إبراهيم العشماوى هل بات انفصال جنوب اليمن أمرا قريبا ومواتيا فى ضوء المشهد الفوضوى الذى صنعته جماعة الحوثى وتمددها فى أغلب المحافظات الشمالية؟ وكيف سيكون سيناريو الانفصال فى حال حدوثه؟ .. هل بالحوار والتفاوض السلمى والاستفتاء الشعبى أم بالحروب والتصادم العسكري؟ أسئلة كثيرة يطرحها الشارع اليمنى الذى يراقب باستغراب ودهشة مجريات الأمور من حوله وسط شلل شبه كلى لمفاصل الدولة. المؤشرات الظاهرة تقول إن المسيرات التى نظمها الحراك الجنوبى الداعى إلى الانفصال بمناسبة ذكرى ثورة 14 أكتوبر فى ساحة العروض تحت عنوان "مليونية الحسم" كانت الأكبر منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية فى الجنوب عام 2007 وتزامن ذلك مع تصعيد قام به الحراك الجنوبى لأول مرة بتوجيه إنذار للشركات العاملة فى جنوب اليمن، يطالبها بإيقاف عملها وتعاقداتها مع الحكومة القائمة التى يصفها بحكومة الاحتلال، كما دعا أجهزة الدولة بالاستسلام، وطالب الموظفين المنتمين للمحافظات الشمالية بتسليم مواقعهم ومراكزهم الحكومية للجنوبيين، وحدد لذلك نهاية شهر نوفمبر المقبل موعدا نهائيا للتسليم. وفى تطور لافت للنظر أعلنت 25 منظمة جنوبية عن تشكيل مجلس إنقاذ وطنى للجنوب معتبرة أن مسيرات عدن لحظة مصيرية فى مسيرة النضال السلمى للشعب الجنوبى من أجل الحرية وتقرير المصير، واستعادة دولة الجنوب المدنية الكاملة السيادة. ويؤكد فؤاد راشد أمين سر المجلس الأعلى للحراك السلمى لتحرير الجنوب أن الثورة الجنوبية ليست وليدة الأحداث الأخيرة فى صنعاء، وإنما ثورة اندلعت بعد احتلال الجنوب فى 94م وانطلقت بقوة وبشكل متواصل منذ 2007م وحتى اليوم واذا كان هناك جديد فهو يتمثل فى اهتمام الفضائيات الإعلامية العربية والدولية بثورة الجنوب. وأوضح أن الاعتصامات فى الساحات مستمرة برغم التهديدات بقمعها والتلويح بذلك والبدائل كلها مطروحة ومشروعة، وأن الجنوبيين مصممون على إنجاز الهدف وطرد المحتل قبل طى العام الجارى داعيا المحيط الإقليمى ودول العالم الحرة بدعم ثورة الجنوب العادلة والمشروعة. ويشدد حسن أحمد باعوم رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبى على أن الحق الشرعى لشعب الجنوب بموجب جميع الأعراف والمواثيق الدولية، يوجب اليوم اهتمام المجتمع الدولى لاسيما وسط انجراف أقطاب " الاحتلال " اليمنى إلى الصراعات والانفلات الأمنى الذى ينذر بالخطر على حالة السلم والاستقرار العام بالمنطقة الإقليمية والعالم أجمع. وكشف نائب رئيس المجلس الأعلى للثورة الجنوبية فى محافظة لحج الدكتور ناصر الخبجي، أن مخيمات الاعتصام فى ساحة العروض بمنطقة خور مكسر بمحافظة عدن ستستمر، وقد تتسع فى عدن ومحافظات جنوبية أخرى، وقد تصل إلى المنافذ الحدودية مع الشمال حتى يتم استعادة الدولة الجنوبية. ولم يستبعد قيام الجنوبيين بإغلاق المنافذ الحدودية فى 30 نوفمبر المقبل كنوع من التصعيد إذا لم يتم تفاوض ندِّى بين الشمال والجنوب يُفضى إلى فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية. وفى هذا السياق قال تقرير لمركز أبعاد للدراسات والبحوث بصنعاء إن اليمنيين فى الجنوب يشعرون بأن فرصة تقرير مصيرهم وفك ارتباطهم بالشمال أصبحت سانحة الآن، وأن احتفالتهم فى ذكرى انتصار الثورة على الاستعمار الإنجليزى فى 14 أكتوبر 1963م بداية العد التنازلى لانفصال عدن عن صنعاء. وأشار التقرير إلى أن الجنوبيين يرون أن مشروعية الانفصال هذه المرة وفرها اجتياح الحركة الحوثية المسلحة للعاصمة صنعاء فى 20 سبتمبر بعد فرضها لواقع مسلح جديد، بديلا للحكم الانتقالى الذى تضمنته المبادرة الخليجية الراعية لانتقال سياسى سلمى للسلطة الموقعة بإشراف إقليمى ودولى فى نوفمبر 2011م. وتطرق التقرير إلى سيناريوهات