الطيب الصادق بدأت دول مجلس التعاون الخليجي في تنفيذ مشروع السكك الحديدية والمترو، والمقرر الانتهاء من تنفيذ المشروع وتشغيله في 2018 خصوصا بعد أن وضعت توصيات المؤتمر الأول لتوطين صناعة السكك الحديدة والمترو - الذي استضافته سلطنة عمان أخيرا - الأطر الرئيسية للمشروع ورسم الآليات المشتركة لضمان نجاح تنفيذ المشروع المقدر استثماراته بأكثر من 250 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة بطول يتجاوز 40 ألف كيلومتر، مما يسهم هذا المشروع ليس في تعزيز التكامل الاقتصادي لدول المجلس، فقط بل في الدول العربية كما يخلق تكتلا اقتصاديا موحدا يستطيع المنافسة في السوق العالمية، إضافة إلى أنه يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي ويزيد من معدلات التنمية من خلال دعم التواصل الاجتماعي بين شعوب المنطقة وتسهيل تنقل الأفراد والسلع. ويعد توطين صناعات السكك الحديدية والمترو فى دول مجلس التعاون الخليجي نواة لتنفيذ مخطط الربط البري العربي بالسكك الحديدية وتفعيل العمل لإنشاء السوق العربية المشتركة، حيث سيؤدي إلى ترابط اقتصادي وتكامل كبير بين الدول العربية، فضلا عن التقارب الاجتماعي وهناك فوائد وآثار إيجابية مباشرة فى مشروع ربط دول مجلس التعاون فيما بينها خصوصا فى تيسير حركة التجارة البينية بين دول المجلس وحرية التنقل لمواطنيها والمقيمين فيها وتسهيل انتقال الخدمات، بالإضافة إلى الاستثمارات المشتركة بين دول المجلس والتي تعد داعما سياسيا لاقتصادياتها. ويجمع الخبراء على الأهمية الاقتصادية لتوطين صناعات السكك الحديدية والمترو فى دول مجلس التعاون الخليجي لأنه سيشكل فى حال العمود الفقري لنقل السلع والركاب، وهو ما ينعكس بالإيجاب علي تكاليف السلعة المنقولة لما للسكك الحديدية قدرة كبيرة على نقل الحمولات الثقيلة ولمسافات بعيدة وبسرعة واضحة تفوق الكثير من الوسائل الأخرى، وسيتم إنشاء صندوق تنموي لاستدامة قطاع السكك الحديدية والمترو فى دول مجلس التعاون الخليجى، بالشراكة مع القطاع الخاص، وضرورة قيام الدول الأعضاء بتسهيل الإجراءات الخاصة بإنشاء تحالفات بين الشركات الخليجية والشركات المختصة فى مجال تصنيع متطلبات مشاريع السكك الحديدية إلى جانب تقديم تقرير سنوي عن الإنجازات التي تتم إلى لجنة مشروع سكك حديد دول مجلس التعاون ووضع إطار زمني لتنفيذ هذا المشروع يؤكد وعي القائمين ومدي مسئوليتهم علي إتمام هذا المشروع ووضعه علي أولويات أجندة دول المجلس برغم أزمة تراجع أسعار النفط الحالية. ولا يمكن إغفال ما تسهم به السكك الحديدية فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تساعد فى تنفيذ كل المشروعات التنموية الإستراتيجية ومنها تعزيز الاكتشافات البترولية من خلال نقل المعدات وآليات المشروعات، فضلا عن نقل خام البترول من الآبار، كما تقوم السكة الحديد بالإيفاء بكل متطلبات النقل الإستراتيجي وتحت ظروف تشغيلية صعبة ومعقدة للغاية مثل نقل كل مواد الغذاء، كما تسهم فى النهضة العمرانية والاجتماعية، فمن المتوقع أن يتم التوسع فى المدن الجديدة بوصول الخط الحديدي إليها وهي المورد الرئيسي لإمداد الكثير من المدن والتجمعات السكانية التي تقع على الخط الحديدي، كما