليها عدة وزارات بغرض استهداف الفئات الأكثر احتياجا وتضم اللجنة وزراء المالية والتعاون الدولي والتخطيط والتضامن الاجتماعي والتنمية الادارية وأمين عام الصندوق الاجتماعي للتنمية, وتهدف هذه اللجنة وفق تصريحات الدكتور أحمد جلال وزير المالية الي دراسة تطبيق الدعم النقدي الذي يركز علي الفئات الأولي بالرعاية, حيث يستهدف تقديم تحويلات مالية شهرية لنحو ثلاثة ملايين اسرة هم الأكثر احتياجا بما يسهم في تعزيز شبكة الضمان الاجتماعي, وكشف وزير المالية عن ان بقاء الدعم بشكله الحالي لم يعد خيارا صحيحا ليس فقط لعدم توافر شرط الاستدامة المالية ولكن لأنها سياسة غير كفء, حيث اثبتت الدراسات ارتفاع نسبة الفاقد من الدعم بجانب تهريب السلع المدعومة كما انها غير فعالة حيث لا تصل لجميع الفقراء كما يتسرب جزء كبير منها الي الفئات غير المستحقة. ويعلق الدكتور ماجد عبد العظيم قابيل مدرس بجامعة عين شمس علي هذه الدراسة بأن استمرار الدولة في أداء دورها الاجتماعي يعد من الاستراتيجيات الثابتة في اطار تنفيذ السياسة المالية من خلال الموازنة العامة للدولة وهذا الدور مرتبط باستمرار الدولة في تنفيذ الخدمات المجتمعية سواء في شكل دعم عيني او نقدي او خدمات تعليمية او صحية وغيرها, إذن فالدولة عليها دور كبير, وأيا كانت وسيلة تنفيذ هذا الدور فهو حتمي ولابد من القيام به, والانتقال الي تنفيذ الدعم عبر آلية الدعم النقدي يحتاج الي عدة امور منها ان الأداء الجيد للخدمات وضمان توصيلها لمستحقيها ينبغي ان يمثل هدفا استراتيجيا لضمان نجاح الدور الذي تؤديه الموازنة وهذا الأمر لا يشكل فقط حرصا علي الأداء الجيد للخدمات وتوصيلها ولكن حرصا علي المال العام ايضا بأن يصل الي مستحقيه وتكون النفقة فعالة وفي محلها, واضاف ان العدالة في توزيع المواد تمثل امرا حتميا مطلوبا بل تمثل توجها سليما لحسن استخدام موارد الدولة وتوزيعها علي اوجه الانفاق الذي يلبي الاحتياجات الرئيسية وفقا للألويات المجتمعية. واشار الي ان التطور المعلن للدعم في مصر يؤكد ان حجم الدعم الأكبر موجه للطاقة التي تمثل الجزء الأكبر من الدعم ويوجد به الجزء الأكبر من الإهدار وعلي الدولة ان ترشد هذا الدعم أولا وتبدأ به وتحاول الوصول الي الأسر الفقيرة في كل الأنحاء لأن هذا دورها الأساسي. ومن جانبها تري الدكتورة شيرين الشواربي مساعد وزير المالية ان ما تصبو إليه وزارة المالية هو الوصول للأسر المستحقة وهناك آليات جديدة لتحديد الاسر المستحقة للدعم النقدي منها الزيارات الميدانية والاستشارات المقدمة من الأطباء والمعلمين وملء استمارات خاصة بذلك, مشيرة الي ان مدة تنفيذ التحول الي برنامج الدعم النقدي سوف تتراوح من3 الي4 سنوات حتي يغطي جميع انحاء مصر وسوف تكون البداية بالريف في المحافظات وخاصة الصعيد كمرحلة مبدئية ثم جميع المناطق الريفية بعد ذلك, واشارت مساعد وزير المالية الي ان هناك عددا من المعلومات التي توضح الأسر المستهدفة مثل خريطة الفقر التي تم وضعها عام2005/2004 وقواعد بيانات الأسر المستحقة لمعاش الضمان الاجتماعي حيث تضم1.4 مليون اسرة الأولي بالرعاية والمسجلة لدي وزارة التضامن الاجتماعي. ويؤكد الدكتور عبد المطلب عبد المجيد عميد اكاديمية السادات الأسبق ان دراسة التحول الي الدعم النقدي موضوع تأخر كثيرا, خاصة أن الدعم لا يصل الي مستحقيه كلنا يعلم ذلك, واشار الي أهمية أن تحدد الفئات المستحقة للدعم حتي يصل الدعم إليهم وهذا يحتاج الي معلومات ودراسات مستفيضة قبل البدء في تنفيذ القرار, وأشار إلي أن الانفاق في الموازنة العامة للدولة وخاصة علي جانب الدعم جعل العجز يتفاقم خلال السنوات الأخيرة الماضية ويحتاج الأمر الي اعادة توجيه وترشيد, ومن ميزات هذا الانتقال هو تحسين الوضع المالي للأسر الفقيرة واعادة تدوير الاموال وضخها في السوق, من جهة أخري لأن الدعم العيني لا يتم تدويره ويتم استهلاكه فقط, أما ضخ أموال في السوق فهو قادر علي اعادة تشغيل تلك الاموال واعادة الاموال الي الاقتصاد وبالتالي تحسن ملحوظ في السوق.