نقابة السينمائيين تحتفظ بحق الرد .. وترفض التشهير بدياب - يسري نصر الله والعدل ورمسيس يهاجمون التليفزيون بال "فيسبوك"
- دندراوي الهواري رئيس تحرير برنامج "أنا مصر ": التقرير لم يتعرض لشخص دياب .. فقط تصريحاته ومشاهد من أفلامه .. فهل يتنصل منها؟ لماذا يرفض المهاجمون حقنا في النقد .. ويمنحونه كل الحرية في تشويه مصر؟
حالة من الغضب العارم اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي وأوساط المثقفين والفنانين بعد قيام برنامج" أنا مصر"بالتليفزيون المصري، بعرض تقرير يهاجم وبشدة المخرج والسيناريست محمد دياب، سبقه وتلاه هجوم لا يقل ضراوة من الإعلامية أماني الخياط مشككة في مشاركة الأفلام المصرية في مهرجان "كان" وأن هذا المهرجان لا يحتفي أبدا بالأفلام المصرية إلا لأسباب مغرضة، في حين وصف التقرير محمد دياب بأنه من نشطاء السبوبة والتمويلات، وأنه في أفلامه يقدم صورة مشوهة للمجتمع المصري، وأن مصر مجتمع متحرش ينتهك المرأة وحقوقها كما جاء في فيلمه "678 "وأن في أعماله ولقاءاته عبر وسائل الإعلام يروج لأفكاره المضادة لمعظم مؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية التي كان يسعى دياب على حد وصف التقرير لتشويهها، وأنه عبر السوشيال ميديا كانت له مواقف غريبة مثل معاداته مصر في واقعة مقتل الإيطالي ريجيني ومساندته لأحمد مالك الذي وزع بالونات الواقي الذكري في ميدان التحرير، ويصل التقرير إلى فيلمه "اشتباك "، مشيرا إلى أن دياب وصف مصر من خلال هذا الفيلم بأنها تمنع الحريات وتشهد فوضى عارمة بعد الثورات ويقدمها على أنها سجن متحرك، حيث تدور كل أحداث الفيلم داخل عربة ترحيلات، مؤكدا في نهاية فيلمه بأن الخروج من هذه الفوضى لا يتحقق الا بالتصالح مع الإخوان، وتطرق التقرير إلى ما أسماه بوجود علامات استفهام كثيرة ترتبط بهذا الفيلم، منها أن الداعية الإسلامي معز مسعود أعلن أخيرا أنه أحد منتجي الفيلم بالتعاون مع عدد من المنتجين الدوليين، وهو ما يعيد للأذهان الصورة المشوهة التي تسعى بعض القوى الخارجية لرسمها للمجتمع والنظام المصري، ويطرح التقرير في نهايته سؤالاً عما إذا كان يحق لدياب أو غيره أن يخبئ سم أفكاره ومواقفه الشخصية داخل عسل الدراما المصرية خصوصا أنها أفكار لا تتفق مع ما يؤمن به معظم المصريين؟
وما إن انتهي عرض هذا التقرير حتى بدأ سيل الهجوم عليه وعلى أماني الخياط والتليفزيون المصري، من بعض النقابات الفنية والمثقفين والفنانين ونشطاء الفيس، فمن جانبها أصدرت نقابة السينمائيين بيانا صحفيا أعلنت فيه دعمها ومعها الاتحاد العام للنقابات الفنية وجبهة الإبداع لفريق عمل فيلم "اشتباك"، وحقهم في العمل والتعبير الإبداعي الحر، ورفضها الكامل لما قالته المذيعة أماني الخياط، والتشهير والإساءة لمحمد دياب المخرج والكاتب السينمائي، واتهامه جزافا وإهانته بكلام مرسل على شاشة تليفزيون بلاده. مؤكدا في نهايته الاحتفاظ بحق الرد القانون على أي تجاوز في حق المهنة والعاملين بها. وفي نفس السياق أعلن المنتج محمد العدل أحد مؤسسي جبهة الإبداع المصرية، بأنه و بالاشتراك مع النقابات الفنية الثلاث، قرروا رفع دعوى قضائية ضد برنامج "أنا مصر"، ممثلا في المذيعة أماني الخياط، ومعد التقرير محمد الحكيم، الذي هاجم محمد دياب، وضد التليفزيون المصري أيضا، باعتباره المسئول عن البرنامج الذي عرض التقرير.
