كلية التمريض بجامعة قناة السويس تعلن فتح باب التسجيل لبرامج الدراسات العليا    لقاء موسع بين "الصحة" والأكاديمية الوطنية للتدريب لدعم الاستثمار في العنصر البشري    تحرك عاجل من "سلامة الغذاء" بشأن شكوى مواطن من مطعم بالبحيرة    لتطوير الكوادر الصحية.. تعاون يجمع الأكاديمية الوطنية للتدريب ووزارة الصحة    ارتفاع معدل التضخم في بريطانيا إلى 3.8% خلال يوليو الماضي    وزير التعليم يلتقي أعضاء البرلمان الياباني على هامش "تيكاد 9" لبحث تعزيز الشراكات    ارتفاع أسعار النفط مع تجدد المخاوف بشأن إمدادات الخام الروسي    تيسيرًا للمواطنين.. تصميم وتنفيذ بوابة جديدة لمدينة الشروق    تغيير اسم مطار برج العرب إلى مطار الإسكندرية الدولي    محافظ الغربية: دعم كامل لمصنع تدوير المحلة.. وملف المخلفات على رأس الأولويات    المؤتمر: رفض إسرائيل للمبادرة المصرية القطرية تعنت يكشف نواياها    فصائل فلسطينية: هاجمنا موقعا عسكريا إسرائيليا جنوب شرقي خان يونس    رئيس الوزراء يلقي كلمه مصر بجلسة السلم والاستقرار بمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية    "سى إن إن " تبرز الجهود الانسانية والإغاثية والطبية التى تبذلها مصر لدعم الأشقاء الفلسطينيين فى غزة    الأزهر للفتوى: العمل الإنساني الحق يبدأ من غزة ودعم صمود شعبها واجب ديني وأخلاقي    تراجع سعر عمر مرموش فى فانتازى الدوري الإنجليزي بعد أول مباراة مع سيتى    وصول نجوم الكرة جنازة والد اللاعب محمد الشناوى بكفر الشيخ    صلاح بعد تتويجه بأفضل لاعب: هذا أفضل موسم لي على الإطلاق    "أمر غريب".. رد ناري من الزمالك على بيان وزارة الإسكان بسحب الأرض    نقل 3 مصابين في انهيار عقار بالزقازيق إلى المستشفى الجامعي    الأرصاد تحذر من ارتفاع الموج على البحر المتوسط    كشف ملابسات مقطع فيديو يظهر استعراض سيارتين بالشرقية    اتهامات بالفيديوهات وغسيل الأموال.. تجديد حبس التيك توكر محمد عبد العاطى    إصابة 16 شخصا إثر حادث تصادم بين سيارتين ميكروباص بطريق سفاجا - قنا    ضبط عامل صور السيدات داخل الحمام في كافية بالنزهة    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب تروسيكل بالشرقية    انطلاق مهرجان يعقوب الشاروني لمسرح الطفل    أغانٍ ينتظرها جمهور ويجز في حفله بمهرجان العلمين الجديدة فى دورته الثالثة    مصادر: رئيس هيئة الكتاب يتقدم باستقالته لوزير الثقافة    ريهام عبدالحكيم ل أنغام: كلنا بندعيلك من قلبنا    التضامن: التدخل السريع يتعامل مع حالات مسنين بلا مأوى في محافظات القاهرة والجيزة والغربية والدقهلية    ما بين إلغاءه واستئناف تصويره.. القصة الكاملة لأزمة فيلم «طلقني»    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    «الإفتاء» تكشف حكم التهادي بحلوى المولد النبوي بين الناس    هل اتباع النساء للجنائز جائز أم مكروه شرعًا؟.. الإفتاء تجيب    الإسكندرية تستعد لتطبيق التأمين الصحي الشامل باعتماد المستشفيات الجامعية    العقارب تلدغ طفلين في أعمار حرجة بالفرافرة وسط موجة حر قاسية    وزير الشئون النيابية يزور مستشفى الناس: شاهدت صرح طبى نفخر به فى مصر    طريقة عمل الناجتس، أكلة مميزة وتوفر في الميزانية    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    رئيس وزراء أستراليا يرفض اتهامات نظيره الإسرائيلي بأنه ضعيف لاعترافه بالدولة الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد لرئيس الوزراء اللبناني دعم مصر الكامل لاستقرار لبنان    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 وعدد الإجازات الرسمية المتبقية في العام    الموجة 27 وتزيل 29 حالة تعدى على أراضى الدولة والزراعة بالشرقية    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    صلاح: التتويج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج بعمر 33 إنجاز مذهل    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    الأهلي يوفر أتوبيسًا للاعبي الفريق لتقديم واجب العزاء في والد محمد الشناوي    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    رعاية القلوب    ذات يوم 20 أغسطس 1953.. إذاعة صوت العرب تحرض المغاربة ضد نفى الاحتلال الفرنسى للسلطان محمد الخامس.. و«علال الفاسى» يبكى أثناء تسجيل كورال أطفال نشيد «يا مليك المغرب»    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    طلاب الثانوية العامة بالنظام الجديد يؤدون امتحان الدور الثاني في الرياضيات البحتة    "مكانش بيسيب فرض"..جيران والد حارس الأهلي في كفر الشيخ يكشفون اللحظات الأخيرة في حياته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علامة إيطالية مسجلة.. شفرة دافنشى
نشر في الأهرام العربي يوم 27 - 04 - 2016


