أجرى الحوار: هانى بدر الدين هادى البحرة، رئيس ائتلاف المعارضة السورية الذى تولى منصبه قبل نحو 6 أشهر خلفاً لأحمد الجربا، فى حوار مع «الأهرام العربى» خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، يؤكد أن التحالف الدولى ضد داعش يستخدم إستراتيجية خاطئة، وأن الغارات الجوية فقط لن تقضى عليها، معتبرا أن الكرة الآن فى ملعب النظام السورى والذى عليه اتخاذ خطوات نحو الحل السياسى، مضيفا أن ائتلاف المعارضة جاهز للحل السياسى. كما أعلن البحرة أن ائتلاف المعارضة طرح على مصر فكرة أن ترعى لقاء تشاوريا لأطياف المعارضة السورية لتنسيق الرؤى والمواقف، خصوصا مع دعوة موسكو لعقد مؤتمر حول الوضع السوري، معتبرا أن الحوار مع نظام الأسد يجب أن يتم التجهيز والتريب له بشكل جيد وإلا سيكون «عبثياً» و»مضيعة للوقت». ما نتائج مباحثاتك مع الجامعة العربية والخارجية المصرية؟ الاجتماع مع الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية، وكذلك مع السيد نبيل شكرى، وزير الخارجية المصرى تناول عرض الوضع السورى الحالي، ورأى الجامعة العربية فى الأوضاع الحالية فى سوريا، وتطرقنا لمبادرة ستيفان دى ميستورا مبعوث الأممالمتحدة، وإلى أين وصلت، ورؤية الائتلاف لتلك المبادرة، والنقاط الواجب توافراها بتلك المبادرة كى يكتب لها النجاح، وكذلك ضرورة البناء على التجارب التاريخية مثل مبادرة الجامعة العربية السابقة بإيفاد مراقبين إلى سوريا وللأسف فشلت، وأعقبها مبادرة النقاط الست. ما أبرز تلك النقاط لإنجاح مبادرة دى ميستورا؟ هناك عدة أمور وأسئلة مهمة؛ أولها ما آلية الرقابة للتأكد من الالتزام بتطبيق الاتفاقية، حتى لا يقوم النظام بنقل قواته من منطقة يجمد فيها النزاع إلى منطقة أخرى؟ وبالتالى نكون بصدد نقل مكان العنف والقتال وليس وقفه، وكذلك الاتفاق على العواقب التى يمكن تطبيقها على أى طرف يخالف بنود المبادرة، فأى اتفاق بدون عواقب لن يلتزم به أى طرف، وهناك نقاط مرتبطة، مثل الجهة التى ستطبق تلك العواقب فهل سيكون ضمن إطار مجلس الأمن أم ماذا؟ كذلك فهناك الشروط الواجب تطبيقها على الطرفين، نظرا لأننا فى حالة عدم تكافؤ وبالتالى لا يمكن أن تفرض نفس الشروط على كلا الطرفين، كذلك ما الموقف لو وقع الطرفان اتفاقا، وقامت أطراف أخرى مثل داعش التى ليس لها علاقة بالاتفاق، وبهجوم ما فما الرد عندئذ؟ كما أن هناك نقطة مهمة وهى أنه لا يمكن الاكتفاء بمبادرة "دى ميستورا" فقط، ولا بد من وضعها ضمن إطار حل سياسى متكامل، بحيث تكون تلك المبادرة جزءا من الحل. لماذا طلبتم من مصر استضافة عقد لقاء تشاورى للمعارضة السورية؟ كنا قد بدأنا الحوار السورى - السورى منذ فترة مع عدة أطراف سياسية، وتناقشنا فى الوثائق والرؤى حول الحل السياسى، ونسعى لمزيد من الحوار مع المجموعات السورية، ونرى أن تكون مصر من الدول الداعمة لهذا الحوار، وأن تلعب مصر دورا محوريا فى تأمين المناخ المناسب لهذا الحوار، فمصر مهيأة بسبب علاقتها الجيدة مع كل أطراف المعارضة، ولا يوجد خلاف بين المعارضة حول الأهداف النهائية للعملية السياسية، توجد نقاط مشتركة كثيرة، ونتطلع لعقد لقاء تشاورى أوسع بالقاهرة فى فرصة قريبة. مصر لا يوجد لديها