زينب هاشم جاء قرار المملكة المغربية بعدم استضافة الدورة السابعة والعشرين للقمة العربية هذا العام، ليثير عاصفة من الجدل، حيث اعتذر الملك محمد السادس ملك المغرب عن المشاركة فى القمة أو حتى استضافتها لتجنب تقديم أى انطباع خاطئ حول الوحدة والتضامن العربى، لا سيما فى ظل عدم توافر الظروف الموضوعية لهذه القمة الخارجية والتى أكدت فيها المملكة أنها لا تريد أن تتحول لمناسبة اجتماعية تلقى فيها الخطط فقط دون اتخاذ قرارات حاسمة فى كثير من المواقف السياسية الكبرى لكثير من البلدان العربية غير المستقرة سياسيا. «الأهرام العربى» التقت عدداً من السياسيين المغاربة لتتعرف على تحليلاتهم السياسية لهذا القرار:
حيث يقول عبد الرحيم المنار سليمى، رئيس المركز المغربى للدراسات الأمنية وتحليل السياسات بالرباط: من يتتبع وسائل الإعلام العربية والدولية سيرى أن قرار المغرب نبه إلى شىء معين موجود بقوة ومتفش فى الأربع سنوات الأخيرة التى أقيمت فيها القمة، وهى أنه خلال هذه الدورات السابقة لم تنتج قرارات قوية سياسيا، كما أن هناك نوعا من الصمت وكأنها لم تجتمع، وعلى سبيل المثال قمة شرم الشيخ أقيمت وكأنها لم تجتمع ولم تخرج بقرارات مصيرية، فالقمم العربية باتت لا تنتج قرارات، وقد نبه المغرب إلى هذه العملية من خلال مجموعة من الرسائل التى وصلت إلى هذه القمة، والسبب الثانى أنه من الصعب أن تنجح هذه القمة، أى أن معنى انعقادها ليس معناه نجاحها، خصوصا أن هناك توترا فى العديد من العلاقات العربية مثل علاقة المملكة العربية السعودية ولبنان، وأيضا بين مصر والمملكة السعودية بخصوص القرارات التى يجب أن تتخذ فى شأن سوريا، وهناك دول اختارت محورا آخر مثل الجزائر التى اختارت إيران. هذا بخلاف أزمة العراق، وهناك مشكلة فى طى الحل وهى المشكلة الليبية، لاسيما فى كونه كيف يمكن أن تقام القمة وبها تحديات أمنية كبرى مثل تحدى الإرهاب الذى يحيط بها، وكذلك ما نراه من غياب القضايا السياسية المهمة مثل القضية الفلسطينية، فكيف يمكن للمغرب التغاضى عن هذه المشكلة، وقد كان لها دور كبير فى حل أزمات هذه الدول من قبل على مستوى القمم السابقة، منها قمم فاسمراكش التى كانت تخرج بقرارات مصيرية مهمة. ويؤكد سليمى أن القمة المقبلة لن تكون سوى خطابات بكاءات سياسية ودولية فقط ولن تكون أكثر من ذلك، ومن المعروف أن السياسة الخارجية المغربية والتى حققت كثيرا من الإنجازات وكان لها دور كبير أخيرا، وكان أهم إنجاز لها القدرة على دفع الأطراف الليبية إلى إيجاد حل وتشكيل حكومة دخلت الآن مجلس النواب.
ويضيف رئيس المركز المغربي، لذلك لا يمكن للمغرب أن يتراجع عن هذا المد، لأن القمم العربية هى آلية للعمل العربى، ولا بد أن تسير نحو الضعف، لذا قرر إرجاء قيام هذه القمة، وهذا لا يعنى أنه للمغرب رؤية منفصلة عن الدول الأخرى، لكن له الرؤى نفسها التى يتقاسمها مع الدول العربية الأخرى، فهو موجود فى اليمن والتحالف الدولى لمكافحة الإرهاب، وليس هناك خلاف حول العلاقات، لكن الخلاف فى أن المغرب لن يتحمل أن نعقد قمة وأن تخرج بلا قرارات مصيرية صائبة، خصوصا أن السياسة الخارجية باتت أكبر من أن تنتج قمة من دون قرارات. كما أن المغرب يترأس لجنة القدس ويدافع دائما عن القضية الفلسطينية الذى يعد حديثه حاضرا عنها فى كل المؤتمرات الدولية والعربية، ويسعى بقوة لمناقشة الوضع الموجود بها الآن، ويرى أنه لا يمكن للقمة العربية أن تتخذ قرارا بشأنها بعد أن غابت القضية الفلسطينية عن الساحة الآن، وذلك نتيجة ظهور ملفات أخرى، وقد نبهنا إلى ذلك قبل أربع سنوات. وسبق بالفعل وتأسف على الأوضاع العربية، إضافة إلى السياسة الخارجية أيضا، ويستكمل الحديث عبد الفتاح البلعامشى، رئيس مركز الدراسات الدبلوماسية قائلا: نحن أمام قرار غير مألوف ينطوى على موقف سياسي، فبلاغ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الذى تحدث عن عدم قبول المغرب للقمة هذا العام نظرا لاختلاف مواعيد للقادة العرب وظروفهم غير المتناسبة مع إجراء القمة فى الموعد المحدد، هو بلاغ حكومي جاء بلغة الشعوب العربية وليس بلغة الحكومات، وبالتالى فإن هذا الموقف حدث لأن الحكومة المغربية استبقت فشل القمة لأنه الموعد الذى تظهر به السياقات والملفات التى ستناقش القرارات التى ستتخذ، والتى ستكون ستحوى مناقشات على المستوى التكنوقراطى ما بين الحكومات وبعضها بعضا حتى تعرض على القادة فى لقاءات القمة لتأكيد وتذكية ما اتفق عليه. هو إذن رد فعل على الواقع الذى يعانيه العالم العربى المشترك والأزمة السياسية المرتبطة به إن صح التعبير فى العلاقات البينية بين العرب، خصوصا إذا لاحظنا أننا نعيش فى لحظة سياسية إقليمية وفى نقطة أساسية لن يشهد لها التاريخ مثيلا أساسها التدخل فى قوى إقليمية فى المنطقة العربية ويضيف البلعاشمى قائلا: أى أن لغة هذا البلاغ غير المنطوقة تبرز المشاورات الحادثة حتى الآن والتى لا تدرج القضية الفلسطينية ضمن أهداف واهتمامات القمة، لذلك لا يمكن ألا تكون هناك قرارات حاسمة، وهناك استيطان فى الأراضى المحتلة وآلاف الفلسطينيين ملقون فى السجون الإسرائيلية، وبالتالى فهذا يبرز عمق الأزمة التى تصل إلى مستوى معين والحكومات تتاجر بهذا الموقف المؤسف. لكن المغرب لن يتخلى عن العمل العربى المشترك، بل يبرز اطلاعنا ببعض التحليلات أن المملكة العربية السعودية لها علاقة بهذا الموقف، لكننا كمحللين سياسيين نرى أن السعودية ليس لها علاقة بهذا الموقف وفى نفس الوقت كل دولة تواجه قدرها معزولة عن الدول الأخرى، وهذا الموقف لا يرقى لقيمة وأهمية الدول العربية.