أزمة تلو الأزمة تدخل بنا في نفق مرحلة انتقالية يعقبها مرحلة أخري ربما تكون أشد ظلمة أو أن تأتي بالانفراجة والاقتصاد يترقب ويدفع الثمن.. ولكن ما رصدناه ان الفقراء يزدادون فقرا.. والامن يزداد انفلاتا والبطالة تتحدي في ارقامها المرتفعة نسب المراحل السابقة.. والسياحة تفر من مصر فرار المذعور بما تبثه القنوات الفضائية الخاصة او الحكومية من صور القتل والعنف والبلطجة وفي النهاية أصبحنا علي صفيح ساخن بل ملتهب.. وكان آخر ما عايشناه فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة الذي اعتبره الكثيرون من خبراء الاقتصاد بداية استقرار سياسي يعقبه بلا شك استقرار في نظام الدولة بما يهيئ الي مرحلة اخري قد تكون هي المنتظرة بعد سنوات الصراع السياسي.. ويري آخرون بل هي مرحلة اخري قد تحمل في أكنافها فترة اشد صعوبة وعنفا عما حدث من قبل وما بين هذا وذاك يظل الاقتصاد المصري حائرا منتظرا لما ستسفر عنه قابل الايام.. الملف يحمل توقعات ونبوءات اطياف شتي من خبراء اقتصاد وبورصة ومصرفيين. الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الاسبق يقول ان الاقتصاد المصري عاش مرحلة حرجة خلال العامين الماضيين اللذين أعقبا ثورة25 يناير.. وانه لم يعد بحاجة الي مزيد من تعطيل استعادة عافيته اكثر من ذلك.. ففي ظل منظومة العالم الواحد التي فرضها الاعلام العالمي كان لابد من فض الاعتصامات التي كانت تهدد الاقتصاد المصري نتيجة ما يتناقل عنها من صور تسيء لصورة مصر.. واكد ان الاعلام في معظمه غير محايد ويبث من منظور خلفيته السياسية.. مؤكدا ان تداعيات ذلك خطيرة علي الاستثمار في الداخل والخارج. واوضح ان الاستقالات التي حدثت من بعض المسئولين لا تضر كثيرا, مشيرا الي ان هناك كثيرين يمكن ان يتحملوا المسئولية في هذه الظروف الاستثنائية. ويتوقع أن تهدأ الأمور جزئيا في المرحلة القريبة علي أن يستكمل بناء المرحلة تميهدا للانطلاقة الاقتصادية بعد إلغاء حالة الطوارئ وإنهاء حظر التجوال والبدء في إصلاح ما خلفته تداعيات المرحلة السابقة. الدكتور شريف دلاور استاذ الادارة بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا يقول ان آثار فض الاعتصام لا يجب فيها التعميم التأثيري علي الاقتصاد المصري مؤكدا انه يجب ان نفصل بين الاقتصاد ككل والاستثمار الاجنبي الذي يمثل جزءا من هذا الاقتصاد, معتبرا ان التداعيات المؤثرة علي الاستثمار الاجنبي نتيجة ما تتناقله وسائل الاعلام العالمية عن طريقة فض الاعتصام في ظل النظرة الشاملة للاقتصاد الكلي يمكن تجاوزها بسهولة مؤقتا. بل انه يؤكد ان هناك استثمارات عربية مؤثرة ولها ثقلها يمكن ان تسد جزءا من ثغرة الاستثمار الاخير الذي يمر بفترة ترقب مثل الاستثمارات السعودية والاماراتية والكويتية. وفي اجابته عن سؤال طرحناه بأن هناك قوة لا يستهان بها تقف موقف المعارض لما تمر به البلاد من مرحلة انتقالية.. يقول لعلك بذلك تقصد جماعة الاخوان المسلمين فهؤلاء ظلوا طوال فترة عبدالناصر والسادات ومبارك يعيشون حالة استبعاد وظيفي وبالتالي فهم طوال هذه الفترة كونوا اعمالا حرة واسماء ضخمة في مجال الاستثمار المحلي وبالتالي سيكونون حريصين علي المحافظة علي استثماراتهم التي ترتبط بالاستثمار الكلي بصورة كبيرة. وقال ان الازمة الحقيقية التي تعيشها مصر هي ازمة الادارة التي تنظر الي الاقتصاد المصري نظرة ضيقة وتبتعد عن لب المشكلة فالمرحلة التي يمر بها الاقتصاد هي مرحلة اقتصاد ازمة.. وهذه تتطلب اجراءات تختلف عن مرحلة اقتصاد الحرب او مرحلة الاقتصاد العادية.. علاج هذه المرحلة يتطلب من هذه الحكومة ان تهتم بالجانب التشغيلي كما حدث علي يد روزمر في امريكا عام1933 الذي دشن مشروعا قوميا للتشغيل والقضاء علي البطالة بالحد الادني للاجور حتي لا ندخل في دوامة التضخم. اما ما يقوم به الببلاوي الذي ينتمي الي المرحلة الليبرالية فإنه يتبني حالة الاقتصاد الحر الذي يتحدث عن الاتجاه الأوحد نحو الاستثمار تكرارا للنموذج الذي كان يرفع لواءه جمال مبارك.. ولا يتعلم من دروس التاريخ القريبة. ولا يعي ان هذا النموذج هو الذي بسببه قامت ثورة25 يناير رفضا للاوضاع الاقتصادية الكارثية التي خلفها هذا النظام.. وهو نفسه الخطأ الذي وقع فيه الاخوان