فاق التبادل التجاري العالمي لصناعة السيارات قيمة500 مليار دولار بنهاية2012 وحققت هذه الصناعة10% من الناتج القومي الاجمالي في عدة الدول. ورغم مرور52 سنة علي بدء صناعة السيارات في مصر منذ الستينيات الا انه لم يتحقق حتي الآن حلم انتاج سيارة مصرية بانتاج محلي في مصر التي بدأت صناعة سيارات الركوب في1962 بينما المغرب التي بدأت بعدنا بسنوات تنتج الآن420 ألف سيارة سنويا و سيتم تصدير عدد منها الي مصر بدون جمارك طبقا لاتفاقية اغاديرالموقعة بين الدولتين.. لايمكن أبدا إغفال فجوة تكنولوجية في صناعة السيارات عمرها الآن50 سنة ولايتجاوز استهلاك السوق المحلي200 ألف سيارة سنويا وعزفت البنوك عن تمويل صناعة السيارات.. وفي ظل قرار انضمام شركة النصرللسيارات الي وزارة الانتاج الحربي, تثار عدة تساؤلات.. في ظل فجوة تكنولوجية والسوق راكد والاعباء الخانقة..هل تعود الحياة الي شركة النصر ؟ هل الافضل التصنيع الكامل أم الاكتفاء بالتجميع ؟ ما مدي تأثير ارتفاع الدولار وما يتبعه علي مدخلات الانتاج وقطع الغيار ؟ هذه الاسئلة وغيرها يجيب عنها الخبراء في التحقيق التالي: يقول عفت عبد العاطي رئيس شعبة وكلاء وموزعي السيارات بغرفة القاهرة التجارية إن إعادة الحياة الي شركة النصر للسيارات شيء ايجابي بعد أن أعلنها الرئيس محمد مرسي في البرازيل أن مصر تسعي لانتاج مانأكله ونلبسه ونركبه وتحارب به, المسألة لن تكون تصنيعا بعد عودة شركة النصر بل ستكون البداية بتجميع يرتفع الي60 و70%. واذا كنا نسعي الي تحقيق حلم تصنيع السيارات فعلينا ان نبدأ بقطاع الصناعات المغذية التي تفي بالاحتياجات وتفيض وتصدر الي الخارج حيث لدينا10 مليارات جنيه استثمارات تجميع وصناعات مغذية تضم80 ألف عامل بإجمالي مبيعات200 ألف سيارة متنوعة تجميع واستيراد سنويا. يوضح أن التكلفة الاستثمارية للمصنع الواحد تصل الي5 مليارات دولار عالميا و100 مليون دولار محليا والصين التي تجتاح العالم حاليا في صناعة السيارات تعتمد علي التجميع بما لا يقل عن90% من هذه الصناعة. مشيرا الي أن نسبة الجمارك علي السيارات الصغيرة الاقل من1300 سي سي كانت40%. والسوق المصري يستهلك250 الف سيارة سنويا سواء كانت تجمع محليا أو مستوردة منها حوالي50 ألف سيارة تجمع محليا بالتالي لا يعقل ان تنشأ صناعة ب50 أو100 مليار دولار في بلد لن تنتج علي أقصي تقدير أكثر من50 أو60 ألف سيارة هنا لا يجب أن نفكر في التصنيع مادام العائد ضعيفا ولن يتناسب مع حجم الاستثمار, الآن نفس النسبة تسري علي السيارات حتي1600 سي سي أي السعة اللترية للاسطوانة حتي1600 وليس هناك فارق سعري كبير بين السيارتين الكبيرة والصغيرة وكان الفارق محددا في الجمرك وضريبة المبيعات والآن تساوت السيارتان في نفس الرسوم الجمركية بالتالي يفضل المستهلك السيارة المتوسطة والكبيرة عن الصغيرة يؤكد عفت أنه يسمح بالحصول علي توكيل لأكثر من ماركة ولكن قانون الوكلاء التجاريين نص علي انه يجب أن يكون الوكيل من أبوين مصريين, لكن مع دعاوي العولمة والجات يدخل الوكيل غير المصري الي السوق وينشئ شركة مصرية باسم أحد المصريين ويمارس النشاط في حين لا يستطيع مصري الحصول علي توكيل في دولة أخري ولتكن في المنطقة العربية!! هناك ايضا قضية حماية المستهلك.. وكثيرا ما نطالب بوضع المبالغ التي يحصل عليها الوكلاء من المستهلكين ثمنا للسيارة في حساب مجمد بالبنوك حتي يتم استيراد السيارة وتسليمها ولم يؤخذ بهذه التوصية. وهناك ايضا قضية قطع الغيار المقلدة الناتجة من السيارات التي تعرضت للحوادث بعد شرائها بثمن بخس من وسطاء اوربيين عقب اتفاقهم مع شركات التأمين بالخارج, ثم يبيعها المستوردون المصريون علي انها قطع غيار جديدة في مخالفة صارخة للقانون دون أن يتحرك احد.. يوصي عبد العاطي بأن من