«تنسيق الجامعات»: 100 ألف طالب سجلوا لأداء اختبارات القدرات    خسائر جديدة يتكبدها الذهب بالتعاملات المسائية اليوم الجمعة 25 يوليو    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    محمود بسيونى يكتب: تحالف وجودى لا يقبل الانقسام    بيان بريطاني فرنسي ألماني: حان الوقت لإنهاء الحرب في غزة    وديًا| انطلاق مباراة الأهلي والبنزرتي التونسي    الداخلية تكشف تفاصيل سحل فتاة شبرا الخيمة    بالأسماء..إصابة 8 عمال إثر إنقلاب سيارة بطريق وادى النطرون    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    وليد توفيق يعلق على شائعة وفاته: «شكرا لكل اللي سألوا عني» | فيديو    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    الرَّزْقُ    كيف أحقق الثقة في الله؟.. يسري جبر يجيب    وزير الأوقاف يحسم الجدل حول الحكم الشرعي لتناول مادة الحشيش المخدرة    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يعقد فعالياته في أبوظبي    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    فيديو يثير الجدل لنقيب الموسيقيين.. رواد التواصل الاجتماعي يطالبون بمحاسبة واستقالة مصطفى كامل بسبب واقعة مشابهة لمشهد راغب علامة    وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لإنتاج الأدوات الكهربائية في السنغال (صور)    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    مؤتمر جماهيري ل"مستقبل وطن" في دمياط    زيلينسكي: يجب إجراء محادثات على مستوى القادة لإنهاء الحرب مع روسيا    الإسماعيلي يجدد عقد إبراهيم عبد العال حتى 2029    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    غدا.. ضعف المياه بحى شرق وغرب سوهاج لأعمال الاحلال والتجديد    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    وكيلة "الصحة" توجه بتوسيع خدمات الكُلى بمستشفى الحميات بالإسماعيلية    طريقة عمل الكيكة، هشة وطرية ومذاقها لا يقاوم    الكابتشينو واللاتيه- فوائد مذهلة لصحة الأمعاء    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    قبل إنطلاق المرحلة الأولى.. قواعد يجب مراعاتها في تنسيق الجامعات 2025    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    جامعة القناة تنظم دورة عن مهارات الذكاء العاطفي (صور)    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    هل رفض شيخ الأزهر عرضا ماليا ضخما من السعودية؟.. بيان يكشف التفاصيل    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    قبل فوات الأوان.. عالِم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الركود التضخمي.. شلل أصاب الاقتصاد المصري
نشر في الأهرام العربي يوم 14 - 12 - 2016


حمدي الجمل
الركود التضخمي الذي أصاب مفاصل الاقتصاد خلال عام 2016 هو مرض يصيب أي اقتصاد في العالم، وعلاجه في منتهى الصعوبة؛ ومن أعراضه ارتفاع الأسعار بشكل كبير مع عدم إقبال الناس على الشراء بشكل أكبر، وتمتد هذه الحالة إلي الاستثمار في كل النواحي الاقتصادية من زراعية إلي صناعية، وربما يصل الأمر إلي توقف الاستثمارات الجديدة المحلي منها والأجنبي حتي تزول حالة الكساد القائمة.
ويعد واقع الاقتصاد المصري حاليا من أبرز مظاهر حالة الركود التضخمي حيث ارتفع معدل التضخم إلي 2و20% لأول مرة في تاريخ مصر خلال شهر نوفمبر الماضي، ودلالة هذا الارتفاع تعني تآكل أمول المودعين في البنوك عند مستويات سعر الفائدة القديمة 5 و12 % وعند 16 % الجديدة، وكذلك عند مستوي 20 % الذي تم طرحه لمدة عام ونصف العام غداة الإعلان عن تحرير سعر الصرف، وكذلك انخفاض القوة الشرائية للجنيه وتآكل الرواتب والأجور بنفس معدل التضخم. لكن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه بنسبة 100% من 888 قرشا إلي نحو 17 جنيها تقريبا، مثّل صدمة قوية للرواتب والأجور وأحدث خللا مدويا في الأسواق، وانجلي الضباب عن المشكلات التي خلفها تحرير سعر الصرف مثل أزمة ارتفاع سعر السكر والأرز والدواجن والزيوت وبقية السلع الأخري، ويبقي سعر الدواء والمعركة الدائرة بين وزارة الصحة وبين الشركات المصنعة أبرز تجليات هذه الحالة, الشركات تؤكد أنها تستورد مستلزمات الإنتاج والمادة الخام من الخارج وأن الدولار رفع كلفة الإنتاج، وأنها لن تستطيع أن تبيع منتجاتها وفقا للأسعار القديمة عند مستوى 888 قرشا للدولار، ووزارة الصحة تقول بأنها لن تتخلي عن المواطن ولن تسمح برفع سعر الدواء والنتيجة اختفاء العديد من أصناف الدواء من السوق.
