حوار دينا توفيق هو يرى كأستاذ أكاديمي أن الأصل هو التأكيد بأن من سنن الله تعالى في الكون والأرض اختلاف الشرائع « لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا»، وأن الدين لا يخوض فيه إلا دارس وفقيه بل إن بعض الفقهاء قد يتم استبعادهم من الفتوى إن كانوا أصحاب هوى أو غير مؤتمنين، هكذا وضع العالم الكبير أحمد كريمة قواعده قبل الحوار مؤكداً لى أنه لا يتحدث بالنيابة عن الأزهر أو باسمه، ولكن على مسئوليته الشخصية، وأنه يؤكد أن هناك إقرارا واضحا من الله تعالى بإبقاء كل شريعة على مكوناتها وأن مرَّد الفصل لله وحده يوم القيامة وليس للرؤساء الدينيين في أي شريعة، ولا يجوز للرؤساء الدينيين لليهود ولا للرُتب الكنسية بالمسيحية ولا المرجعيات الدينية الإسلامية أن يكونوا وكلاء عن الله في الإيمان أو الكفر والتوحيد أو الشِرك أو الجنة أو النار، وإليكم كلمات الأزهرى العالم الجليل. كنت أنوى سؤالك عما قاله د. ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية من وصف لعيد القيامة المجيد عند المسيحيين بأنه أكفر الأعياد عند النصارى، واتبع ذلك بكلام نتحدث عنه لاحقاً، ولكننى فوجئت هذا الصباح بأنك تتهم الشيخ القرضاوى بازدراء الأديان فما صحة وحقيقة الأمر؟ أنا اقترحت تحريك دعوى قضائية من مشيخة الأزهر ضد يوسف القرضاوى لاتهامه بازدراء الأديان بعد أن أفتى بتحريم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المصرية فالمختص بالفتوى هو شيخ الأزهر، أو دار الإفتاء، أو رابطة العالم الإسلامي، لكنها ليست شأناً فردياً يقوم به أي شخص»، مضيفاً أن الانتخابات هي من العادات وليست العبادات، ولا ندب ولا كراهة، إنما الإباحة والجواز. وفى الحديث «أنتم أعلم بأمور دنياكم» وحيث قال أئمة الفقهاء إن الإفتاء يُحظر على الطبيب الجاهل والمفتى الماجن (من المجون) ويعنى ذلك من يأتي بالغرائب والأعاجيب والشذوذ والنوادر من الأقوال والأفعال وإثارة شغب على الدين، فقرر الفقهاء بوجوب منع من يتصدر الإفتاء، ولو كان من أهل الإفتاء إذا ترتب على أقواله الشاذة الإضرار بسمعة ومكانة الدين أو أدى إلى فتن مجتمعية، ويوازى في ذلك قواد وأمراء الخوارج قديماً وحديثاً الذين يوظفون الدين بتحريف الكلِم عن مواضعه لأغراض دنيوية! كما قال أحدهم لعلى «الحكم لله يا على» فقال الإمام «كلمة حق يراد بها باطل»، وعلى نفس الشاكلة ينحدر القرضاوى بإيعاز من محركيه افتراء على شرع الله ما ليس فيه ومن أجل شعارات باطلة ظاهرها رحمة وباطنها العذاب. ذلك اتهام صريح للشيخ؟ نعم وأقولها بصراحة: إن القرضاوى هو « المُفتى الماجن» ويجب الحجر عليه من جانب المؤسسات العلمية في مصر وغيرها، ومُساءلته قانونيا على ازدرائه للإسلام وإعادة النظر من جانب الأزهر في الدرجات التي يحملها جميعها والذى خرج بتعصبه وطائفيته عن وضعه كعالم أزهري. وبالنسبة للبلاغ المقدم من المحامى نجيب جبرائيل ضد الشيخ ياسر برهامى لاتهامه بازدراء الأديان واتهام المسيحيين بالضلال، وأنك أحد الشهود على أن نائب رئيس الدعوة السلفية ظهر على قناة فضائية، ووصف عيد القيامة المجيد عند المسيحيين بأنه أكفر الأعياد عند النصارى، وأن الذين يعتقدون أن المسيح صلب كفار، ويتبعون الضلال، فهل تقدمت بالبلاغ أم أنك شاهدا في تلك القضية؟ أولاً هذا كذِب ودعكِ من المكتوب، فأنا لم أتقدم بشىء ضده والأمر يرجع لمشيخة الأزهر، ولم يتم استدعائى كشاهد من أى جهة لا قضائية ولا ثقافية وأؤكد أننى لست طرفاً بالقضية مطلقاً. ولكن ما رأيك الأكاديمى؟ أرى كعالم أزهرى أكاديمى أن الأصل هو التأكيد أن من سنن الله تعالى في الكون والأرض اختلاف الشرائع « لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا». أرجو أن تُوَّصِف لي ما صدر عن د. ياسر برهامي؟ ما نُسِب إلى برهامي يدل على عدم إدراك لفقه الواقع والأولويات والمصالح، ولأن القاعدة القرآنية بسورة يوسف « قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ» فمن يتكلم عن الأمور الدينية يجب أن يكون على علم وبصيرة، وهناك شريعة لكل نبى ورسول عليهم السلام واختلافهم لا يمنع التعارف والتآلف والتعايش ويقول تعالى في سورة الحجرات « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "، أى أن ما نُسِب إلى طبيب الأطفال د. ياسر برهامى خارج عن الرواية المقبولة والدراية المعقولة لأن المسائل والشرائع المنسوبة إلى السماء تكون عن الأكاديمى البحت ولا يتم طرحها مطلقاً لعوام الناس، لأن القاعدة القرآنية الواضحة " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ "، والإسلام يا سيدتى يرسى معالم الإخاء الدينى والإنسانى، ويكفى أن تعرفى أن الرسول قد زار شابا يهودياً يحتضر برغم كل عداوة اليهود المعروفة نظرياً، وهو عليه السلام قد صام معهم عاشوراء احتفالا بنجاة موسى وقومه من عدوهم، فهل معنى ذلك أنه كان يقر ما يؤمنون به؟! كما أن الإسلام قد رخص للمسلم أن يأكل من طعامهم ويتزوج من نسائهم. على أى أساس يكون الاتهام الواضح بازدراء الأديان؟ أشخاص الأنبياء والرسل ثوابت وخط أحمر لا تُنتقص مطلقاً. لكن الناس تتناقش حول المعتقدات؟ لكل شريعة ثوابتها والإسلام أقر كل شريعة على ما فيها .. ويقول تعالى "إنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ" 44 المائدة.. " وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ " (47 المائدة). ولكننى أكررها هناك أمور في العقائد كالذى يخص صلب وقيامة المسيح يتناقش الناس فيها؟ وأن أقول لكِ إن الله قرر مبادئ عامة في علاقة أهل الشرائع ببعضهم البعض " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (69 المائدة) والآية بها إقرار واضح من الله تعالى بإبقاء كل شريعة على مكوناتها وإن مرَّد الفصل لله وحده يوم القيامة وليس للرؤساء الدينيين في أى شريعة، ولا يجوز للرؤساء الدينيين لليهود ولا للرتب الكنسية بالمسيحية ولا المرجعيات الدينية الإسلامية أن يكونوا وكلاء عن الله في الإيمان أو الكفر والتوحيد أو الشِرك أو الجنة أو النار ويقول تعالى " إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ". بل إننى أرى أنه من الخطأ الشديد فعل ذلك .. ويقول تعالى " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ (46 العنكبوت) فهذه أمور عقائدية دقيقة تتم مناقشتها بالمجامع العلمية فقط وبين أهل العلم ولا يجوز للعوام وغير المتخصصين الإثارة والجدال فيها!