يستورد سيارة لابد أن يكون عنده مركز خدمة معتمد او متعاقد مع مركز خدمة وأن يستورد5% قطع غيار مع كل اعتماد.. وهي نقطة في صالح السوق والمستهلكين والتجار في نفس الوقت. يضيف عفت عبد العاطي انه مع دخول الصين لهذه الصناعة بانتاج لم يكن يتجاوز1.2 مليون سيارة في عام1999 سجل الانتاج الصيني قفزات سريعة حتي بلغ15 مليون سيارة عام2012 حيث تتوقع شركة ماكينزي للاستشارات ان ينمو الانتاج الصيني بمعدل عشرة اضعاف حتي2030 واصبحت صناعة السيارات في العالم تتجه شرقا و آسيا تستحوذ الآن علي65% من انتاج السيارات في العالم وهي نسبة مرشحة للزيادة. يري اللواء حسن سليمان عضو شعبة تجار السيارات بغرفة القاهرة التجارية انه لن تنجح عودة شركة النصر للسيارات بدون الدخول في شراكة أجنبية لانه ليس هناك جهة حاليا في مصر تستطيع تدبير مليار جنيه مثلا لبدء انتاج الشركة وروسيا مستبعدة من المشاركة لانها تعلم جديا أن الوضع الاقتصادي الحالي صعب في مصر كما انها لا تفرط في حقوقها وتتعامل كاش ولا تبقي أي حقوق مالية. بجانب ان معظم موظفي وعمال شركة النصر تركوا الشركة التي تحتاج علي الاقل2000 عامل وموظف يحتاجون2000 جنيه شهريا في المتوسط أي4 ملايين جنيه شهريا مع بعض المصروفات الاخري تصل الي5 ملايين جنيه. كما انه لا توجد آلات ومعدات. ولا يوجد مستثمر محلي قادر علي تحمل هذا الحمل المرهق في ظل حالة ركود تضرب السوق المحلي وتسيطر عليه. يضيف حسن سليمان إن اسعار السيارات ارتفعت20% في المتوسط نتيجة ارتفاع الدولار وتكلفة الاجور والصيانة للمصانع بعد أن زادت التكلفة علي المصنعين بما بين15% الي20% ولا تقل التكلفة التصنيعية للسيارات الجديدة في مصر عن50 ألف جنيه. يطالب سليمان بتوجيه صادرات السيارت المصرية الي السوق الافريقية المتعطشة الي سيارات الركوب الفردي والجماعي. وتيسير عملية التصدير مشيرا الي أن ضريبة المبيعات علي السيارات في مصر15% ولا تتعدي4% في منطقة الخليج. في حين يري المهندس جمال عقيل خبير صناعة السيارات في مصر أنه لا توجد أي استعدادات جدية حاليا لتصنيع سيارة مصرية. فأين السوق الذي سيستوعب ؟ وأي سعر مناسب؟ وأي أجزاء رئيسية سيتم تحديدها والعالم يتسابق بشكل يومي مذهل في سباق تصنيع السيارة وهناك ابتكارات وتقدم تكنولوجي وفجوة تكنولوجية لا تقل عن نصف قرن وتكلفة البحوث رهيبة لذا من الناحية العملية صعب تصنيع سيارة حاليا وصناعة مكونات السيارة ليست عيبا أو ضعفا. وعن اتفاقية الشراكة الاوربية يوضح عقيل أن سعر السيارة المستوردة في ظل الاتفاقية سيصبح أقل بكثير من سعر السيارة المجمعة محليا. وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق علي تأجيل مصر إجراء خفض جديد علي السيارات المستوردة من أوروبا بنسبة10% للعام الحالي مراعاة للظروف الراهنة التي يمر بها الاقتصاد المصري, وهو ما يعني أن نسب الجمارك علي السيارات28% بالإضافة إلي15% ضريبة مبيعات علي السيارات1600 سي سي. و قرار التأجيل لمدة عام كانت قد عرضته لجنة المشاركة المصرية- الأوروبية وتم طرحه علي الجانب الأوروبي في28 فبراير الماضي وأن هذا القرار قد أتخذ من الجانب المصري نظرا للظروف التي تمر بها البلاد وتأثيرها علي صناعة السيارات في مصر في الوقت الذي تساءل فيه الجانب الأوروبي عن جدوي هذا الطلب في حين أن السيارات التي تحتل الشريحة الكبري من المبيعات في السوق المحلية المصرية من السيارات الآسيوية!. النصر للسيارات عملاق صناعى ينهار انشئت شركة النصر عام1962 وبدأت بتصنيع لوري من خط التجميع وكان عدد العاملين وقتها360 عاملا وموظفا وهدفت الخطة الخمسية لوزارة الصناعة وقتها الي تصنيع جرارات زراعية وسيارات ركوب ومقطورات بشراكة صناعة ألمانية غربية. ودخلت مجال تصنيع سيارات الركوب بالتعاون مع شركة