السيد حسين ترى الناقدة والكاتبة السعودية عفاف عبدالله يمانى أن تقدم الأمم يقاس بتقدم ثقافتها ومسرحها، فالمسرح من أوائل الفنون الملتصقة بالحياة وتطورها عبر القرون، ولم يكن للعرب خلال الفترات السابقة سوى الاقتباس من التجارب الغربية، وأن محمد مندور كان لا يؤمن بالهدف المباشر للعمل، يؤمن بأن أهداف المسرح فى فهم الإنسان عن طريق شق الحجب والحقائق النفسية، ويرى أن قدرة الممثل عامل مهم فى تحقيق هدف المسرحية. ماذا عن كتابك الجديد النقد المسرحى عند محمد مندور بين النظرية والتطبيق؟ محمد مندور من رواد النقد المسرحى، وهو واحد من كبار نقاد المسرح فى العالم العربى والمسرح هو سلاح الحياة ويدين التاريخ لصنوع أنه حفظ لنا تاريخ هذه الفترة ثم يظهر النديم والمويلحى ومحمد تيمور ومحمد مندور، الذى دخل فى سجال زكى نجيب محمود ورشاد رشدى بالدكتور مندور تفرد فى نظرية النقد بمضمون العمل وليس الاحتكام إلى الذوق فى عملية الكتابة عن المسرح، ومع ظهور كتاب عن المسرح ليسوا متخصصين كانت الحاجة لنقاد مسرح يواصلون الطريق. تناولت فى هذا الكتاب رؤية مندور النقدية حول أعمال شوقى وتوفيق الحكيم وعزيز أباظة كيف ذلك؟ كان مندور لا يؤمن بالهدف المباشر للعمل وهو يؤمن من أهداف المسرح فى فهم الإنسان عن طريق شق الحجب والحقائق النفسية، وهو يرى أن قدرة الممثل عامل مهم على تحقيق هدف المسرحية، وفى فصل رسم الشخصيات مندور يرى أن الشخوص تلعب دوراً كبيراً من خلال التواصل بين المؤلف والجمهور، ومن واجب المؤلف تحديد أبعاد الشخصيات لتؤدى العمل بإتقان، وهو عاب على شعراء خاضوا مجال المسرح عبر تحويل أعمالهم الشعرية إلى مسرح يراها فشلت، وهو يرى أن صحة اللغة تعمل على توصيل العمل الفنى بشكل صحيح، برغم أن مندور درس أرسطو وأعماله، غير أنه لم يجعلها فى بؤرة اهتمامه، فهو رافض للجانب الخارق من الأسطورة، بل كان يركز على الجانب الإنسانى فى العمل، غير أنه كان يؤمن بعالمية الأسطورة بشرط تحميلها لمضامين عربية تنسجم مع الواقع العربى. كيف ترين حركة النقد الأدبى والمسرحى فى العالم العربى والبعض يتهمها بالشللية؟ لقد أصبحت الساحة النقدية يمتزج فيها الكثير من النقاد الحقيقيين ومن هم دخلاء على النقد أو لنقل النقاد الهواة الذين يقحمون أنفسهم وآراءهم فى أمور هى أبعد ماتكون عن النقد, بل إن آراءهم تخدم مصالحهم الشخصية وتبتعد كل البعد عن تسليط الأضواء على القيمة الإبداعية للنص وتحليل مضامينه، وهؤلاء لا يخدمون الساحة النقدية ولا الأدبية بل تكون معول هدم له وسببا لتأخره لمواكبة الحركة النقدية العالمية. ماذا أيضا عن كتابك النقدى تأملات إبداعية فى الشعر والنثر عند ميخائيل نعيمة ؟ يتناول الكتاب فى فصوله عددا من المحاور منها عالم الشاعر ومنابع تكوينه الثقافى والأدبى ورحلته العلمية ودراسته للأدب العربى والروسى وإقامته فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، واتصاله بالثقافات والفكر الغربى، وتأثير الفكر المسيحى والفلسفة الدينية وعناصر التكوين والإحياء فى شخصه. وقد رصدت فى الكتاب العديد من العوامل فميخائيل نعيمة من سلالة عربية أصيلة تدين بالمسيحية على المذهب الأرثوذكسى وكان أبوه فلاحا بسيطا يشتغل بالزراعة فى قرية صغيرة ذات طبيعة خلابة، ما برح نعيمة أن جعلها كتابه السحرى الذى يقرؤه بشوق ونهم وعشق. البعض يرى أننا نعيش عصر الرواية إلا أن الشعر تفوق على الرواية فى التعبير عن نبض الثورة، وكان ذلك واضحا فى ميدان البلاد التى شهدت ثورات عربية أخيرا، فما رأيك؟ إن ما حدث فى العالم العربى من ثورات حالية فى الجانب السياسى ستجعلنا نشهد ثورة فى الإبداع العربى كاملا، والذى سوف يمنح المستقبل بعداً سياسياً آخر. إن رواية الأمس كانت ترمز للثورة أمّا رواية اليوم فإنها تشهد الثورة، حيث ستكون سجلا تاريخا لها، أما الشعر فإنه نبض الحرف الذى يعبر عن نبض القلب، كما أنه يسهم فى تعبئة الطاقات البشرية وإبقاء قضية الحق والعدل حيّة فى الوجدان، وكان ذلك كما سبق وقلت واضحا فى كل الميادين التى شهدت تلك الثورات، الشعر يشحن الطاقات ويعبر عن كل شئ. كيف ترين الحالة الأدبية السعودية الحالية وهل حققت الأديبة السعودية ما تطمح إليه؟ نلاحظ فى الآونة الأخيرة غزارة فى الإنتاج الأدبى السعودى خصوصا للمرأة، فيما يتعلق بطرح رؤية ثقافية واجتماعية فى أعمال المبدعات السعوديات، فهنا يصعب التعميم ووضع الإنتاج كله فى سلة واحدة، فهناك أعمال تغرق فى البوح الذاتى أخرى تطرح رؤية لواقع المرأة والإشكاليات التى تعيشها، حيث يظهر التركيز على المرأة التى تبدو غالبا ضحية للعادات والتقاليد والصراع الذى تعيشه والتناقض مع المجتمع. المبدعة السعودية استطاعت أن تطرح همومها الذاتية وأن تقدم رؤية ثقافية واجتماعية ولابد أن تتجاوز الهم الذاتى إلى الهموم الجمعية وأن تقدم رؤية إنسانية دون أن تتوقف عند مجرد نقد المجتمع أو تناول المسكوت عنه لمجرد التجاوز أو إثبات الجرأة فى الطرح، كما يحتاج عدد منهن إلى العمل على أدواتهن الفنية ينبغى التعامل مع الأدب فى حد ذاته بغض النظر عن جنس كاتبه، فالأدب أدب.