أمين عام كبار العلماء بالأزهر: علم الحديث من أعظم مفاخر الأمة الإسلامية    «إكليل الشهداء».. عظة البابا تواضروس في اجتماع الأربعاء    نظام التعليم الألماني.. شراكة حكومية وبرامج حديثة تحفز على الابتكار    صوتها ليس كافيًا لتنبيه المشاة.. استدعاء 8390 سيارة دودج تشارجر الكهربائية    قوات الدفاع الجوي السعودي تدشن أول سرية من نظام «الثاد» الصاروخي    التشكيل الكامل لجهاز الإسماعيلي بقيادة «ميلود»    وزير التعليم يستعرض مشروع تعديل قانون التعليم وشهادة البكالوريا بمجلس النواب    نوال الزغبي تغازل جمهورها المصري.. وتطرح 3 أغنيات جديدة قريبًا    محافظ سوهاج: تخصيص 2.15 مليون فدان لدعم الاستثمار وتحول جذري في الصناعة    المغرب والتشيك يوقعان اتفاقية تجريب تقنية استخلاص الماء من رطوبة الهواء    بعد إقراره رسميًا| من الزيادات إلى الإخلاء.. أبرز 10 مواد تلخص قانون الإيجار القديم (تفاصيل)    وزير خارجية فرنسا: الهجمات الإسرائيلية والغارات الأمريكية على إيران تنتهك القانون الدولي    الأردن وفلسطين يؤكدان ضرورة وقف العدوان على غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية    وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    واشنطن تنفي تعليق تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا    حمد الله يبدأ مشواره مع الهلال ويؤدى مرانه الأول استعدادا لموقعة فلومينينسى    مسؤول بالأمم المتحدة: تمويل التنمية يرتبط مباشرة بالأمن    رابطة العالم الإسلامي تُدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    أتلتيكو مدريد يستفسر عن موقف لاعب برشلونة    فوز تاريخي للنرويج على سويسرا في بطولة أمم أوروبا للسيدات    ثنائي الهلال جاهز لمواجهة فلومينينسي في ربع نهائي مونديال الأندية    مدحت شلبي ردا على «المتحذلقين»: «المفروض نقلد المشروع السعودي مش نقلل منه»    اجتياز 40 حكمًا لاختبارات الانضمام لدورة الحصول على رخصة تقنية VAR    رسميًا.. الكشف عن الأندية المشاركة في دوري الكرة النسائية موسم 2025/2026    جالاتا سراي يستهدف حارس إنتر    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    «تيارات حِمل حراري».. تحذير من حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    مصرع عامل صعقًا بمزرعة دواجن في بلطيم بكفر الشيخ    جريمة بشعة في المنيا.. أب يذبح أطفاله الثلاثة في قرية زهرة لخلافات مع الأم    نيابة البحر الأحمر تصرح بدفن ضحايا الحفار الغارق وتواصل التحقيقات في أسباب الحادث    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم الخميس 3 يوليو 2025    طارق الشيخ عن وصية أحمد عامر بحذف أغانيه: "يا بخته أنه فكر في كده"    علي الحجار يحتفل ب ذكرى زواجه: 23 سنة سعادة مع هدى    مملكة الحرير" يحقق رقمًا قياسيًا على يانغو بلاي ويتصدر الترند لليوم الثالث على التوالي    شاهد.. بهذه الطريقة احتفلت مادلين طبر بثورة 30 يونيو    أحمد زاهر ل زوجته: لولاكِ مكنتش هعرف أعيش أنتِ عمود البيت    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    مستشفى النفسية بجامعة أسيوط تنظم اليوم العلمي الرابع للتمريض    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    هل تنظيم الأسرة يتعارض مع دعوة الشرع بالتكاثر؟ أمين الفتوى يٌجيب    هل "الدروب شيبنج" جائز شرعًا؟ أمين الفتوى يجيب    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن فى حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    صحة الإسكندرية: إنقاذ حياة طفلة فى عمر رحمى 37 أسبوعًا بجراحة دقيقة.. صور    وزير قطاع الأعمال: حريصون على تعزيز التعاون مع الشركات العالمية ذات الخبرة    استدعاء الممثل القانوني لقناة "المحور" بسبب مخالفات برنامج "90 دقيقة"    الشعب الجمهوري: انتخابات الشيوخ تأكيد على نضوج التجربة الديمقراطية وتعزيز لمناخ الاستقرار السياسي    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    استمرار الكشف الطبي على المتقدمين للترشح ب انتخابات مجلس الشيوخ في الشرقية    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبراء يكشفون «تزوير التاريخ»: المصادر الجغرافية العربية وثقت أم الرشراش ضمن الحدود الشرقية لمصر