سامى القمحاوى
«ليوناردو دا فينشى، ليس مجرد فنان تشكيلى، حتى وإن كانت أعماله فى هذا المجال عبقرية خالدة ومنها لوحة الموناليزا».. هذه العبارة يعتبرها الإيطاليون حقيقة لا تقبل النقاش، فهو بالنسبة لهم علامة مسجلة ورمز من رموز ثقافتهم، وعبقرى متعدد المواهب، فهو مهندس ومصور ونحات وباحث وفيلسوف درس الفضاء وتشريح الأجسام، ورسم أول تصميم لطائرة هليوكوبتر وسيارة ذاتية الدفع، بالإضافة إلى أكثر من 400 اختراع لم يتم تنفيذ معظمها فى عصره.

منجزات ليوناردو دا فينشى، المتعددة فى المجالات المختلفة لا تعكس الحياة الدرامية التى عاشها، والتى كانت تؤهله لأن يكون إنسانا فاشلا لا مبدعا خلد اسمه بحروف من نور فى تاريخ البشرية، فقد عاش الفنان العظيم، المولود عام 1452م بقرية فينى القريبة من مدينة فلورانسا الإيطالية، طفولة بائسة بين أب لا يريد الاعتراف به وأم تركته لتتزوج من رجل غير والده، وتعاطفت معه زوجة أبيه وحن عليه جده لكنهما ماتا وهو لا يزال بعد صبيا، ومرة أخرى وجد ليوناردو نفسه وحيدا أمام قسوة الحياة منطويا لا يتواصل بشكل طبيعى مع جذور أمه الشعبية ولا مع أقارب والده سليل العائلة المرموقة، واضطهده إخوته غير الأشقاء ولفقوا له التهم لأنه كان أقوى بنيانا وأفضل هيئة منهم، لكن بنيانه العملاق كان مقترنا بخجل ورقة أنثوية فقرر والده إرساله إلى مرسم المعلم فيروكيو بعيدا عن الإيذاء.

