بروكسل سوزى الجنيدى هل تريدين تناول شوربة الحريرة المغربية؟ سألنى رشيد الذى يعمل فى استقبال الفندق ظنا منه أننى مغربية، رشيد مولود فى بروكسل من أبوين مغربيين، وعندما وصف لى مكان المطعم المغربى أدركت أن هناك بروكسل أخرى غير التى أعرفها، بروكسل المغاربية، فعند قصر الملك الذى يقع على مرتفع تنظر من الأعلى لتكتشف أن هناك فى أسفل مدينة أخرى، لابد أن تعبر جسرا صغيرا للمشاة ثم تأخذ «أسانسير» ينزل بك إلى الحى فى الأسفل لتسير بين الطرقات وتكتشف مكتبات صغيرة تبيع فقط كتب السلفيين ومكتبات أخرى بها كتب لكتاب متطرفين، ثم تجد نفسك فى شارع واسع ملىء بالقهاوى والشيشة والمشروبات المغربية، ولا تجد أوروبيا واحدا إلا نادرا وكأنك انتقلت فجأة وفى غضون عشر دقائق من بروكسل إلى طنجة، بروكسل أصبحت مدينة للعرب، لكن هذه ليست المشكلة، فالأزمة أن العديد من الذين سافروا للقتال مع داعش جاءوا من بروكسل. وقد أوضحت دراسة أجرتها الباحثة فى العلوم السياسية «فاطمة زيبو» أن 21.3% من نواب البرلمان البلجيكى من أصول إسلامية، وهذا يعنى أن 19 نائبا فى البرلمان فى "بروكسل" من أصول إسلامية. كما أنه البرلمان الوحيد فى أوروبا الذى تشغل فيه امرأة محجبة مقعدا وتبلغ نسبة المسلمين أكثر من 6٪ من سكان بلجيكا، بينما تبلغ نسبتهم فى بروكسل 25،5٪ وهم أكبر مجموعة من المهاجرين فى بلجيكا، أغلبهم من المغاربة، واسم محمد هو الأكثر شعبية. ووفقا اللتوقعات فإنه عام 2023 سيكون 83% من سكان بروكسل يحملون جنسية أخرى غير البلجيكية، أو لديهم أطفال مجنسون أو أطفال لوالدين أحدهما على الأقل أجنبي، ويتوقع أن ترتفع نسبة المسلمين إلى 27% بحلول عام 2023. وتواجد الجاليات المسلمة فى بروكسل فى أحياء schaerbeek و Molenbeek وحى schaerbeek، وهى مكتظة بالجالية المغربية والجالية التركية، المغاربة لهم متاجر ومطاعم ومقاه على الطريقة المغربية، وستجد أسماء المحلات بالعربية، ومجازر إسلامية ومخابز وأماكن لبيع الكتب الإسلامية وشرائط القرآن الكريم، كما توجد عدة مساجد. وقد بدأ البلجيكيون ينتبهون لهذه الظاهرة بعد أن تكررت عدة حوادث متطرفة، ففى 30 سبتمبر 2003 أدانت محكمة بلجيكية 18 رجلاً لتورطهم فى خلية إرهابية. وحكم على نزار الطرابلسى بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التخطيط لهجوم انتحارى ضد قاعدة جوية فى حلف شمال الأطلسى بلدية بير. وحكم على طارق معروفى المنتمى إلى مجموعة المكافحة التونسية بالسجن لمدة ست سنوات لدوره فى استصدار جوازات سفر مزورة فى مقره ببروكسل التى زورت جوازات سفر بلجيكية للرجال الذين اغتالوا قائد التحالف الشمالى الأفغانى السابق أحمد شاه مسعود قبل يومين من سبتمبر هجمات 11 سبتمبر. وبعد أسبوع من 11 مارس 2004، حيث تفجيرات قطارات مدريد ألقت الشرطة البلجيكية القبض على أربعة أعضاء من جماعة المقاتلين الإسلاميين المغاربة. وفى 8 يونيو 2004 ألقى القبض على 15 شخصا على اتصال مع ربيع عثمان السيد أحمد وهو المشتبه به الرئيسى فى تفجيرات مدريد فى أنتويرب وبروكسل. وفى أكتوبر 2004 حكمت محكمة بلجيكية على ثمانية متشددين إسلاميين بالسجن لمدد تصل إلى 5 سنوات بتهمة التخطيط لهجمات وصلات مع تنظيم القاعدة. وفقا للمدعين العامين فإن صابر محمد تلقى ثلاث مكالمات هاتفية من المسئول البارز فى القاعدة خالد شيخ محمد الذى كان يعتقد أنه يقوم بإعادة توجيه زملائه، أيضا تمت إدانة طارق معروفي. وفى 9 نوفمبر 2005 قامت موريل ديغوك وهى بلجيكية اعتنقت الإسلام بارتكاب هجوم انتحارى بسيارة مفخخة ضد قافلة أمريكية عسكرية جنوببغداد. وقد اتضح أخيرا أن للغرب نصيب الأسد من المهاجرين للقتال فى صفوف "داعش" خلال الفترة من أكتوبر 2014 حتى يناير 2015، فيما لم يدفع الشرق الأوسط إلا أعدادا قليلة، فى الوقت الذى تنعدم فيه أى زيادة قادمة من دول الخليج، أيضا كشف التقرير أن التدفق انخفض من دول شمال إفريقيا باستثناء ليبيا التى تدفق منها إلى التنظيم 44 مقاتلا. وحسب التقرير، فقد تزايد عدد الوافدين من فرنسا إلى داعش ثلاثة أضعاف، فسجل التقرير توافد 1200 فرنسى مقارنة ب412 فى أكتوبر 2014، فيما احتلت ألمانيا المرتبة الثانية فى تصدير المقاتلين، وارتفع عدد الخارجين من أراضيها باتجاه "داعش" إلى 600 مقاتل مقارنة ب240 فى أكتوبر 2014. كذلك ارتفع بنسبة ملحوظة عدد المهاجرين إلى "داعش" من كل من بلجيكا وبريطانيا ونيوزيلندا، والسويد، وفنلندا والدنمارك، والنرويج. وعندما تجولت فى الأحياء العربية فى بروكسل وتناقشت مع بعض العرب، ذكر محمد رشيد أنه ولد ببروكسل ولا يتذكر الكثير عن بلده المغرب، وعندما سألته إذا كان يعرف أحدا من أصدقائه الذين سافروا للقتال مع داعش قطّب وجهه، وأجاب أن الإسلام دين الرحمة وداعش مجرمون، و لكنه سمع ان البعض يذهب بالفعل من بروكسل الى العراق للقتال مع داعش، لكنه لا يعرفهم شخصيا وسألته هل الكتب الدينية المتطرفة هى السبب، أجاب أن النت أشد خطرا والبعض لا يشعر بأنه متحقق فى الغرب ولا يشعر بالانتماء بسبب جذوره الشرقية مما يجعله عرضة للعب فى عقله بسهولة من المتطرفين.