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 06 - 2016


تساؤل تطرحه سهير عبد الحميد
«أم الرشراش «القضية التى لم يغلق ملفها بعد، تلك القرية الصغيرة الكائنة فى الطرف الشمالى الغربى بخليج العقبة التى لا تزيد مساحتها على 1500 كيلو متر مربع، هى الورقة التى يرى البعض أن المفاوض المصرى أغفلها أثناء مفاوضات طابا مكتفيا بالاستناد إلى اتفاقية الحدود التى تمت فى ظل الانتداب البريطانى والاحتلال العثمانى 1906.. البقعة التى منحت إسرائيل قبلة الحياة ليكون لها منفذ على البحر الأحمر يتحكم الآن فى 40 % من حجم التجارة الإسرائيلية، والتى استولت عليها إسرائيل بتدبير بريطانى عام 1949 من خلال عملية عوفيدا «الأمر الواقع» حين خرقت اتفاق الهدنة وقتلت 350 فردا من قوة الضباط المصريين، وتحولت أم الرشراش إلى إيلات.
قضية ظلت تثار إبان احتفالات تحرير سيناء كل عام على استحياء لتدفن من جديد بين ذكريات أليمة عاشتها مصر بسبب حدها الشرقى الذى كان نعمة ونقمة برغم أن حق مصر فى شبه جزيرة سيناء حفرته الجغرافيا والتاريخ منذ وجد الإنسان المصرى على هذه الأرض والتى أوجزها جمال حمدان بقوله:
«إن سيناء تحمل بصمات مصر حضارة وثقافة وطابعا وسكانا بالقوة نفسها التى يحملها أى إقليم مصرى آخر».
ما زال هناك من يسوق الأدلة على أن أم الرشراش أرض مصرية ليس من بينها بالتأكيد القول إن أم الرشراش بها استراحة ملكية كانت تخص الملك فاروق، فذلك القول فيه خلط بين أم الرشراش تلك القرية الواقعة على خليج العقبة ووادى الرشراش الموجود على بعد 30 كم من طريق الكريمات الدولى بالصف والذى بنى للملك فاروق لصيد الغزلان.

إيلات.. تزوير للتاريخ
عندما استولت إسرائيل على أم الرشراش حولت اسمها إلى إيلات نسبة إلى «أيلة» المذكورة فى التوراة وهو ما يراه الباحث فتحى عبد العليم فى كتابه «كى لا ننسى أن أم الرشراش أرض مصرية»، الذى يعد الدراسة الوحيدة المنشورة عن قضية أم الرشراش، تزوير جديد للتاريخ وأن أصل اسم إيلات وهو أيلة لا يعود- كما يدعى الصهاينة - إلى اسم أيلة القديمة المذكورة فى رب التوراة. بل هو اسم كنعانى سامى بمعنى «الله» وهو ما بينه علماء تفسير اللغة، ومنهم ابن كثير والضحاك وتحدثوا عن مدينة أيلة بوصفها ملتقى الحجيج من المغرب ومصر وبلاد الشام وذكر مؤرخو السيرة النبوية أن النبى اهتم بأيلة، وأعطى لأهلها عهد أمان فى رسالة جاء فيها: هذه أمنة من الله ومحمد النبى رسول الله ليختة بن رؤبة صاحب أيلة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم فى البر والبحر لهم ذمة محمد النبى ومن كان معهم أهل الشام وأهل اليمن «. كما أثبت المؤلف أن أيلة طالما كانت ضمن الحدود المصرية، مشيرا إلى أن هذا الاسم وجد فى قائمة تحتمس الثالث بالكرنك بينما دونت العقبة على لوحة تحتمس الأول فى توميس بالنوبة. واستند المؤلف إلى العديد من المصادر التاريخية ومنها «فتوح مصر وأخبارها» لابن الحكم ، والذى هو أقدم مرجع يؤرخ لمصر العربية، وفيه أن حدود مصر تمتد جنوبا حتى أسوان أما عرضها فيمتد من برقة فى الغرب حتى أيلة فى الشرق وهى الحدود التى كانت عليها مصر قبل الفتح العربى وبعده ظلت طوال تسعة قرون قبل الفتح العثمانى وبعده.