فضيحة ليوناردو
فى فلورانسا عاش ليوناردو مع الرسم، وتزامل مع بعض الشباب الموسرين المتحررين فى أفكارهم، وكانت فلورنسا آنذاك مدينة الشذوذ والمجون والشائعات، وذات يوم وجد ليوناردو اسمه بالكامل فى "لوحة العار" بالصحيفة المعلقة على حائط القصر، حيث كان بين المتهمين فى فضيحة ممارسة الشذوذ، فرحل إلى مدينة ميلانو فى محاولة لبدء حياة جديدة مختلفة، وحينما وصلها أرسل خطابا إلى حاكمها يعرض خدماته عليه، قال فيه: "فى أوقات السلم أعتقد بأنى قادر على أن أعطيك ما يرضيك وما يبعث فى نفسك البهجة بتصميم أجمل المبانى".
وهكذا بدأ ليوناردو حياته فى "ميلانو"، التى مازال سكانها يعرفونه جيدا وكأنه يعيش بينهم، حيث إن أعماله وآثاره لا يخلو منها شارع فى المدينة، ففى ساحة "ديلا سكالا" التى تحمل اسم دار الأوبرا العريقة يوجد تمثال ضخم للفنان الكبير، وفى أسفله أربعة تماثيل لأربعة أشخاص آخرين كان لهم دور فى بناء حضارة المدينة، وقد تم وضع تمثال دا فينشى فوقهم بلحيته الطويلة وهو يفكر فى أحد اختراعاته، وقد تم وضع التمثال فى هذا المكان البارز حتى يتمكن كل زائر لوسط ميلانو أن يراه بسهولة، فهو الذى قام بتخطيط شوارع المدينة وقنوات المياه والمبانى الرئيسية بها، كما ترك فيها واحدة من أشهر الجداريات، وهى جدارية "العشاء الأخير" التى رسمها على أحد جدران كنيسة "سانتا ماريا دى لاجراتسيا"، وتجسد العشاء الأخير للمسيح مع حوارييه، وما زالت تثير الجدل حتى يومنا هذا.

المخترع العظيم
أما المكان الذى يجمع أكبر عدد من آثار ليوناردو دا فينشى الباقية فى مدينة ميلانو الإيطالية فهو القاعة الخاصة به فى "المتحف القومى للتكنولوجيا والاختراعات"، والتى تؤكد معروضاتها أن دا فينشى كان إنسانا فذا عبقريا فى مجالات كثيرة مختلفة، فالمتحف، الذى تم افتتاحه فى 15 من فبراير 1953، يخصص الدور الأول منه لابتكارات دا فينشى، التى تخيلها ورسم تصميماتها فى، حياته فهناك نماذج للساعات وبعض الآلات الموسيقية، وبعض الروافع وعدد كبير من المبتكرات التى تعبر عن تطلعاته وأفكاره، التى لا تعد ولا تحصى، حيث ترك ما يقارب 4 آلاف رسم تمثل مجموعة اختراعات على جانب كبير من الإتقان، حيث تجاوز دا فينشى حدود التقليد وتخطى المدارس الإيطالية في عصره إلى حد بعيد، والدليل أنه بعد مضى أكثر من 500 سنة على تصميمه لأول "باراشوت" تم إثبات سلامة التصاميم التى أعدها، حينما قفز البريطانى أدريان نيكولاس عام 2000 من منطاد يحلق على ارتفاع 3 آلاف متر مستخدما مظلة صنعت وفق تصاميم دا فينشى، وكانت المحاولات التى جرت سابقا في بريطانيا لتجربة تصميم دا فينشى قد فشلت بسبب الرياح والقضايا المتعلقة بالسلامة فى المناطق المأهولة، حيث يبلغ وزن المظلة أكثر من 85 كيلو جراما، لكن نيكولاس أجرى تجربته بمنطقة نائية فى جنوب إفريقيا وقال: إن المظلة حلقت بسلاسة تحسدها عليها المظلات الحديثة.
كان دا فينشى، الذى توفى عام 1519، قد رسم التصميم الأصلى للمظلة فى دفتر خاص به عام 1483 وكتب إلى جانب التصميم: "إذا زود الإنسان بقطعة من قماش الكتان المصمغ يبلغ طولها وارتفاعها 12 ياردة فهو يستطيع القفز من أى ارتفاع دون أن يصاب بأذى".

السيارة والهليوكوبتر
من بين أهم مخترعات ليوناردو دا فينشى أنه صمم فى ذلك الوقت المبكر سيارة من الخشب ذاتية الدفع، ولا تحتاج إلى حصان لجرها كما كان سائدا، حيث يستطيع الراكب فوقها من خلال تحريك ذراع خشبى تحريك السيارة، ومن بين أكثر من 400 اختراع تركها ليوناردو دا فينشى رسمه لأول تصميم لطائرة عمودية هليوكوبتر، حيث تمكن من اكتشاف مبادئ الهليوكوبتر عندما تصور أن مروحة هوائية تدور بسرعة كبيرة تُحدث فراغا فى الهواء فيدفعها الضغط إلى الارتفاع، كما اكتشف دافنشى حلقة الإطلاق فى البندقية، واخترع كذلك المقص وغيره الكثير من الاختراعات التى نستخدمها حتى الآن.
وتشهد قاعة دا فينشى بالمتحف إقبالا كبيرا من الزوار، حيث يقصدها السياح من دول العالم المختلفة نتيجة شهرة الفنان الكبير، كما تعتبر زيارة أساسية لطلاب المدارس على اختلاف أعمارهم.