وفي قطاع العقارات ارتفعت أسعار الوحدات السكنية بنسب كبيرة جدا، كما ارتفعت أسعار الأراضي إضافة إلي ارتفاع سعر الحديد والأسمنت وبقية مواد البناء، ورغم هذا الارتفاع ونتيجة للثقافة المصرية التي تتجسد في الإقبال علي شراء السلع عند ارتفاع أسعارها خشية زيادتها بسعر بشكل أكبر، أو اعتبار الاستثمار في العقارات هو استثمار للزمن و شراء وحدة سكنية وإعادة تأجيرها لزيادة موارد ودخل الأسر وفقا لقانون الإيجار الجديد . إلا أن الركود التضخمي دفع
القطاع العائلي إلي التخلي عن ثقافته وتوقف عن الشراء وأعتبر الجنية مخزنا للقيمة، ووضع ما لدية من أموال في شهادات البنوك ذات عائد 16% و20 % علي أمل استقرار الأوضاع وانخفاض قيمه الدولار حتي يعودوا مرة أخري إلي السوق بسبب قناعتهم بأن 17 جنيها للدولار سعر غير عادل وسيدور متوسط سعر الدولار ما بين 10 إلي 12 جنيها علي أقصي تقدير.
حالة الترقب هذه أصابت السوق بالشلل التام, البنوك تجمع السيولة بإغراء المودعين بسعر الفائدة المرتفع، والمستثمرون لن يضعوا أموالهم في السوق في ظل حالة الالتباس وعدم اليقين القائمة وينتظرون استقرار الأوضاع للبدء في مشروعاتهم، والراغبون في الاقتراض من البنوك علي قناعة تامة بأن تأجيل الاقتراض في ظل أسعار الفائدة المرتفعة هو القرار الاستثمارى الناجح و الراغبون في الاستثمار الزراعي قرروا وقف شراء أو بيع الأراضي الجديدة حتي يستقر السوق ويصل إلي السعر العادل، والمستوردون لمستلزمات الإنتاج الخاصة بصناعتهم أوقفوا الاستيراد في ظل سعر الدولار الحالي .
وبالنسبة للمواد الغذائية فإن ارتفاع الأسعار دفع المصريين من فقراء وطبقة متوسطة مطحونة أن يحددوا أولويات إنفاقهم في السلع الغذائية الضرورية وتأجيل قرار الشراء بالنسبة للسلع المعمرة من ثلاجات وبوتاجازات حتي يعود الاستقرار للسوق.
قطاع التشغيل هو الآخر يشهد نفس الحالة لأن المرتبات والأجور تآكلت وبات من الصعب بل من المستحيل أن يقبل صاحب العمل برفع الرواتب والأجور بنفس نسب التضخم، وأصبح المستحيل نفسه أن يقبل شاب يدخل سوق العمل لأول مرة أن يتقاضي 1200 جنيه كحد أدني للأجور، ونلاحظ جميعا حاجة أصحاب العمل إلي عمالة مؤهلة ومدربة ورفض أصحاب الخبرات العمل في ظل هذه الأجور المتدنية أو بمعني آخر الأجور الاشتراكية في زمن الاقتصاد الحر.
المستفيد الأكبر من هذه الحالة المرضية التي يمر بها الاقتصاد المصري هو السائح الأجنبي لو قرر العودة إلي السوق المصري بعد انخفاض قيمة الجنيه بشكل كبير لكن الحروب التي تفرضها بريطانيا وشروط روسيا المبالغ فيها جعلت هذه الميزة هي والعدم سواء، إضافة إلي فشل السياسية المصرية في فتح أسوق جديدة للسياح في كل من الهند والصين، إذا يكفي أن نشير إلي أن مصر لو نجحت في الحصول علي 1% من حجم السياحة الصينية لجذبت نحو 15 مليون سائح من الصين فقط .