وفى «المسالك والممالك» لابن خردذابة، نجده يقول: «وحدها طولا من برقة إلى أيلة وعرضا من أسوان حتى رشيد.. وهى الحدود التى أقرها القلقشندى والمقريزى والمسعودى.. وأشار الفرمان 1841 الذى اعترفت بمقتضاه الدولة العثمانية بأن حدود مصر تشمل كامل سيناء، بالإضافة إلى بعض المراكز التى تحمى طريق الحج المصرى وهى العقبة والمويلح، وضبا على الساحل الشرقى لخليج العقبة ومنها أم الرشراش. ويشير المؤلف إلى أن الاستناد إلى اتفاقية 1906 فى مسألة الحدود المصرية تعبر عن أسلوب انتقائى فى اختيار البراهين فلماذا نحتج بتلك الاتفاقية ويتم تجاهل الفرمان العثمانى وفرمان 1892 وملحقاته، ومن قبلهما فرمان 1841 ولماذا ينكرون تاريخ الحدود المصرية طوال تسعة قرون سابقة على التاريخ العثمانى فضلا عن التاريخ القديم!
وأشار إلى أن صك الانتداب البريطانى لفلسطين 1922 لم يضع حدودا لفلسطين بل كانت قوات حرس الحدود المصرية موجودة فى أم الرشراش منذ عام 1931 ومسجل ذلك فى سجلاتها الرسمية أى أثناء عهد الانتداب.إضافة إلى أن مصر قدمت وثائق مصلحة حرس الحدود من عام 1931 – 1935 ضمن وثائق التحكيم فى طابا وورد فيها أن قوات الحدود المصرية استولت عام 1931 على أم الرشراش لموقعها المهم وارتفاعها على سطح البحر وأهميتها للأمن المصرى.

مركز التقاء الحجيج
فى القاموس الجغرافى للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين وحتى سنة 1945 الذى وضعه وحققه محمد رمزى المفتش السابق بوزارة المالية الذى توفى عام 1945 جاء: «أن العقبة هى بلدة فى طريق الحجاج بين مصر والحجاز كانت تسمى قديما «أيلة» وقد كانت مدينة جليلة القدر على ساحل البحر الملح بها التجارة الكثيفة وأهلها أخلاط من الناس وهى على بعد يوم وليلة من جبل الطور ولمجاورة أيلة إلى عقبة من الجبل يصعب الصعود إليها تعرف بعقبة أيلة فقد أطلق أهل مصر اسم العقبة على ذات بلدة أيلة لمناسبة مرورهم عليها من طريق الحج فى كل عام وكانت العقبة تابعة لمصر، أما الآن فهى من بلاد إمارة شرقى الأردن المجاورة لأرض فلسطين بقارة آسيا فى حدود مصر».