فيما وصفت الناقدة الفنية علا الشافعي هذا التقرير بأنه تقرير "إرهابى فاشستى محرض" وأن الخياط ومن معها ارتكبوا نفس الجرم في واقعة التحريض على اغتيال ""فرج فودة" و"نجيب محفوظ". وعبر صفحته على الفيس بوك سخر المخرج يسري نصر الله من تشكيك الخياط في نوايا المهرجان، والسبب في الاحتفاء العالمي بالفيلم.، بينما انتقد السيناريست عمرو سمير عاطف، التقرير مهاجما التليفزيون المصري معلنا قراره على صفحته على الفيس بوك بعدم الظهور مرة أخرى كضيف في أي برامج يبثها التليفزيون، حتي يتم الاعتذار إلى مخرج فيلم «اشتباك» محمد دياب، ووصل الأمر بالبعض ومنهم المخرج السينمائي أمير رمسيس، إلى وصف التليفزيون المصري بأنه "تليفزيون أمن الدولة" وأيضا المنتج محمد العدل الذي قال : «أمن الدولة قدم تقريراً مباحثياً عن محمد دياب" في حين قال الكاتب عمر طاهر، عبر صفحته الشخصية :« في الوقت الذى كان يمثل دياب فيه مصر بصورة مشرفة في مهرجان سينمائي عالمي، يقدم فيلمًا تختاره كل صحف السينما المهمة واحدًا من أفضل عشرة أفلام ويحتفى به العالم كله، يظهر تليفزيون الدولة الرسمي ليحتفل بما قدمه دياب لاسم مصر، ولكن بالطريقة التي يراها البرنامج، فجاء التقرير أمنيًا بحتًا"، بينما علق الفنان عمرو واكد في تغريدة له علي تويتر ساخرا: «فكرتوني بتوفيق الدقن في فيلم صلاح الدين. أحقر من التضليل ما فيش. تحية لصناع فيلم اشتباك اللي رفعوا رأس مصر".
ومن جانبه كتب الناشط السياسي شادي الغزالي حرب: “ليه مستغربين تقرير ما سبيرو عن فيلم "اشتباك" اللي شرفنا في مهرجان كان؟، ده تعبير حقيقي عن توجه الدولة ضد الثورة ضد الفن الحقيقي".
وتساءلت الإعلامية سلمى صباحي: إيه كم الجهل والغل والافترا والمغالطات دي، والله العظيم أنا مش مصدقة، التقرير ده مين اللي عامله؟ إعداد فاهم فن وسينما وميديا ولا أمن دولة؟".