حصان دا فينشي
فى مجال التشريح اهتم ليوناردو بالحصان اهتماما كبيرا ومميزا عن غيره من فنانى عصر النهضة، لما لهذا الحيوان من دور تاريخى وأثر عميق في حياة عصر النهضة، وقد كتب العديد من الشروحات والتعليقات حول تشريح الحصان، ومكانة هذا الحيوان النبيل باعتباره جهازا عضويا حيا يحوى ما وراء جلده عوالم مجهولة ومتعددة، وقد رسم عشرات التخطيطات للشكل الخارجى للحصان، ومن جوانب متعددة، خصوصا الأرداف والصدر والأقدام الأمامية والخلفية، كما رصد حركات جسم الحصان بإيقاعات الخطوط المتكررة الدقيقة، لتمثل القراءة الأولى للعين البشرية بمخيلتها وصلابتها وتوازنها وتناسبها محكومة بمهارات مقتدرة وسعى الفنان لتقديم فكرته عن كيفية توازن هذا الحيوان وخلق التفتح فى معرفته والتسيد عليه، ومثلت هذه المجموعة من التخطيطات الدراسات الأولية للوحته التى أنجزها فيما بعد عن معركة (دانجارى) الشهيرة التى وقعت بين أبناء فلورانسا وأبناء ميلانو، وبعد مرور أكثر من 500 عام على وفاته تحقق حلم ليوناردو دا فينشى، وتم عام 1999 وضع أضخم تمثال لحصان فى العالم مصنوع من البرونز في وسط مدينة ميلانو، حيث يزن التمثال أكثر من 15 طنا ويرتفع علي الأرض ثمانية أمتار، ووصلت تكلفته وقتها إلى 6 ملايين دولار، وكان هدية من جمعية (مؤسسة ليوناردو دا فينشى للحصان) التى أسسها الفنان الراحل (تشارلس دينيت) من أجل إنجاز حلم واحد من أبرز الفنانين الذين أنجبتهم البشرية.

