مصرفيون: لا ضمانات على جذب استثمارات أجنبية فور الحصول على القرض
مع زيارة البعثة الفنية لصندوق النقد الدولى لمصر لمناقشة السياسات التى يمكن أن تساعد مصر بها لمواجهة التحديات الاقتصادية، بعد أن طلبت الحكومة المصرية رسمياً اقتراض 12 مليار دولار من صندوق النقد وفق تصريحات عمرو الجارحى، وزير المالية، حيث ستقترض الحكومة 4 مليارات دولار من الصندوق سنوياً لمدة 3 سنوات بسعر فائدة يتراوح بين 1.5٪ إلى 2٪. تأتى تأكيدات الخبراء بأن أهمية القرض تكمن فى شهادة الثقة التى ستحصل عليها مصر عقب توقيع القرض مع الصندوق وليس فى قيمة القرض المالية، فشهادة الثقة التى يمنحها صندوق النقد للدول التى يقرضها لا تزال هى الهدف الأول برغم حصول مصر على قروض ومساعدات أجنبية تجاوز قيمة القرض الذى يتم التفاوض عليه منذ 2011 والتى من المتوقع أن تعقبها طفرة فى معدل الاستثمار الأجنبي، وهو ما تسعى الحكومة جاهدة لعودته لمستوياته السابقة لسد العجز فى الموازنة العامة للدولة وتوفير أحد الموارد الأساسية من العملة الصعبة. قال عمرو حسانين، رئيس شركة ميريس للتصنيف الائتمانى إنه لا يوجد أى ضمانات لقدوم مستثمرين أجانب فور حصول مصر على شهادة الثقة من الصندوق، فهى تعنى فقط أن هناك برنامجا اقتصاديا متكاملا حاصلاً على موافقة خبراء الصندوق، ليصبح العامل الرئيسى هو إمكانية التزام الحكومة بتنفيذ البرنامج المتفق عليه من عدمه. ونفى حسانين ارتفاع تكلفة قرض الصندوق المقدر بنحو 12 مليار دولار فى مقابل شهادة الثقة، مؤكداً أن الاقتراض من الصندوق دائماً ما يكون منخفض التكلفة مقارنة بإصدار سندات دولية على سبيل المثال، موضحاً أن التكلفة تكون مرتفعة إذا لم تلتزم مصر ببرنامجها الاقتصادي، وتتمثل هذه التكلفة فى سوء السمعة الدولية وانخفاض ثقة المجتمع الدولى مع فشل الحكومة فى تنفيذ ما وعدت به. كما شدد على أن الضمان الأول والأخير لجذب المستثمرين الأجانب لمصر، هو صلاحية قوانين الاستثمار فى مصر ومدى تطبيقها ودور الدولة العميقة فى عرقلة أى حركة نمو فى الدولة، ما يجعل الحوافز الاستثمارية التى تعطيها الدولة للمستثمرين من حوافز ضريبية أو تسهيلات فى التراخيص وغيرها غير ذات جدوى، فالمشكلة فى الأساس ليست فى التمويل ولكن فى ترتيب البيت من الداخل وتهيئة المناخ الاستثمارى المتكامل الذى يستطيع جذب المستثمر دون الحاجة إلى شهادات ثقة من مؤسسات مالية دولية. وأوضح أحمد عبد المجيد، مدير عام بنك الاستثمار العربى أن النقطة الأهم فيما يخص مسألة قرض الصندوق، هو ضمان عدم إهداره فى الاحتياجات الاستيرادية الاستهلاكية أو للحفاظ على قيمة العملة المحلية، بل لابد من توجيهه فى استثمارات منتجة قادرة على توفير عائد يستطيع تغطية تكلفة القرض ولا تحمل الدولة أعباء إضافية، فضلاً عن تهيئة مناخ الاستثمار عن طريق تحسين البنية الأساسية. وأضاف أن موافقة صندوق النقد على إقراض مصر هو شهادة على جودة الاقتصاد المصرى وارتفاع جدارته الائتمانية، الأمر الذى من شأنه تشجيع المستثمرين الأجانب المتخوفين من اقتحام أسواق غير آمنة على المستويين الاقتصادى والسياسى، ولكن بشهادة الثقة التى يمنحها السوق، فإن أغلب تلك التخوفات تزول على الفور. وألمح عبد المجيد إلى أن حصول مصر فى وقت سابق على قروض من مؤسسات مالية دولية كبرى مثل البنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، وبنك التنمية الإسلامي، وبنك التنمية الصينى لا يعد شهادة صلاحية للاقتصاد المصري، فهذه المؤسسات تمول مشروعات اقتصادية بعينها، وليس الدولة من خلال برنامج متكامل للنمو الاقتصادي. وأكد مدير عام بنك الاستثمار العربى أنه لا توجد ضمانات لزيادة معدلات الاستثمار الأجنبى فور حصول مصر على قرض الصندوق، بل هى شهادة تدعم الموقف الاقتصادى للدولة أمام المجتمع الدولي، وترفع من فرص الاستثمار الأجنبى فيها، ولكنها فى نفس الوقت لا تستطيع إلزام أى جهة للاستثمار فيها لتبقى مسألة الترويج لها ملقاة على عاتق الحكومة، بجانب حزمة من الحوافز الاستثمارية التى تحفز المستثمرين على ضخ رءوس أموالهم فى هذه الدولة دون غيرها. كما لفت النظر إلى أن حجم المخاطر المترتبة على القرض تتوقف على أوجه استخدامه فإذا لم يوضع فى مكانه الصحيح، فإنه فقط سيضيف أعباء جديدة على الدين العام وخدمة الدين بدون فائدة، ولكن إذا أحسن استغلاله فبالتأكيد سيمثل إضافة تستطيع تحقيق طفرة اقتصادية خصوصاً مع كبر حجم القرض الذى يتيح حرية أكبر للحكومة فى توجيهها لمناطق العجز، وحلها من جذورها. وتابع أن القرض لن يحتسب ضمن احتياطى النقد الأجنبي، أى أن هذا لن يحقق خطة طارق عامر محافظ البنك المركزى الذى أعلن فى وقت سابق عن وصول الاحتياطى بنهاية العام الحالى إلى 25 مليار دولار، مضيفاً أن مشكلة الدولار لا تزال هى الأبرز حتى الآن وبوصول الشريحة الأولى من القرض ستحل جزءا من المشكلة. من جانبه يرى كرم سليمان، رئيس قطاع الأموال والفروع الخارجية بأحد البنوك الحكومية، أن الحكومة تسعى للحصول على شهادة الصلاحية، بالإضافة إلى قيمة القرض نفسها فالدولة لديها التزامات مالية كبرى من الديون الخارجية تستحق خلال العام المقبل، وعليه فلابد من تدبير مورد مالى دولارى كافٍ يغطى تلك الالتزامات العاجلة. وأشار إلى أن شهادة الصلاحية التى ستحصل عليها مصر من قرض الصندوق لها أهمية بالغة فى حال إصدار الحكومة سندات دولية، حيث ترفع من الجدارة الائتمانية للدولة، مما يدعم وجود الاستثمارات الأجنبية فى السوق المصرى بفضل عمق السوق، والدليل على ذلك هو تنافس البنوك الأجنبية على الدخول فور خروج أحد اللاعبين فى القطاع المصرفى.