فوفقا للمراجع التاريخية، أن محمد على لما تسلم حكم مصر، قام بضم قلاع الحجاز إلى سلطته السياسية والإدارية، وجعل من نفسه حاميا للحرمين الشريفين وحتى بعد أن استرجع منه السلطان عبد الحميد الحجاز، ظلت العساكر المصرية بقلاع الحجاز المويلح وضبا وقلعة العقبة وقلاع سيناء لحماية درب الحج. ولما أهمل درب الحج البرى عبر أراضى سيناء بعد تحول الحجيج للطريق البحرى 1885 طالبت الدولة العثمانية محمد على باسترجاع قلاع الحجاز فسلمها وكان آخرها قلعة العقبة 1892 وأصدر السلطان العثمانى فرمان 1892 بضم منطقة العقبة للأراضى الحجازية، وبقيت أم الرشراش ورأس النقب وطابا تحت الحكم المصرى حتى عام 1906 عندما احتلت القوات العثمانية أم الرشراش وطابا ورأس النقب ثم انسحبت منها بناء على الضغط البريطانى وعقدت معاهدة مع بريطانيا قضت بضم طابا ورأس النقب لمصر وأم الرشراش للحجاز.

خط حدود تاريخى وسياسى
بينما تشير ألفت أحمد الخشاب فى دراسة عن تاريخ تطور حدود مصر الشرقية وتأثيره على الأمن القومى المصرى 1892- 1988..أن الأزمة الأولى التى تتعلق بالحدود الشرقية وقعت عام 1892 عندما أرادت الدولة العثمانية اقتطاع العقبة من الحدود المصرية، وتراجع الباب العالى تحت الضغط البريطانى لينص فرمان توليه الخديو عباس حلمى الثانى على بقاء سيادة الخديو على الأراضى المصرية، كما كانت فى عهد جده إسماعيل ووالده توفيق. وعندما أرادت الإدارة العثمانية إثارة مسألة سيناء وخليج العقبة مرة أخرى 1906 طلبت الحكومة المصرية تعيين لجنة مشتركة من المصريين والأتراك لتحديد التخوم بين شبه جزيرة سيناء والممتلكات العثمانية فى الحجاز والشام فتم تجاهل الطلب المصرى واشتد النزاع بعد أن سارعت القوات العثمانية إلى احتلال العقبة وطابا وانتهت المفاوضات إلى تشكيل لجنة وضعت اتفاقية 1906 التى أصرت الحكومة العثمانية على تسميتها باتفاقية الحد الفاصل وليس الحدود بحكم استمرار تبعية مصر الاسمية للدولة العثمانية، إلا أنه اكتسب صفة الخط الحدودى السياسى بمقتضى المادة السابعة بحيث لا يسمح للجنود العثمانيين ورجال الشرطة بعبور الحدود وهم مسلحون. وتذكر د. ألفت الخشاب أن مصر تنازلت عن أراض لها على الجهة الغربية من الحد الفاصل حتى يكون الاتفاق مرضيا للطرفين.ومع ذلك تؤكد د. ألفت أن صناعة الخط الشرقى الحدودى الدولى لمصر لم يكن صناعة بريطانية أو استعمارية، بل كان نتيجة لظهور الفكر الوطنى والهوية القطرية، وأن تعيين ذلك الحد تم وفقا لاعتبارات سياسية وتاريخية وجغرافية وديموجرافية.

وجود غير قانونى
الدكتور محمد متولى فى كتابه «اتفاقية رودس بين العرب وإسرائيل 1949 يقول إن وجود إسرائيل فى خليج العقبة أمر غير قانونى، ويعد انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الصادرة فى 15 يوليو 1948 وفى نوفمبر 1948. وأوضح أن أم الرشراش كانت تابعة للدولة المصرية أثناء اتفاقية رودس وكان المفاوضون الإسرائيليون يطلبون حقوق تحرك من المصريين فى منطقة النقب الجنوبية أى قبل 24 فبراير 1949 وقبل قتل الجنود المصريين فى أم الرشراش 10 مارس 1949.
ولهذا السبب اغتال الصهاينة الكونت برنادوت الوسيط الدولى فى المفاوضات، لمطالبته أن تكون صحراء النقب ضمن حدود الدولة العربية فى مشروع التقسيم ووضع قيود على هجرة اليهود وهو ما أكده أيضا الدكتور محمد عمارة فى مؤلفه «الوعى بالتاريخ وصناعة التاريخ».
