فى عام 2004 قامت أزمة مماثلة لارتفاع أسعار الغذاء بسبب ارتفاع أسعار الدولار. كان القطاع الخاص وقتها وكما هو الحال الآن هو المسئول عن توفير قمح فينو المدارس وقمح المكرونة، ومع ارتفاع أسعار الدولار بنحو 25% حدث أيضا ارتفاع مفاجئ فى أسعار القمح فى البورصات العالمية أدى إلى التأثير المزدوج لارتفاع أسعار القمح والدولار معا، وتوقف القطاع الخاص فجأة دون مقدمات أو التنسيق مع الدولة ولا إخطارها عن استيراد القمح الخاص به لإنتاج الفينو والمكرونة، وحدثت أزمة حادة لطلاب المدارس أطلق عليها «أزمة فينو المدارس» أدت إلى ارتفاع صرخات أولياء الأمور بأنهم لا يجدون الفينو الخاص بإفطار أبنائهم بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المكرونة مع توقف المخابز عن إنتاج الفينو الذى كان وقتها بعشرة قروش فقط. صدرت الأوامر من رئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء وإلى هيئة السلع التموينية بوزارة التموين بأن تتولى الهيئة إمداد المخابز الإفرنجية فورا بالدقيق الأبيض الخاص بإنتاج الفينو وبنفس أسعاره القديمة قبل ارتفاع أسعار الدولار، وكذا قبل ارتفاع اسعار القمح فى البورصات العالمية، وفى نفس الوقت إمداد مصانع المكرونة للقطاع الخاص بمستلزماتهم من الدقيق اللازم بإنتاج المكرونة وبنفس الأسعار القديمة للسيطرة الفورية على ارتفاع الأسعار وأن تقوم الهيئة وشركات قطاع الأعمال العام بطرح كميات كبيرة من جميع السلع التموينية فى المجمعات التعاونية وبأسعار مدعمة ومخفضة ودون أى زيادة فى أسعارها السابقة. وعلى الرغم من كفاية هذه الخطوات لضبط أسعار الفينو والمكرونة فإن القاعدة العامة للسلع الغذائية بأنها لا ترتفع فرادى ولكن ترتفع فى حزمة غذائية تشمل العديد من صنوف الغذاء، وعلى الرغم من أن ظروفنا المالية والاقتصادية عام 2004 لم تكن بشكل قوى فإن الأوامر صدرت من القيادة السياسية بأن تقوم هيئة السلع التموينية بصرف سبع سلع إضافية إلى السلع الأربع الأساسية التى تصرف على البطاقات وهى السكر والزيت والأرز والشاى، وصدرت الأوامر بإضافة المكرونة والفول والعدس والمسلى النباتى وحصة إضافية من زيوت الطعام ومثلها من الأرز والسكر وسميت وقتها بالسلع الإضافية وأن تصرف بنفس أسعار السلع المدعومة على البطاقات التموينية وبعضها بفارق لا يزيد على %10 عن أسعاره السلع الأربع الأساسية للبطاقات التموينية. بمجرد الإعلان عن بدء صرف هذه السلع خشى التجار على مصانعهم وعدم قدرتهم على استعادة الأسواق مستقبلا وضياع زبائنهم فى الأفران وفى مصانع المكرونة من بين أيديهم فأعلنوا عن التزامهم بقرارات الدولة وعودتهم إلى استيراد القمح والبقول وغيرها من الصنوف التى تمردوا عليها دون تنسيق مع الدولة لخلق وضع مضطرب فى أسواق الغذاء يظنون أنه سيجعل الدولة تهرع لتدليلهم واسترضائهم للعودة إلى الاستيراد أو لمنحهم الدولارات اللازمة بالسعر القديم ولكن هيهات أن يدخل ذلك على القيادة السياسية القوية وقتها. صدرت أوامر الرئيس الأسبق باستمرار صرف السلع الإضافية السبع على بطاقات التموين، مع استمرار دعم المخابز ومصانع المكرونة بالدقيق الفاخر الأبيض وبسعر مدعم دون الحاجة إلى دقيق التجار وبقولهم، فهيهات أن يأتى الزمن الذى يتلاعب فيه التجار بالدولة ويحاولون مجرد محاولة فرد عضلاتهم على الدولة. لجأ التجار وغرفتهم التجارية إلى قيادات الحزب الوطنى لتستسمح الرئيس ورئيس الوزراء على هذا الخطأ الذى لن يتكرر وأبدوا ندمهم على ما اقترفوه من أخطاء راجين الدولة أن تقبل اعتذارهم وأنهم لن يكرروا تجربة اختبار الدولة أو الاستقواء عليها مستقبلا. عام كامل تم الاستمرار فى صرف السلع الإضافية السبع وفينو الأفران تأديبا وتهذيبا لمن يستقوى على الدولة ويتغول عليها وهى صاحبة القبضة القوية فى 3500 مجمع تعاونى و25 ألف بقال تموينية حالى (كانوا وقتها 5 آلاف فقط) و350 منفذا لوزارة الزراعة، ومثلها للقوات المسلحة، فالفقراء أمانة فى عنق الدولة وحقوقهم محفوظة وليست مطروحة للتلاعب بهم سواء من التجار أو ممن يواليهم فى وزارة التموين.