مبادرة محددة تطرحها وتناقشها مع الأطراف السورية، وإنما مصر تريد تفعيل الحل السياسى وتريد أن يكون الحوار السوري- السورى هو الانطلاقة لتفعيل الحل السياسي، ونعلم أن الموضوع السورى يشهد تدخلات إقليمية ودولية، وبالتأكيد الحوار السورى السورى والرعاية المصرية لها سيؤدى لتقديم رؤية متكاملة من أطراف المعارضة السورية. مصر دائما كانت من الدول التى لها موقف واضح وتحاول وقف سفك الدماء، وتعمل من أجل الوصول إلى حل سياسى، ومصر تعمل حاليا على أنه إذا خلقت الظروف المناسبة الدولية والإقليمية خصوصا فى ظل التحالف ضد الإرهاب، وأيضا فى ظل الاهتمام الروسى المفاجئ بالموضوع، فمصر تريد لأى مؤتمر دولى أن يكتب له النجاح وأن يتم الإعداد له بشكل جدى وعملي، لذا ترى القاهرة أن أى لقاء سورى - سورى بين أطياف المعارضة فى مصر سيمهد لتوحيد الرؤية والمواقف واختزال الزمن اللازم لإحراز تقدم. هل هناك موعد مبدئى للقاء التشاورى بين أطياف المعارضة السورية بالقاهرة؟ لا يوجد موعد مبدئى لهذا الحوار، لكن كنا قد بدأنا عدة أطياف قبل زيارتى الحالية للقاهرة، حيث التقى وفد من الائتلاف مع وفد من هيئة التنسيق وبحثنا عدة موضوعات. هل هناك أى تعارض بين ذلك اللقاء وبين مؤتمر موسكو؟ أولا بحثنا خلال اللقاء مع وزير الخارجية المصرى موضوع مؤتمر موسكو الذى يطرح أن روسيا ستدعو إليه، وقلنا وجهة نظرنا وعرفنا وجهة نظر مصر، ونرى أنه لا يوجد أى تعارض بين اجتماع القاهرة المرتقب للمعارضة السورية، وما بين مؤتمر موسكو، ونحن فى الائتلاف وباقى الأحزاب السياسية نتشارك برؤى تقريبا موحدة، ونرى أنه لا بد من وجود حد أدنى من الترتيبات لإنجاح أى مؤتمر، فلا يمكن نجاح مؤتمر دون وجود أجندة محددة له، أو ورقة محددة، ولذلك فإنه لا بد من عقد لقاءات ثنائية ولقاءات أوسع بين أطياف المعارضة السورية، وبعدها يمكن أن ننطلق لمؤتمر موسكو إذا رأينا فيه مصلحة للشعب السوري، ومؤتمر موسكو حتى اللحظة لم توجه أى دعوة لأى طرف للحضور كما لم يتم الإعلان عن أى إطار للمؤتمر، فما تم الإعلان عنه هو دعوة للحوار، لكن الحوار على ماذا؟ هذه أطر يجب توضيحها جيدا، ولذلك فنحن نسعى لعقد حوار بين الأطراف السورية المعارضة لنصل لتفاهمات ورؤية مشتركة ثم ندرس بعدها ما الخطوات التى يجب اتخاذها لاحقا. هناك حديث عن لقاء بين المعارضة السورية وبين النظام بمؤتمر موسكو.. ما صحة ذلك؟ توجد شائعات كثيرة، لكن لا يوجد أى شىء واضح ومعلن، أغلبية الأطراف المعارضة ترى أن الإطار الوحيد التفاوضى يجب أن يبنى على بيان جنيف، والمكان التفاوضى الأساسى هو فى إطار دولي، ونحن خضنا تجربة جنيف وكانت محددة على بيان جنيف، أما أن تدعو لمؤتمر حوار على جزئين؛ قسمه الأول يتضمن حوارا ما بين أطياف المعارضة السورية بينها وبين بعضها البعض، وقسمه الثانى بين المعارضة وبين النظام دون إطار محدد هو مضيعة للوقت. وبالنسبة لنا يجب أن تكون أى عملية تفاوضية وفق إطار محدد وجدول زمنى ووفق تهيئة لإنجاح الحوار، ونحن جميعا نعلم أن هناك تدخلات إقليمية ودولية فى المسألة السورية، وبالتالى لا بد من توافقات دولية وإقليمية للدفع فى اتجاه إنجاح الحل السياسي، واللقاءات يجب أن تكون جدية وتدفع باتجاه الحل السياسى حتى لا تتحول ل "عبثية". مع العام الجديد كيف ترى الأفق بالنسبة لسوريا؟ بالنسبة للشعب السورى فهو دفع الكثير لاسترداد حقوقه وهذا الثمن لا يمكن أن يضيع هباء، وبالتالى سيستمر الشعب السورى فى سعيه لاسترداد هذه الحقوق وتحقيق عملية الانتقال الديمقراطى، ونأمل أن تكون هناك إرادة دولية لدفع النظام السورى للذهاب لمائدة المفاوضات للوصول لعملية الانتقال بشكل سلمى ووضع حد لإراقة الدماء فى سوريا. لا يمكن وفق تجربتنا والتدخلات فى سوريا، لا بد من توافق دولى وإقليمى، إضافة لنية ورغبة النظام بالوصول لحل سياسى، النظام حاليا قراره ليس ملكه، ولكن ملك إيرانوروسيا، لأن النظام فقد القدرة على تمويل الحرب وفقد خزانه البشري، وبالتالى القرار أصبح يتخذه من يقوم بتمويل وتزويد النظام بالعتاد والأفراد، وإن اقتنعت هذه الدول أنه يجب إيجاد حل سياسى وأرسلت رسائل للنظام بذلك عندئذ سيعمل النظام فعلا على الحل السياسي، ونحن من جانبنا نأمل أن تقتنع إيرانوروسيا أن مصلحتهما مع الشعب السورى وأن ذلك الشعب يستحق أن ينال حريته ويستعيد حقوقه. هل أنتم مستعدون فى المعارضة للوصول لحل سياسى؟ توجد لدينا نحن فى الائتلاف السورى الإرادة السياسية من أجل للوصول لحل سياسي، وبالتالى الكرة فى ملعب النظام، فنحن جاهزون للحل، وننتظر إرادة وخطوات النظام. كيف تقيمون الدور الروسى فى المسألة السورية؟ موسكو حليفة للنظام وتقدم له السلاح والمال الذى يستخدمه لقتل الشعب السورى، وبالتالى لا يمكن لروسيا أن تكون الطرف المحايد، وعليها أن تبذل المزيد من الجهود لتوقف هذا الدعم واستمرار القتل فى سوريا وسفك الدماء والتوجه نحو الشعب السورى لتكون على الأقل حيادية. ما تقييمكم للحرب على داعش؟ الإرهاب بالنسبة للداخل فى سوريا هو خطر على المصلحة الوطنية السورية، كما يمثل أيضا خطرا على دول المنطقة وأوروبا ودول العالم، فالمقاتلون يأتون إلى سوريا من دول العالم كافة، وبالتالى فهى مشكلة دولية، وبالنسبة لنا فى ائتلاف المعارضة ، فنحن نعتبر أن أول خطوة لمحاربة الإرهاب تكمن فى إيجاد حل سياسى داخل سوريا لتنطلق عملية محاربة الإرهاب بشكل جدى، لنخوض حربا منظمة ضد الإرهاب، فالإرهاب يمثل خطرا على المصلحة الوطنية السورية، ونحن أعلنا فى ائتلاف المعارضة موقفنا ضد داعش، وكنا أول ما حاربها، بينما النظام لا يوجه قواته لدير الزور والرقة لمحاربة داعش، لكن يرسل قواته لمحاربة الجيش الحر فى حلب وغيرها. هل قواتكم العسكرية هى الأكثر تضررا من داعش؟ لا يوجد حاليا أى عمليات عسكرية جدية ينفذها النظام ضد داعش، سواء فى الرقة أم دير الزور، فالنظام يركز كل عملياته العسكرية ضد الجيش الحر وضد القوى المعتدلة، وداعش فى نفس الوقت تستهدف الجيش الحر والقوى المعتدلة، فنحن مستهدفون من كلا الجانبين، ولذا نحن تأثرنا أكثر من أى طرف، فالنظام يحافظ على سيطرته على نفس الأراضي، بينما توسعت سيطرة داعش على الأراضي، على حساب الأراضى التى كان يسيطر عليها الجيش الحر والقوى المعتدلة لا سيما فى الشمال. هل هناك أى تنسيق معكم فى الحرب على داعش؟ حتى الآن لا يوجد أى تنسيق بين التحالف الدولى ضد داعش وبين الجيش الحر، والإستراتيجية التى يتبعها التحالف الدولى ضد داعش هى إستراتيجية خاطئة، فلا يمكن القضاء على الإرهاب بهجمات جوية فقط، ولا بد من إستراتيجية تسير بمسارات متوازية أولها القضاء على داعش عسكريا، وهذا يتطلب التنسيق ما بين القوات الأرضية وهنا أتحدث عن الجيش الحر والقوى المعتدلة وبين الهجمات الجوية، ولذلك لا بد من دعم الجيش الحر، وفى نفس الوقت لا بد من التعاطى لحل المسببات التى أدت لظهور داعش، والمسبب الأساسى وراء تنظيم داعش هو نظام الأسد نفسه الذى سهل عبور تلك المجموعات عبر العراق إلى سوريا، وهو من كان يرسلها سابقا عبر الحدود إلى العراق، إبان الاحتلال الأمريكى للعراق، ولذلك لا مجال للانتصار على داعش بدون التعامل مع النظام الذى سهل وجود داعش، أما الجزء الثالث ضمن إستراتيجية القضاء على داعش فيكمن فى تقوية القوى المعتدلة على الأرض لإدارة المناطق المحررة من داعش كل لا يعود إليها داعش بعد تحريرها، كل تلك مسارات يجب السير فيها بشكل متواز وفى نفس الوقت، ونحن نسعى لإيجاد التنسيق مع التحالف الدولي. ما رأيكم فى برنامج التدريب الأمريكى؟ برنامج التنسيق والتدريب الأمريكى بقيمة 500 مليون دولار، سيبدأ فى أول فبراير القادم، وقدمنا رؤيتنا لشكل التدريب ليحقق الغايات الرئيسية لحماية الشعب السوري، بحيث يكون برنامجاً منظماً يصب فى خانة قيام جيش موحد ومراكز عمليات واحدة وتنسيق كامل مع القوى الجوية حرصا على حياة المدنيين، ووفق إستراتيجية لتحرير الأرض من داعش وليس فقط الاكتفاء بإضعاف داعش. نحن على أبواب القمة العربية المقبلة.. هل هناك جديد سنشهده فى مجال الأزمة السورية؟ يتوجب على جامعة الدول العربية دعم المساعى والتواصل مع الدول الدولية المؤثرة للضغط الفعلى، لإعادة تفعيل المفاوضات والوصول لحل سياسي، ومصر تملك علاقات جيدة مع دول مثل الصينوروسيا، ولها علاقات عربية قوية، وهى على اطلاع بالأوضاع السورية، لذلك بإمكان مصر القيام بدور لخلق المناخ الإيجابى بالإضافة للضغط على الدول الأخرى للعمل من أجل الوصول لحل سياسى. وهل هناك جديد بالنسبة للجالية السورية فى مصر لحل مشاكلهم؟ كانت لدينا رسالة للجامعة العربية والخارجية المصرية بتسهيل أمور الجالية السورية فى مصر، ولاسيما فى مجال منح التأشيرات لأقرباء العائلات المقيمة بمصر، والطلبة السوريون الذين يدرسون بالجامعات المصرية، حيث اتخذت الحكومة المصرية مشكورة قرارا بمعاملتهم مثل الطلبة المصريين، ونأمل أن يتم تنفيذ القرار أيضا على طلاب الدراسات العليا، وناقشنا أيضا وضع السوريين المقبوض عليهم بسبب الهجرة غير الشرعية، وهناك أفكار عرضناها بسفرهم إلى دول أخرى تقبل وجودهم على أراضيها، وكذلك اقترحنا أن يتم السماح لهم بالإقامة فى مصر لفترة محددة، لحين ترتيب سفرهم إلى دول أخرى. وما نظرتكم لوضع داعش والحرب عليها؟ الإرهاب بالنسبة للداخل فى سوريا هو خطر على المصلحة الوطنية السورية، كما يمثل أيضا خطرا على دول المنطقة والمحيط الأوروبى ودول العالم، فالمقاتلون يأتون إلى سوريا من دول العالم كافة، وبالتالى فهى مشكلة دولية. وبالنسبة لنا فى ائتلاف المعارضة السورية، فنحن نعتبر أن أول خطوة لمحاربة الإرهاب تكمن فى إيجاد حل سياسى داخل سوريا لتنطلق عملية محاربة الإرهاب بشكل جدى.