وفى مذكرات محمود رياض - أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق- نقرأ رواية رئيس الوزراء الأردنى توفيق باشا أبو الهدى الذى أقر بها فى مؤتمر رؤساء الحكومات العربية الذى عقد فى يناير 1955 عندما قال: «إنه عندما بدأت القوات اليهودية فى تقدمها جنوبا باتجاه خليج العقبة فى مارس 1949 لاحتلال أم الرشراش، جاء الوزير المفوض البريطانى فى عمان ليقول له أن حكومته ترى ضرورة استمرار المواصلات البرية بين مصر وباقى الدول العربية، وتقترح لذلك إرسال كتيبة بريطانية إلى مدينة العقبة لمنع اليهود من الوصول إلى الخليج، وفعلا وصلت الكتيبة الإنجليزية إلى ميناء العقبة الأردنى على أن تتحرك فى الوقت المناسب لوقف التقدم اليهودى، لكنها ظلت فى ميناء العقبة دون أن تتحرك بينما استمرت القوات اليهودية فى تقدمها لاحتلال أم الرشراش وليكتشف بعد ذلك أن جلوب باشا قائد القوات الأردنية الإنجليزى قد تواطىء مع العصابات اليهودية لاحتلال أم الرشراش بهدف الوصول إلى منفذ على البحر الأحمر».

أدلة نفى
الأقوال تتردد عن أن الجانب المصرى طالب بأم الرشراش من وقت لآخر، وأن هذا بدأ فى عهد عبد الناصر الذى عرض على جون كيندى إقامة كوبرى يمر فوق أم الرشراش بهدف الربط بين المشرق والمغرب، لكن ناصر رفض استبدال أرض مصرية بمجرد كوبرى فى حين ركز السادات على طابا، ونسبت تصريحات لمبارك فى حوار مع صباح الخير يا مصر عام 1997 بأن أم الرشراش أرض مصرية، وكذلك الدكتور أسامة الباز. إلا أن وزير الخارجية أحمد أبوالغيط أغلق الملف سياسيا حين أعلن أن أم الرشراش ليست أرضا مصرية وفقا لاتفاقيتى 1906 و1922، مشيرا أنها كانت ضمن الأراضى الفلسطينية وفق قرار الأمم المتحدة 181 فى نوفمبر 1947، وقيل إنه عام 2000 رفضت الرقابة على المصنفات الفنية مشاهد لاحتلال إسرائيل أم الرشراش فى فيلم «شباب على الهوا» تجنبا لإثارة مشاكل مع الجانب الإسرائيلى.
وهو ما نفاه الدكتور مدكور ثابت رئيس الرقابة وقتها، مبينا أنه تم حذف مشهد واحد يظهر إسرائيل وهى تقوم بتهريب أحد القتلة لما يحمله المشهد من إساءة إلى الأمن المصرى.