المسلمون إبان توليهم السلطة. يقول محمود أبو العيون المحافظ الأسبق للبنك المركزي الذي أكد أن هذه الأحداث تعد بداية لإصلاح الوضع المتردي سياسيا الذي يعقبه بالتبعية ترميم للاقتصاد المصري الذي يعاني من هذه الأوضاع لا محالة. وتابع: هذه الأحداث ستؤدي إلي استعادة الاستقرار والأمن للشارع المصري لأن هذه الاعتصامات لا محل لها من الإعراب في الوضع السياسي بعد نزول الملايين الرافضة لاستمرار محمد مرسي في رئاسة البلاد وبمجرد إنهاء هذا الوضع غير السليم فإن أول مكتسباته هو عودة الأمن الذي يعتبر حجر الزاوية في تحقيق الانطلاقة الاقتصادية فبدون الأمن لن يكون هناك أي استثمارات سواء محلية أو أجنبية. وأشار إلي أن استعادة الأمن ستعزز من فرص تنشيط السياحة باعتبارها أحد أهم مصادر النقد الأجنبي التي تسهم في تعزيز الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية وكذلك تحقيق توازن للعملة المحلية أمام الدولار. وتابع: الكرة الان في ملعب الحكومة وعليها تبني خارطة طريق اقتصادية تتضمن بث رسائل لحماية للمستثمرين الأجانب والمحليين وتعديل بعض القوانين المعرقلة للاستثمار إلي جانب خفض سعر الفائدة علي الاقراض الصناعي والزراعي والانتاجي مع منح فسحة من الوقت للمتعثرين في قطاعات الصناعة والسياحة. ويتفق مع سابقه إسماعيل حسن المحافظ الأسبق للبنك المركزي ورئيس بنك مصر إيران في أن إنهاء هذه الاعتصامات سيؤدي إلي استقرار وتحسين الوضع الامني الذي يترتب عليه تنشيط السياحة والاستثمار باعتبارهما أساس نهضة الاقتصاد المصري. وأشار إلي أننا بحاجة إلي ثورة في الانتاج والعمل والالتفات لإعادة بناء الوطن من جديد ويجب أن نستوعب الجميع فتصحيح المسار الاقتصادي يبدأ من زيادة الإنتاج, واستمرار الاعتصامات كان عقبة أمام الإنتاج والعمل وينقل صورة غير دقيقة عن الاوضاع في مصر إلي الخارج بما يؤثر علي تدفق الاستثمارات العربية أو الأجنبية. وتابع بدون الأمن لن تخلق فرص عمل جديدة ولن تكون هناك بيئة ملائمة للاستثمار وانهاء الاعتصامات سواء السياسية أو حل المشكلات العمالية يعزز من فرص جذب الاستثمار والتنمية. ومن جانبه أكد السيد القصير رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال المصري أن فض الاعتصامات التي نظمها أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي كان أمرا حتميا باعتباره إجراء لابد منه من أجل إنهاء حالة الميوعة السياسية واستعادة الاستقرار والأمن إلي الشارع المصري بما يسهم في إحكام السيطرة علي الشارع وخلق بيئة ملائمة لجذب الاستثمار وتنشيط السياحة الأمر الذي ينعش الاقتصاد ويعالج عورات الفترة الماضية. وطالب القصير الحكومة بتكثيف تحركاتها لمعالجة الوضع الاقتصادي وتشجيع المستثمرين من المصريين وأصحاب الأعمال بالتوازي مع حملة إعلامية خارجية لشرح الوضع الذي تمر به البلاد حتي نفوت الفرصة علي المتربصين بهذا البلد الذين يشيعون في الخارج عكس الحقيقة. وأبدي القصير تفاؤله بالمستقبل القريب للوضع الاقتصادي بما يساهم في تحقيق انطلاقة علي المستوي البعيد بدأنا نتلمس بوادرها عبر زيادة الاحتياطي واستقرار العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي. من جانبه توقع محمد الاتربي رئيس البنك المصري الخليجي أن يشهد الوضع الاقتصادي تحسنا ملحوظا خلال الفترة القادمة بمجرد إحكام السيطرة علي الوضع الأمني باعتباره حجر الاساس في تنشيط الاقتصاد ودفع معدلات النمو للأمام ومحاولة تعديل أوضاع خاطئة أفرزتها المرحلة الانتقالية خلال الفترة الماضية. وأشار إلي أن التحرك علي الجانب السياسي وفض الاعتصامات أمر لابد منه لعدم استناده الي حق الاستمرار لأن الملايين التي نزلت إلي الشارع ورفضت حكم الإخوان خير دليل علي الاستناد إلي الديمقراطية التي نادي بها مؤيدو الرئيس المعزول. وتوقع الاتربي تحسنا ملحوظا في أداء الاقتصاد علي مستوي سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الامريكي وكذلك زيادة ملحوظة في الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية بدافع من المساعدات الخليجية التي يجب أن يقابلها عمل وإنتاج وعودة للسياحة التي ستشهد تحسنا ملحوظا في أعقاب استكمال الامن لخطواته الهادفة لاستقرار الشارع المصري.