ايطالية بطاقة انتاجية12 ألف سيارة سنويا, وعانت الشركة في الستينات من نقص النقد الأجنبي مما أدي الي نقص الانتاج. نجحت الشركة في حل أغلب مشاكلها بعد تولي الدكتور عادل جزارين رئاستها في حل هذه المشكلة وأصبحت النصر من القلاع الصناعية الرائدة التي يعمل بها12 ألف عامل و500 مهندس وأنشيء بها معاهد تدريب للفنيين واصبحت الشركة تضم مصنعا كاملا للاتوبيسات وخلال تلك الفترة كانت شركة النصر قد اسند لها أربعة مشروعات بتعاقد مع ثلاث دول مختلفة مما شكل عبئا علي الشركة. و نتج عن هذا العبء تقسيم الشركة عام2004 الي شركتين الأولي لسيارات النقل والثانية للركوب تأثرت الشركة طوال تاريخها بالتحولات الاقتصادية التي مرت بالبلاد خلال العهود المختلفة, القطاع العام ثم الاقتصاد الحر, والخصخصة ومع ذلك ظلت الشركة في نجاح حتي منتصف الثمانينات. ثم بدأت تتكبد خسائر في ظل سياسة الحكومة في تثبيت أسعار المنتجات الصناعية رغم التزايد المستمر في تكاليف مستلزمات الانتاج خاصة المستورد منها بالاضافة لارتفاع اجور العمالة. بجانب بيع الأصول ومنها60 فدانا التابعة للشركة. وهذا ماجعل مصر التي بدأت صناعة سيارات الركوب في1961 تعود الي الوراء بينما المغرب التي بدأت بعدنا بسنوات تنتج الآن340 ألف سيارة زادت الي400 ألف سيارة سنويا سيتم تصدير عدد منها الي مصر بدون جمارك طبقا لاتفاقية أغاديرالموقعة بين الدولتين. من جانبه شدد الفريق رضا محمود حافظ, وزير الإنتاج الحربي علي ضرورة أن تتحمل الشركة القابضة كل المديونيات التي تتحملها شركة النصر للسيارات, حتي لا نعود عند مربع الصفر. وقال وزير الإنتاج الحربي في اجتماع لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة بمجلس الشوري: هناك حل آخر أمام الشركة القابضة بإعادة الأصول التي تم بيعها, ومنها ال60 فدانا التابعة لشركة النصر للسيارات, وكشف الوزير عن تلقيه تأكيدات من اللواء محمد يوسف رئيس الشركة القابضة للنقل البري والبحري عن استعداده نقل شركة الصناعات الهندسية لوزارة الإنتاج الحربي, علي أن يتحمل ديونها كاملة ودفع أجور العاملين لمدة3 سنوات, بواقع5 و6 ملايين جنيه شهريا. وطالب, بضرورة إعادة تشغيل شركة النصر للسيارات حتي تستطيع أن تدفع المرتبات للموظفين الحاليين. وقال حافظ إنه اتضح وجود وديعة بقيمة51 مليونا تآكلت حتي وصلت ل19 مليونا, حيث ذهبت جميعها في المرتبات للعاملين, والذين وصل عددهم إلي234 عاملا. وأضاف: خلال6 أشهر لن نجد مرتبات لعامل واحد. إذن لابد من الإسراع بصورة أو بأخري في إعادة تشغيل الخطوط التي تنتج مكونات للسيارات أو للغير, تعمل حتي تأتي مرتبات العاملين. وشدد الوزير علي أنه ليس هناك اتجاه لتصفية الشركة أو الاستغناء عن عمالها, لافتا إلي أن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء رحب بإعادة تشغيل المصنع. وكشف الوزير أنه التقي بوزير الاستثمار واتفقا علي تشكيل لجنتين من الوزارتين لدراسة كيفية دخول شركة النصر تحت مظلة وزارة الإنتاج الحربي بشكل قانوني. وأشار إلي أنه قريبا ستصبح الشركة تابعة لوزارته, موضحا في هذا الصدد أن الإنتاج الحربي انتهت من دراسة الجدوي لإعادة تشغيلها, متمثلا في تحديث الماكينات, التي تناسب فترة الستينيات, وإعادة تأهيل العاملين, فضلا عن مخاطبة الخارج للاستفادة من خبراتهم. وأوضح الوزير أن شركة النصر بها مصانع بخلاف عنبر4, الذي يصنع السيارات, تنتج' مكملات لصناعة السيارات', وهي من الممكن أن تعمل فورا. وحول خط صناعة السيارات, شدد الوزير علي أن دراسة الجدوي التي أعدتها الوزارة بها مخطط مبدئي لإعادة تشغيله. وأضاف: إذن فكل ما نحتاجه بجانب العمال الحاليين الذين لن يتم الاستغناء عنهم, بل إعادة تدريبهم وتأهيلهم, إضافة ماكينات جديدة, لأن الحالية من الستينيات.