اللواء بحرى أركان حرب محسن حمدى وهو أحد أعضاء لجنة التفاوض لاستعادة سيناء يؤكد:أن موضوع أم الرشراش لم تتم إثارته على الإطلاق أثناء مفاوضات السلام مع الإسرائيليين لا كتابة ولا شفاهة..فأم الرشراش وفقا للدراسة التاريخية والمراجع والخرائط أرض فلسطينية كانت خاضعة للإدارة الأردنية استولى عليها الإسرائيليون كى يكون لهم منفذا على البحر الأحمر، فأم الرشراش أرض فلسطينية وقد كانت وفق قرار التقسيم 181 الصادر عن الأمم المتحدة، ضمن الحدود الفلسطينية، فالمفاوض المصرى لم يفرط ولم يقبل أى ضغوط، وحققنا الهدف النهائى، وهو استرداد أراضينا المحتلة بالكامل.وقد قمنا بعمل ميدانى سابق على عمل هيئة التحكيم لمدة عام كامل لإظهار وتأكيد صحة خط الحدود، ورفضنا أى ابتزاز حول موقع العلامة 91 أو اعتبار الخلاف حولها مجرد خلاف فنى بحت..وقد شهد الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية فى كتابه «طابا وكامب ديفيد» ببراعة العمل الميدانى الذى قمنا به على الأرض للحفاظ على الحدود المصرية التاريخية، فالقوات المسلحة لم تكن قد وطأت أقدامها الشريط الحدودى على الجانب المصرى منذ عام 1956 لأنه فى نهاية أكتوبر 1956 احتلت إسرائيل سيناء بالكامل وعند انسحابها فى مارس 1975 وبناء على قرار الأمم المتحدة تولت دوريات قوات الطوارئ الدولية الإشراف على الشريط الحدودى عرضه 3 كم داخل الأراضى المصرية، ثم احتلت إسرائيل سيناء 1967 حتى تم الانسحاب النهائى فى 25 إبريل 1982، وبالتالى كانت معلومات مصر ضئيلة وترجع إلى ما قبل 1956.

لماذا إيلات؟
فى كتابه عن حرب 1948 يروى الخبير الإستراتيجى اللواء إبراهيم شكيب أن خليج العقبة يرتبط فى المنظور الإسرائيلى ارتباطا وثيقا بقناة السويس، باعتبار أن النتيجة المشتركة لحصار قناة السويس البحرى وخليج العقبة هى الحيلولة دون وصول إسرائيل إلى الأسواق الإفريقية والآسيوية بوجه عام وإلى مصادر البترول الإيرانى بوجه خاصاً، حيث كان يرد 90% من احتياجات إسرائيل البترولية آنذاك من ميناء عبدان بإيران مما اضطرها إلى شراء ما تحتاج إليه من بترول من أسواق نائية وبأسعار مرتفعة...ويضيف أن الحكومة البريطانية قررت أثناء معارك حرب فلسطين أن تبعث بقوة عسكرية بريطانية للمرابطة فى منطقة أم الرشراش بدعوى أنها منطقة إستراتيجية مهمة لمواصلات الإمبراطورية بين قاعدة قناة السويس فى مصر وقاعدة الحبانية فى العراق، ويذكر رواية رئيس وزراء الأردن توفيق أبو الهدى فى اجتماعات مجلس رؤساء حكومات الدول العربية بتاريخ 24 يناير 1955 أنه فى فبراير 1949 انسحبت القوة البريطانية من منطقة أم الرشراش وسلمتها لقوات من الجيش الإسرائيلى، وهكذا فإن الجيش الإسرائيلى الذى لم يستطع الوصول إلى أم الرشراش بالحرب وصل إليها بترتيب خاص وهادئ مع السياسة البريطانية، ووقتها لم تعد هناك حجة سلامة خط مواصلات الإمبراطورية البريطانية.. وبالطبع كان الأهم من ذلك كله والمستهدف إغلاق كل سبيل للاتصال البرى بين مصر وبقية الدول العربية فى المشرق بل والفصل البرى بين العرب فى قارتى إفريقيا وآسيا «.
ويذكر محمد فيصل عبد المنعم فى كتابه «أسرار 1948» أن اليهود احتلوا أم الرشراش دون قتال، وكان عدد القوات اليهودية التى وصلتها 200 جندى بسيارات الجيب واللوريات ومعهم عدد قليل من اللوريات وبديهى أن هذه القوة كان يمكن القضاء عليها فى الصحراء لو سمح جلوب باشا» وجلوب باشا هو ضابط بريطانى تولى قيادة الجيش العربى الأردنى خلال الفترة من 1939 حتى أعفاه الملك حسين من مهامه 1956، وبالطبع لم يكن ليسمح لقوة عربية بالتصدى للقوات اليهودية، خصوصا أنه هو الذى طالب القوات الأردنية بالانسحاب من أم الرشراش وعدد من المناطق الأخرى ليفسح الطريق أمام التقدم اليهودى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.