عادل أبوطالب أثار قرار المغرب بالاعتذار عن استضافة القمه العربية الدورية التى كان مقررا عقدها فى إبريل المقبل الكثير من التساؤلات حول دوافع القرار المغربى ومصير هذه القمة سواء على مستوى نتائجها أو نقلها إلى الدولة التى مقرر لها أن تستضيف القمة بعد المغرب وهى موريتانيا. وأعاد القرار المغربى إلى الأذهان ما حدث منذ عدة أعوام مع تونس التى ترددت فى استضافة قمة عام 2004 ظلت القمة حائرة لشهور قليلة إلى أن تم عقدها على أرض تونس بعد جدل طويل بسبب الخلاف على مشروع إصلاح النظام العربى والعمل المشترك آنذاك. وكانت الخارجية المغربية أعلنت عدم تنظيم الدورة العادية للقمة العربية التى كانت مقررة بمدينة مراكش بقرار من الملك محمد السادس. وذكرت الوزارة أنه نظرا للتحديات التى يواجهها العالم العربى اليوم، فإن القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية فى حد ذاتها أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي. ورغم ما تضمن بيان الخارجية المغربية من وضوح فى الاعتذار عن القمة لاسباب يرجحها مصدر دبلوماسى عربى مطلع ل «الأهرام العربى» تتمثل فى أن البيان المغربى ربما ساق مبررات قد لا تقنع الكثير من المراقبين، فإنه يؤكد أن ذلك هو أسلوب العاهل المغربى الذى توقع ألا تأتى القمة بشىء يجعل منها قمة غير ناجحة فآثر الاعتذار. وبات السؤال الملح.. هل باتت القمة الدورية فى ظل تكرار تلك السيناريوهات عبئا سنويا يحمل فى طياته الكثير من شواهد التراجع العربى عن دور فاعل تجاه قضايا المنطقة؟ وهل أصبحت مؤسسة القمة مطالبة فى ضوء ذلك بالبحث عن آلية جديدة من أجل تفعيل مسار العمل العربى المشترك الذى تفاءل الكثيرون به خيرا منذ الاتفاق على عقدها بشكل سنوى، خصوصا أن التحديات التى تواجهها المنطقه تزداد عاما بعد عام بشكل يوحى بعجزها عن مواجهة القضايا الملحة التى تستدعى انتظام انعقادها. وإذا كانت قمة تونس2004 قد واجهت ملفات شائكة وكبيرة وكانت الضغوط الخارجية التى مورست حينها على القمة لجهة قضايا الإصلاح السياسى وملفات تطوير منظومة العمل العربى المشترك مبررا لما ظهر حينذاك، فإن الوضع فى القمة العربية المقبلة ربما اختلف موضوعيا فى نوعية القضايا المطروحة على جدول أعمال، خصوصا أن التحديات الكثيرة التى تواجهها المنطقة ليست ببعيدة عن المغرب بأى حال من الأحوال. وربما أعلن المغرب مبرراته، لكن مصادر عربية مقربة ل «الأهرام العربى» تكشف أن القرار المغربى جاء بعد تشاور مع بعض الدول العربية بسبب الخلافات حول القضايا الرئيسية، لاسيما الوضع فى سوريا واليمن وليبيا. وبات السؤال الملح الآن.. ما مصير القمة العربية الدورية المقبلة؟ إن نقل القمة العربية إلى مورتانيا ربما يكون قد أنقذ النظام العربى من كارثة كانت تنتظره مفادها أن هذا النظام يقف عاجزا عن عقد قمة عربية توافرت شروط انعقادها ... ولا شك أنه إذا كان لكل دولة ظروفها ومبرراتها فى الاعتذار عن استضافة القمة، فإن تكرار الأمر جعل من القمة هاجسا لدى الكثير من الدول، خصوصا أن ظروف القضايا المدرجة على جدول أعمالها غالبا ما تتراكم تعقيداتها من عام لآخر وسط تراجع للدور العربى فى الكثير من تلك القضايا. وعليه فإن عقد القمة فى دولة المقر وإن كان يلقى عبء القمة على مصر باعتبارها مقر جامعة الدول العربية، فإن ما يخفف من ذلك أن مصر باعتبارها مركزا للكثير من المشاورات بشأن القضايا الإقليمية والدولية مؤهلة أكثر من غيرها فى رسم مسار عملها والأقدر على الخروج بأقصى قدر ممكن من النتائج الإيجابية وتقليل حدة وضغط النتائج. لكن الأصل فى الأمر هو تدوير القمة سنويا والاعتذار له مبرراته بأن هناك دولا ربما لا تسمح ظروفها الاقتصادية والأمنية باستضافة القمة كما هى الحال فى جيبوتى التى اعتذرت فى سنوات سابقة ونقلت القمة إلى الخرطوم ودول أخرى يصعب عليها استضافه القمة وسط ما تمر به بعضها من تطورات، كما هى الحال بالنسبة للصومال وجزر القمر، فضلا عن ليبيا وربما العراق التى جازفت واستضافت قمة 2012 برغم ظروفها السياسية والأمنية. وتكشف مصادر دبلوماسية عربية أن الخلافات بين بعض الدول العربية زادت من خشية المغرب من فشل القمة فى ظل رفض المضى قدما فى إنشاء القوة العربية المشتركة نتيجة الخلاف حول الهدف منها سواء فى القضاء على تنظيمات الإسلام السياسى بصفة عامة وليس فقط تنظيم داعش بجانب التدخل العسكرى فى ليبيا، بينما تريدها دول أخرى أداة لإنهاء الحرب فى سوريا واليمن. وربط مراقبون بين قرار السعودية وقف المساعدات المالية للبنان، وبين توجه سعودى فى هذه الظروف التى تراها الرياض مصيرية، وهو ما عبر عنه جمال خاشقجى الكاتب السعودى المقرب من دوائر القرار فى المملكة بأنها لم تعد تقبل أنصاف الحلول. وتحدث محللون سعوديون عن امتعاض بلادهم من الموقف العربى إزاء القضيتين السورية واليمنية، خصوصا على خلفية استعدادها لإرسال قوات برية إلى سوريا لمواجهة الإرهاب. على كل حال فإن اعتذار المغرب عن استضافه قمة 2016 ونقل القمة إلى موريتانيا وضع الجميع أمام تحد فى الخروج بنتائج تعكس حجم تعقيد القضايا التى تواجه المنطقة العربية.