من جانبنا، ذهبنا للطرف الثاني في القضية لمعرفة دوافع برنامج "أنا مصر "لتقديم هذا التقرير، وهل كان يتوقع القائمون عليه أن يحدث كل هذه الضجة، وما هو رد فعلهم عليها؟ ولأن مقدمة البرنامج أماني الخياط وجهت الشكر لمحمد حكيم على جهده في هذا التقرير تواصلنا معه فكان رده بأن أي تصريح بمحتوى التقرير يتم الرجوع فيه لرئيس تحرير البرنامج أو مقدمته فمحتوى تقارير الأندرو مسئولية التحرير، وأنا كمراسل أكون فقط مسئولا عن تقارير الشارع التي أظهر في ختامها أو أوقع اسمي عليها . ومن هنا كان لابد من التواصل مع دندراوي الهواري رئيس تحرير البرنامج ومعه كان هذا الحوار:
كيف ترى الهجوم الشديد على التقرير الذي عرضته في برنامجك "أنا مصر "؟ لا أجد أي مبرر لهذا الهجوم، فالتقرير لم يتضمن أي إساءة شخصية لمحمد دياب فقط تصريحات له ولقطات من فيلمه، فهل يتنصل من تصريحاته ويكذبها أو يتبرأ منها ؟، ثم لماذا يعطي المهاجمون الحق له في تعرية المجتمع وكشف خطاياه وتشويهه، و يمنحونه الحرية المطلقة في أن يقول بفنه ما يريد وينتقد ويوجه سهامه كما يشاء، وفي نفس الوقت يرفضون إعطاء هذا الحق لمن ينتقده، ويطالبون بتعليق المشانق لهم وأنه لابد من اعتذار التليفزيون المصري؟
وما تفسيرك لذلك ؟ مثل هذه الأمر يكشف عما نعانيه من انفصام خطير، بدليل أنه في فيلمه 678 تناول قضية التحرش بشكل يسيء للمجتمع المصري، علاوة على أفلامه الأخرى التي تصف مصر بالعنف وكل ما يشوه صورتها في الخارج من وجهة نظره الأحادية التي لا تعرف سوى التشويه، فإذا ما حاولنا أن نظهر وجهة نظر مغايرة يتم اتهامنا بأن ما نقدمه ليس سوى تقرير أمني، ويطالبون بمصادرة البرنامج، برغم أنه لو صودر فيلم تقوم الدنيا ولا تقعد، وكأنه وحده المعصوم من النقد برغم أن المجال السينمائي يخضع للنقد ومن حقي كمواطن أن أعبر عن رأيي كواحد من أفراد المجتمع الذي يشوهه.
لماذا جاء هذا التقرير في الوقت الذي يحتفي العالم بفيلمه لعرضه في مهرجان "كان "؟ لقد أصبح كل من يلعب مباراة أو يشارك في مهرجان يقول إنه يمثل مصر، فهل لو انهزم الفريق يعني هزيمة مصر، ثم هو المهرجان قد انتهي ولم يحصل فيلمه على أي جوائز، فهل هذا يعني أن مصر انهارت ؟ لكنه صنف من ضمن أهم 10 أفلام عرضت بالمهرجان؟ التقييم هنا سياسي، فأي تشويه لمصر وخصوصا في السنوات الأخيرة، يجد رواجا في الخارج، فعندما تقع طائرة خرجت من مطار مصري تصبح مصر هي المخطئة، وحتى عندما تخرج من مطار شارلي ديجول يحاولون لصق التهمة والخطأ لنا
هل رفض فكرة المصالحة مع الإخوان التي يرى البعض أن الفيلم يروج لها، وراء هذا التقرير ؟ بالطبع أنا ضد المصالحة مع الإخوان، وأرفض الزج بالفن في السياسة، فكما يقولون لا دين في السياسة، أقول إنه لا سياسة في الفن، والشيء الغريب بل أراها علامة استفهام كبيرة أن الفيلم شارك في إنتاجه معز مسعود، أليس من حقي هنا أن أتساءل عن علاقة معز بالفن وهو داعية إسلامي، خصوصا أن دياب سبق وأن صرح بأنه لا علاقة للدين بالسياسة، لذلك أسأله وما علاقة الدين بالفن ؟ أم علينا أن نتقبل كل ما يعرض علينا ونتعاطى معه دون سؤال أو إعطاء العقل فرصة لكي يفكر فيما يطرح عليه ومن يقف خلفه، ثم أليس من حقنا كبرنامج الوقوف ضد هذه النوعية من الأعمال التي تقدمنا للعالم بهذا الشكل المشوه، لذلك لا أرى أن برنامج "أنا مصر" ارتكب خطيئة عندما انتقد هذا الفيلم وصاحبه على المستوى الفني وليس الشخصي، ولا أرى في سيل الهجوم على البرنامج وعلينا سوى أننا نكيل بمكيالين، لأن من يهاجمونا يرحبون بنشر الغسيل القذر،ولا يتحملون أي نقد عندما ننتقد ذلك.