ويمكن أن تكون الصادرات المصرية أكبر المستفيدين، إذا إن سعرها في الأسواق العالمية سيكون منافسا، لكن السؤال أين هي الصادرات المصرية أصلا؟ الصادرات الزراعية توجه صعوبات كبيرة بسبب الإهمال وعدم اتباع السياسيات الرشيدة في استخدام المبيدات التي ترفضها الأسواق الأوروبية والروسية وحتي الأسواق العربية. وبالنسبة للصادرات الصناعية فهي في انخفاض مستمر بسبب مشكلات جوهرية في بنية التركيبة الصناعية نفسها، إضافة الفشل في استغلال السوق الأفريقية الجبارة وفتح أسواق دول الكوميسا الذي يبلغ عدد سكانهم نحو 500 مليون نسمة.
وربما استفاد الاحتياطي النقدي من هذه الحالة بعد تخلي المصدرين عن تخزين الدولار وتحولوا إلي اعتبار الجنيه مصدرا للقيمة بعد ارتفاع أسعار الفائدة . وارتفاع الاحتياطي النقدي أمر جيد بكل المقاييس . لكن إلي متي ستستمر الدولة في جمع الدولارات من السوق المحلي؟ وهل هذا حل ناجح؟ أم أن البحث عن آليات جديدة لعودة النشاط الاقتصادي ورفع معدلات النمو وزيادة الصادرات مع الاستمرار في تخفيض الواردات هو الحل المناسب بشرط توافر منتج محلي بسعر مناسب وجودة مرتفعة .
وأتصور أن الخروج من هذه الحالة المرضية يتطلب عدة إجراءات فورية من قبل الدولة منها التشدد في إجراءات السياسة المالية المتعلقة برفع الجمارك عن السلع التي لها مثيل محلي مع وضع إستراتيجية لرفع جودة هذا المنتج لسد طلب السوق المحلي وإنشاء هيئة أو وزارة للاستيراد تستورد كل ما يحتاجه المواطن المصري سلع وتوفير كل مستلزمات الإنتاج الخاصة بالصناعة والزراعة، وأن يكون دور القطاع الخاص هو العمل في مجال الصناعة ومجال الزراعة ومجال القطاع الخدمي لأنه لا ينبغي أن ترك غذاء المصريين في يد 4 محتكرين كما أنه من غير الطبيعي أن تتخلي هيئة السلع التموينية عن دورها وتترك استيراد القيمة والغذاء للقطاع الخاص . لأن التجربة الفاشلة التي عشنها تدفعنا إلي وضع إستراتيجية جديدة تقضي بتشجيع القطاع الخاص عن العمل وترك السلع الإستراتيجية ومستلزمات الإنتاج للدولة.
إضافة إلي البحث عن توفير العملة الصعبة بتغير كل سياساتنا ورؤانا القديمة والكف عن الوقف عند عتبة الغرب والاتجاه شرقا نحو روسيا وجنوبا نحو أفريقيا والصين والهند واليابان سياحيا وصناعيا وزراعيا.
ووقف فوري لكل الخطط الرامية إلي رفع أسعار الطاقة عن المصانع ورفع الدعم عن المواطنين لمدة تتراوح ما بين 3 إلي5 سنوات، مع إصدار قرار جمهوري
برفع الرواتب والأجور والمعاشات بنسب من 20 إلى30 % للقطاعين العام والخاص.
مع سرعة إصدار قانون الاستثمار الذي كان من المفترض أن يصدر بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي مارس 2014 به نصوص واضحة أهمها أن الأرض بحق الانتفاع، وأن التحكيم يكون أمام المحاكم المصرية وأن الضرائب بنسب واضحة ومعروفة وثابتة لمدة عشر سنوات، حتي إن كانت ضرائب تصاعدية تصل إلي 50% , مع خفض سعر الفائدة إلي معدلات تناسب قدرة الاستثمار علي الاقتراض، وتوسيع قاعدة الصناعات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة شريطة أن يكون ذلك تحت مظلة مشروع صناعي كبير يجمع كل الصناعات المغذية ويمكن اختصار كل هذه الأفكار في عودة مصر حضارة زراعية كما كانت تأكل مما تنتج التوسع في الصناعات التحويلية كثيفة العمالة إضافة إلي الاعتماد علي اقتصاد المعرفة، لأن من يملك المعرفة يملك المستقبل . والمعرفة سبيل مصر الوحيد للخروج من كل أزماتها باستخدام التكنولوجيا في كل شيء وتشجيع الشباب المصر علي إنتاجها لكل شيء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.