العشاء الأخير
من أكثر جداريات ليوناردو دافينشى شهرة لوحة "العشاء الأخير" أو "العشاء السرى" كما يطلق عليها البعض، وهى اللوحة التى أتم دا فينشى رسمها عام 1497 فى كنيسة "سانتا ماريا ديلا جراتسيا"، التى توجد بالقرب من وسط ميلانو وتعتبر من أقدم الكنائس فى المدينة، وتزامن إنجاز اللوحة مع سقوط ميلانو فى يد الفرنسيين، وتجسد اللوحة المأساة التى مازالت تثير الجدل، فما أن انتهى ليوناردو من رسمها حتى اختارها ملك فرنسا كى تُنقل إلى بلاده، ولأنها لوحة جدارية ضخمة فشل الجنود فى نقلها، فما كان منهم إلا أن جعلوا شخوص اللوحة هدفا لسهامهم، وبعد سنوات جاء أحد القساوسة ليفتح فى وسط اللوحة بابا داخليا، واكتملت مأساة اللوحة حين أصابتها القنابل فى الحرب العالمية الثانية.
تصور اللوحة السيد المسيح عليه السلام جالسا بين حواريه الاثنى عشر، ومن كثرة ما تعرضت له هذه اللوحة من محاولات تدمير كانت عمليات الترميم مستمرة وكانت غالبا ما تؤدى إلى إخفاء أجزاء من اللوحة الأصلية تحت طبقات من الأصباغ، وفى سبعينيات القرن الماضى أخذ التفكير بمصير رائعة دا فينشى أشكالا مختلفة، حيث تقرر ترميم اللوحة بدءا من إزالة آثار الترميم السابقة، وهكذا وطوال أكثر من 30 سنة من الجهد الدقيق والمتأنى أزيلت كل آثار الترميمات القديمة طبقة إثر أخرى، لكن هذا العمل الشاق والصبور الذى انطوى عليه مشروع الترميم لم يحظ برضا العديد من نقاد الفن ومؤرخيه، والذين يرون أنه قد أدى إلى محو الألوان الأصلية وتناسق الإنشاء التصورى فى اللوحة، مما قضى على جمالها الفنى إلى الأبد كما يعتقدون.
الجيوكندا
لو كانت الجيوكندا أو "الموناليزا" هى اللوحة الوحيدة التى رسمها ليوناردو دا فينشى فى حياته كلها لكانت كافية لإثبات أنه فنان عظيم متمكن من أدواته، هكذا يرى عدد كبير من نقاد الفن التشكيلى، حيث يؤكدون أنها أروع صورة شخصية رسمها فنان في التاريخ، ومازالت أسرارها وحكاياتها لا تنتهى، فقد استغرق دا فينشى فى رسمها 4 سنوات كاملة من عام 1500 إلى 1504، وأكثر الروايات تأكيدا أنها صورة لفتاة فى السادسة عشرة من عمرها، كانت الزوجة الثالثة لضابط فى الخامسة والثلاثين يُدعى "فرانشسكو زانوبى جيوكوندو"، وفى نفس الوقت كانت عشيقة لقائد الجيش، والجيوكندو تأنيث للقب زوجها. هذه اللوحة اشتراها ملك فرنسا بالإكراه، حيث كان دا فينشى يعتز بها ويحملها معه فى كل مكان يذهب إليه، وكان يرفض بيعها بحجة أنها لم تكتمل بعد، لكن ملك فرنسا أصر على أخذها بعد أن دفع 12 ألف فرنك ذهبا، ومن هنا آلت ملكيتها إلى متحف اللوفر، الذي احتفل عام 2004 بمرور 500 عام على رسمها.


كان عرضها الأول خارج مصر على خشبة «لاسكالا» بميلانو:

لماذا يحب الإيطاليون عايدة؟

شاء القدر أن يكون العرض الأول لأوبرا «عايدة» خارج مصر، على خشبة مسرح «لاسكالا» بمدينة ميلانو فى فبراير 1872، وهو المسرح الذى كان يعرض عليه مؤلف موسيقاها الإيطالى جوزيبى فيردى جميع أعماله، وقد شهد العرض الأول ل”عايدة” فى ميلانو نجاحا كبيرا، حيث استمر تصفيق الجمهور لأبطال العمل ومؤلفه الموسيقى بعد انتهائه لمدة طويلة، استدعت إعادة فتح الستار وإغلاقه 32 مرة.

ومنذ ذلك العرض الأول اكتسبت أوبرا “عايدة” شهرة كبيرة فى إيطاليا، ووضعها كثير من المخرجين الكبار فى قائمة ما يقدمون، وكانوا يطلبون من فيردى أن يقود الأوركسترا بنفسه، وما زالت عايدة حتى الآن من أنجح الأوبرات فى العالم وأكثرها عرضا، ويعتبرها المؤرخون الموسيقيون من أنجح أعمال فيردى، ويتم تنظيم مهرجانات سنوية فى عدد كبير من المدن الإيطالية لتقديم أوبرا عايدة، وتشهد هذه العروض إقبالا كبيرا ليس من الإيطاليين فقط، لكن من السياح الأجانب الذين يزورون البلاد.

ومن أشهر المسارح التى تقدم أوبرا عايدة بشكل سنوى المسرح الرومانى التاريخى المفتوح فى مدينة “فيرونا” الإيطالية، والذى يتسع لآلاف المشاهدين، ويتم تقديم عرض أوبرا عايدة فيه بأضخم ديكورات وأكبر أعداد من الممثلين والكومبارس، مع الملابس المبهرة ونماذج للهرم وأبو الهول والتماثيل الفرعونية التى تضفى للعرض مصداقية كبيرة.

