كشف اتحاد الصناعات المصرية عبر عضو مجلس إدارته ورئيس لجنة الضرائب به محمد البهي, خلال دراسة متأنية أعدها حول مشروع قانون الحد الادني للاجور الذي تناقشه الحكومة حاليا, عن أن القانون بصورته الحالية لن يحقق العدالة الاجتماعية المستهدفة اساسا من ورائه, بل انه يؤدي الي التفرقة بين الموظفين والعاملين الجدد والقدامي خاصة في القطاع الحكومي, فضلا عن انه يهدد بتضخم مشكلة البطالة والتي لا تقل أهمية عن هدف رفع الاجور, وان كانت تزيد وتعلو عنه, لانطوائها علي ضرورة اجتماعية واقتصادية قصوي, حسبما قال البهي. وقال البهي إن قانون رفع الحد الادني للاجور غفل نقاطا عديدة في مسألة تحديد الاجور, الامر الذي تسبب في ظهور ثغرات خطيرة تهدد المشروع برمته بالفشل. وأوضح البهي انه بالنسبة للقطاع الصناعي, فرغم سهولة تطبيق الحد الادني للاجور- والذي يقدر وفقا لتقديرات الحكومة ب1200 جنيه' شامل الاساسي والمتغير'- خلال هذا القطاع, نظرا للامكانية المادية لاصحاب الاعمال الصناعية, خاصة ان بالفعل قيم الاجور خلاله تتضاعف عن هذا الرقم احيانا كثيرة, الا ان القانون غفل في تناوله التفرقة بين العامل المنتج والعامل تحت التدريب, مشيرا الي انه ليس من العدالة او المنطق معاملة العامل تحت التدريب كالعامل المنتج, حيث إن العامل تحت التدريب يعامل بالمكافأة التشجيعية لحين اتمام تدريبه والتأكد من استعداده وتأهيله للانتاج والعمل فعليا, ومع ذلك فان القانون أهمل توضيح هذه التفرقة, الامر الذي من شأنه أن يحدث بلبلة في اوساط العمالة الصناعية عند تطبيقه فعليا. واضاف البهي أن من الثغرات التي أغفلها ايضا مشروع القانون الطبيعة المختلفة لعدد من القطاعات مثل القطاع السياحي كالفنادق والمطاعم, والخدمي كمحطات البنزين وعمال الديلفيري بالصيدليات والمطاعم وهكذا, حيث إن العامل بتلك القطاعات يعتمد علي' الاكرامية' بشكل كبير, ما يجعلها تشكل مكونا كبيرا من اجمالي دخله الشهري, الي جانب الدخل الذي يتقاضاه رسميا من صاحب العمل, بما يجعل اشتمالهم بتطبيق الحد الادني للاجور غير مجد لكون دخلهم بالفعل يزيد عن الحد الذي حددته الحكومة, من هنا نكتشف ان توحيد الحد الادني علي جميع القطاعات بطبائعها المختلفة امر غير صحيح ويتطلب دراسة لكل قطاع علي حدة. وتابع البهي انه بالنسبة للقطاع السياحي والذي يتطلب وقفة طويلة امامه, نظرا لما يعانيه حاليا من تعطل اشبه بالشلل التام نتيجة الاضطرابات التي تشهدها البلاد, فانه لابد من ملاحظة ان الظروف الحالية لن يسعي اصحاب الاعمال بالقطاع السياحي الي سداد قيمة التأمينات الاجتماعية للعمال بعد تطبيق الحد الادني بتلك القيمة, وذلك نظرا لارتفاعها حيث ستصل الي480 جنيها علي كل عامل, الامر الذي سينعكس سلبا علي قدرة اصحاب الاعمال في التوظيف وجلب العمالة, بما سيؤدي لاحجامهم عن التوظيف ومن ثم زيادة تأزم مشكلة البطالة وصعوبة حصول الشباب علي فرص عمل, مؤكدا أن هذه المشكلة كانت تستوجب الالتفات للتبعات السلبية المعاكسة لاهداف القانون. وأردف البهي ان القانون لم يرع كذلك عدة نقاط مهمة, من امثلة تدني الاوضاع الاقتصادية في بعض المحافظات خاصة البعيدة كالصعيد, حيث ان غالبية اصحاب الاعمال في محافظات الصعيد ليس لديهم السعة المالية لتوفير اجور بهذا الحد لعمالتها, نظرا لصغر بل وتناهي صغر المشروعات الاقتصادية العاملة في هذه المحافظات, لذلك فان تطبيق الحد الادني للاجور بهذه الصورة في هذه المحافظات سيأتي بمردود سلبي علي قوة التشغيل بها حيث سيتجه ايضا اصحاب الاعمال بها الي تقليل حجم العمالة لديهم حتي يتمكنوا من الوفاء بالحد الادني المفروض,بما سيزيد من البطالة بهذه المحافظات. واشار البهي كذلك الي مشكلة من البديهي توقعها حيال تطبيق القانون, ومع ذلك لم تتداركها الحكومة في مناقشاتها, والمتمثلة في مساواة الموظفين الجدد بالقدامي في هذه القيمة كحد أدني للاجر, بما سيفتح الباب لنزاعات قضائية عديدة تزج بها الدولة امام الموظفين القدامي المتظلمين من مساواتهم بالجدد رغم فرق سنوات العمل. وقال البهي انه لابد من ملاحظة ان رفع الحد الادني للاجور سيكلف الحكومة مبالغ ضخمة, حيث إن زيادة اجور موظفي الحكومة القدامي فقط سيكلفها نحو60 مليار جنيه, وذلك نظرا لكون40% من موظفي الحكومة بما يقدر بنحو3 ملايين موظف لا تتجاوز اجورهم700 جنيه للفرد, ذلك فضلا عن كل100 جنيه زيادة تضيفها الحكومة لاجور هذه الشريحة من الموظفين تكلفها8 مليارات جنيه, بما يضع الحكومة امام تحد كبير لزيادة اجور القدامي وفتح الباب لتشغيل المزيد من الموظفين الجدد وفق الاجور المعدلة. ولفت رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات الي ان تعديل قانون التأمينات الاجتماعية امر ذو اتصال وثيق بخطة الحكومة لرفع الاجور, وذلك نظرا لحاجته الملحة للتعديل بما ييسر العملية التوظيفية ويشجع اصحاب الاعمال علي اتاحة فرص العمل, موضحا ان ارتفاع نسبة التأمينات الاجتماعية علي العامل والمقدرة ب40%, تضطر صاحب العمل علي التأمين علي المرتب الاساسي- المنخفض اساسا- مع نسبة بسيطة من الاجر المتغير, بما لا يتجاوز في اجماليه من20 الي25% من اجمالي ما يتقاضاه العامل فعليا, ما ينعكس علي ضآلة قيمة المعاش في النهاية, بما لا يضمن توفير معيشة كريمة للمواطن, لذلك فان خفض نسبة التأمينات, المطلب الذي كثيرا ما طالبنا به طوال السنوات الماضية- وفقا للبهي- ضروري ويتأتي في مصلحة العامل في المقام الاول, وذلك بخفضها من40 الي20% من قيمة الاجر, مؤكدا ان ذلك سيشجع صاحب العمل علي التأمين علي غالبية الاجر, بما يضمن للعامل معاشا مرتفعا كريما يحفظ انسانيته وكرامته وقت شيخوخته.