انها قصة ستاندرد تشارترد أحد أكبر البنوك البريطانية الذي تحولت سمعته الي اسوأ بنك في العالم في رأي البعض ويظل فضيحة مصرفية جديدة جاءت في تقرير هيئة الخدمات المالية في نيويورك الذي وصف البنك بأنه مؤسسة محتالة, الهيئة اتهمت ستاندرد بانتهاك القانون الأمريكي بفرض عقوبات علي إيران, حيث حول250 مليار دولار عبر فرعه في نيويورك لصالح عملاء ايرانيين من خلال ستين الف معاملة ليجني رسوما بمئات الملايين من الدولارات وهددت هيئة الخدمات المالية بسحب رخصة البنك للعمل في الولاية. البنك البريطاني رفض الاتهامات الموجهة اليه في البداية مؤكدا ان96% من الانتهاكات المزعومة سوء تشخيص من المنضمين وان المعاملات التي تشوبها الشكوك قيمتها اربعة عشر مليون دولار فقط وأي أخطاء وقع فيها كانت غير مقصودة ولكن في النهاية وافق علي التسوية ودفع غرامة340 مليون دولار التي قد تكون بداية لغرامات أخري في المستقبل يقدرها البعض بمائة مليون. الهيئة اشارت في تقريرها المكون من27 صفحة الي وجود أدلة علي مخالفات في معاملات مع ليبيا, بورما, السودان عندما كانت هذه الدول خاضعة للعقوبات الأمريكية وبهذا يكون البنك قد عرض الولاياتالمتحدة لمخاطر ارهابيين, مهربي اسلحة ومخذرات وأنظمة فاسدة. ولكن القصة لم تنته عند هذا الحد اذ تحولت الي شأن سياسي مع مناشدة رئيس البنك المركزي البريطاني ميرفن كينج للولايات المتحدة التريث وعدم إطلاق الاتهامات قبل ان تنتهي التحقيقات, وكذلك وزير الخزانة جورج اوزبون ناقش الأمر عدة مرات مع نظيره الأمريكي تيموثي جيشنر, فستاندرد تشارترد ثاني بنك برياطاني يتعرض لعقوبات امريكية خلال شهرين فقط وذلك بعد اتهام اتش اس بي سي بغسل اموال تجار مخدرات, وبالاضافة الي فضيحة التلاعب في اسعار الليبور التي نالت من سمعة بنك باركليز البريطاني ايضا. وبالنسبة لبنك ستاندرد تشارترد الذي خرج من الازمة المالية العالمية بأقل خسائر مقارنة بأي بنك عالمي آخر, تعد هذه الفضيحة ضربة قوية له. فالبنك خلال السنوات الماضية اكتسب سمعة عالمية كلاعب محترف في الاقتصاد العالمي ومؤخرا اعلن عن زيادة ارباحه النصف فصيلة للمرة العاشرة علي التوالي, ولكن كما يقول احد المحللين البريطانيين, يبدو ان الجميع قد نسوا ان البنك يعمل في دول عالية المخاطر فالبنك يتذكر نشاطه في افريقيا وآسيا والشرق الأوسط حتي انه بالرغم من وجود مقره الرئيسي في لندن, فإن5% فقط من ارباحه قبل الضرائب عن عام2011 قد حققها في الامريكتين, بريطانيا, أوروبا. في الوقت نفسه إلغاء رخصة للعمل في نيويورك كان سيتسبب في اضرار بالغة, فعلي الرغم من صغر حجم نشاطه في الولاياتالمتحدة فإنه يعتمد علي الجسور المالية بين70 دولة يعمل فيها ومعظم تعاملاته تتم بدولارات يجب ان تمر في النظام المالي الأمريكي. علاوة علي ذلك, البنك لديه صلات قوية بمؤسسات أمريكية توفر خدمات مالية في دول افريقية وآسيوية لصالح جي بي مورجان تشيس وبنوك أخري. وفقا لهيئة الخدمات المالية, مخالفات ستاندرد تشارترد وقعت بين عامي2001 و2007, حيث أجري تعاملات مع البنك المركزي الايراني لصالح شركة النفط الوطنية بقيمة500 مليون دولار يوميا, لكن الادارة القانونية في البنك أفادت بعدم وجوب تحديد اسماء العملاء والغرض من هذه المدفوعات مما أدي الي إخفاء الدليل علي وجود ايرانيين في السجلات ومعظم تلك المعاملات نفذها البنك باستخدام آلية بوتيرن التي كان مسموحا بها في فترة سابقة. الأمر المميز هنا ما كشفت عنه تحقيقات هيئة الخدمات المالية من مساعدة شركة' ديلويث آند توش' المراقب القانوني والمستشار المالي الذي تم تعيينه من قبل البنك في عام2004 نتيجة لتسوية سابقة مع المسئولين الأمريكيين التي قضت بوجوب تقديم تقرير مستقل, ولكن علي العكس, ديلويث قدمت لستاندرد آند تشارترد تقارير سرية- عن بنوك أخري- تكشف عن كيفية قيام المسئولين بالتحقيق في التحويلات الايرانية. مجرد الاعلان عن الاتهامات الموجهة الي البنك أفقده نحو16 مليار دولار من قيمته السوقية مع انخفاض اسهمه22% وحتي بعد التسوية لم يسترجع سوي نصف خسائره مما يعكس فداحة الاضرار التي لحقت به بسبب تلوث سمعته. من ناحية أخري يري بعض المراقبين ان الرفض القوي, لبنك ستاندرد آند تشارترد لاتهامات هيئة الخدمات المالية الأمريكية ثم الرضوح ودفع الغرامة علي اثر التهديد بسحب رخصته للعمل في نيويورك يجب ان يثير قلق الصناعة المصرفية ازاء استخدام هيئة حكومية لسلاح الابتزاز. التسوية مع بنك ستاندرد تشارترد لن تكون الأخيرة في ملف انتهاك العقوبات الأمريكية, حيث يحقق المسئولون, في انتهاكات محتملة من جانب بنوك عديدة منها دويتش بنك وتومرس الألمانيان ويوني كريدي الايطالي وكذلك رويال بنك أوف سكوتلاند واتش اس بي سي البريطاني. يذكر ان بنكING الهولندي قد دفع غرامة619 مليون دولار للحكومة الأمريكية في قضية انتهاك العقوبات علي ايران وكوبا في شهر يونيو الماضي وذلك ضمن تسويات مع عدد من البنوك الأجنبية منذ عام2001, من بينها كريدي سويس ولويدز, وقد بلغت الاجمالية حتي الآن 1.8 مليار دولار*