انتشر على لسان مثقفين وفنانين وكثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي بأن هناك تعليمات أمنية وراء هذا التقرير؟ لا توجد على الإطلاق تعليمات أمنية أو رسمية لهذا البرنامج من قريب أو بعيد، ولكننا كبرنامج دورنا أن نبحث عن المعلومة والعمل على تشكيل الوعي في المجتمع بعيدا عن الإثارة، ولم نوجه أي شيء يتعلق بشخص دياب فقط كان تساؤلنا لماذا الزج بالسياسة في الفن؟
ولكن عاطف الطيب قدم هذه النوعية مثل فيلمه" البرئ"، فهل يمكن أن نقول إنه بذلك كان يشوه مصر؟ هناك فارق شاسع، فعاطف الطيب لم يظهر أي انتماء سياسي، لكن محمد دياب عضو في حزب مصر القوية، وبالتالي كان الطيب متجردا من الانتماءات السياسية ويتعامل مع الفن للفن، يقدم قضايا وطنه دون أن يكون لديه انتماء سياسي يسقطه على العمل الفني، بينما دياب رجل مسيس دخل العمل الفني لكي يسخره لخدمة انتماءاته.
ما رد فعلك حول قيام جبهة حرية الإبداع بمقاضاة البرنامج ؟ أتمنى حدوث ذلك فهذا حقهم.
أخيرا .. هل فوجئت بهذا الكم من الهجوم على البرنامج ؟ بالفعل فوجئت به فلم أكن أتخيل أن يحدث التقرير كل هذه الضجة خصوصا أننا لم نتعرض فيه لحياته الشخصية أو كونه كان ممن شاركوا أثناء الثورة في وضع قوائم سوداء للفنانين ولاعبي الكرة ورجال أعمال، بشكل أساء إليهم ولأسرهم، وكان من أوائل الذين نشروا مستندات وتسريبات على الفيس وتويتر، كل ذلك لم يتضمنه التقرير، فقط تعرضنا لعمله العام، لأنه طالما ارتضي هذا العمل فعليه ومن معه أن يتقبلوا نقدنا خصوصا أنه ينتقد من وجهة نظره كل شيء
" اشتباك ".. رسالة معقدة يذكر أن فيلم "اشتباك "احتفت به صحف العالم، حيث افتتح "اشتباك" مسابقة "نظرة ما" فى الدورة ال 69 من مهرجان كان السينمائى الدولى، وبرغم أنه لم يحصل على جوائز فإنه صنف ضمن قائمة أفضل 10 أفلام عرضت خلال فعاليات المهرجان، وفقا لاختيار عدد من النقاد بموقع "هوليوود ريبورتر"، ووصفه بأنه أحد أهم المواد البصرية التي توثق الوضع في مصر الحديثة، وكذك اختياره من الخمسة أفلام المدعومة من رابطة السينمات المستقلة فى فرنسا . أيضا أعلنت شركة "بيراميد" للتوزيع بالتعاقد مع أكثر من 10 شركات توزيع كبرى على مستوى العالم، لعرض الفيلم فى معظم دول أوروبا وآسيا ويشارك في الفيلم نيللي كريم، طارق عبد العزيز، هاني عادل، أحمد مالك، وآخرين. وتدور أحداثه في عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين من المؤيدين والمعارضين. وتم تصوير مشاهد الفيلم في مساحة لا تزيد علي 8 أمتار، وهو من تأليف خالد ومحمد دياب، وإنتاج مشترك بين فرنسا ومصر وألمانيا والإمارات العربية المتحدة. وحسبما جاء على لسان مخرجه محمد دياب في أحد حواراته الصحفية، فإن هذا الفيلم يوضح وجهات النظر المختلفة فيما حدث في مصر في الفترة بعد ثورة 25 يناير وأثناء حكم محمد مرسى، وقبل حكم الرئيس السيسي،من خلال استعراض رأى كل فصيل في الأمر، مشيرا إلى أن الفيلم لا يوجه رسالة معينة لأنه معقد جدا، ولكن رسالته الأساسية هي الإنسانية والتعايش وقبول الآخر، لافتا النظر إلى أن التعايش لن يحدث إلا إذا قرب كل فصيل من الآخر ويفهم وجهة نظره ودوافعه.