متعددة للجنوب اليمني، يتمثل الأول فى تحقيق الجنوبيين للانفصال السريع والكامل، فى حال توافرت بعض الشروط كامتلاكهم قيادة قوية محل توافق جميع الكيانات لقيادة الدولة الجنوبية أثناء مرحلة تقرير المصير، وحصولهم على دعم إقليمى ودولى قوي، لتجنب مخاطر الانزلاق للتمزق والصراعات والحروب، أما السيناريو الثاني فيتوقع أن تسهم سلطة الرئيس الجنوبى عبدربه منصور هادى فى تحقيق انفصال آمن وبطيء تجنبا للفشل وتقليلا للمخاطر وإضعافا لردات الفعل المحلية والإقليمية والدولية غير الراغبة فى قرار كهذا، ومثل ذلك يفرض على هذه القيادة البقاء فى السلطة وتحمل المزيد من الأعباء والاتهامات بالفشل والتقصير. غير أن السيناريو الثالث وفقا لمركز أبعاد والذى وصفه بأنه مستبعد، فيتمثل فى أن الجنوبيين يتجهون لتبنى إعادة صياغة جديدة للوحدة اليمنية قائمة على القانون والدستور والتعددية والديمقراطية وخالية من اللوبيات والنفوذ المناطقى والمجتمعي. ويرصد تقرير مركز أبعاد لمخاطر فى طريق الجنوبيين أهمها فشل الانفصال الكامل للجنوب واحتمال ذهابه للتمزق والتشظى ونشوء دويلات وكيانات متعددة، خصوصا أن هناك حديثا مستمرا عن أطماع خليجية فى حضرموت وأطماع بريطانية فى عدن، وأطماع إيرانية فى باب المندب وأطماع أمريكية فى مناطق النفط الصحراوية بين شبوة وحضرموت. ووفقا لمصادر حزبية يمنية فإن مواقف دول الخليج وأمريكا وأوروبا لا تزال مؤيدة لصيغة الاتحاد الفيدرإلى لأنها تضمن مصالحها الإستراتيجية فى باب المندب، ولأنها تمنع صراعات وإنفجارات داخلية فى اليمن قد تحولها إلى بؤر توتر كالعراق وسوريا، فضلا عن أن اهتمام الغرب ينصب على عدم تمكين القاعدة من أراضى الجنوب ومنعها من وضع بوابة البحر الأحمرالجنوبية بالتنسيق مع جماعة أنصار الشباب الصومالية فى الجهة الأخرى تحت رحمة الإرهابيين. ويؤكد المراقبون أن إشكاليات عديدة ستنجم عن توجه الجنوبيين نحو فرض الانفصال من الناحية الاقتصادية حيث يمر أنبوب تصدير الغاز من الشمال إلى الجنوب عبر محافظتى مأرب وشبوة وهو من أكبر المشاريع النفطية وتزيد تكلفته على 5 مليارات دولار، وتديره شركات غربية بقيادة شركة توتال الفرنسية، وهو الأمر الذى سينجم عنه خلافات ومشاكل عميقة شبيهة بما حصل بين شمال السودان وجنوبه. محطات الوحدة 22 مايو 1990 أعلنت الوحدة الاندماجية بين شطرى اليمن وتوجه الرئيس على عبد الله صالح إلى عدن ورفع علم الوحدة بها. 4مايو 1994قامت حرب بين قوات الرئيس على عبد الله صالح وقوات الحزب الاشتراكى بقيادة على سالم البيض، وعشية الذكرى الرابعة لتحقيق الوحدة أعلن البيض الانفصال من طرف واحد وكان إعلاناً بفشل الوحدة بين الشمال والجنوب . 15 يناير 2006 تجمع مئات المتقاعدين العسكريين من مختلف المحافظاتالجنوبية فى ملتقى التسامح والتصالح، خُصص لإزالة آثار صراع 13 يناير 1986 الذى دارت أحداثه فى محافظة عدن . 23 مارس 2007 دشنت جمعية المتقاعدين العسكريين أول نشاط احتجاجى فى مدينة الضالع، وفى 7 يوليو من العام نفسه، نفذ أعضاء الجمعية فى المحافظات أول فاعلية مشتركة فى مدينة عدن. مكونات الحراك الجنوبي: -1 المجلس الأعلى لتحرير الجنوب، برئاسة حسن باعوم، وهو قيادى سابق فى الحزب الاشتراكي. -2 الهيئة الوطنية للاستقلال، برئاسة ناصر النوبة، وهو عميد متقاعد فى الجيش. -3 الهيئة الوطنية للنضال السلمي، ويرأسها صالح يحيى، وهو أستاذ جامعى وناشط سياسى سابق فى صفوف الحزب الاشتراكي. -4 المجلس الأعلى للحراك السلمى الجنوبي، يقوده صلاح الشنفرة، وهو نائب فى مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي، ويضم هذا الفصيل معظم القيادات المعروفة فى الحراك، وهو الأكثر نفوذا فى الساحة الجنوبية، وكان قد اختار على سالم البيض رئيسا له.