تنتشر فى كل السكك الحديدية الرئيسية أندية ثقافية ورياضية ليست حكرا على عامليها بل تستوعب كل المواطنين المقيمين حول هذه المحطات، كما تسهم السكة الحديد أيضا فى إنشاء المدارس والمراكز الصحية والصيدليات فى العديد من محطاتها الرئيسية. المتأمل فى تجارب الدول السابقة التي قامت بإنشاء السكك الحديدية، يدرك تماما أن العديد من المدن الصناعية التي نمت وازدهرت كانت بسبب وجود السكك الحديد فيها والدول الأوروبية أكبر شاهد علي أهمية السكك الحديدية. ولا يمكن إغفال التحديات والمعوقات التي تواجه مشاريع السكك الحديدية والمترو بدول مجلس التعاون والتي يجب التعاون المشترك علي مواجهتها وإذلال جميع المعوقات من خلال وضع إستراتيجية شاملة لتكامل مشاريع السكك الحديدية والمترو وتكون جزءا من التخطيط الإستراتيجي الشامل لدول المجلس، وتتمثل أبرز هذه العقبات فى التمويل، فبناء سكك حديدية متطورة يحتاج إلى بنية تحتية باهظة الكلفة، ولذلك يجب الاهتمام بجدية بإنشاء صندوق تنموي لتمويل هذا المشروع فى دول المجلس لسهل إنشاء هذه الخطوط ويقضي علي أكبر تحد يواجهه ويغني عن اللجوء إلي طرق أبواب الدول الكبري للاقتراض، خصوصا أن الاستثمارات الأجنبية قد تبدي اهتماما بتشغيل خدمات السكة الحديدية وليس بناءها لأن التشغيل يتضمن مخاطرة أقل، لذلك يتطلب من الدول الخليجية توفير التمويل اللازم لبناء المشروع الذي سيكون شريانا حيويا لهذه الأقطار، وهو لا يمثل عبئا كبيرا برغم الظروف الحالية كما أن من مميزات دول مجلس التعاون الخليجي عدم وجود عراقيل أمام انتقال الركاب والبضائع لتبني هذه الدول منظومة واحدة. وفي ظل التطورات التكنولوجية المتسارعه تجب مراعاة هذا التطور فى الدراسة التي سيتم تقديمها من خلال اللجنة المكلفة بها للدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي لأن إنشاء السكك الحديد وتحديثها بالوحدات المتحركة الحديثة والمنشآت الثابتة من الخطوط الحديدية على أساس مراعاة خصائص الاستثمار فى قطاع السكك الحديدية التي يتمثل أهمها فى ضخامة الاستثمارات المطلوبة، ولأن السكك الحديدية صناعة كثيفة بحاجة إلى رأس المال وتكامل الاستثمارات بمعنى أنه فى حالة شراء قاطرات ذات سرعة عالية فلابد من تجديد الخطوط الحديدية لتتحمل هذه السرعة العالية، وكذلك تعتبر السكك عاملا من عوامل التوطن الصناعي، حيث تبرز أهميته فى مرحلتي الإنتاج والتوزيع، حيث توفر فرص نقل للمواد الأولية وعنصر العمل والسلع الوسيطة وكذلك نقل الإنتاج إلى مناطق التخزين والاستهلاك. فى ضوء هذا التوجه يجب عدم إغفال القطاع الخاص الذي سيكون شريكا مهما فى توطين صناعات السكك الحديدية، وذلك من خلال تشجيع القائمين علي هذا القطاع لجذب استثماراتهم والاستفادة من خبرات هذه الشركات خصوصا الشركات الأجنبية ذات الخبرات فى قطاع السكك الحديدية والمترو للدخول فى شراكة حقيقية مع القطاع العام وللاستثمار فى مشاريع السكك الحديدية والمترو فى دول مجلس التعاون، للاستفادة من خبراتها الفنية والإدارية، على أن يتم تطوير السياسات والقوانين التشريعية ذات العلاقة بما يتناسب مع متطلبات تنفيذ تلك المشاريع، وتوفير البيئة المناسبة وأنظمة المشتريات التي تضمن المنافسة العادلة والشفافية.