عايدة وجولييت
ويكتسب عرض أوبرا عايدة فى مدينة “فيرونا” الإيطالية خصوصية شديدة، حيث إن المدينة التى شهدت قصة حب “روميو وجولييت” التى جسدها وليم شكسبير فى مسرحيته الخالدة، حيث إن قصة الحب الدرامية بين التى جرت فصولها فى المدينة قديما، واستلهم منها شكسبير مسرحيته “روميو وجولييت” لا تختلف كثيرا عن قصة الحب الدرامية التى جمعت بين الأميرة الحبشية الأسيرة “عايدة” وقائد الجيش المصرى المنتصر “راداميس”، الذى تم اتهامه بالخيانة بسبب هذا الحب والشك فى أنه سرب لوالدها الملك طريق الجيش المصرى لغزو الحبشة.
وكما كان النزاع بين العاطفة والواجب مسيطرا على قصة حب روميو وجولييت، حيث تحتدم الخلافات بين عائلاتيهما، فقد تجسد ذلك الصراع أيضا فى أوبرا عايدة، فكانت الأميرة الأسيرة حائرة بين انتمائها لبلادها وواجبها نحو وطنها، بعدما طلب منها والدها معرفة أسرار الجيش المصرى من حبيبها، وبين وإخلاصها ل”راداميس” القائد الذى يبادلها الحب.
وكذلك كما انتهت قصة الحب بموت الحبيبين فى حالة روميو وجولييت، فقد تم الحكم على راداميس بالدفن حيا بتهمة الخيانة، ليستسلم فى قبره الذى سبقته إليه عايدة، ويموت الاثنان.

سر رائعة فيردى
انبهار الأوروبيين وعلى رأسهم الإيطاليون بأوبرا عايدة يعود إلى عدة أسباب، من بينها الديكورات والملابس الفرعونية المبهرة بالنسبة للغربيين، وأيضا بسبب الموسيقى الفخمة التى وضعها فيردى لأوبرا، التى تحتاج إلى أوركسترا كبير لعزفها، بالإضافة إلى المجاميع الكبيرة من للممثلين التى تضفى على العرض عظمة شديدة، لكن السبب الأهم لهذا الانبهار، حسب أصدقاء إيطاليين يعملون فى مجال الصحافة الفنية، هو قصة أوبرا عايدة، خصوصا أن الأوبرا تتناول قصة حقيقية حدثت فى مصر الفرعونية.

وكان الخديو إسماعيل قد كلف عالم المصريات الفرنسى أوجست مارييت باشا، الذى كان مديرا للآثار فى عهده، بتأليف أوبرا يتم تقديمها خلال حفل افتتاح قناة السويس عام 1869 على مسرح دار الأوبرا الخديوية، التى كلف إسماعيل أيضا ببنائها لهذا الغرض، فكتب مارييت قصة أوبرا عايدة، معتمدا على مخطوطات اكتشفها عالم الآثار الفرنسى أوجست ماريتا، وكانت عبارة عن قصة من 4 صفحات تروى حكاية قديمة عن وقوع قائد مصرى فى غرام أميرة حبشية أسيرة، وقام مارييت بنفسه بتصميم الملابس والديكورات، وطلب تنفيذها فى فرنسا، كما قام بنسخ بعض المجوهرات والحلى من متحف بولاق فى ذلك الوقت.
ونظم القصة شعرا باللغة الفرنسية الشاعر الفرنسى كميل دى لوكل، قبل أن يقوم الشاعر الإيطالى أنطونى جيزلنزونى بترجمة النص إلى الإيطالية، ليقوم جوزيبى فيردى بوضع الموسيقى له مقابل 150 فرنكا من الذهب، وقد تعثر عرض أوبرا عايدة فى حفل افتتاح قناة السويس كما كان مخططا، بسبب عدم إمكانية شحن الملابس والديكورات التى تم تصميمها بقيمة 250 ألف فرنك من الذهب فى باريس، حيث كانت العاصمة الفرنسية محاصرة فى ذلك الوقت خلال الحرب مع ألمانيا.
وما زالت أوبرا “عايدة” تبهر الإيطاليين مع كل عرض جديد كما لو كان العرض الأول لها على الإطلاق، وتصل أسعار تذاكر حضور العرض لأرقام خرافية، نظرا لإقبال الكبير على الحضور، حيث تعتبر الأوبرا والبيتزا والمكرونة مع السياسة من أهم مكونات الحياة الإيطالية، لذلك يحب الإيطاليون “عايدة”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.