المنامة: محمد زكى احتفلت هيئة شئون الإعلام بمملكة البحرين بمرور 75 عاما على صدور أول صحيفة بحرنيية، وذلك عندما أصدر الأديب عبد الله بن على الزايد جريدة «البحرين» فى مطلع شهر مارس 1939، وهى أول صحيفة سياسية أسبوعية تصدر فى منطقة الخليج العربى آنذاك وسط تحد كثير من الصعاب باختلاف أنواعها فى سبيل إعلاء شأن البلاد عن طريق الكلمة والتعبير عن الرأى المستنير المخلص للدين والوطن والعروبة . افتتحت الاحتفالية التى نظمت بالمنامة وزيرة الإعلام البحرينية والمتحدث الرسمى باسم الحكومة، سميرة بن رجب، وأكدت أن الاحتفال بيوم الصحافة البحرينية كل عام يأتى فى ضوء ما جاء فى رسالة جلالة الملك إلى العالم بمناسبة اليوم العالمى لحرية الصحافة، والذى أكد فيه مشاركته الصحفيين فى همومهم، مشيرة إلى أن اختيار شهر مارس جاء تواكبا مع صدور أول صحيفة بحرينية. وأضافت الوزيرة أنه بهذه المناسبة تم تدشين كتاب «الصحافة البحرينية.. تاريخ وعطاء» من تأليف الباحث البحرينى صقر المعاودة، والذى يضم تاريخ الصحافة البحرينية، مشيرة إلى أن صورة مملكة البحرين فى وسائل الإعلام الدولية، تحوّلت، حتى شهر مارس 2014، إلى صورة إيجابية بنسبة 35 % ومحايدة بنسبة %61، ممّا يدل على أن الخطّة التى وضعناها كانت ناجحة، وأدّت إلى نتائج إيجابية مقارنة بالصورة الإعلامية القاتمة التى كانت عليها المملكة فى شهر مارس من السنة الماضية وأشارت فى هذا الصدد إلى أنه لأول مرّة فى مملكة البحرين وضعت وزارة الدولة لشئون الإعلام إستراتيجية خمسية (2013 2018-) مكتوبة ومفصّلة، نُوقشت مع المسئولين فى هيئة شئون الإعلام، وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء الموقر، وتم عرضها ضمن مؤتمر صحفى أمام وسائل الإعلام، موضحة أن الإستراتيجية تتضمن 46 مبادرة تهدف إلى تطوير القطاع فى جميع المجالات التشريعية والهيكلية والتقنية والبرامجية والتدريبية، وإيصال الصورة الصحيحة لمملكة البحرين إلى العالم، وكذلك الاستثمار فى مجال الإعلام. وأكدت وزير الإعلام فى كلمتها إلى أن التكنولوجيا الحديثة للمعلومات والاتصالات قد تطورت بصورة رهيبة خلال السنوات القليلة الماضية، «وزادت من الطين بلّة»، إذ جعلت الشعوب غير المواكبة لهذه التطورات وغير المنفتحة على تعديل التشريعات، أكلة سهلة أمام ماكينات وسائل الإعلام الدولية التى تعمل بصورة ذكية وبإمكانات ضخمة، بحيث يصعب على بعض الدول التفريق بسهولة بين الإعلام الموجه من جهة، وحق الشعوب من جهة أخرى فى الحصول على الأخبار والمعلومات وحق ممارسة حرية الرأى والتعبير. وقالت إن هذا الموضوع زاد تعقيدا بعد الوصول السريع إلى مرحلة «دمقرطة» وسائل الاتصال الإلكترونى وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي، التى أصبحت تمثل سلاحا ذا حدّين: من جهة تخدم الأفراد والمجموعات وتسهم فى إثراء النقاش والحوار حول القضايا والاهتمامات المشتركة، ومن جهة ثانية تشكّل نوعا من الفوضى الجديدة التى يصعب تنظيمها فى غياب التشريعات اللازمة وفى صعوبة التوفيق بين فلسفة التقنين والحرية. وهو أمر لا يعنى فقط الدول العربية، بل معظم دول العالم، بما فى ذلك كبريات الدول الديمقراطية. وأضافت بن رجب، وأمام هذه الفوضى الجديدة وتناقضاتها، تعدّدت التساؤلات المطروحة عن الدور الجديد للإعلام والاتصال داخل المجتمع، وعن إمكانية أن يتحوّل تدفق معلومات شبكات الإعلام والاتصال بطرق غير أخلاقية إلى أدوات وأسلحة جديدة يمكن أن تسهم فى إضعاف مفهوم الدولة التى ما فتئت تخسر من سيادتها واستقلاليتها فى ظل عولمة الاقتصاد والثقافة، وكذلك يمكن أن تنخر جسم المجتمع من الداخل لتجعله مفكّكا وغير قادر على الدفاع عن مصالحه أمام التحديات الخارجية. من جانبه قال أنور عبدالرحمن، رئيس تحرير جريدة أخبار الخليج إنه من أكثر رؤساء التحرير الذين ذهبوا إلى المحاكم بسبب الصحافة، وإن أكثر الشعوب الذين يتحدثون عن الحرية هم العرب والأكثر من العرب هم البحرينيون، وبالرغم من ذلك لا يؤمنون بأبجديات كلمة الحرية، فالحرية بالنسبة لهم السلطة المطلقة للنقد، ولكنهم يرفضون التعرض للانتقاد. وتساءل عبدالرحمن هل نحن مؤهلون لأن نطالب بحرية الصحافة؟ مضيفا أنه عندما نشرنا خبرا عن أحد المواطنين الذى لقى مصرعه نتيجة جرعة مخدرات زائدة، جاء أهله فى اليوم الثانى يريدون الفتك بالصحفى الذى كتب الخبر لأنه من وجهة نظرهم فضحهم وشوه صورة العائلة، بالرغم من أن الخبر «صحيح»! وأكد عبدالرحمن أنه لا توجد حرية مطلقة فى أى بلد فى العالم، مشيرا إلى أن رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر عندما أرسلت قوات بريطانية إلى جزر فوكلاند لاستعادتها من القوات الأرجنتينية، أعطت أوامر صارمة بعدم نشر أى صحيفة بريطانية لأى معلومات حول هذا الأمر ولا حتى «البى. بى. سي»، وكان هناك تكتم إعلامى كامل على ما يجرى فى جزر فوكلاند، لذلك أود أن أقول إن كل دولة تستعمل قوتها لا تضع أى اعتبار لحرية الصحافة، إذا كان الأمر يمس الأمن القومى للدولة. ومن جهته تحدث عبدالعزيز الخميس، رئيس تحرير العرب اللندنية خلال الندوة عن أهمية ضبط وتطوير وسائل الرقابة على وسائل الإعلام، مشيراً إلى أن التشريعات الرقابية فى العالم العربى بهذا الشأن موجودة، ولكنها غير معاصرة وغير متطورة فى ظل تسارع التطور والحراك الإعلامى الراهن ودخول وسائل إعلامية جديدة لم تكن موجودة فى السابق كوسائل التواصل الاجتماعي. وقال إن العالم العربى ليس وحده الذى يواجه هذه المشكلة، حيث بدأ الحديث أخيرا فى الغرب عن وجود صعوبة فى تقنين وتنظيم الحراك الإعلامى المتدفق بشكل متسارع، مؤكدا فى الوقت ذاته أهمية تطوير التشريعات الرقابية الإعلامية لتنظيم هذا التدفق الإعلامى الهائل فى السنوات الأخيرة، والحد من آثاره السلبية. من جهته أكد الكاتب والصحفى محمد سيف الرحبى من سلطنة عمان الشقيقة أن هناك تداخلا كبيرا بين المفاهيم الخاصة بالندوة وهى الإعلام، والاتصال، والحرية، والمسئولية المجتمعية، مشيرا إلى أن الدول شهدت تغيرات كبيرة ومذهلة عقب ثورة الاتصالات وانتشار الإعلام الجديد، لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعى، خصوصا بعد الأحداث التى اجتاحت العالم العربى فى العام 2011، ما احدث ارتباكا كبيرا نتيجة لذلك، وأثر على الحرية فى تلك البلدان. وأوضح أن العلاقة بين مكونات مفاهيم الندوة أسست لما يعرف بالإعلام البديل، حيث أصبح كل مواطن صحفيا أو مراسلا، مشيرا إلى أن الإعلام البديل يتمتع بقدر كبير من الحرية والقدرة على المناورة تحت أسماء مستعارة بعيدا عن قوانين الدولة، فى ظل وجود حواجز ومحددات أمام الصحفى الذى يعمل فى الإعلام التقليدي . وقال إن وسائل التواصل الاجتماعى بدون كلفة بينما الحرية لها كلفة باهظة، مبينا أن الإعلان والخط الذى يرسيه مجلس إدارة الصحيفة يؤثران على استقلال الصحف ويحدان من مستوى الحرية . ونوه إلى أن غالبية الشباب العربى متحمس لفكرة الحرية بصورة أكبر، من مفاهيم السيادة الوطنية، مضيفا أن بعض الصحفيين لا يدرك مدى الحرية وكيف يستغلها بدون أن يخرج عن قواعد السلامة الوطنية والسلم الأهلي. وانتقد الرحبى القوانين «المطاطة» التى تضعها بعض الدول لتكبيل الإبداع وقتل الحريات، منوها فى هذا الصدد إلى أن الحكومات قد تتهم مقالا صحفيا بالإساءة للدولة، مشيرا إلى وجود أكثر من رقيب على الصحفى والإعلامى أبرزها الرقيب الذاتي. وفى ختام الاحتفالية أكد ماضى الخميس، أمين عام الملتقى العربى بجامعة الدول العربية، أن اختيار المنامة كعاصمة للإعلام العربى فى دورته الأولى يأتى نتيجة دعمها لجميع الأنشطة الإعلامية فى المنطقة العربية واستضافتها لهذه الأنشطة، معتبرا أن هذا ليس بغريب على مملكة البحرين وما تقدمه من دعم فى إطار توجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة من ضرورة الاهتمام بوسائل الإعلام، وهذا توجه سامى من المملكة التى تحرص على حرية الصحافة والإعلام.